صفحة جزء
[ سأل ]

سأل : سأل يسأل سؤالا وسآلة ومسألة وتسآلا وسألة ؛ قال أبو ذؤيب :


أساءلت رسم الدار ، أم لم تسائل عن السكن ، أم عن عهده بالأوائل ؟



وسألت أسأل وسلت أسل ، والرجلان يتساءلان ويتسايلان ، وجمع المسألة مسائل بالهمز ، فإذا حذفوا الهمزة قالوا مسلة . وتساءلوا : سأل بعضهم بعضا . وفي التنزيل العزيز : واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ؛ وقرئ : تساءلون به ، فمن قرأ تساءلون فالأصل تتساءلون قلبت التاء سينا لقرب هذه من هذه ثم أدغمت فيها ، قال : ومن قرأ تساءلون فأصله أيضا تتساءلون حذفت التاء الثانية كراهية للإعادة ، ومعناه تطلبون حقوقكم به ، وقوله تعالى : كان على ربك وعدا مسئولا ؛ أراد قول الملائكة : ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم الآية ؛ وقال ثعلب : معناه وعدا مسؤولا إنجازه يقولون ربنا قد وعدتنا فأنجز لنا وعدك . وقوله عز وجل : وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ؛ قال الزجاج : إنما قال : سواء للسائلين لأن كلا يطلب القوت ويسأله ، وقد يجوز أن يكون للسائلين لمن سأل في كم خلقت السماوات والأرض ، فقيل : خلقت الأرض في أربعة أيام سواء لا زيادة ولا نقصان ، جوابا لمن سأل . وقوله عز وجل : وسوف تسألون ؛ معناه سوف تسألون عن شكر ما خلقه الله لكم من الشرف والذكر ، وهما يتساءلان . قال : فأما ما حكاه أبو علي عن أبي زيد من قولهم اللهم أعطنا سألاتنا ، فإنما ذلك على وضع المصدر موضع الاسم ، ولذلك جمع ، وقد يخفف على البدل فيقولون سال يسال وهما يتساولان وقرأ نافع وابن عمر سال ، غير مهموز ، سائل ، وقيل : معناه بغير همز : سال واد بعذاب واقع ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون : سأل سائل ، مهموز على معنى دعا داع . الجوهري : : سأل سائل بعذاب واقع ؛ أي عن عذاب واقع . قال الأخفش : يقال : خرجنا نسأل عن فلان وبفلان ، وقد يخفف فيقال : سال يسال ؛ قال الشاعر :


ومرهق ، سال إمتاعا بأصدته     لم يستعن وحوامي الموت تغشاه



والأمر منه سل بحركة الحرف الثاني من المستقبل ، ومن الأول اسأل ؛ قال ابن سيده : والعرب قاطبة تحذف الهمز منه في الأمر ، فإذا وصلوا بالفاء أو الواو همزوا كقولك فاسأل واسأل ؛ قال : وحكى الفارسي أن أبا عثمان سمع من يقول : إسل ، يريد اسأل ، فيحذف الهمزة ويلقي حركتها على ما قبلها ، ثم يأتي بألف الوصل لأن هذه السين وإن كانت متحركة فهي في نية السكون ، وهذا كقول بعض العرب . الاحمر : فيخفف الهمزة بأن يحذفها ويلقي حركتها على اللام قبلها . فأما قول بلال بن جرير :


إذا ضفتهم أو سايلتهم     وجدت بهم علة حاضره



فإن أحمد بن يحيى لم يعرفه ، فلما فهم قال : هذا جمع بين اللغتين ، فالهمزة في هذا هي الأصل وهي التي في قولك : سألت زيدا ، والياء هي العوض والفرع وهي التي في قولك سايلت زيدا ، فقد تراه كيف جمع بينهما في قوله : سايلتهم ، قال : فوزنه على هذا فعايلتهم ، قال : وهذا مثال لا يعرف له في اللغة نظير . وقوله عز وجل : وقفوهم إنهم مسئولون ؛ قال الزجاج : سؤالهم سؤال توبيخ وتقرير لإيجاب الحجة عليهم لأن الله - جل ثناؤه - عالم بأعمالهم . وقوله : فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ؛ أي لا يسأل ليعلم ذلك منه لأن الله قد علم أعمالهم والسول : ما سألته وفي التنزيل العزيز : قال قد أوتيت سؤلك ياموسى ؛ أي أعطيت أمنيتك التي سألتها ، قرئ بالهمز وغير الهمز . وأسألته سولته ومسألته أي قضيت حاجته والسولة كالسول ، عن ابن جني ، وأصل السول الهمز عند العرب ، استثقلوا ضغطة الهمزة فيه فتكلموا به على تخفيف الهمزة ، وسنذكره في سول ، وسألته الشيء وسألته عن الشيء سؤالا ومسألة ؛ قال ابن بري : سألته الشيء بمعنى استعطيته إياه ، قال الله تعالى : ولا يسألكم أموالكم ؛ سألته عن الشيء : استخبرته ، قال : ومن لم يهمز جعله مثل خاف ، يقول : سلته أساله فهو مسول مثل خفته أخافه فهو مخوف ، قال : وأصله الواو بدليل قولهم في هذه اللغة هما يتساولان . وفي الحديث : أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن أمر لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته ، قال ابن الأثير : السؤال في كتاب الله والحديث نوعان : أحدهما ما كان على وجه التبيين والتعلم مما تمس الحاجة إليه فهو مباح أو مندوب أو مأمور به ، والآخر ما كان على طريق التكلف والتعنت فهو مكروه ومنهي عنه ، فكل ما كان من هذا الوجه ووقع السكوت عن جوابه فإنما هو ردع [ ص: 98 ] وزجر للسائل ، وإن وقع الجواب عنه فهو عقوبة وتغليظ . وفي الحديث : كره المسائل وعابها ؛ أراد المسائل الدقيقة التي لا يحتاج إليها . وفي حديث الملاعنة : لما سأله عاصم عن أمر من يجد مع أهله رجلا فأظهر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، الكراهة في ذلك إيثارا لستر العورة وكراهة لهتك الحرمة . وفي الحديث : أنه نهى عن كثرة السؤال ، قيل : هو من هذا ، وقيل : هو سؤال الناس أموالهم من غير حاجة ، ورجل سؤلة : كثير السؤال . والفقير يسمى سائلا ، وجمع السائل الفقير سؤال ، وفي الحديث : للسائل حق وإن جاء على فرس . السائل : الطالب معناه الأمر بحسن الظن بالسائل إذا تعرض لك ، وألا تجيبه بالتكذيب والرد مع إمكان الصدق أي لا تخيب السائل وإن رابك منظره وجاء راكبا على فرس ، فإنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة أو دين يجوز معه أخذ الصدقة ، أو يكون من الغزاة أو من الغارمين وله في الصدقة سهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية