صفحة جزء
[ رهب ]

رهب : رهب بالكسر يرهب رهبة ورهبا بالضم ورهبا ، بالتحريك ، أي : خاف . ورهب الشيء رهبا ورهبا ورهبة : خافه . والاسم : الرهب ، والرهبى ، والرهبوت ، والرهبوتي ، ورجل رهبوت . يقال : رهبوت خير من رحموت ، أي : لأن ترهب خير من أن ترحم . وترهب غيره إذا توعده ، وأنشد الأزهري للعجاج يصف عيرا وأتنه :


تعطيه رهباها إذا ترهبا على اضطمار الكشح بولا زغربا     عصارة الجزء الذي تحلبا



رهباها : الذي ترهبه ، كما يقال هالك وهلكى . إذا ترهبا إذا توعدا . وقال الليث : الرهب ، جزم ، لغة في الرهب ، قال : والرهباء اسم من الرهب ، تقول : الرهباء من الله ، والرغباء إليه . وفي حديث الدعاء : رغبة ورهبة إليك . الرهبة : الخوف والفزع ، جمع بين الرغبة والرهبة ، ثم أعمل الرغبة وحدها ، كما تقدم في الرغبة . وفي حديث رضاع الكبير : فبقيت سنة لا أحدث بها رهبته ، قال ابن الأثير هكذا جاء في رواية ، أي : من أجل رهبته ، وهو منصوب على المفعول له . وأرهبه ورهبه واسترهبه : أخافه وفزعه . واسترهبه : استدعى رهبته حتى رهبه الناس ، وبذلك فسر قوله عز وجل : واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم أي : أرهبوهم . وفي حديث بهز بن حكيم : إني لأسمع الراهبة . قال ابن الأثير : هي الحالة التي ترهب أي : تفزع وتخوف ، وفي رواية : أسمعك راهبا أي : خائفا . وترهب الرجل إذا صار راهبا يخشى الله . والراهب : المتعبد في الصومعة ، وأحد رهبان النصارى ، ومصدره الرهبة والرهبانية ، والجمع الرهبان ، والرهابنة خطأ ، وقد يكون الرهبان واحدا وجمعا ، فمن جعله واحدا جعله على بناء فعلان ، أنشد ابن الأعرابي :


لو كلمت رهبان دير في القلل     لانحدر الرهبان يسعى فنزل



قال : ووجه الكلام أن يكون جمعا بالنون ، قال : وإن جمعت الرهبان الواحد رهابين ورهابنة ، جاز ، وإن قلت : رهبانيون كان صوابا . وقال جرير فيمن جعل رهبان جمعا :


رهبان مدين لو رأوك تنزلوا     والعصم من شعف العقول الفادر



وعل عاقل صعد الجبل ، والفادر : المسن من الوعول . والرهبانية : مصدر الراهب ، والاسم الرهبانية . وفي التنزيل العزيز : وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله . قال الفارسي : رهبانية ، منصوب بفعل مضمر ، كأنه قال : وابتدعوا رهبانية ابتدعوها ، ولا يكون عطفا على ما قبله من المنصوب في الآية ، لأن ما وضع في القلب لا يبتدع . وقد ترهب . والترهب التعبد ، وقيل : التعبد في صومعته . قال : وأصل الرهبانية من الرهبة ، ثم صارت اسما لما فضل عن المقدار وأفرط فيه ، ومعنى قوله تعالى : ورهبانية ابتدعوها قال أبو إسحاق : يحتمل ضربين : أحدهما أن يكون المعنى في قوله : ورهبانية ابتدعوها وابتدعوا رهبانية ابتدعوها ، كما تقول رأيت زيدا وعمرا أكرمته ، قال : ويكون ما كتبناها عليهم معناه لم تكتب عليهم البتة . ويكون إلا ابتغاء رضوان الله بدلا من الهاء والألف ، فيكون المعنى : ما كتبنا عليهم إلا ابتغاء رضوان الله . وابتغاء رضوان الله ، اتباع ما أمر به ، فهذا ، والله أعلم ، وجه ، وفيه وجه آخر : ابتدعوها ، جاء في التفسير أنهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه ، فاتخذوا أسرابا وصوامع وابتدعوا ذلك ، فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع ، ودخلوا فيه ، لزمهم تمامه ، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما ، لم يفترض عليه ، لزمه أن يتمه . والرهبنة : فعلنة منه ، أو فعللة ، على تقدير أصلية النون وزيادتها ، قال ابن الأثير : والرهبانية منسوبة إلى الرهبنة بزيادة الألف . وفي الحديث : لا رهبانية في الإسلام ، هي كالاختصاء واعتناق السلاسل وما أشبه ذلك ، مما كانت الرهابنة تتكلفه ، وقد وضعها الله عز وجل عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم . قال ابن الأثير : هي من رهبنة النصارى . قال : وأصلها من الرهبة : الخوف ؛ كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا ، وترك ملاذها ، والزهد فيها ، والعزلة عن أهلها ، وتعهد مشاقها ، حتى إن منهم من كان يخصي نفسه ويضع السلسلة في عنقه وغير ذلك من أنواع التعذيب ، فنفاها النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام ، ونهى المسلمين عنها . وفي الحديث : عليكم بالجهاد فإنه رهبانية أمتي ، يريد أن الرهبان ، وإن تركوا الدنيا وزهدوا فيها ، وتخلوا عنها ، فلا ترك ولا زهد ولا تخلي أكثر من بذل النفس في سبيل الله ، وكما أنه ليس عند النصارى عمل أفضل من الترهب ، ففي الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد ، ولهذا قال ذروة سنام الإسلام الجهاد في سبيل الله . ورهب الجمل : ذهب ينهض ثم برك من ضعف بصلبه . والرهبى : الناقة المهزولة جدا ، قال :


ومثلك رهبى قد تركت رذية     تقلب عينيها إذا مر طائر



وقيل : رهبى هاهنا اسم ناقة ، وإنما سماها بذلك . والرهب : كالرهبى . قال الشاعر :

[ ص: 241 ]

وألواح رهب كأن النسوع     أثبتن في الدف منها سطارا



وقيل : الرهب الجمل الذي استعمل في السفر وكل ، والأنثى رهبة . وأرهب الرجل إذا ركب رهبا ، وهو الجمل العالي ، وأما قول الشاعر :


ولا بد من غزوة بالمصيف     رهب تكل الوقاح الشكورا



فإن الرهب من نعت الغزوة ، وهي التي كل ظهرها وهزل . وحكي عن أعرابي أنه قال : رهبت ناقة فلان فقعد عليها يحابيها ، أي : جهدها السير ، فعلفها وأحسن إليها حتى ثابت إليها نفسها . وناقة رهب : ضامر ، وقيل : الرهب الجمل العريض العظام المشبوح الخلق ، قال :


رهب كبنيان الشآمي أخلق



والرهب : السهم الرقيق ، وقيل : العظيم . والرهب : النصل الرقيق من نصال السهام ، والجمع رهاب ، قال أبو ذؤيب :


فدنا له رب الكلاب بكفه     بيض رهاب ريشهن مقزع



وقال صخر الغي الهذلي :


إني سينهى عني وعيدهم     بيض رهاب ومجنأ أجد
وصارم أخلصت خشيبته     أبيض مهو في متنه ربد



المجنأ : الترس . والأجد : المحكم الصنعة ، وقد فسرناه في ترجمة جنأ . وقوله تعالى : واضمم إليك جناحك من الرهب قال أبو إسحاق : من الرهب . والرهب إذا جزم الهاء ضم الراء ، وإذا حرك الهاء فتح الراء ، ومعناهما واحد مثل الرشد والرشد . قال : ومعنى جناحك هاهنا يقال : العضد ، ويقال : اليد كلها جناح . قال الأزهري وقال مقاتل في قوله ( تعالى ) : من الرهب الرهب كم مدرعته . قال الأزهري : وأكثر الناس ذهبوا في تفسير قوله : من الرهب أنه بمعنى الرهبة ، ولو وجدت إماما من السلف يجعل الرهب كما لذهبت إليه ، لأنه صحيح في العربية ، وهو أشبه بسياق الكلام والتفسير ، والله أعلم بما أراد . والرهب : الكم . يقال : وضعت الشيء في رهبي أي : في كمي . أبو عمرو : يقال لكم القميص : القن والردن والرهب والخلاف . ابن الأعرابي : أرهب الرجل إذا أطال رهبه أي : كمه . والرهابة والرهابة على وزن السحابة : عظيم في الصدر مشرف على البطن ، قال الجوهري : مثل اللسان ، وقال غيره : كأنه طرف لسان الكلب ، والجمع رهاب . وفي حديث عوف بن مالك : لأن يمتلئ ما بين عانتي إلى رهابتي قيحا أحب إلي من أن يمتلئ شعرا . الرهابة بالفتح : غضروف ، كاللسان ، معلق في أسفل الصدر ، مشرف على البطن . قال الخطابي : ويروى بالنون ، وهو غلط . وفي الحديث : فرأيت السكاكين تدور بين رهابته ومعدته . ابن الأعرابي : الرهابة طرف المعدة ، والعلعل : طرف الضلع الذي يشرف على الرهابة . وقال ابن شميل : في قص الصدر رهابته ، قال : وهو لسان القص من أسفل ، قال : والقص مشاش . وقال أبو عبيد في باب البخيل : يعطي من غير طبع جود ، قال أبو زيد : يقال في مثل هذا : رهباك خير من رغباك ، يقول : فرقه منك خير من حبه ، وأحرى أن يعطيك عليه . قال : ومثله الطعن يظأر غيره . ويقال : فعلت ذلك من رهباك أي : من رهبتك ، والرغبى الرغبة . قال : ويقال : رهباك خير من رغباك ، بالضم فيهما . ورهبى : موضع . ودارة رهبى : موضع هناك . ومرهب : اسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية