صفحة جزء
[ سبل ]

سبل : السبيل : الطريق وما وضح منه ، يذكر ويؤنث . وسبيل الله طريق الهدى الذي دعا إليه . وفي التنزيل العزيز : وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ؛ فذكر ؛ وفيه : قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ، فأنث ، وقوله تعالى : وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ؛ فسره ثعلب فقال : على الله أن يقصد السبيل للمسلمين ، ومنها جائر أي ومن الطرق جائر على غير السبيل ، فينبغي أن يكون السبيل هنا اسم الجنس لا سبيلا [ ص: 117 ] واحدا بعينه ، لأنه قد قال : ومنها جائر أي ومنها سبيل جائر . وفي حديث سمرة : فإذا الأرض عند أسبله أي طرقه ، وهو جمع قلة للسبيل إذا أنثت ، وإذا ذكرت فجمعها أسبلة . وقوله عز وجل : وأنفقوا في سبيل الله ؛ أي في الجهاد وكل ما أمر الله به من الخير فهو من سبيل الله أي من الطرق إلى الله واستعمل السبيل في الجهاد أكثر لأنه السبيل الذي يقاتل فيه على عقد الدين ، وقوله : ( في سبيل الله ) ؛ أريد به الذي يريد الغزو ولا يجد ما يبلغه مغزاه ، فيعطى من سهمه ، وكل سبيل أريد به الله - عز وجل - وهو بر فهو داخل في سبيل الله ، وإذا حبس الرجل عقدة له وسبل ثمرها أو غلتها فإنه يسلك بما سبل سبيل الخير يعطى منه ابن السبيل والفقير والمجاهد وغيرهم . وسبل ضيعته : جعلها في سبيل الله . وفي حديث وقف عمر : احبس أصلها وسبل ثمرتها ؛ أي اجعلها وقفا وأبح ثمرتها لمن وقفتها عليه ، وسبلت الشيء إذا أبحته كأنك جعلت إليه طريقا مطروقة . قال ابن الأثير : وقد تكرر في الحديث ذكر سبيل الله ، وابن السبيل ، والسبيل في الأصل الطريق ، والتأنيث فيها أغلب . قال : وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سلك به طريق التقرب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات ، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه ، وأما ابن السبيل فهو المسافر الكثير السفر ، سمي ابنا لها لملازمته إياها . وفي الحديث : حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها لأعطان الإبل والغنم ، وابن السبيل أولى شارب منها أي عابر السبيل المجتاز بالبئر أو الماء أحق به من المقيم عليه ، يمكن من الورد والشرب ثم يدعه للمقيم عليه . وقوله عز وجل : والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ؛ قال ابن سيده : ابن السبيل ابن الطريق ، وتأويله الذي قطع عليه الطريق ، والجمع سبل ، وسبيل سابلة مسلوكة ، والسابلة أبناء السبيل المختلفون على الطرقات في حوائجهم ، والجمع السوابل ؛ قال ابن بري : ابن السبيل الغريب الذي أتى به الطريق ؛ قال الراعي :


على أكوارهن بنو سبيل قليل نومهم إلا غرارا



وقال آخر :


ومنسوب إلى من لم يلده     كذاك الله نزل في الكتاب



وأسبلت الطريق : كثرت سابلتها . وابن السبيل المسافر الذي انقطع به وهو يريد الرجوع إلى بلده ، ولا يجد ما يتبلغ به فله في الصدقات نصيب . وقال الشافعي : سهم سبيل الله في آية الصدقات يعطى منه من أراد الغزو من أهل الصدقة ، فقيرا كان أو غنيا ، قال : وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه ، قال : ويعطى الغازي الحمولة والسلاح والنفقة والكسوة ، ويعطى ابن السبيل قدر ما يبلغه البلد الذي يريده في نفقته وحمولته .

وأسبل إزاره : أرخاه . وامرأة مسبل : أسبلت ذيلها . وأسبل الفرس ذنبه : أرسله . التهذيب : والفرس يسبل ذنبه ، والمرأة تسبل ذيلها . يقال : أسبل فلان ثيابه إذا طولها وأرسلها إلى الأرض . وفي الحديث : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم قال : قلت : ومن هم خابوا وخسروا ؟ فأعادها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ثلاث مرات : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب . قال ابن الأعرابي وغيره : المسبل الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى وإنما يفعل ذلك كبرا واختيالا . وفي حديث المرأة والمزادتين : سابلة رجليها بين مزادتين ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية والصواب في اللغة مسبلة أي مدلية رجليها والرواية سادلة أي مرسلة . وفي حديث أبي هريرة : من جر سبله من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ؛ السبل ، بالتحريك : الثياب المسبلة كالرسل والنشر في المرسلة والمنشورة . وقيل : إنها أغلظ ما يكون من الثياب تتخد من مشاقة الكتان ؛ ومنه حديث الحسن : دخلت على الحجاج وعليه ثياب سبلة ؛ الفراء : في قوله تعالى : فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ؛ قال : لا يستطيعون في أمرك حيلة . وقوله تعالى : ليس علينا في الأميين سبيل ؛ كان أهل الكتاب إذا بايعهم المسلمون قال بعضهم لبعض : ليس للأميين يعني العرب حرمة أهل ديننا وأموالهم تحل لنا ، وقوله تعالى : ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ؛ أي سببا ووصلة ؛ وأنشد أبو عبيدة لجرير :


أفبعد مقتلكم خليل محمد     ترجو القيون مع الرسول سبيلا ؟



أي سببا ووصلة . والسبل بالتحريك : المطر . وقيل : المطر المسبل . وقد أسبلت السماء وأسبل دمعه ، وأسبل المطر والدمع إذا هطلا والاسم السبل بالتحريك . وفي حديث رقيقة : فجاد بالماء جوني له سبل ؛ أي مطر جود هاطل .

وقال أبو زيد : أسبلت السماء إسبالا ، والاسم السبل ، وهو المطر بين السحاب والأرض حين يخرج من السحاب ، ولم يصل إلى الأرض . وفي حديث الاستسقاء : اسقنا غيثا سابلا أي هاطلا غزيرا . وأسبلت السحابة إذا أرخت عثانينها إلى الأرض . ابن الأعرابي : السبلة المطرة الواسعة ، ومثل السبل العثانين ، واحدها عثنون ، والسبولة والسبولة والسنبلة : الزرعة المائلة . والسبل : كالسنبل ، وقيل : السبل ما انبسط من شعاع السنبل والجمع سبول ، وقد سنبلت وأسبلت . الليث : السبولة هي سنبلة الذرة والأرز ونحوه إذا مالت . وقد أسبل الزرع إذا سنبل . والسبل : أطراف السنبل ، وقيل : السبل والسنبل ، وقد سنبل الزرع أي خرج سنبله . وفي حديث مسروق : لا تسلم في قراح حتى يسبل ؛ أي حتى يسنبل . والسبل : السنبل ، والنون زائدة ؛ وقول محمد بن هلال البكري :


وخيل كأسراب القطا قد وزعتها     لها سبل فيه المنية تلمع



يعني به الرمح ، وسبلة الرجل : الدائرة التي في وسط الشفة العليا ، وقيل : السبلة ما على الشارب من الشعر ، وقيل : طرفه . وقيل : هي مجتمع الشاربين ، وقيل : هو ما على الذقن إلى طرف اللحية ، وقيل : [ ص: 118 ] هو مقدم اللحية خاصة ، وقيل : هي اللحية كلها بأسرها ؛ عن ثعلب : وحكى اللحياني : إنه لذو سبلات ، وهو من الواحد الذي فرق فجعل كل جزء منه سبلة ، ثم جمع على هذا كما قالوا للبعير ذو عثانين كأنهم جعلوا كل جزء منه عثنونا ، والجمع سبال ، التهذيب : والسبلة ما على الشفة العليا من الشعر يجمع الشاربين وما بينهما ، والمرأة إذا كان لها هناك شعر قيل : امرأة سبلاء . الليث : يقال : سبل سابل كما يقال : شعر شاعر ، اشتقوا له اسما فاعلا ، وفي الحديث : أنه كان وافر السبلة ؛ قال أبو منصور : يعني الشعرات التي تحت اللحي الأسفل ، والسبلة عند العرب مقدم اللحية وما أسبل منها على الصدر ؛ يقال للرجل إذا كان كذلك رجل أسبل ومسبل إذا كان طويل اللحية ، وقد سبل تسبيلا كأنه أعطي سبلة طويلة . ويقال : جاء فلان وقد نشر سبلته إذا جاء يتوعد ؛ قال الشماخ :


وجاءت سليم قضها بقضيضها     تنشر حولي بالبقيع سبالها



ويقال للأعداء : هم صهب السبال ؛ وقال :


فظلال السيوف شيبن رأسي     واعتناقي في القوم صهب السبال



وقال أبو زيد : السبلة ما ظهر من مقدم اللحية بعد العارضين ؛ والعثنون ما بطن . الجوهري : السبلة الشارب ، والجمع السبال ؛ قال ذو الرمة :


وتأبى السبال الصهب والآنف الحمر



وفي حديث ذي الثدية : عليه شعيرات مثل سبالة السنور . وسبلة البعير : نحره . وقيل : السبلة ما سال من وبره في منحره . التهذيب : والسبلة المنحر من البعير وهي التريبة وفيه ثغرة النحر . يقال : وجأ بشفرته في سبلتها أي في منحرها . وإن بعيرك لحسن السبلة ؛ يريدون رقة جلده . قال الأزهري : وقد سمعت أعرابيا يقول : لتم بالتاء في سبلة بعيره إذا نحره فطعن في نحره كأنها شعرات تكون في المنحر . ورجل سبلاني ومسبل ومسبل ومسبل وأسبل : طويل السبلة وعين سبلاء طويلة الهدب . وريح السبل : داء يصيب في العين . الجوهري : السبل داء في العين شبه غشاوة كأنها نسج العنكبوت بعروق حمر . وملأ الكأس إلى أسبالها أي حروفها كقولك إلى أصبارها . وملأ الإناء إلى سبلته أي إلى رأسه . وأسبال الدلو : شفاهها ؛ قال باعث بن صريم اليشكري :


إذا أرسلوني مائحا بدلائهم     فملأته علقا إلى أسبالها



يقول : بعثوني طالبا لتراتهم فأكثرت من القتل ، والعلق : الدم والمسبل : الذكر . وخصية سبلة : طويلة . والمسبل : الخامس من قداح الميسر ؛ قال اللحياني : هو السادس وهو المصفح أيضا ، وفيه ستة فروض ، وله غنم ستة أنصباء ، إن فاز وعليه غرم ستة أنصباء إن لم يفز ، وجمعه المسابل وبنو سبالة : قبيلة ، وإسبيل : موضع ، قيل : هو اسم بلد ؛ قال خلف الأحمر :


لا أرض إلا إسبيل     وكل أرض تضليل



وقال النمر بن تولب :


بإسبيل ألقت به أمه     على رأس ذي حبك أيهما



والسبيلة : موضع ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


قبح الإله ، ولا أقبح مسلما     أهل السبيلة من بني حمانا



وسبلل : موضع ، قال صخر الغي :


وما إن صوت نائحة بليل     بسبلل لا تنام مع الهجود



جعله اسما للبقعة فترك صرفه ، ومسبل من أسماء ذي الحجة عادية . وسبل : اسم فرس قديمة . الجوهري : سبل اسم فرس نجيب في العرب ؛ قال الأصمعي : هي أم أعوج وكانت لغني ، وأعوج لبني آكل المرار ، ثم صار لبني هلال بن عامر ؛ وقال :


هو الجواد ابن الجواد ابن سبل



قال ابن بري : الشعر لجهم بن سبل ؛ قال أبو زياد الكلابي : وهو من بني كعب بن بكر وكان شاعرا لم يسمع في الجاهلية والإسلام من بني بكر أشعر منه ؛ قال : وقد أدركته يرعد رأسه وهو يقول :


أنا الجواد ابن الجواد ابن سبل     إن ديموا جاد ، وإن جادوا وبل



قال ابن بري : فثبت بهذا أن سبل اسم رجل وليس باسم فرس كما ذكر الجوهري .

التالي السابق


الخدمات العلمية