صفحة جزء
[ رضع ]

رضع : رضع الصبي وغيره يرضع مثال ضرب يضرب ، لغة نجدية ، ورضع مثال سمع يرضع رضعا ورضعا ورضعا ورضاعا ورضاعا ورضاعة ورضاعة ، فهو راضع والجمع رضع ، وجمع السلامة في الأخيرة أكثر على ما ذهب إليه سيبويه في هذا البناء من الصفة ، قال الأصمعي : أخبرني عيسى بن عمر أنه سمع العرب تنشد هذا البيت لابن همام السلولي على هذه اللغة : [ ص: 166 ]

وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها أفاويق حتى ما يدر لها ثعل



وارتضع : كرضع ، قال ابن أحمر :


إني رأيت بني سهم وعزهم     كالعنز تعطف روقيها فترتضع



يريد ترضع نفسها ، يصفهم باللؤم والعنز تفعل ذلك . تقول منه : ارتضعت العنز أي : شربت لبن نفسها . وفي التنزيل : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين اللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الأمر كما تقول : حسبك درهم ، ولفظه الخبر ومعناه معنى الأمر كما تقول : اكتف بدرهم ، وكذلك معنى الآية : لترضع الوالدات . وقوله ( عز وجل ) : وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم أي : تطلبوا مرضعة لأولادكم . وفي الحديث حين ذكر الإمارة فقال : نعمت المرضعة وبئست الفاطمة ، ضرب المرضعة مثلا للإمارة وما توصله إلى صاحبها من الأجلاب يعني المنافع ، والفاطمة مثلا للموت الذي يهدم عليه لذاته ويقطع منافعها ، قال ابن بري : وتقول استرضعت المرأة ولدي أي : طلبت منها أن ترضعه ، قال الله تعالى : أن تسترضعوا أولادكم والمفعول الثاني محذوف أن تسترضعوا أولادكم مراضع ، والمحذوف على الحقيقة المفعول الأول ; لأن المرضعة هي الفاعلة بالولد ، ومنه : فلان المسترضع في بني تميم ، وحكى الحوفي في البرهان في أحد القولين أنه متعد إلى مفعولين ، والقول الآخر أن يكون على حذف اللام أي : لأولادكم . وفي حديث سويد بن غفلة : فإذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يأخذ من راضع لبن ، أراد بالراضع ذات الدر واللبن ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره ذات راضع ، فأما من غير حذف فالراضع الصغير هو بعد يرتضع ، ونهيه عن أخذها لأنها خيار المال ، ومن زائدة كما تقول لا تأكل من الحرام ، وقيل : هو أن يكون عند الرجل الشاة الواحدة أو اللقحة قد اتخذها للدر فلا يؤخذ منها شيء ، وتقول : هذا أخي من الرضاعة - بالفتح - وهذا رضيعي كما تقول هذا أكيلي ورسيلي . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : انظرن ما إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة ، الرضاعة - بالفتح والكسر - : الاسم من الإرضاع فأما من الرضاعة اللؤم فالفتح لا غير وتفسير الحديث أن الرضاع الذي يحرم النكاح إنما هو في الصغر عند جوع الطفل ، فأما في حال الكبر فلا يريد أن رضاع الكبير لا يحرم . قال الأزهري : الرضاع الذي يحرم رضاع الصبي لأنه يشبعه ويغذوه ويسكن جوعته ، فأما الكبير فرضاعه لا يحرم لأنه لا ينفعه من جوع ولا يغنيه من طعام ولا يغذوه اللبن كما يغذو الصغير الذي حياته به . قال الأزهري : وقرأت بخط شمر رب غلام يراضع ، قال : والمراضعة أن يرضع الطفل أمه وفي بطنها ولد . قال : ويقال لذلك الولد الذي في بطنها مراضع ويجيء نحيلا ضاويا سيء الغذاء . وراضع فلان ابنه أي : دفعه إلى الظئر ، قال رؤبة :


إن تميما لم يراضع مسبعا     ولم تلده أمه مقنعا



أي : ولدته مكشوف الأمر ليس عليه غطاء ، وأرضعته أمه . والرضيع المرضع . وراضعه مراضعة ورضاعا : رضع معه . والرضيع : المراضع ، والجمع رضعاء . وامرأة مرضع : ذات رضيع أو لبن رضاع ، قال امرؤ القيس :


فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع     فألهيتها عن ذي تمائم مغيل



والجمع مراضيع على ما ذهب إليه سيبويه في هذا النحو . وقال ثعلب : المرضعة التي ترضع ، وإن لم يكن لها ولد أو كان لها ولد . والمرضع : التي ليس معها ولد وقد يكون معها ولد . وقال مرة : إذا أدخل الهاء أراد الفعل وجعله نعتا ، وإذا لم يدخل الهاء أراد الاسم واستعار أبو ذؤيب المراضيع للنحل فقال :


تظل على الثمراء منها جوارس     مراضيع صهب الريش زغب رقابها



والرضع : صغار النحل ، واحدتها رضعة . وفي التنزيل : يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت اختلف النحويون في دخول الهاء في المرضعة فقال الفراء : المرضعة والمرضع التي معها صبي ترضعه ، قال : ولو قيل في الأم مرضع لأن الرضاع لا يكون إلا من الإناث كما قالوا امرأة حائض وطامث كان وجها ، قال : ولو قيل في التي معها صبي مرضعة كان صوابا ، وقال الأخفش : أدخل الهاء في المرضعة لأنه أراد - والله أعلم - الفعل ولو أراد الصفة لقال مرضع ، وقال أبو زيد : المرضعة التي ترضع وثديها في في ولدها ، وعليه قوله ( عز وجل ) : تذهل كل مرضعة قال : وكل مرضعة كل أم . قال : والمرضع التي دنا لها أن ترضع ولم ترضع بعد والمرضع : التي معها الصبي الرضيع . وقال الخليل : امرأة مرضع ذات رضيع كما يقال امرأة مطفل ذات طفل ، بلا هاء لأنك تصفها بفعل منها واقع أو لازم ، فإذا وصفتها بفعل هي تفعله قلت مفعلة كقوله تعالى : تذهل كل مرضعة عما أرضعت وصفها بالفعل فأدخل الهاء في نعتها ، ولو وصفها بأن معها رضيعا قال : كل مرضع . قال ابن بري : أما مرضع فهو على النسب أي : ذات رضيع كما تقول ظبية مشدن أي : ذات شادن ، وعليه قول امرئ القيس :


فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع



فهذا على النسب وليس جاريا على الفعل ، كما تقول : رجل دارع وتارس معه درع وترس ولا يقال منه درع ولا ترس ، فلذلك يقدر في مرضع أنه ليس بجار على الفعل ، وإن كان قد استعمل منه الفعل وقد يجيء مرضع على معنى ذات إرضاع أي : لها لبن وإن لم يكن لها رضيع ، وجمع المرضع مراضع قال سبحانه : وحرمنا عليه المراضع من قبل وقال الهذلي :


ويأوي إلى نسوة عطل     وشعث مراضيع مثل السعالي



والرضوعة : التي ترضع ولدها ، وخص أبو عبيد به الشاة . ورضع الرجل يرضع رضاعة ، فهو رضيع راضع أي : لئيم ، والجمع الراضعون . ولئيم راضع : يرضع الإبل والغنم من ضروعها بغير إناء [ ص: 167 ] من لؤمه إذا نزل به ضيف ، لئلا يسمع صوت الشخب فيطلب اللبن ، وقيل : هو الذي رضع اللؤم من ثدي أمه يريد أنه ولد في اللؤم ، وقيل : هو الذي يأكل خلالته شرها من لؤمه حتى لا يفوته شيء . ابن الأعرابي : الراضع والرضيع الخسيس من الأعراب الذي إذا نزل به الضيف رضع بفيه شاته لئلا يسمعه الضيف ، يقال منه : رضع يرضع رضاعة ، وقيل ذلك لكل لئيم إذا أرادوا توكيد لؤمه والمبالغة في ذمه كأنه كالشيء يطبع عليه ، والاسم الرضع والرضع ، وقيل : الراضع الذي يرضع الشاة أو الناقة قبل أن يحلبها من جشعه ، وقيل : الراضع الذي لا يمسك معه محلبا ، فإذا سئل اللبن اعتل بأنه لا محلب له ، وإذا أراد الشرب رضع حلوبته . وفي حديث أبي ميسرة - رضي الله عنه : لو رأيت رجلا يرضع فسخرت منه خشيت أن أكون مثله ، أي : يرضع الغنم من ضروعها ولا يحلب اللبن في الإناء للؤمه أي : لو عيرته بهذا لخشيت أن أبتلى به . وفي حديث ثقيف : أسلمها الرضاع وتركوا المصاع ، قال ابن الأثير : الرضاع جمع راضع وهو اللئيم ، سمي به لأنه للؤمه يرضع إبله أو غنمه لئلا يسمع صوت حلبه ، وقيل : لأنه يرضع الناس أي : يسألهم ، والمصاع : المضاربة بالسيف ، ومنه حديث سلمة - رضي الله عنه - :


خذها وأنا ابن الأكوع     واليوم يوم الرضع



جمع راضع كشاهد وشهد ، أي : خذ الرمية مني واليوم يوم هلاك اللئام ، ومنه رجز يروى لفاطمة رضي الله عنها :


ما بي من لؤم ولا رضاعه



والفعل منه رضع - بالضم - وأما الذي في حديث قس : رضيع أيهقان ، قال ابن الأثير : فعيل بمعنى مفعول ، يعني أن النعام في ذلك المكان ترتع هذا النبت وتمصه بمنزلة اللبن لشدة نعومته وكثرة مائه ، ويروى بالصاد المهملة وقد تقدم . والراضعتان : الثنيتان المتقدمتان اللتان يشرب عليهما اللبن وقيل : الرواضع ما نبت من أسنان الصبي ثم سقط في عهد الرضاع ، يقال : منه سقطت رواضعه ، وقيل : الرواضع ست من أعلى الفم وست من أسفله . والراضعة : كل سن تثغر . والرضوعة من الغنم : التي ترضع ، وقول جرير :


ويرضع من لاقى وإن ير مقعدا     يقود بأعمى فالفرزدق سائله



فسره ابن الأعرابي أن معناه يستعطيه ويطلب منه أي : لو رأى هذا لسأله ، وهذا لا يكون لأن المقعد لا يقدر أن يقوم فيقود الأعمى . والرضع : سفاد الطائر ، عن كراع ، والمعروف بالصاد المهملة .

التالي السابق


الخدمات العلمية