صفحة جزء
[ سبت ]

سبت : السبت ، بالكسر ، كل جلد مدبوغ ، وقيل : هو المدبوغ بالقرظ خاصة ؛ وخص بعضهم به جلود البقر ، مدبوغة كانت أم غير مدبوغة . ونعال سبتية : لا شعر عليها . الجوهري : السبت ، بالكسر ، جلود البقر المدبوغة بالقرظ ، تحذى منه النعال السبتية . وخرج الحجاج يتوذف في سبتيتين له ، وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، رأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه ، فقال : يا صاحب السبتين ، اخلع سبتيك ، قال الأصمعي : السبت الجلد المدبوغ ، قال : فإن كان عليه شعر أو صوف أو وبر فهو مصحب . وقال أبو عمرو : النعال السبتية هي المدبوغة بالقرظ . قال الأزهري : وحديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يدل على أن السبت ما لا شعر عليه . وفي الحديث : أن عبيد بن جريج قال لابن عمر : رأيتك تلبس النعال السبتية ، فقال : رأيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يلبس النعال التي ليس عليها شعر ، ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها ؛ قال : إنما اعترض عليه ، لأنها نعال أهل النعمة والسعة ، قال الأزهري : كأنها سميت سبتية لأن شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل بعلاج من الدباغ ، معلوم عند دباغيها ، ابن الأعرابي : سميت النعال المدبوغة سبتية ، لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت . وفي تسمية النعل المتخذة من السبت سبتا اتساع ، مثل قولهم : فلان يلبس الصوف والقطن والإبريسم أي الثياب المتخذة منها . ويروى السبتيتين ، على النسب ، وإنما أمره بالخلع احتراما للمقابر لأنه يمشي بينها ؛ وقيل : كان بها قذر أو لاختياله في مشيه . والسبت والسبات : الدهر . وابنا سبات : الليل والنهار ؛ قال ابن أحمر :


فكنا وهم كابني سبات تفرقا سوى ، ثم كانا منجدا وتهاميا



قال ابن بري : ذكر أبو جعفر محمد بن حبيب أن ابني سبات رجلان ، رأى أحدهما صاحبه في المنام ، ثم انتبه ، وأحدهما بنجد ، والآخر بتهامة ، وقال غيره : ابنا سبات أخوان مضى أحدهما إلى مشرق الشمس لينظر من أين تطلع ، والآخر إلى مغرب الشمس لينظر أين تغرب . السبت : برهة من الدهر ؛ قال لبيد :


وغنيت سبتا قبل مجرى داحس     لو كان ، للنفس اللجوج ، خلود



وأقمت سبتا ، وسبتة ، وسنبتا ، وسنبتة ، أي برهة . والسبت : الراحة . وسبت يسبت سبتا : استراح وسكن . والسبات : نوم خفي كالغشية . وقال ثعلب : السبات ابتداء النوم في الرأس حتى يبلغ إلى [ ص: 102 ] القلب . ورجل مسبوت ، من السبات ، وقد سبت ، عن ابن الأعرابي وأنشد :


وتركت راعيها مسبوتا     قد هم ، لما نام ، أن يموتا



التهذيب : والسبت السبات ؛ وأنشد الأصمعي :


يصبح مخمورا ، ويمسي سبتا



أي مسبوتا . والمسبت : الذي لا يتحرك ، وقد أسبت . ويقال : سبت المريض ، فهو مسبوت . وأسبت الحية إسباتا إذا أطرق لا يتحرك ؛ وقال :


أصم أعمى ، لا يجيب الرقى     من طول إطراق وإسبات



والمسبوت : الميت والمغشي عليه ، وكذلك العليل إذا كان ملقى كالنائم يغمض عينيه في أكثر أحواله ، مسبوت . وفي حديث عمرو بن مسعود ، قال لمعاوية : ما تسأل عن شيخ نومه سبات وليله هبات ؟ السبات : نوم المريض والشيخ المسن ، وهو النومة الخفيفة ، وأصله من السبت ، الراحة والسكون ، أو من القطع وترك الأعمال ، والسبات : النوم وأصله الراحة ، ، تقول منه : سبت يسبت ، هذه بالضم وحدها . ابن الأعرابي : في قوله عز وجل : وجعلنا نومكم سباتا ؛ أي قطعا ؛ والسبت : القطع فكأنه إذا نام فقد انقطع عن الناس . وقال الزجاج : السبات أن ينقطع عن الحركة ، والروح في بدنه ، أي جعلنا نومكم راحة لكم . والسبت من أيام الأسبوع ، وإنما سمي السابع من أيام الأسبوع سبتا لأن الله تعالى ابتدأ الخلق فيه ، وقطع فيه بعض خلق الأرض ؛ ويقال : أمر فيه بنو إسرائيل بقطع الأعمال وتركها ؛ وفي المحكم : وإنما سمي سبتا لأن ابتداء الخلق كان من يوم الأحد إلى يوم الجمعة ، ولم يكن في السبت شيء من الخلق ، قالوا : فأصبحت يوم السبت منسبتة أي قد تمت وانقطع العمل فيها ؛ وقيل : سمي بذلك لأن اليهود كانوا ينقطعون فيه عن العمل والتصرف ، والجمع أسبت وسبوت وقد سبتوا يسبتون ويسبتون ، وأسبتوا : دخلوا في السبت . والإسبات : الدخول في السبت . والسبت : قيام اليهود بأمر سنتها . قال تعالى : ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ؛ وقوله تعالى : وجعلنا الليل لباسا والنوم سباتا ) ؛ قال : قطعا لأعمالكم . قال : وأخطأ من قال : سمي السبت ؛ لأن الله أمر بني إسرائيل فيه بالاستراحة ؛ وخلق هو عز وجل ، السماوات والأرض في ستة أيام ، آخرها يوم الجمعة ثم استراح وانقطع العمل ، فسمي السابع يوم السبت . قال : وهذا خطأ لأنه لا يعلم في كلام العرب سبت بمعنى استراح ، وإنما معنى سبت قطع ، ولا يوصف الله تعالى وتقدس بالاستراحة ، لأنه لا يتعب والراحة لا تكون إلا بعد تعب وشغل ، وكلاهما زائل عن الله تعالى ، قال : واتفق أهل العلم على أن الله تعالى ابتدأ الخلق يوم السبت ، ولم يخلق يوم الجمعة سماء ولا أرضا . قال الأزهري : والدليل على صحة ما قال : ما روي عن عبد الله بن عمر ، قال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق الحجارة يوم الأحد ، وخلق السحاب يوم الاثنين وخلق الكروم يوم الثلاثاء ، وخلق الملائكة يوم الأربعاء ، وخلق الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة فيما بين العصر وغروب الشمس ، وفي الحديث : فما رأينا الشمس سبتا ؛ قيل : أراد أسبوعا من السبت إلى السبت ، فأطلق عليه اسم اليوم ، كما يقال : عشرون خريفا ويراد عشرون سنة ؛ وقيل : أراد بالسبت مدة من الأزمان قليلة كانت أو كثيرة . وحكى ثعلب عن ابن الأعرابي : لا تك سبتيا أي ممن يصوم السبت وحده . وسبت علاوته : ضرب عنقه ، والسبت السير السريع ؛ وأنشد لحميد بن ثور :


ومطوية الأقراب ، أما نهارها     فسبت وأما ليلها فذميل



وسبتت الناقة تسبت سبتا ، وهي سبوت . والسبت : سير فوق العنق ؛ وقيل : هو ضرب من السير وفي نسخة : سير الإبل ؛ قال رؤبة :


يمشي بها ذو المرة السبوت     وهو من الأين حف نحيت



والسبت أيضا : السبق في العدو . وفرس سبت إذا كان جوادا ، كثير العدو ، والسبت الحلق . وفي الصحاح : حلق الرأس ، وسبت رأسه وشعره يسبته سبتا ، وسلته ، وسبده حلقه ؛ قال : وسبده إذا أعفاه ، وهو من الأضداد ، وسبت الشيء سبتا وسبته : قطعه ، وخص به اللحياني الأعناق . وسبتت اللقمة حلقي وسبتته : قطعته ، والتخفيف أكثر . والسبتاء من الأرض : كالصحراء . وقيل : أرض سبتاء ، لا شجر فيها . أبو زيد : السبتاء الصحراء ، والجمع سباتي وسباتى . وأرض سبتاء مستوية .

وانسبتت الرطبة : جرى فيها كلها الإرطاب . وانسبت الرطب : عمه كله الإرطاب . ورطب منسبت : عمه الإرطاب . وانسبتت الرطبة أي لانت . ورطبة منسبتة أي لينة ؛ وقال عنترة :


بطل كأن ثيابه في سرحة     يحذى نعال السبت ليس بتوأم



مدحه بأربع خصال كرام : إحداها أنه جعله بطلا أي شجاعا ، الثانية أنه جعله طويلا شبهه بالسرحة ، الثالثة أنه جعله شريفا ، للبسه نعال السبت ، الرابعة أنه جعله تام الخلق ناميا ، لأن التوأم يكون أنقص خلقا وقوة وعقلا وخلقا . والسبت إرسال الشعر عن العقص . والسبت والسبت : نبات شبه الخمطي ، الأخيرة عن كراع ؛ أنشد قطرب :


وأرض يحار بها المدلجون     ترى السبت فيها كركن الكثيب



وقال أبو حنيفة : السبت نبت ، معرب من شبت ؛ قال : وزعم بعض الرواة أنه السنوت . والسبنتى والسبندى : الجريء المقدم من كل شيء ، والياء للإلحاق لا للتأنيث ، ألا ترى أن الهاء تلحقه والتنوين ؛ ويقال : سبنتاة وسبنداة قال ابن أحمر يصف رجلا :


كأن الليل لا يغسو عليه     إذا زجر السبنتاة الأمونا



يعني الناقة . والسبنتى : النمر ، ويشبه أن يكون سمي به لجرأته ؛ [ ص: 103 ] وقيل : السبنتى الأسد ، والأنثى بالهاء ؛ قال : الشماخ يرثي عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه :


جزى الله خيرا من إمام     وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
وما كنت أخشى أن تكون وفاته     بكفي سبنتى أزرق العين ، مطرق



قال ابن بري : البيت لمزرد أخي الشماخ يقول : ما كنت أخشى أن يقتله أبو لؤلؤة وأن يجترئ على قتله . والأزرق : العدو ، وهو أيضا الذي يكون أزرق العين ، وذلك يكون في العجم ، والمطرق : المسترخي العين وقيل : السبنتاة اللبؤة : الجريئة ؛ وقيل : الناقة الجريئة الصدر ، وليس هذا الأخير بقوي ، وجمعها سبانت ، ومن العرب من يجمعها سباتى ؛ ويقال : للمرأة السليطة سبنتاة ؛ ويقال : هي سبنتاة في جلد حبنداة .

التالي السابق


الخدمات العلمية