صفحة جزء
[ ردف ]

ردف : الردف : ما تبع الشيء . وكل شيء تبع شيئا ، فهو ردفه ، وإذا تتابع شيء خلف شيء ، فهو الترادف ، والجمع الردافى ، قال لبيد :


عذافرة تقمص بالردافى تخونها نزولي وارتحالي



ويقال : جاء القوم ردافى أي : بعضهم يتبع بعضا . ويقال للحداة الردافى ، وأنشد أبو عبيد للراعي :


وخود من اللائي تسمعن بالضحى     قريض الردافى بالغناء المهود



وقيل : الردافى الرديف . وهذا أمر ليس له ردف أي : ليس له تبعة . وأردفه أمر : لغة في ردفه مثل تبعه وأتبعه بمعنى ، قال خزيمة بن مالك بن نهد :


إذا الجوزاء أردفت الثريا     ظننت بآل فاطمة الظنونا



يعني فاطمة بنت يذكر بن عنزة أحد القارظين ، قال ابن بري : ومثل هذا البيت قول الآخر :


قلامسة ساسوا الأمور فأحسنوا سياستها     حتى أقرت لمردف



قال : ومعنى بيت خزيمة على ما حكاه عن أبي بكر بن السراج أن الجوزاء تردف الثريا في اشتداد الحر فتتكبد السماء في آخر الليل ، وعند ذلك تنقطع المياه وتجف فتتفرق الناس في طلب المياه فتغيب عنه محبوبته ، فلا يدري أين مضت ولا أين نزلت . وفي حديث بدر : فأمدهم الله بألف من الملائكة مردفين أي : متتابعين يردف بعضهم بعضا . وردف كل شيء : مؤخره . والردف : الكفل والعجز ، وخص بعضهم به عجيزة المرأة ، والجمع من كل ذلك أرداف . والروادف : الأعجاز ، قال ابن سيده : ولا أدري أهو جمع ردف ، نادر أم هو جمع رادفة ، وكله من الإتباع . وفي حديث أبي هريرة : على أكتافها أمثال النواجد شحما تدعونه أنتم الروادف ، هي طرائق الشحم ، واحدتها رادفة . وترادف الشيء : تبع بعضه بعضا . والترادف : التتابع . قال الأصمعي : تعاونوا عليه وترادفوا بمعنى . والترادف : كناية عن فعل قبيح ، مشتق من ذلك . والارتداف : الاستدبار . يقال : أتينا فلانا فارتدفناه أي : أخذناه من ورائه أخذا ، عن الكسائي . والمترادف : كل قافية اجتمع في آخرها ساكنان وهي متفاعلان ومستفعلان ومفاعلان ومفتعلان وفاعلتان وفعلتان وفعليان ومفعولان وفاعلان وفعلان ومفاعيل وفعول ، سمي بذلك ; لأن غالب العادة في أواخر الأبيات أن يكون فيها ساكن واحد ، رويا مقيدا كان أو وصلا أو خروجا ، فلما اجتمع في هذه القافية ساكنان مترادفان كان أحد الساكنين ردف الآخر ولاحقا به . وأردف الشيء بالشيء وأردفه عليه : أتبعه عليه ، قال :


فأردفت خيلا على خيل لي     كالثقل إذ عالى به المعلي



وردف الرجل وأردفه : ركب خلفه ، وارتدفه خلفه على الدابة . ورديفك : الذي يرادفك ، والجمع ردفاء ، وردافى كالفرادى جمع الفريد . أبو الهيثم : يقال ردفت فلانا أي : صرت له ردفا . الزجاج في قوله تعالى : بألف من الملائكة مردفين معناه يأتون فرقة بعد فرقة . وقال الفراء : مردفين متتابعين ، قال : ومردفين فعل بهم . وردفته وأردفته بمعنى واحد ، شمر : ردفت وأردفت إذا فعلت بنفسك فإذا فعلت بغيرك فأردفت لا غير . قال الزجاج : يقال ردفت الرجل إذا ركبت خلفه ، وأردفته أركبته خلفي ، قال ابن بري : وأنكر الزبيدي أردفته بمعنى أركبته معك ، قال : وصوابه ارتدفته ، فأما أردفته وردفته ، فهو أن تكون أنت ردفا ، له وأنشد :


إذا الجوزاء أردفت الثريا



لأن الجوزاء خلف الثريا كالردف . الجوهري : الردف المرتدف وهو الذي يركب خلف الراكب . والرديف : المرتدف ، والجمع رداف . [ ص: 137 ] واستردفه : سأله أن يردفه . والردف : الراكب خلفك . والردف : الحقيبة ونحوها مما يكون وراء الإنسان كالردف ، قال الشاعر :


فبت على رحلي وبات مكانه     أراقب ردفي تارة وأباصره



ومرادفة الجراد : ركوب الذكر والأنثى والثالث عليهما . ودابة لا تردف ولا ترادف أي : لا تقبل رديفا . الليث : يقال هذا البرذون لا يردف ولا يرادف أي : لا يدع رديفا يركبه . قال الأزهري : كلام العرب لا يرادف وأما لا يردف فهو مولد من كلام أهل الحضر . والرداف : موضع مركب الرديف ، قال :


لي التصدير فاتبع في الرداف



وأرداف النجوم : تواليها وتوابعها . وأردفت النجوم أي : توالت . والردف والرديف : كوكب يقرب من النسر الواقع . والرديف في قول أصحاب النجوم : هو النجم الناظر إلى النجم الطالع ، قال رؤبة :


وراكب المقدار والرديف     أفنى خلوفا قبلها خلوف



وراكب المقدار : هو الطالع ، والرديف هو الناظر إليه الجوهري : الرديف النجم الذي ينوء من المشرق إذا غاب رقيبه في المغرب . وردفه - بالكسر - أي : تبعه ، وقال ابن السكيت في قول جرير :


على علة فيهن رحل مرادف



أي : قد أردف الرحل رحل بعير وقد خلف ، قال أوس :


أمون وملقى للزميل مرادف



الليث : الردف الكفل . وأرداف الملوك في الجاهلية الذين كانوا يخلفونهم في القيام بأمر المملكة ، بمنزلة الوزراء في الإسلام ، وهي الردافة ، وفي المحكم : هم الذين كانوا يخلفونهم نحو أصحاب الشرط في دهرنا هذا . والروادف : أتباع القوم المؤخرون يقال لهم روادف وليسوا بأرداف . والردفان : الليل والنهار ; لأن كل واحد منهما ردف صاحبه . الجوهري : الردافة الاسم من أرداف الملوك في الجاهلية . والردافة : أن يجلس الملك ويجلس الردف عن يمينه ، فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس ، وإذا غزا الملك قعد الردف في موضعه وكان خليفته على الناس حتى ينصرف ، وإذا عادت كتيبة الملك أخذ الردف المرباع ، وكانت الردافة في الجاهلية لبني يربوع ; لأنه لم يكن في العرب أحد أكثر إغارة على ملوك الحيرة من بني يربوع ، فصالحوهم على أن جعلوا لهم الردافة ويكفوا على أهل العراق الغارة ، قال جرير وهو من بني يربوع :


ربعنا وأردفنا الملوك فظللوا     وطاب الأحاليب الثمام المنزعا



وطاب : جمع وطب اللبن ، قال ابن بري : الذي في شعر جرير : ورادفنا الملوك ، قال : وعليه يصح كلام الجوهري لأنه ذكره شاهدا على الردافة ، والردافة مصدر رادف لا أردف . قال المبرد : وللردافة موضعان : أحدهما أن يردف الملوك دوابهم في صيد أو تريف ، والوجه الآخر أن يخلف الملك إذا قام عن مجلسه فينظر في أمر الناس ، أبو عمرو الشيباني في بيت لبيد :


وشهدت أنجية الأفاقة عاليا     كعبي وأرداف الملوك شهود



قال : وكان الملك يردف خلفه رجلا شريفا وكانوا يركبون الإبل . ووجه النبي - صلى الله عليه وسلم - معاوية مع وائل بن حجر رسولا في حاجة له ، ووائل على نجيب له ، فقال له معاوية : أردفني ، وسأله أن يردفه ، فقال : لست من أرداف الملوك ، وأرداف الملوك : هم الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة بمنزلة الوزراء في الإسلام ، واحدهم ردف ، والاسم الردافة كالوزارة ، قال شمر : وأنشد ابن الأعرابي :


هم أهل ألواح السرير ويمنه     قرابين أرداف لها وشمالها



قال الفراء : الأرداف هاهنا يتبع أولهم آخرهم في الشرف ، يقول : يتبع البنون الآباء في الشرف ، وقول لبيد يصف السفينة :


فالتام طائقها القديم فأصبحت     ما إن يقوم درأها ردفان



قيل : الردفان الملاحان يكونان على مؤخر السفينة ، وأما قول جرير :


منا عتيبة والمحل ومعبد     والحنتفان ومنهم الردفان



أحد الردفين : مالك بن نويرة والردف الآخر من بني رباح بن يربوع . والرداف : الذي يجيء بقدحه بعدما اقتسموا الجزور فلا يردونه خائبا ، ولكن يجعلون له حظا فيما صار لهم من أنصبائهم . الجوهري : الردف في الشعر حرف ساكن من حروف المد واللين يقع قبل حرف الروي ليس بينهما شيء ، فإن كان ألفا لم يجز معها غيرها ، وإن كان واوا جاز معه الياء . ابن سيده : والردف الألف والياء والواو التي قبل الروي ، سمي بذلك ; لأنه ملحق في التزامه وتحمل مراعاته بالروي ، فجرى مجرى الردف للراكب أي : يليه لأنه ملحق به ، وكلفته على الفرس والراحلة أشق من الكلفة بالمتقدم منهما ، وذلك نحو الألف في كتاب وحساب ، والياء في تليد وبليد ، والواو في ختول وقتول ، قال ابن جني : أصل الردف للألف ; لأن الغرض فيه إنما هو المد ، وليس في الأحرف الثلاثة ما يساوي الألف في المد لأن الألف لا تفارق المد ، والياء والواو قد يفارقانه فإذا كان الردف ألفا فهو الأصل ، وإذا كان ياء مكسورا ما قبلها ، أو واوا مضموما ما قبلها ، فهو الفرع الأقرب إليه ; لأن الألف لا تكون إلا ساكنة مفتوحا ما قبلها ، وقد جعل بعضهم الواو والياء ردفين إذا كان ما قبلهما مفتوحا ، نحو ريب وثوب ، قال : فإن قلت فإن الردف يتلو الراكب والردف في القافية إنما هو قبل حرف الروي لا بعده ، فكيف جاز لك أن تشبهه به و الأمر في القضية بضد ما قدمته ؟ فالجواب أن الردف وإن سبق في اللفظ الروي فإنه لا يخرج مما ذكرته ، وذلك أن القافية كما كانت وهي آخر البيت وجها له وحلية لصنعته ، فكذلك أيضا آخر القافية زينة لها ووجه لصنعتها ، فعلى هذا ما يجب أن يقع الاعتداد بالقافية والاعتناء بآخرها أكثر منه بأولها ، وإذا كان كذلك فالروي أقرب إلى آخر القافية [ ص: 138 ] من الردف ، فبه وقع الابتداء في الاعتداد ثم تلاه الاعتداد بالردف ، فقد صار الردف كما تراه وإن سبق الروي لفظا تبعا له تقديرا ومعنى‌‌ ، فلذلك جاز أن يشبه الردف قبل الروي بالردف بعد الراكب ، وجمع الردف أرداف لا يكسر على غير ذلك . وردفهم الأمر وأردفهم : دهمهم وقوله - عز وجل : قل عسى أن يكون ردف لكم يجوز أن يكون أراد ردفكم فزاد اللام ، ويجوز أن يكون ردف مما تعدى بحرف جر وبغير حرف جر . التهذيب في قوله تعالى : ردف لكم قال : قرب لكم ، وقال الفراء : جاء في التفسير دنا لكم فكأن اللام دخلت إذ كان المعنى دنا لكم ، قال : وقد تكون اللام داخلة والمعنى ردفكم كما يقولون نقدت لها مائة أي : نقدتها مائة . وردفت فلانا وردفت لفلان أي : صرت له ردفا ، وتزيد العرب اللام مع الفعل الواقع في الاسم المنصوب فتقول سمع له وشكر له ونصح له أي : سمعه وشكره ونصحه . ويقال : أردفت الرجل إذا جئت بعده . الجوهري : يقال كان نزل بهم أمر فردف لهم آخر أعظم منه . وقال تعالى : تتبعها الرادفة . وأتيناه فارتدفناه أي : أخذناه أخذا . والروادف : رواكيب النخلة ، قال ابن بري : الراكوب ما نبت في أصل النخلة وليس له في الأرض عرق . والردافى ، على فعالى بالضم : الحداة والأعوان ; لأنه إذا أعيا أحدهم خلفه الآخر ، قال لبيد :


عذافرة تقمص بالردافى     تخونها نزولي وارتحالي



وردفان : موضع والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية