صفحة جزء
[ زها ]

الزهو : الكبر والتيه والفخر والعظمة ؛ قال أبو المثلم الهذلي :


متى ما أشأ غير زهو الملو ك أجعلك رهطا على حيض



ورجل مزهو بنفسه أي : معجب . وبفلان زهو أي : كبر ؛ ولا يقال : زها . وزهي فلان فهو مزهو إذا أعجب بنفسه وتكبر . قال ابن سيده : وقد زهي على لفظ ما لم يسم فاعله ، جزم به أبو زيد وأحمد بن يحيى . وحكى ابن السكيت : زهيت وزهوت . وللعرب أحرف لا يتكلمون بها إلا على سبيل المفعول به وإن كان بمعنى الفاعل مثل زهي الرجل وعني بالأمر ونتجت الشاة والناقة وأشباهها . فإذا أمرت [ ص: 74 ] به قلت : لتزه يا رجل ، وكذلك الأمر من كل فعل لم يسم فاعله ؛ لأنك إذا أمرت منه فإنما تأمر في التحصيل غير الذي تخاطبه أن يوقع به ، وأمر الغائب لا يكون إلا باللام كقولك : ليقم زيد ، قال : وفيه لغة أخرى حكاها ابن دريد زها يزهو زهوا أي : تكبر ، ومنه قولهم : ما أزهاه ، وليس هذا من زهي لأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه . قال الأحمر النحوي يهجو العتبي والفيض بن عبد الحميد :


لنا صاحب مولع بالخلاف     كثير الخطاء قليل الصواب
ألج لجاجا من الخنفساء     وأزهى إذا ما مشى من غراب



قال الجوهري : قلت لأعرابي من بني سليم ما معنى زهي الرجل ؟ قال : أعجب بنفسه . فقلت : أتقول : زهى إذا افتخر ؟ قال : أما نحن فلا نتكلم به . وقال خالد بن جنبة : زها فلان إذا أعجب بنفسه . قال ابن الأعرابي : زهاه الكبر ولا يقال : زها الرجل ولا أزهيته ولكن زهوته . وفي الحديث : من اتخذ الخيل زهاء ونواء على أهل الإسلام فهي عليه وزر . الزهاء ، بالمد ، والزهو الكبر والفخر . يقال : زهي الرجل ، فهو مزهو ، هكذا يتكلم به على سبيل المفعول وإن كان بمعنى الفاعل . وفي الحديث : إن الله لا ينظر إلى العامل المزهو . ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - : إن جاريتي تزهى أن تلبسه في البيت . أي : تترفع عنه ولا ترضاه ، تعني : درعا كان لها ؛ وأما ما أنشده ابن الأعرابي من قول الشاعر :


جزى الله البراقع من ثياب     عن الفتيان شرا ما بقينا
يوارين الحسان فلا نراهم     ويزهين القباح فيزدهينا



فإنما حكمه ويزهون القباح لأنه قد حكي زهوته ، فلا معنى ليزهين لأنه لم يجئ زهيته ، وهكذا أنشد ثعلب ويزهون . قال ابن سيده : وقد وهم ابن الأعرابي في الرواية ، اللهم إلا أن يكون زهيته لغة في زهوته ، قال : ولم ترو لنا عن أحد . ومن كلامهم : هي أزهى من غراب ، وفي المثل المعروف : زهو الغراب ، بالنصب ، أي : زهيت زهو الغراب . وقال ثعلب في ( النوادر ) : زهي الرجل وما أزهاه فوضعوا التعجب على صيغة المفعول ، قال : وهذا شاذ إنما يقع التعجب من صيغة فعل الفاعل ، قال : ولها نظائر قد حكاها سيبويه وقال : رجل إنزهو وامرأة إنزهوة وقوم إنزهوون ذوو زهو ، ذهبوا إلى أن الألف والنون زائدتان كزيادتهما في إنقحل ، وذلك إذا كانوا ذوي كبر . والزهو : الكذب والباطل . قال ابن أحمر :


ولا تقولن زهوا ما تخبرني     لم يترك الشيب لي زهوا ولا العور



الزهو : الكبر . والزهو : الظلم . والزهو : الاستخفاف : وزها فلانا كلامك زهوا وازدهاه فازدهى : استخفه فخف ؛ ومنه قولهم : فلان لا يزدهى بخديعة . وازدهيت فلانا أي : تهاونت به . وازدهى فلان فلانا إذا استخفه . وقال اليزيدي : ازدهاه وازدفاه إذا استخفه . وزهاه وازدهاه : استخفه وتهاون به ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :


فلما تواقفنا وسلمت أقبلت     وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا



قال ابن بري ويروى :


ولما تنازعنا الحديث وأشرقت



قال : ومثله قول الأخطل :


يا قاتل الله وصل الغانيات إذا     أيقن أنك ممن قد زها الكبر !



وازدهاه الطرب والوعيد : استخفه . ورجل مزدهى : أخذته خفة من الزهو أو غيره . وازدهاه على الأمر : أجبره . وزها السراب الشيء يزهاه : رفعه ، بالألف لا غير . والسراب يزهى القور والحمول : كأنه يرفعها ؛ وزهت الأمواج السفينة كذلك . وزهت الريح أي : هبت ؛ قال عبيد :


ولنعم أيسار الجزور إذا زهت     ريح الشتا وتألف الجيران



وزهت الريح النبات تزهاه : هزته غب الندى ؛ وأنشد ابن بري :


فأرسلها رهوا رعالا كأنها     جراد زهته ريح نجد فأتهما



قال : رهوا هنا أي : سراعا ، والرهو من الأضداد . وزهته : ساقته . والريح تزهى النبات إذا هزته بعد غب المطر ؛ قال أبو النجم :


في أقحوان بله طل الضحى     ثم زهته ريح غيم فازدهى



قال الجوهري : وربما قالوا : زهت الريح الشجر تزهاه إذا هزته . والزهو : النبات الناضر والمنظر الحسن . يقال : زهي الشيء لعينك . والزهو : نور النبت وزهره وإشراقه يكون للعرض والجوهر . وزها النبت يزهى زهوا وزهوا وزهاء حسن . والزهو : البسر الملون ، يقال : إذا ظهرت الحمرة والصفرة في النخل فقد ظهر فيه الزهو . والزهو والزهو : البسر إذا ظهرت فيه الحمرة ، وقيل : إذا لون ، واحدته زهوة . وقال أبو حنيفة : زهو ، وهي لغة أهل الحجاز بالضم جمع زهو ، كقولك : فرس ورد وأفراس ورد ، فأجري الاسم في التكسير مجرى الصفة . وأزهى النخل وزها زهوا : تلون بحمرة وصفرة . وروى أنس بن مالك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يزهو ، قيل لأنس : وما زهوه ؟ قال : أن يحمر أو يصفر . وفي رواية ابن عمر : نهى عن بيع النخل حتى يزهي . ابن الأعرابي : زها النبت يزهو إذا نبت ثمره ، وأزهى يزهي إذا احمر أو اصفر ، وقيل : هما بمعنى الاحمرار والاصفرار ، ومنهم من أنكر يزهو ومنهم من أنكر يزهي . وزها النبت : طال واكتهل ؛ وأنشد :


أرى الحب يزهى لي سلامة كالذي     زهى الطل نورا واجهته المشارق



يريد : يزيدها حسنا في عيني . أبو الخطاب قال : لا يقال للنخل إلا [ ص: 75 ] يزهى ، وهو أن يحمر أو يصفر ، قال : ولا يقال : يزهو ، والإزهاء أن يحمر أو يصفر . وقال الأصمعي : إذا ظهرت فيه الحمرة قيل : أزهى . ابن بزرج : قالوا : زها الدنيا زينتها وإيناقها ، قال : ومثله في المعنى قولهم : ورهجها . وقال : ما لرأيك بذم ولا فريق أي : صريمة . وقالوا : طعام طيب الخلف أي : طيب آخر الطعم . وقال خالد بن جنبة : زهي لنا حمل النخل فنحسبه أكثر مما هو . الأصمعي : إذا ظهرت في النخل الحمرة قيل : أزهى يزهي ، ابن الأعرابي : زها البسر وأزهى وزهى وشقح وأشقح وأفضح لا غير . أبو زيد : زكا الزرع وزها إذا نما . خالد ابن جنبة : الزهو من البسر حين يصفر ويحمر ويحل جرمه ، قال : وجرمه للشراء والبيع ، قال : وأحسن ما يكون النخل إذ ذاك . الأزهري : جرمه خرصه للبيع . وزها بالسيف : لمع به . وزها السراج : أضاءه . وزها هو نفسه . وزهاء الشيء وزهاؤه : قدره ، يقال : هم زهاء مائة وزهاء مائة أي : قدرها . وهم قوم ذوو زهاء أي : ذوو عدد كثير ؛ وأنشد :


تقلدت إبريقا وعلقت جعبة     لتهلك حيا ذا زهاء وجامل



الإبريق : السيف ، ويقال : قوس فيها تلاميع . وزهاء الشيء : شخصه . وزهوت فلانا بكذا أزهاه أي : حزرته . وزهوته بالخشبة : ضربته بها . وكم زهاؤهم أي : قدرهم وحزرهم ؛ وأنشد للعجاج :


كأنما زهاؤهم لمن جهر



وقولهم : زهاء مائة أي : قدر مائة . وفي حديث : قيل له : كم كانوا ؟ قال : زهاء ثلاثمائة . أي : قدر ثلاثمائة ، من زهوت القوم إذا حزرتهم . وفي الحديث : إذا سمعتم بناس يأتون من قبل المشرق أولي زهاء يعجب الناس من زيهم فقد أظلت الساعة . قوله : أولي زهاء أولي عدد كثير . وزهوت الشيء إذا خرصته وعلمت ما زهاؤه . والزهاء : الشخص ، واحده كجمعه . ومنه قول بعض الرواد : مداحي سيل وزهاء ليل ، يصف نباتا أي : شخصه كشخص الليل في سواده وكثرته ؛ أنشد ابن الأعرابي :


دهما كأن الليل في زهائها



زهاؤها : شخوصها يصف نخلا يعني : أن اجتماعها يري شخوصها سودا كالليل . وزهت الإبل تزهو زهوا : شربت الماء ثم سارت بعد الورد ليلة أو أكثر ولم ترع حول الماء ، وزهوتها أنا زهوا ، يتعدى ولا يتعدى . وزهت زهوا : مرت في طلب المرعى بعد أن شربت ولم ترع حول الماء ؛ قال الشاعر :


وأنت استعرت الظبي جيدا ومقلة     من المؤلفات الزهو غير الأوارك



وزها المروح المروحة وزهاها إذا حركها ؛ وقال مزاحم يصف ذنب البعير :


كمروحة الداري ظل يكرها     بكف المزهي سكرة الريح عودها



فالمزهي : المحرك ؛ يقول : هذه المروحة بكف المزهي المحرك لسكون الريح . والزاهية من الإبل : التي لا ترعى الحمض . قال ابن الأعرابي : الإبل إبلان : إبل زاهية زالة الأحناك لا تقرب العضاه وهي الزواهي ، وإبل عاضهة ترعى العضاه وهي أحمدها وخيرها ، وأما الزاهية الزالة الأحناك فهي صاحبة الحمض ولا يشبعها دون الحمض شيء . وزهت الشاة تزهو زهاء وزهوا : أضرعت ودنا ولادها . وأزهى النخل وزها : طال ، وزها النبت : غلا وعلا ، وزها الغلام : شب ؛ هذه الثلاث عن ابن الأعرابي . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية