صفحة جزء
[ سبب ]

سبب : السبب : القطع . سبه سبا : قطعه ؛ قال ذو الخرق الطهوي :


فما كان ذنب بني مالك بأن سب منهم غلام ، فسب     عراقيب كوم طوال الذرى
تخر بوائكها للركب     بأبيض ذي شطب باتر
يقط العظام ، ويبري العصب



البوائك : جمع بائكة ، وهي السمينة يريد معاقرة أبي الفرزدق غالب بن صعصعة لسحيم بن وثيل الرياحي ، لما تعاقرا بصوأر ، فعقر سحيم خمسا ثم بدا له وعقر غالب مائة . التهذيب : أراد بقوله سب أي عير بالبخل ، فسب عراقيب إبله أنفة مما عير به ، كالسيف يسمى سباب العراقيب لأنه يقطعها ، التهذيب : وسبسب إذا قطع رحمه . والتساب : التقاطع ، والسب الشتم وهو مصدر سبه يسبه سبا شتمه وأصله من ذلك ، وسببه : أكثر سبه قال :


إلا كمعرض المحسر بكره     عمدا ، يسببني على الظلم



أراد إلا معرضا ، فزاد الكاف وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول ومعناه : لكن معرضا ، وفي الحديث : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ، السب : الشتم قيل : هذا محمول على من سب أو قاتل مسلما من غير تأويل ، وقيل : إنما قال ذلك على جهة التغليظ ، لا أنه يخرجه إلى الفسق والكفر . وفي حديث أبي هريرة : لا تمشين أمام أبيك ولا تجلس قبله ، ولا تدعه باسمه ، ولا تستسب له ، أي لا تعرضه للسب ، وتجره إليه ، بأن تسب أبا غيرك فيسب أباك مجازاة لك . قال ابن الأثير : وقد جاء مفسرا في الحديث الآخر : إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه ؛ قيل : وكيف يسب والديه ؟ قال : يسب أبا الرجل ، فيسب أباه ، ويسب أمه ، فيسب أمه . وفي الحديث : لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم . والسبابة الإصبع التي بين الإبهام والوسطى صفة غالبة ، وهي المسبحة عند المصلين . والسبة : العار . ويقال : صار هذا الأمر سبة عليهم بالضم ، أي عارا يسب به . ويقال : بينهم أسبوبة يتسابون بها أي شيء يتشاتمون به . والتساب : التشاتم ، وتسابوا تشاتموا ، وسابه مسابة وسبابا : شاتمه . والسبيب والسب : الذي يسابك . وفي الصحاح : وسبك الذي يسابك ؛ قال عبد الرحمن بن حسان يهجو مسكينا الدارمي :


لا تسبنني ، فلست بسبي     إن سبي من الرجال الكريم



ورجل سب : كثير السباب ورجل مسب بكسر الميم كثير السباب . ورجل سبة أي يسبه الناس ؛ وسببة أي يسب الناس . وإبل مسببة أي خيار ؛ لأنه يقال لها عند الإعجاب بها : قاتلها الله ! وقول الشماخ ، يصف حمر الوحش وسمنها وجودتها :


مسببة ، قب البطون ، كأنها     رماح ، نحاها وجهة الريح راكز



يقول : من نظر إليها سبها ، وقال لها : قاتلها الله ما أجودها ! والسب : الستر . والسب : الخمار . والسب : العمامة ، والسب : شقة كتان رقيقة . والسبيبة مثله ، والجمع السبوب ، والسبائب . قال الزفيان السعدي ، يصف قفرا قطعه في الهاجرة ، وقد نسج [ ص: 100 ] السراب به سبائب ينيرها ، ويسديها ، ويجيد صفقها :


ينير أو يسدي به الخدرنق     سبائبا يجيدها ، ويصفق



والسب : الثوب الرقيق ، وجمعه أيضا سبوب قال : أبو عمرو : السبوب ، الثياب : الرقاق ، واحدها سب وهي السبائب واحدها سبيبة ؛ وأنشد :


ونسجت لوامع الحرور     سبائبا ، كسرق الحرير



وقال شمر : السبائب متاع كتان ، يجاء بها من ناحية النيل ، وهي مشهورة بالكرخ ، عند التجار ، ومنها ما يعمل بمصر ، وطولها ثمان في ست . والسبيبة : الثوب الرقيق . وفي الحديث : ليس في السبوب زكاة ، وهي الثياب الرقاق ، الواحد سب ، بالكسر ، يعني إذا كانت لغير التجارة ؛ وقيل : إنما هي السيوب ، بالياء ، وهي الركاز لأن الركاز يجب فيه الخمس ، لا الزكاة . وفي حديث صلة بن أشيم : فإذا سب فيه دوخلة رطب أي ثوب رقيق . وفي حديث ابن عباس ، رضي الله عنهما : أنه سئل عن سبائب يسلف فيها . السبائب جمع سبيبة وهي شقة من الثياب أي نوع كان ؛ وقيل : هي من الكتان ؛ وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : فعمدت إلى سبيبة من هذه السبائب ، فحشتها صوفا ، ثم أتتني بها . وفي الحديث : دخلت على خالد وعليه سبيبة ؛ وقول المخبل السعدي :


ألم تعلمي يا أم عمرة ، أنني     تخاطأني ريب الزمان لأكبرا
وأشهد من عوف حلولا كثيرة     يحجون سب الزبرقان المزعفرا



قال ابن بري : صواب إنشاده ، وأشهد بنصب الدال . والحلول الأحياء المجتمعة ، وهو جمع حال ، مثل شاهد وشهود . ومعنى يحجون : يطلبون الاختلاف إليه ، لينظروه ؛ وقيل : يعني عمامته وقيل : يعني استه ؛ وكان مقروفا فيما زعم قطرب . والمزعفر : الملون بالزعفران وكانت سادة العرب تصبغ عمائمها بالزعفران . والسبة الاست . وسأل النعمان بن المنذر رجلا طعن رجلا ، فقال : كيف صنعت ؟ فقال : طعنته في الكبة طعنة في السبة ، فأنفذتها من اللبة . فقلت لأبي حاتم : كيف طعنه في السبة وهو فارس ؟ فضحك وقال : انهزم فاتبعه ، فلما رهقه أكب ليأخذ بمعرفة فرسه فطعنه في سبته . وسبه يسبه سبا : طعنه في سبته . وأورد الجوهري هنا بيت ذي الخرق الطهوي :


بأن سب منهم غلام فسب



ثم قال ما هذا نصه : يعني معاقرة غالب وسحيم ، فقوله سب : شتم ، وسب : عقر . قال ابن بري : هذا البيت فسره الجوهري على غير ما قدم فيه من المعنى ، فيكون شاهدا على سب بمعنى عقر ، لا بمعنى طعنه في السبة وهو الصحيح ، لأنه يفسر بقوله في البيت الثاني :


عراقيب كوم طوال الذرى



ومما يدل على أنه عقر ، نصبه لعراقيب ، وقد تقدم ذلك مستوفى في صدر هذه الترجمة . وقال بعض نساء العرب لأبيها ، وكان مجروحا : أبت ، أقتلوك ؟ قال : نعم . إي بنية ! وسبوني ، أي طعنوه في سبته . الأزهري : السب الطبيجات ، عن ابن الأعرابي . قال الأزهري : جعل السب جمع السبة ، وهي الدبر ، ومضت سبة وسنبة من الدهر ، أي ملاوة ؛ نون سنبة بدل من باء سبة ، كإجاص وإنجاص ، لأنه ليس في الكلام " س ن ب " الكسائي : عشنا بها سبة وسنبة ، كقولك : برهة وحقبة . وقال ابن شميل : الدهر سبات أي أحوال ، حال كذا ، وحال كذا . يقال : أصابتنا سبة من برد في الشتاء ، وسبة من صحو ، وسبة من حر ، وسبة من روح إذا دام ذلك أياما . والسب والسبيبة الشقة ، وخص بعضهم به الشقة البيضاء ؛ وقول علقمة بن عبدة :


كأن إبريقهم ظبي على شرف     مفدم بسبا الكتان ملثوم



إنما أراد بسبائب فحذف ، وليس مفدم من نعت الظبي ، لأن الظبي ، لا يفدم ، إنما هو في موضع خبر المبتدإ ، كأنه قال : هو مفدم بسبا الكتان ، والسبب : كل شيء يتوصل به إلى غيره ؛ وفي نسخة : كل شيء يتوسل به إلى شيء غيره ، وقد تسبب إليه : والجمع أسباب ؛ وكل شيء يتوصل به إلى الشيء ، فهو سبب . وجعلت فلانا لي سببا إلى فلان في حاجتي ، وودجا أي وصلة وذريعة . قال الأزهري : وتسبب مال الفيء أخذ من هذا ، لأن المسبب عليه المال ، جعل سببا لوصول المال إلى من وجب له من أهل الفيء . وقوله تعالى : وتقطعت بهم الأسباب ؛ قال ابن عباس : المودة وقال مجاهد : تواصلهم في الدنيا . وقال أبو زيد : الأسباب المنازل ، وقيل : المودة ؛ قال الشاعر :


وتقطعت أسبابها ورمامها



فيه الوجهان معا : المودة ، والمنازل . والله عز وجل ، مسبب الأسباب ، ومنه التسبيب . والسبب : اعتلاق قرابة . وأسباب السماء : مراقيها ؛ قال زهير :


ومن هاب أسباب المنية يلقها     ولو رام أسباب السماء بسلم



والواحد سبب ؛ وقيل : أسباب السماء نواحيها ؛ قال الأعشى :


لئن كنت في جب ثمانين قامة     ورقيت أسباب السماء بسلم
ليستدرجنك الأمر حتى تهره     وتعلم أني لست عنك بمحرم



والمحرم : الذي لا يستبيح الدماء . وتهره : تكرهه . وقوله عز وجل : لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات ؛ قال : هي أبوابها . وارتقى في الأسباب إذا كان فاضل الدين . والسب : الحبل ، في لغة هذيل ؛ وقيل : السب الوتد ؛ وقول أبي ذؤيب يصف مشتار العسل :


تدلى عليها ، بين سب وخيطة     بجرداء مثل الوكف ، يكبو غرابها



قيل : السب الحبل ، وقيل : الوتد وتقدم في الخيطة مثل هذا [ ص: 101 ] الاختلاف ، وإنما يصف مشتار العسل ؛ أراد : أنه تدلى من رأس جبل على خلية عسل ليشتارها بحبل شده في وتد أثبته في رأس الجبل ، وهو الخيطة ، وجمع السب : أسباب . والسبب : الحبل كالسب ، والجمع كالجمع ، والسبوب : الحبال ؛ قال ساعدة :


صب اللهيف لها السبوب بطغية     تنبي العقاب كما يلط المجنب



وقوله عز وجل : من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ؛ معناه : من كان يظن أن لن ينصر الله سبحانه محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، حتى يظهره على الدين كله ، فليمت غيظا ، وهو معنى قوله تعالى : فليمدد بسبب إلى السماء ؛ والسبب : الحبل . والسماء السقف ؛ أي فليمدد حبلا في سقفه ثم ليقطع أي ليمد الحبل حتى ينقطع ، فيموت مختنقا ، وقال أبو عبيدة : السبب كل حبل حدرته من فوق . وقال : خالد بن جنبة : السبب من الحبال القوي الطويل ، قال : ولا يدعى الحبل سببا حتى يصعد به وينحدر به . وفي الحديث : كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي ، النسب بالولادة ، والسبب بالزواج ، وهو من السبب ، وهو الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ، ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى شيء ، كقوله تعالى : وتقطعت بهم الأسباب ؛ أي الوصل والمودات وفي حديث عقبة ، رضي الله عنه : وإن كان رزقه في الأسباب أي في طرق السماء وأبوابها وفي حديث عوف بن مالك ، رضي الله عنه : أنه رأى في المنام كأن سببا دلي من السماء ، أي حبلا . وقيل : لا يسمى الحبل سببا حتى يكون طرفه معلقا بالسقف أو نحوه . والسبب من مقطعات الشعر حرف متحرك وحرف ساكن ، وهو على ضربين : سببان مقرونان ، وسببان مفروقان ؛ فالمقرونان ما توالت فيه ثلاث حركات بعدها ساكن ، نحو متفا من متفاعلن ، وعلتن من مفاعلتن ، فحركة التاء من متفا ، قد قرنت السببين ، وكذلك حركة اللام من علتن قد قرنت السببين أيضا ؛ والمفروقان هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه أي يكون حرفا متحركا وحرفا ساكنا ، ويتلوه حرف متحرك نحو مستف من مستفعلن ، ونحو عيلن ، من مفاعيلن ، وهذه الأسباب هي التي يقع فيها الزحاف على ما قد أحكمته صناعة العروض ، وذلك لأن الجزء غير معتمد عليها ، وقوله :


جبت نساء العالمين بالسبب



يجوز أن يكون الحبل ، وأن يكون الخيط ؛ قال ابن دريد : هذه امرأة قدرت عجيزتها بخيط ، وهو السبب ، ثم ألقته إلى النساء ليفعلن كما فعلت ، فغلبتهن . وقطع الله به السبب ، أي الحياة ، والسبيب من الفرس : شعر الذنب ، والعرف والناصية ؛ وفي الصحاح : السبيب شعر الناصية ، والعرف والذنب ؛ ولم يذكر الفرس وقال الرياشي : هو شعر الذنب ، وقال أبو عبيدة : هو شعر الناصية ؛ وأنشد :


بوافي السبيب ، طويل الذنب



والسبيب والسبيبة : الخصلة من الشعر . وفي حديث استسقاء عمر ، رضي الله عنه : رأيت العباس ، رضي الله عنه : وقد طال عمر وعيناه تنضمان ، وسبائبه تجول على صدره ، يعني ذوائبه ، واحدها سبيب . قال ابن الأثير : وفي كتاب الهروي : على اختلاف نسخه ، وقد طال عمره ، وإنما هو طال عمر أي كان أطول منه لأن عمر لما استسقى أخذ العباس إليه ، وقال : اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك وكان إلى جانبه ، فرآه الراوي وقد طاله أي كان أطول منه . والسبيبة : العضاه تكثر في المكان .

التالي السابق


الخدمات العلمية