صفحة جزء
[ رود ]

رود : الرود : مصدر فعل الرائد ، والرائد : الذي يرسل في التماس النجعة وطلب الكلإ والجمع رواد مثل زائر وزوار . وفي حديث علي - عليه السلام - في صفة الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - : يدخلون روادا ويخرجون أدلة أي : يدخلون طالبين للعلم ملتمسين للحلم من عنده ويخرجون أدلة هداة للناس . وأصل الرائد الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث ، ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث : وسمعت الرواد يدعون إلى ريادتها أي : تطلب الناس إليها وفي حديث وفد عبد القيس : إنا قوم رادة ، هو جمع رائد كحاكة وحائك ، أي : نرود الخير والدين لأهلنا . وفي شعر هذيل : رادهم رائدهم ، ونحو هذا كثير في لغتها فإما أن يكون فاعلا ذهبت عينه ، وإما أن يكون فعلا ، إلا أنه إذا كان فعلا فإنما هو على النسب لا على الفعل ، قال أبو ذؤيب يصف رجلا حاجا طلب عسلا :


فبات بجمع ثم تم إلى منى فأصبح رادا يبتغي المزج بالسحل



أي : طالبا ، وقد راد أهله منزلا وكلأ ، وراد لهم رودا وريادا وارتاد واستراد : وفي حديث معقل بن يسار وأخته : فاستراد لأمر الله أي : رجع ولان وانقاد ، وارتاد لهم يرتاد . ورجل راد : بمعنى رائد ، وهو فعل - بالتحريك - بمعنى فاعل كالفرط بمعنى الفارط . ويقال : بعثنا رائدا يرود الكلأ والمنزل ويرتاد . والمعنى واحد أي : ينظر ويطلب ويختار أفضله . قال : وجاء في الشعر : بعثوا رادهم أي : رائدهم ، ومن أمثالهم : الرائد لا يكذب أهله ، يضرب مثلا للذي لا يكذب إذا حدث ، وإنما قيل له ذلك ; لأنه إن لم يصدقهم فقد غرر بهم . وراد الكلأ يروده رودا وريادا وارتاده ارتيادا بمعنى أي : طلبه . ويقال : راد أهله يرودهم مرعى أو منزلا ريادا وارتاد لهم ارتيادا ، ومنه الحديث : إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله أي : يرتاد مكانا دمثا لينا منحدرا ، لئلا يرتد عليه بوله ويرجع عليه رشاشه . والرائد : الذي لا منزل له . وفي الحديث : الحمى رائد الموت أي : رسول الموت الذي يتقدمه كالرائد الذي يبعث ليرتاد منزلا ويتقدم قومه ، ومنه حديث المولد : أعيذك بالواحد ، من شر كل حاسد وكل خلق رائد أي : يتقدم بمكروه . وقولهم : فلان مستراد لمثله ، وفلانة مستراد لمثلها أي : مثله ومثلها يطلب ويشح به لنفاسته ، وقيل : معناه مستراد مثله أو مثلها ، واللام زائدة ، وأنشد ابن الأعرابي :


ولكن دلا مسترادا لمثله     وضربا لليلى لا يرى مثله ضربا



وراد الدار يرودها : سألها ، قال يصف الدار :


وقفت فيها رائدا أرودها



ورادت الدواب رودا ورودانا واسترادت : رعت ، قال أبو ذؤيب :


وكان مثلين أن لا يسرحوا نعما     حيث استرادت مواشيهم وتسريح



وردتها أنا وأردتها . والروائد : المختلفة من الدواب ، وقيل : الروائد منها التي ترعى من بينها وسائرها محبوس عن المرتع أو مربوط . [ ص: 260 ] التهذيب : والروائد من الدواب التي ترتع ، ومنه قول الشاعر :


كأن روائد المهرات منها



ورائد العين : عوارها الذي يرود فيها . ويقال : راد وساده إذا لم يستقر . والرياد وذب الرياد : الثور الوحشي سمي بالمصدر ، قال ابن مقبل :


يمشي بها ذب الرياد كأنه     فتى فارسي في سراويل رامح



وقال أبو حنيفة : رادت الإبل ترود ريادا : اختلفت في المرعى مقبلة ومدبرة وذلك ريادها ، والموضع مراد ، وكذلك مراد الريح وهو المكان الذي يذهب فيه ويجاء ، قال جندل :


والآل في كل مراد هوجل



وفي حديث قس :


ومرادا لمحشر الخلق طرا



أي : موضعا يحشر فيه الخلق وهو مفعل من راد يرود وإن ضمت الميم ، فهو اليوم الذي يراد أن يحشر فيه الخلق . ويقال : راد يرود إذا جاء وذهب ولم يطمئن . ورجل رائد الوساد إذا لم يطمئن عليه لهم أقلقه وبات رائد الوساد ، وأنشد :


تقول له لما رأت جمع رحله     أهذا رئيس القوم راد وسادها



دعا عليها بأن لا تنام فيطمئن وسادها . وامرأة راد ورواد - بالتخفيف غير مهموز - ورءود ، الأخيرة عن أبي علي : طوافة في بيوت جاراتها ، وقد رادت ترود رودا ورودانا ورءودا ، فهي رادة إذا أكثرت الاختلاف إلى بيوت جاراتها . الأصمعي : الرادة من النساء - غير مهموز - التي ترود وتطوف والرأدة - بالهمز السريعة الشباب - مذكور في موضعه . ورادت الريح ترود رودا ورءودا ورودانا : جالت ، وفي التهذيب : إذا تحركت ونسمت تنسم نسمانا إذا تحركت تحركا خفيفا . وأراد الشيء : شاءه ، قال ثعلب : الإرادة تكون محبة وغير محبة ، فأما قوله :


إذا ما المرء كان أبوه عبس     فحسبك ما تريد إلى الكلام



فإنما عداه بإلى لأن فيه معنى الذي يحوجك أو يجيئك إلى الكلام ، ومثله قول كثير :


أريد لأنسى ذكرها فكأنما     تمثل لي ليلى بكل سبيل



أي : أريد أن أنسى . قال ابن سيده : وأرى سيبويه قد حكى إرادتي بهذا لك أي : قصدي بهذا لك . وقوله - عز وجل - : فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه أي : أقامه الخضر . وقال : يريد والإرادة إنما تكون من الحيوان ، والجدار لا يريد إرادة حقيقية لأن تهيؤه للسقوط قد ظهر كما تظهر أفعال المريدين ، فوصف الجدار بالإرادة إذ كانت الصورتان واحدة ، ومثل هذا كثير في اللغة والشعر ، قال الراعي :


في مهمه قلقت به هاماتها     قلق الفئوس إذا أردن نضولا



وقال آخر :


يريد الرمح صدر أبي براء     ويعدل عن دماء بني عقيل



وأردته بكل ريدة أي : بكل نوع من أنواع الإرادة . وأراده على الشيء : كأداره . والرود والرؤد : المهلة في الشيء . وقالوا : رويدا أي : مهلا ، قال ابن سيده : هذه حكاية أهل اللغة ، وأما سيبويه فهو عنده اسم للفعل . وقالوا رويدا أي : أمهله ولذلك لم يثن ولم يجمع ولم يؤنث . وفلان يمشي على رود أي : على مهل ، قال الجموح الظفري :


تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها     كأنها ثمل يمشي على رود



وتصغيره رويد . أبو عبيد عن أصحابه : تكبير رويد رود وتقول منه أرود في السير إروادا ومرودا أي : ارفق ، وقال امرؤ القيس :


جواد المحثة والمرود



وبفتح الميم أيضا مثل المخرج والمخرج ، قال ابن بري : صواب إنشاده جواد - بالنصب - لأن صدره :


وأعددت للحرب وثابة



والجواد هنا الفرس السريعة . والمحثة : من الحث ، يقول : إذا استحثثتها في السير أو رفقت بها أعطتك ما يرضيك من فعلها . وقولهم : الدهر أرود ذو غير أي : يعمل عمله في سكون لا يشعر به . والإرواد : الإمهال ، ولذلك قالوا : رويدا بدلا من قولهم : إروادا ، التي بمعنى أرود فكأنه تصغير الترخيم بطرح جميع الزوائد ، وهذا حكم هذا الضرب من التحقير ، قال ابن سيده : وهذا مذهب سيبويه في رويد لأنه جعله بدلا من أرود ، غير أن رويدا أقرب إلى إرواد منها إلى أرود لأنها اسم مثل إرواد ، وذهب غير سيبويه إلى أن رويدا تصغير رود ، وأنشد بيت الجموح الظفري :


كأنها ثمل يمشي على رود



قال : وهذا خطأ ; لأن رودا لم يوضع موضع الفعل كما وضعت إرودا بدليل أرود . وقالوا : رويدك زيدا فلم يجعلوا للكاف موضعا ، وإنما هي للخطاب ودليل ذلك قولهم : أرأيتك زيدا أبو من ؟ والكاف لا موضع لها لأنك لو قلت أرأيت زيدا أبو من هو لا يستغني الكلام ، قال سيبويه : وسمعنا من العرب من يقول : والله لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر ، يريد أرود الشعر كقول القائل : لو أردت الدراهم لأعطينك فدع الشعر ، قال الأزهري : فقد تبين أن رويد في موضع الفعل ومتصرفه يقول : رويد زيدا ، كما يقول أرود زيدا ، وأنشد :


رويد عليا جد ما ثدي أمهم     إلينا ولكن ودهم متماين



قال : رواه ابن كيسان " ولكن بعضهم متيامن " وفسره أنه ذاهب إلى اليمن . قال : وهذا أحب إلي من " متماين " . قال ابن سيده : ومن العرب من يقول رويد زيد كقوله غدر الحي وضرب الرقاب ، قال : [ ص: 261 ] وعلى هذا أجازوا رويدك نفسك زيدا . قال سيبويه : وقد يكون رويد صفة فيقولون ساروا سيرا رويدا ، ويحذفون السير فيقولون ساروا رويدا يجعلونه حالا له وصف كلامه واجتزأ بما في صدر حديثه من قولك سار عن ذكر السير ، قال الأزهري : ومن ذلك قول العرب : ضعه رويدا أي : وضعا رويدا ومن ذلك قول الرجل يعالج الشيء إنما يريد أن يقول علاجا رويدا قال : فهذا على وجه الحال إلا أن يظهر الموصوف به فيكون على الحال وعلى غير الحال . قال : واعلم أن رويدا تلحقها الكاف وهي في موضع أفعل ، وذلك قولك رويدك زيدا ورويدكم زيدا فهذه الكاف التي ألحقت لتبيين المخاطب في رويدا ، ولا موضع لها من الإعراب لأنها ليست باسم ، ورويد غير مضاف إليها ، وهو متعد إلى زيد لأنه اسم سمي به الفعل يعمل عمل الأفعال ، وتفسير رويد مهلا ، وتفسير رويدك أمهل ; لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى أفعل دون غيره ، وإنما حركت الدال لالتقاء الساكنين فنصب نصب المصادر وهو مصغر مأمور به ، لأنه تصغير الترخيم من إرواد وهو مصدر أرود يرود ، وله أربعة أوجه : اسم للفعل وصفة وحال ومصدر ، فالاسم نحو قولك : رويد عمرا أي : أرود عمرا بمعنى أمهله ، والصفة نحو قولك : ساروا سيرا رويدا ، والحال نحو قولك سار القوم رويدا لما اتصل بالمعرفة صار حالا لها ، والمصدر نحو قولك رويد عمرو بالإضافة ، كقوله تعالى : فضرب الرقاب . وفي حديث أنجشة : رويدك رفقا بالقوارير أي : أمهل وتأن وارفق ، وقال الأزهري عند قوله : فهذه الكاف التي ألحقت لتبيين المخاطب في رويدا ، قال : وإنما ألحقت المخصوص ; لأن رويدا قد يقع للواحد والجمع والذكر والأنثى ، فإنما أدخل الكاف حيث خيف التباس من يعنى ممن لا يعنى ، وإنما حذفت في الأول استغناء بعلم المخاطب لأنه لا يعني غيره . وقد يقال رويدا لمن لا يخاف أن يلتبس بمن سواه توكيدا ، وهذا كقولك النجاءك والوحاك تكون هذه الكاف علما للمأمورين والمنهيين . قال : وقال الليث : إذا أردت برويدا الوعيد نصبتها بلا تنوين ، وأنشد :


رويد تصاهل بالعراق جيادنا     كأنك بالضحاك قد قام نادبه



قال ابن سيده ، وقال بعض أهل اللغة : وقد يكون رويدا للوعيد ، كقوله :


رويد بني شيبان بعض وعيدكم     تلاقوا غدا خيلي على سفوان



فأضاف رويدا إلى بني شيبان ونصب بعض وعيدكم بإضمار فعل ، وإنما قال رويد بني شيبان على أن بني شيبان في موضع مفعول ، كقولك رويد زيد وكأنه أمر غيرهم بإمهالهم ، فيكون " بعض وعيدكم " على تحويل الغيبة إلى الخطاب ، ويجوز أن يكون بني شيبان منادى أي : أمهلوا بعض وعيدكم ، ومعنى الأمر هاهنا التأخير والتقليل منه ، ومن رواه رويد بني شيبان بعض وعيدهم كان على البدل لأن موضع بني شيبان نصب ، على هذا يتجه إعراب البيت ، قال : وأما معنى الوعيد فلا يلزم وإنما الوعيد فيه بحسب الحال لأنه يتوعدهم باللقاء ويتوعدونه بمثله . قال الأزهري : وإذا أردت برويد المهلة والإرواد في الشيء فانصب ونون ، تقول : امش رويدا قال : وتقول العرب أرود في معنى رويدا المنصوبة . قال ابن كيسان في باب رويدا : كأن رويدا من الأضداد ، تقول رويدا إذا أرادوا دعه وخله وإذا أرادوا ارفق به وأمسكه قالوا : رويدا زيدا أيضا ، قال : وتيد زيدا بمعناها ، قال : ويجوز إضافتها إلى زيد لأنهما مصدران كقوله تعالى : فضرب الرقاب . وفي حديث علي إن لبني أمية مرودا يجرون إليه . هو مفعل من الإرواد الإمهال كأنه شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون إليه ، والميم زائدة . التهذيب : والريدة اسم يوضع موضع الارتياد والإرادة . وأراد الشيء : أحبه وعني به والاسم الريد . وفي حديث عبد الله : إن الشيطان يريد ابن آدم بكل ريدة أي : بكل مطلب ومراد . يقال : أراد يريد إرادة والريدة الاسم من الإرادة . قال ابن سيده : فأما ما حكاه اللحياني من قولهم : هردت الشيء أهريده هرادة ، فإنما هو على البدل ، قال سيبويه : أريد لأن تفعل معناه إرادتي لذلك ، كقوله تعالى : وأمرت لأن أكون أول المسلمين . الجوهري وغيره : والإرادة المشيئة وأصله الواو ، كقولك راوده أي : أراده على أن يفعل كذا ، إلا أن الواو سكنت فنقلت حركتها إلى ما قبلها فانقلبت في الماضي ألفا وفي المستقبل ياء وسقطت في المصدر لمجاورتها الألف الساكنة وعوض منها الهاء في آخره . قال الليث : وتقول راود فلان جاريته عن نفسها وراودته هي عن نفسه إذا حاول كل واحد من صاحبه الوطء والجماع ، ومنه قوله تعالى : تراود فتاها عن نفسه فجعل الفعل لها وراودته على كذا مراودة وروادا أي : أردته . وفي حديث أبي هريرة : حيث يراود عمه أبا طالب على الإسلام أي : يراجعه ويراده ومنه حديث الإسراء : قال له موسى - صلى الله عليه وسلم - : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه . وراودته عن الأمر وعليه : داريته . والرائد العود الذي يقبض عليه الطاحن إذا أداره . قال ابن سيده : والرائد مقبض الطاحن من الرحى . ورائد الرحى : مقبضها . والرائد : يد الرحى . والمرود : الميل وحديدة تدور في اللجام ومحور البكرة إذا كان من حديد . وفي حديث ماعز : كما يدخل المرود في المكحلة ؛ المرود - بكسر الميم - : الميل الذي يكتحل به ، والميم زائدة . والمرود أيضا : المفصل . والمرود : الوتد ، قال :


داويته بالمحض حتى شتا     يجتذب الأري بالمرود



أراد مع المرود . ويقال : ريح رود لينة الهبوب . ويقال : ريح رادة إذا كانت هوجاء تجيء وتذهب . وريح رائدة : مثل رادة ، وكذلك رواد ، قال جرير :


أصعصع ! إن أمك بعد ليلي     رواد الليل مطلقة الكمام



وكذلك امرأة رواد ورادة ورائدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية