صفحة جزء
[ رعي ]

رعي : الرعي : مصدر رعى الكلأ ونحوه يرعى رعيا . والراعي يرعى الماشية أي : يحوطها ويحفظها . والماشية ترعى أي : ترتفع وتأكل . وراعي الماشية : حافظها ، صفة غالبة غلبة الاسم ، والجمع رعاة مثل قاض وقضاة ، ورعاء مثل جائع وجياع ، ورعيان مثل شاب وشبان ، كسروه تكسير الأسماء كحاجر وحجران ; لأنها صفة غالبة وليس في الكلام اسم على فاعل يعتور عليه فعلة وفعال إلا هذا ، وقولهم آس وأساة وإساء . وفي حديث الإيمان . حتى ترى رعاء الشاء يتطاولون في البنيان . وفي حديث عمر : كأنه راعي غنم أي : في الجفاء والبذاذة . وفي حديث دريد قال يوم حنين لمالك بن عوف : إنما هو راعي ضأن ما له وللحرب ، كأنه يستجهله ويقصر به عن رتبة من يقود الجيوش ويسوسها ، وأما قول ثعلبة بن عبيد العدوي في صفة نخل :


تبيت رعاها لا تخاف نزاعها وإن لم تقيد بالقيود وبالأبض



فإن أبا حنيفة ذهب إلى أن رعى جمع رعاة ; لأن رعاة وإن كان جمعا لفظه لفظ الواحد ، فصار كمهاة ومهى ، إلا أن مهاة واحد وهو ماء الفحل في رحم الناقة ، ورعاة جمع ، وأما قول أحيحة :


وتصبح حيث يبيت الرعاء     وإن ضيعوها وإن أهملوا



إنما عنى بالرعاء هنا حفظة النخل لأنه إنما هو في صفة النخيل ، يقول : تصبح النخل في أماكنها لا تنتشر كما تنتشر الإبل المهملة . والرعية الماشية الراعية أو المرعية ، قال :


ثم مطرنا مطرة رويه     فنبت البقل ولا رعيه



وفي التنزيل : حتى يصدر الرعاء الرعاء : جمع الراعي . قال [ ص: 180 ] الأزهري : وأكثر ما يقال رعاة للولاة ، والرعيان لراعي الغنم . ويقال للنعم : هي ترعى وترتعي . وقرأ بعض القراء : معنا غدا نرتعي ونلعب ، وهو نفتعل من الرعي ، وقيل : معنى نرتعي أي : يرعى بعضنا بعضا . وفلان يرعى على أبيه أي : يرعى غنمه . الفراء يقال إنه لترعية مال إذا كان يصلح المال على يده ويجيد رعية الإبل . قال ابن سيده : رجل ترعية وترعي ، بغير هاء ، نادر ، قال تأبط شرا :


ولست بترعي طويل عشاؤه     يؤنفها مستأنف النبت مبهل



وكذلك ترعية وترعية - مشددة الياء - وترعاية وترعاية بهذا المعنى صناعته ، وصناعة آبائه الرعاية وهو مثال لم يذكره سيبويه . والترعية : الحسن الالتماس والارتياد ، للكلإ للماشية ، وأنشد الأزهري للفراء :


ودار حفاظ قد نزلنا وغيرها     أحب إلى الترعية الشنآن



قال ابن بري : ومنه قول حكيم بن معية :


يتبعها ترعية فيه خضع     في كفه زيغ وفي الرسغ فدع



والرعاية : حرفة الراعي ، والمسوس مرعي ، قال أبو قيس بن الأسلت :


ليس قطا مثل قطي ولا ال     مرعي في الأقوام كالراعي



ورعت الماشية ترعى رعيا ورعاية وارتعت وترعت ، قال كثير عزة :


وما أم خشف ترعى به     أراكا عميما ودوحا ظليلا



ورعاها وأرعاها ، يقال : أرعى الله المواشي إذا أنبت لها ما ترعاه . وفي التنزيل العزيز : كلوا وارعوا أنعامكم وقال الشاعر :


كأنها ظبية تعطوا إلى فنن     تأكل من طيب والله يرعيها



أي : ينبت لها ما ترعى والاسم الرعية عن اللحياني . وأرعاه المكان : جعله له مرعى ، قال القطامي :


فمن يك أرعاه الحمى أخواته     فما لي من أخت عوان ولا بكر



وإبل راعية ، والجمع الرواعي . ورعى البعير الكلأ بنفسه رعيا ، وارتعى مثله ، وأنشد ابن بري شاهدا عليه :


كالظبية البكر الفريدة ترتعي     في أرضها وفراتها وعهادها
خضبت لها عقد البراق جبينها     من عركها علجانها وعرادها



والرعي - بكسر الراء - : الكلأ نفسه ، والجمع أرعاء . والمرعى : كالرعي . وفي التنزيل : والذي أخرج المرعى وفي المثل : مرعى ولا كالسعدان ، قال ابن سيده : وقول أبي العيال :


أفطيم هل تدرين كم من متلف     جاوزت لا مرعى ولا مسكون



عندي أن المرعى هاهنا في موضع المرعي لمقابلته إياه بقوله ولا مسكون . قال : وقد يكون المرعى الرعي أي : ذو رعي . قال الأزهري : أفادني المنذري يقال لا تقتن فتاة ولا مرعاة فإن لكل بغاة ، يقول : المرعى حيث كان يطلب ، والفتاة حيثما كانت تخطب ، لكل فتاة خاطب ، ولكل مرعى طالب ، قال : وأنشدني محمد بن إسحاق :


ولن تعاين مرعى ناضرا أنفا     إلا وجدت به آثار مأكول



وأرعت الأرض : كثر رعيها . والرعايا والرعاوية : الماشية المرعية تكون للسوقة والسلطان ، والأرعاوية للسلطان خاصة وهي التي عليها وسومه ورسومه . والرعاوى والرعاوى - بفتح الراء وضمها - : الإبل التي ترعى حوالى القوم وديارهم ; لأنها الإبل التي يعتمل عليها قالت امرأة من العرب تعاتب زوجها :


تمششتني حتى إذا ما تركتني     كنضو الرعاوى قلت إني ذاهب



قال شمر : لم أسمع الرعاوى بهذا المعنى إلا هاهنا . وقال أبو عمرو : الأرعوة بلغة أزد شنوءة نير الفدان يحترث بها . والراعي : الوالي . والرعية : العامة . ورعى الأمير رعيته رعاية ورعيت الإبل أرعاها رعيا ورعاه يرعاه رعيا ورعاية : حفظه . وكل من ولي أمر قوم فهو راعيهم وهم رعيته ، فعيلة بمعنى مفعول . وقد استرعاه إياهم : استحفظه واسترعيته الشيء فرعاه . وفي المثل : من استرعى الذئب فقد ظلم أي : من ائتمن خائنا فقد وضع الأمانة في غير موضعها . ورعى النجوم رعيا وراعاها : راقبها وانتظر مغيبها ، قالت الخنساء :


أرعى النجوم وما كلفت رعيتها     وتارة أتغشى فضل أطماري



وراعى أمره : حفظه وترقبه . والمراعاة : المناظرة والمراقبة . يقال : راعيت فلانا مراعاة ورعاء إذا راقبته وتأملت فعله . وراعيت الأمر : نظرت إلام يصير . وراعيته : لاحظته . وراعيته : من مراعاة الحقوق . ويقال : رعيت عليه حرمته رعاية . وفلان يراعي أمر فلان أي : ينظر إلى ما يصير إليه أمره . وأرعى عليه : أبقى ، قال أبو دهبل : أنشده أبو عمرو بن العلاء :


إن كان هذا السحر منك فلا     ترعي علي وجددي سحرا



والإرعاء : الإبقاء على أخيك ، قال ذو الإصبع :


بغى بعضهم بعضا     فلم يرعوا على بعض



والرعوى : اسم من الإرعاء وهو الإبقاء ، ومنه قول ابن قيس :


إن تكن للإله في هذه الأم     مة رعوى يعد إليك النعيم



وأرعني سمعك وراعني سمعك أي : استمع إلي . وأرعى إليه : [ ص: 181 ] استمع . وأرعيت فلانا سمعي إذا استمعت إلى ما يقول وأصغيت إليه . ويقال : فلان لا يرعي إلى قول أحد أي : لا يلتفت إلى أحد . وقوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا قال الفراء : هو من الإرعاء والمراعاة ، وقال الأخفش : هو فاعلنا من المراعاة على معنى أرعنا سمعك ، ولكن الياء ذهبت للأمر ، وقرئ راعنا بالتنوين على إعمال القول فيه كأنه قال لا تقولوا حمقا ولا تقولوا هجرا ، وهو من الرعونة ، وقد تقدم . وقال أبو إسحاق : قيل فيه ثلاثة أقوال ، قال بعضهم : معناه أرعنا سمعك ، وقيل : أرعنا سمعك حتى نفهمك وتفهم عنا ، قال : وهي قراءة أهل المدينة ، ويصدقها قراءة أبي بن كعب : لا تقولوا راعونا ، والعرب تقول أرعنا سمعك وراعنا سمعك ، وقد مر معنى ما أراد القوم بقول راعنا في ترجمة رعن ، وقيل : كان المسلمون يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم - : راعنا ، وكانت اليهود تساب بهذه الكلمة بينها ، وكانوا يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفوسهم فلما سمعوا هذه الكلمة اغتنموا أن يظهروا سبه بلفظ يسمع ولا يلحقهم في ظاهره شيء ، فأظهر الله النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين على ذلك ونهى عن الكلمة ، وقال قوم : راعنا من المراعاة والمكافأة ، وأمروا أن يخاطبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتعزيز والتوقير ، أي : لا تقولوا راعنا أي : كافئنا في المقال كما يقول بعضهم لبعض . وفي مصحف ابن مسعود - رضي الله عنه - : ( راعونا ) . ورعى عهده وحقه : حفظه ، والاسم من كل ذلك الرعيا والرعوى . قال ابن سيده : وأرى ثعلبا حكى الرعوى - بضم الراء - وبالواو وهو مما قلبت ياؤه واوا للتصريف وتعويض الواو من كثرة دخول الياء عليها وللفرق أيضا بين الاسم والصفة ، وكذلك ما كان مثله كالبقوى والفتوى والتقوى والشروى والثنوى ، والبقوى والبقيا اسمان يوضعان موضع الإبقاء . والرعوى والرعيا : من رعاية الحفاظ . ويقال : ارعوى فلان عن الجهل يرعوي ارعواء حسنا ورعوى حسنة ، وهو نزوعه وحسن رجوعه . قال ابن سيده : الرعوى والرعيا النزوع عن الجهل وحسن الرجوع عنه . وارعوى يرعوي أي : كف عن الأمور . وفي الحديث : شر الناس رجل يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه أي : لا ينكف ولا ينزجر ، من رعا يرعو إذا كف عن الأمور . ويقال : فلان حسن الرعوة والرعوة والرعوة والرعوى والارعواء ، وقد ارعوى عن القبيح ، وتقديره افعول ووزنه افعلل ، وإنما لم يدغم لسكون الياء ، والاسم الرعيا - بالضم - والرعوى - بالفتح - مثل البقيا والبقوى . وفي حديث ابن عباس : إذا كانت عندك شهادة فسئلت عنها فأخبر بها ولا تقل حتى آتي الأمير لعله يرجع أو يرعوي قال أبو عبيد : الارعواء الندم على الشيء والانصراف عنه والترك له ، وأنشد :


إذا قلت عن طول التنائي قد ارعوى     أبى حبها إلا بقاء على هجر



قال الأزهري : ارعوى جاء نادرا ، قال : ولا أعلم في المعتلات مثله كأنهم بنوه على الرعوى وهو الإبقاء . وفي الحديث : إلا إرعاء عليه أي : إبقاء ورفقا . يقال : أرعيت عليه ، من المراعاة والملاحظة . قال الأزهري : وللرعوى ثلاثة معان : أحدها الرعوى اسم من الإبقاء ، والرعوى رعاية الحفاظ للعهد ، والرعوى حسن المراجعة والنزوع عن الجهل . وقال شمر : تكون المراعاة من الرعي مع آخر ، يقال : هذه إبل تراعي الوحش أي : ترعى معها . ويقال : الحمار يراعي الحمر أي : يرعى معها ، قال أبو ذؤيب :


من وحش حوضى يراعي الصيد منتبذا     كأنه كوكب في الجو منجرد



والمراعاة : المحافظة والإبقاء على الشيء . والإرعاء : الإبقاء . قال أبو سعيد : يقال أمر كذا أرفق بي وأرعى علي ويقال : أرعيت عليه إذا أبقيت عليه ورحمته . وفي الحديث نساء قريش خير نساء أحناه على طفل في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده ، هو من المراعاة الحفظ والرفق وتخفيف الكلف والأثقال عنه ، وذات يده كناية عما يملك من مال وغيره . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : لا يعطى من الغنائم شيء حتى تقسم إلا لراع أو دليل ، الراعي هنا : عين القوم على العدو ، من الرعاية الحفظ . وفي حديث لقمان بن عاد : إذا رعى القوم غفل ، يريد إذا تحافظ القوم لشيء يخافونه غفل ولم يرعهم . وفي الحديث : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته أي : حافظ مؤتمن . والرعية : كل من شمله حفظ الراعي ونظره . وقول عمر - رضي الله عنه - : ورع اللص ولا تراعه ، فسره ثعلب فقال : معناه كفه أن يأخذ متاعك ولا تشهد عليه ، ويروى عن ابن سيرين أنه قال : ما كانوا يمسكون عن اللص إذ دخل دار أحدهم تأثما . والراعية : مقدمة الشيب . يقال : رأى فلان راعية الشيب ورواعي الشيب أول ما يظهر منه . والرعي : أرض فيها حجارة ناتئة تمنع اللؤمة أن تجري . وراعية الأرض : ضرب من الجنادب . والراعي . لقب عبيد الله بن الحصين النميري الشاعر .

التالي السابق


الخدمات العلمية