صفحة جزء
[ زلف ]

زلف : الزلف والزلفة والزلفى : القربة والدرجة والمنزلة . وفي التنزيل العزيز : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ؛ قال : هي اسم كأنه قال : بالتي تقربكم عندنا ازدلافا ؛ وقول العجاج :


ناج طواه الأين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا     سماوة الهلال حتى احقوقفا

يقول : منزلة بعد منزلة ودرجة بعد درجة . وزلف إليه ازدلف وتزلف : دنا منه ؛ قال أبو زبيد :


حتى إذا اعصوصبوا ، دون الركاب معا     دنا تزلف ذي هدمين مقرور



وأزلف الشيء قربه وفي التنزيل العزيز : وأزلفت الجنة للمتقين ؛ أي قربت ، قال الزجاج : وتأويله أي قرب دخولهم فيها ونظرهم إليها . وازدلفه : أدناه إلى هلكة . ومزدلفة والمزدلفة : موضع بمكة ، قيل : سميت بذلك لاقتراب الناس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات . قال ابن سيده : لا أدري كيف هذا . وأزلفه الشيء صار جميعه ؛ حكاه الزجاج عن أبي عبيدة ، قال أبو عبيدة : ومزدلفة من ذلك . وقوله - عز وجل - : وأزلفنا ثم الآخرين ؛ معنى أزلفنا جمعنا ، وقيل : قربنا الآخرين من الغرق وهم أصحاب فرعون ، وكلاهما حسن جميل لأن جمعهم تقريب بعضهم من بعض ، ومن ذلك سميت مزدلفة جمعا . وأصل الزلفى في كلام العرب القربى . وقال أبو إسحاق : في قوله - عز وجل - : فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ؛ أي رأوا العذاب قريبا . وفي الحديث : إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة أزلفها أي أسلفها وقدمها ، والأصل فيه القرب والتقدم . والزلفة : الطائفة من أول الليل والجمع زلف وزلفات . ابن سيده : وزلف الليل ساعات من أوله ، وقيل : هي ساعات الليل الآخذة من النهار وساعات النهار الآخذة من الليل ، واحدتها زلفة ، فأما قراءة ابن محيصن : ( وزلفا من الليل ) ؛ بضم الزاي واللام ، ( وزلفا من الليل ) ؛ بسكون اللام ، فإن الأولى جمع زلفة كبسرة وبسر ، وأما زلفا فجمع زلفة جمعها جمع الأجناس المخلوقة وإن لم تكن جوهرا كما جمعوا الجواهر المخلوقة نحو درة ودر . وفي حديث ابن مسعود ذكر زلف الليل ، وهي ساعاته ، وقيل : هي الطائفة من الليل ، قليلة كانت أو كثيرة . وفي التنزيل العزيز : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ؛ فطرفا النهار غدوة وعشية ، وصلاة طرفي النهار : الصبح : في أحد الطرفين والأولى والعصر في الطرف الأخير ؛ وزلفا من الليل ؛ قال الزجاج : هو منصوب على الظرف كما تقول جئت طرفي النهار وأول الليل ، ومعنى زلفا من الليل الصلاة القريبة من أول الليل ، أراد بالزلف المغرب والعشاء الأخيرة ؛ ومن قرأ زلفا فهو جمع زليف مثل القرب والقريب . وفي حديث الضحية : أتي ببدنات خمس أو ست فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ أي يقربن منه ، وهو يفتعلن من القرب فأبدل التاء دالا لأجل الزاي . ومنه الحديث : أنه كتب إلى مصعب بن عمير وهو بالمدينة انظر من اليوم الذي تتجهز فيه اليهود لسبتها ، فإذا زالت الشمس فازدلف إلى الله بركعتين واخطب فيهما أي تقرب . وفي حديث أبي بكر والنسابة : فمنكم المزدلف الحر صاحب العمامة الفردة ؛ إنما سمي المزدلف لاقترابه إلى الأقران وإقدامه عليهم ، وقيل : لأنه قال في حرب كليب : ازدلفوا قوسي أو قدرها أي تقدموا في الحرب بقدر قوسي . وفي حديث الباقر : ما لك من عيشك إلا لذة تزدلف بك إلى حمامك أي تقربك إلى موتك ؛ ومنه سمي المشعر الحرام مزدلفة لأنه يتقرب فيها . والزلف والزليف والتزلف : التقدم من موضع إلى موضع . والمزدلف : رجل من فرسان العرب ، سمي بذلك لأنه ألقى رمحه بين يديه في حرب كانت بينه وبين قوم ثم قال : ازدلفوا إلى رمحي . زلفنا له أي تقدمنا . وزلف الشيء وزلفه : قدمه ؛ عن ابن الأعرابي . وتزلفوا وازدلفوا أي تقدموا . والزلفة : الصحفة الممتلئة ، بالتحريك ، والزلفة : الإجانة الخضراء ، والزلفة : المرآة ؛ وقال ابن الأعرابي : الزلفة وجه المرآة . يقال : البركة تطفح مثل الزلفة ، والجمع من كل ذلك زلف ، والزلفة المصنعة ، والجمع زلف ؛ قال لبيد :


حتى تحيرت الدبار كأنها     زلف ، وألقي قتبها المحزوم



وأورد ابن بري هذا البيت شاهدا على الزلف جمع زلفة وهي المحارة . قال : وقال أبو عمرو : الزلف في هذا البيت مصانع الماء ؛ وأنشد الجوهري للعماني :


حتى إذا ماء الصهاريج نشف     من بعد ما كانت ملاء كالزلف



قال : وهي المصانع ، وقال أبو عبيدة : هي الأجاجين الخضر ، قال : وهي المزالف أيضا . وفي حديث يأجوج ومأجوج : ثم يرسل الله مطرا فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، وهي مصنعة الماء ؛ أراد أن المطر يغدر في الأرض فتصير كأنها مصنعة من مصانع الماء ، وقيل : الزلفة المرآة شبهها بها لاستوائها ونظافتها ، وقيل : الزلفة الروضة ، ويقال : بالقاف أيضا وكل ممتلئ من الماء زلفة ، وأصبحت الأرض زلفة واحدة على التشبيه كما قالوا أصبحت قروا واحدا . وقال أبو حنيفة : الزلف الغدير الملآن ؛ قال الشاعر :


جثجاثها وخزاماها وثامرها [ ص: 50 ]     هبائب تضرب النغبان والزلفا

وقال شمر في قوله : طي الليالي زلفا فزلفا ، أي قليلا قليلا ؛ يقول : طوى هذا البعير الإعياء كما يطوي الليل سماوة الهلال أي شخصه قليلا قليلا حتى دق واستقوس . وحكى ابن بري عن أبي عمر الزاهد قال : الزلفة ثلاثة أشياء : البركة والروضة والمرآة ، قال : وزاد ابن خالويه رابعا أصبحت الأرض زلفة ودثة من كثرة الأمطار . والمزالف والمزلفة : البلد ، وقيل : القرى التي بين البر والبحر كالأنبار والقادسية ونحوهما . وزلف في حديثه : زاد كزرف ، يقال : فلان يزلف في حديثه ويزرف أي يزيد . وفي الصحاح : المزالف البراغيل وهي البلاد التي بين الريف والبر ، الواحدة مزلفة . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أن رجلا قال له : إني حججت من رأس هر أو خارك أو بعض هذه المزالف ؛ رأس هر وخارك : موضعان من ساحل فارس يرابط فيهما ؛ والمزالف : قرى بين البر والريف . وبنو زليفة : بطن ؛ قال أبو جندب الهذلي :


من مبلغ مآلكي حبشيا ؟     أجابني زليفة الصبحيا



التالي السابق


الخدمات العلمية