صفحة جزء
[ روع ]

روع : الروع والرواع والتروع : الفزع ، راعني الأمر يروعني روعا وروعا ، عن ابن الأعرابي ، كذلك حكاه بغير همز ، وإن شئت همزت ، وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : إذا شمظ الإنسان في عارضيه فذلك الروع ، كأنه أراد الإنذار بالموت . قال الليث : كل شيء يروعك منه جمال وكثرة تقول راعني فهو رائع . والروعة : الفزعة . وفي حديث الدعاء : اللهم آمن روعاتي ; هي جمع روعة ، وهي المرة الواحدة من الروع الفزع . ومنه حديث علي - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه ليدي قوما قتلهم خالد بن الوليد فأعطاهم ميلغة الكلب ثم أعطاهم بروعة الخيل ; يريد أن الخيل راعت نساءهم وصبيانهم فأعطاهم شيئا لما أصابهم من هذه الروعة . وقولهم في المثل : أفرخ روعه أي : ذهب فزعه وانكشف وسكن . قال أبو عبيد : أفرخ روعك ، تفسيره ليذهب رعبك وفزعك ، فإن الأمر ليس على ما تحاذر ، وهذا المثل لمعاوية كتب به إلى زياد ، وذلك أنه كان على البصرة وكان المغيرة بن شعبة على الكوفة فتوفي بها فخاف زياد أن يولي معاوية عبد الله بن عامر مكانه ، فكتب إلى معاوية يخبره بوفاة المغيرة ، ويشير عليه بتولية الضحاك بن قيس مكانه ، ففطن له معاوية ، وكتب إليه : قد فهمت كتابك فأفرخ روعك أبا المغيرة وقد ضممنا إليك الكوفة مع البصرة ، قال الأزهري : كل من لقيته من اللغويين يقول أفرخ روعه ، بفتح الراء من روعه ، إلا ما أخبرني به المنذري عن أبي الهيثم أنه كان يقول : إنما هو أفرخ روعه ، بضم الراء ، قال : ومعناه خرج الروع من قلبه . قال : وأفرخ روعك أي : اسكن وأمن . والروع : موضع الروع وهو القلب ; وأنشد قول ذي الرمة :


جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب



قال : يقال أفرخت البيضة إذا خرج الولد منها . قال : والروع الفزع ، والفزع لا يخرج من الفزع ، إنما يخرج من الموضع الذي يكون فيه ، وهو الروع . قال : والروع في الروع كالفرخ في البيضة . يقال : أفرخت البيضة إذا انفلقت عن الفرخ فخرج منها ، قال : وأفرخ فؤاد الرجل إذا خرج روعه منه ، قال : وقلبه ذو الرمة على المعرفة بالمعنى فقال :


جذلان قد أفرخت عن روعه الكرب



قال الأزهري : والذي قاله أبو الهيثم بين غير أني أستوحش منه لانفراده بقوله ، وقد استدرك الخلف على السلف أشياء ربما زلوا فيها فلا ننكر إصابة أبي الهيثم فيما ذهب إليه ، وقد كان له حظ من العلم موفر - رحمه الله - . وارتاع منه وله وروعه فتروع أي : تفزع . ورعت فلانا وروعته فارتاع أي : أفزعته ففزع . ورجل روع ورائع : متروع ، كلاهما على النسب ، صحت الواو في روع لأنهم شبهوا حركة العين التابعة لها بحرف اللين التابع لها ، فكأن فعلا فعيل ، كما يصح حويل وطويل فعلى نحو من ذلك صح روع ، وقد يكون رائع فاعلا في معنى مفعول كقوله :


ذكرت حبيبا فاقدا تحت مرمس



وقال :


شذانها رائعة من هدره



أي : مرتاعة . وريع فلان يراع إذا فزع . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب فرسا لأبي طلحة ليلا لفزع ناب أهل المدينة فلما رجع قال : لن تراعوا لن تراعوا ! إني وجدته بحرا ، معناه لا فزع ولا روع فاسكنوا واهدءوا ، ومنه حديث ابن عمر : فقال له الملك لم ترع أي : لا فزع ولا خوف . وراعه الشيء رءوعا ورووعا ، بغير همز ، عن ابن الأعرابي ، وروعة : أفزعه بكثرته أو جماله . وقولهم : لا ترع أي : لا تخف ولا يلحقك خوف ، قال أبو خراش :


رفوني وقالوا : يا خويلد لا ترع     فقلت وأنكرت الوجوه : هم هم



وللأنثى : لا تراعي ، وقال مجنون قيس بن معاذ العامري ، وكان وقع في شركه ظبية فأطلقها وقال :


أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني     لك اليوم من وحشية لصديق
ويا شبه ليلى لا تزالي بروضة     عليك سحاب دائم وبروق
أقول وقد أطلقتها من وثاقها :     لأنت لليلى ما حييت طليق
فعيناك عيناها وجيدك جيدها     سوى أن عظم الساق منك دقيق


قال الأزهري : وقالوا : راعه أمر كذا أي : بلغ الروع روعه . وقال غيره : راعني الشيء أعجبني ، والأروع من الرجال : الذي يعجبك حسنه . والرائع من الجمال : الذي يعجب روع من رآه فيسره . والروعة : المسحة من الجمال ، والروقة : الجمال الرائق . وفي حديث وائل بن حجر : إلى الأقيال العباهلة الأرواع ، الأرواع : جمع رائع وهم الحسان الوجوه ، وقيل : هم الذين يروعون الناس أي : يفزعونهم بمنظرهم هيبة لهم ، والأول أوجه . وفي حديث صفة أهل الجنة : فيروعه ما عليه من اللباس أي : يعجبه حسنه ، ومنه حديث عطاء : يكره للمحرم كل زينة رائعة أي : حسنة ، وقيل : كل معجبة رائقة . وفرس روعاء ورائعة : تروعك بعتقها وصفتها ، قال :


رائعة تحمل شيخا رائعا     مجربا قد شهد الوقائعا


وفرس رائع وامرأة رائعة كذلك ، وروعاء بينة الروع من نسوة روائع وروع . والأروع : الرجل الكريم ذو الجسم والجهارة والفضل والسودد ، وقيل : هو الجميل الذي يروعك حسنه ويعجبك إذا رأيته ، وقيل : هو الحديد ، والاسم الروع ، وهو بين الروع ، والفعل من كل ذلك واحد فالمتعدي كالمتعدي ، وغير المتعدي كغير المتعدي ، قال الأزهري : والقياس في اشتقاق الفعل منه روع يروع روعا . وقلب أروع ورواع : يرتاع لحدته من كل ما سمع أو رأى . ورجل أروع ورواع : حي النفس ذكي . وناقة رواع وروعاء : حديدة الفؤاد . قال [ ص: 265 ] الأزهري : ناقة رواعة الفؤاد إذا كانت شهمة ذكية ، قال ذو الرمة :


رفعت لها رحلي على ظهر عرمس     رواع الفؤاد حرة الوجه عيطل


وقال امرؤ القيس :


روعاء منسمها رثيم دامي



وكذلك الفرس ، ولا يوصف به الذكر . وفي التهذيب : فرس رواع ، بغير هاء ، وقال ابن الأعرابي : فرس روعاء ليست من الرائعة ولكنها التي كأن بها فزعا من ذكائها وخفة روحها ، وقال : فرس أروع كرجل أروع . ويقال : ما راعني إلا مجيئك ، معناه ما شعرت إلا بمجيئك ، كأنه قال : ما أصاب روعي إلا ذلك . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : فلم يرعني إلا رجل أخذ بمنكبي أي : لم أشعر ، كأنه فاجأه بغتة من غير موعد ولا معرفة فراعه ذلك وأفزعه . قال الأزهري : ويقال : سقاني فلان شربة راع بها فؤادي أي : برد بها غلة روعي ، ومنه قول الشاعر :


سقتني شربة راعت فؤادي     سقاها الله من حوض الرسول


قال أبو زيد : ارتاع للخبر وارتاح له بمعنى واحد . ورواع القلب وروعه : ذهنه وخلده . والروع - بالضم - : القلب والعقل ، ووقع ذلك في روعي أي : نفسي وخلدي وبالي ، وفي حديث : نفسي . وفي الحديث : إن روح القدس نفث في روعي ، وقال : إن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب . قال أبو عبيدة : معناه في نفسي وخلدي ونحو ذلك ، وروح القدس : جبريل - عليه السلام - . وفي بعض الطرق : إن روح الأمين نفث في روعي . والمروع : الملهم كأن الأمر يلقى في روعه . وفي الحديث المرفوع : إن في كل أمة محدثين ومروعين ، فإن يكن في هذه الأمة منهم أحد فهو عمر ، المروع : الذي ألقي في روعه الصواب والصدق ، وكذلك المحدث كأنه حدث بالحق الغائب فنطق به . وراع الشيء يروع رواعا : رجع إلى موضعه . وارتاع كارتاح . والرواع : اسم امرأة ، قال بشر بن أبي خازم :


تحمل أهلها منها فبانوا     فأبكتني منازل للرواع


وقال ربيعة بن مقروم :


ألا صرمت مودتك الرواع     وجد البين منها والوداع


وأبو الرواع : من كناهم . شمر : روع فلان خبزه وروغه إذا رواه . وقال ابن بري في ترجمة عجس في شرح بيت الراعي يصف إبلا : غير أروعا ، قال : الأروع الذي يروعك جماله ، قال : وهو أيضا الذي يسرع إليه الارتياع .

التالي السابق


الخدمات العلمية