صفحة جزء
[ سدد ]

سدد : السد : إغلاق الخلل وردم الثلم . سده يسده سدا فانسد واستد وسدده : أصلحه وأوثقه ، والاسم السد . وحكى الزجاج : ما كان مسدودا خلقة ، فهو سد وما كان من عمل الناس ، فهو سد ، وعلى ذلك وجهت قراءة من قرأ بين السدين والسدين . التهذيب : السد مصدر قولك سددت الشيء سدا . والسد والسد : الجبل والحاجز . وقرئ قوله تعالى : حتى إذا بلغ بين السدين ; بالفتح والضم . وروي عن أبي عبيدة أنه قال : بين السدين ، مضموم ، إذا جعلوه مخلوقا من فعل الله ، وإن كان من فعل الآدميين ، فهو سد ، بالفتح ، ونحو ذلك قال الأخفش . وقرأ ابن كثير و أبو عمرو : بين السدين ; وبينهم سدا ، بفتح السين . وقرأ في يس : من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ; بضم السين ، وقرأ نافع وابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب ، بضم السين ، في الأربعة المواضع ، وقرأ حمزة والكسائي بين السدين ، بضم السين . غيره : ضم السين وفتحها ، سواء السد والسد ; وكذلك قوله : وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ; بفتح السين وضمها . والسد ، بالفتح والضم : الردم والجبل ; منه سد الروحاء وسد الصهباء وهما موضعان بين مكة و المدينة . وقوله عز وجل : وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ; قال الزجاج : هؤلاء جماعة من الكفار أرادوا بالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، سوءا فحال الله بينهم وبين ذلك ، وسد عليهم الطريق الذي سلكوه فجعلوا بمنزلة من غلت يده سد طريقه من بين يديه ومن خلفه وجعل على بصره غشاوة ; وقيل : في معناه قول آخر : إن الله وصف ضلال الكفار فقال : سددنا عليهم طريق الهدى كما قال : ختم الله على قلوبهم . والسداد : ما سد به ، والجمع أسدة . وقالوا : سداد من عوز سداد من عيش أي ما تسد به الحاجة ، وهو على المثل . وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في السؤال أنه قال : لا تحل المسألة إلا لثلاثة ؛ فذكر منهم رجلا أصابته جائحة فاجتاحت ماله فيسأل حتى يصيب سدادا من عيش أو قواما أي ما يكفي حاجته ; قال أبو عبيدة : قوله سدادا من عيش أي قواما ، هو بكسر السين ، وكل شيء سددت به خللا ؛ فهو سداد ، بالكسر ، ولهذا سمي سداد القارورة ، بالكسر ، وهو صمامها لأنه يسد رأسها ; ومنها سداد الثغر ، بالكسر ، إذا سد بالخيل والرجال ; وأنشد العرجي :


أضاعوني ، وأي فتى أضاعوا ! [ ص: 150 ] ليوم كريهة ، وسداد ثغر



بالكسر لا غير وهو سده بالخيل والرجال . الجوهري : وأما قولهم فيه سداد من عوز وأصبت به سدادا من عيش أي ما تسد به الخلة ، فيكسر ويفتح ، والكسر أفصح . وقال : وأما السداد ، بالفتح ؛ فإنما معناه الإصابة في " المنطق أن يكون الرجل مسددا . ويقال : إنه لذو سداد في منطقه وتدبيره ، وكذلك في الرمي . ويقال : سد السهم يسد إذا استقام . وسددته تسديدا . واستد الشيء إذا استقام ; وقال :


أعلمه الرماية كل يوم     فلما استد ساعده رماني



قال الأصمعي : اشتد ، بالشين المعجمة ، ليس بشيء ; وقال ابن بري : هذا البيت ينسب إلى معن بن أوس ؛ قاله في ابن أخت له ، وقال ابن دريد : هو لمالك بن فهم الأزدي ، وكان اسم ابنه سليمة ، رماه بسهم فقتله فقال البيت ; قال ابن بري : ورأيته في شعر عقيل بن علفة يقوله في ابنه عملس حين رماه بسهم ، وبعده :


فلا ظفرت يمينك حين ترمي     وشلت منك حاملة البنان !



وفي الحديث : كان له قوس تسمى السداد سميت به تفاؤلا بإصابة ما رمى عنها . والسد : الردم لأنه يسد به ، والسد والسد : كل بناء سد به موضع ، وقد قرئ : تجعل بيننا وبينهم سدا سدا ، والجمع أسدة وسدود ؛ فأما سدود فعلى الغالب وأما أسدة فشاذ ; قال ابن سيده : وعندي أنه جمع سداد ; وقوله :


ضربت علي الأرض بالأسداد



يقول : سدت علي الطريق أي عميت علي مذاهبي ، وواحد الأسداد سد . والسد : ذهاب البصر ، وهو منه . ابن الأعرابي : السدود العيون المفتوحة ولا تبصر بصرا قويا ، يقال منه : عين سادة . وقال أبو زيد : عين سادة وقائمة إذا ابيضت لا يبصر بها صاحبها ولم تنفقئ بعد . أبو زيد : السد من السحاب النشء الأسود من أي أقطار السماء نشأ . والسد واحد السدود ، وهو السحائب السود . ابن سيده : والسد السحاب المرتفع الساد الأفق ، والجمع سدود ; قال :


قعدت له وشيعني رجال     وقد كثر المخايل والسدود



وقد سد عليهم وأسد . والسد : القطعة من الجراد تسد الأفق ; قال الراجز :


سيل الجراد السد يرتاد الخضر



فإما أن يكون بدلا من الجراد فيكون اسما وإما أن يكون جمع سدود ، وهو الذي يسد الأفق فيكون صفة . ويقال : جاءنا سد من جراد . وجاءنا جراد سد إذا سد الأفق من كثرته . وأرض بها سددة ، والواحدة سدة : وهي أدوية فيها حجارة وصخور يبقى فيها الماء زمانا ; وفي الصحاح : الواحد سد مثل جحر وجحرة . والسد والسد الجبل ، وقيل : ما قابلك فسد ما وراءه فهو سد وسد . ومنه قولهم في المعزى : سد يرى من ورائه الفقر ، وسد أيضا ، أي أن المعنى ليس إلا منظرها وليس له كبير منفعة . ابن الأعرابي : قال : رماه في سد ناقته أي في شخصها . قال : والسد والدريئة والدريعة الناقة التي يستتر بها الصائد ويختل ليرمي الصيد ; وأنشد لأوس :


فما جبنوا أنا نسد عليهم     ولكن لقوا نارا تحس وتسفع



قال الأزهري : قرأت بخط شمر في كتابه : يقال سد عليك الرجل يسد سدا إذا أتى السداد ، وما كان هذا الشيء سديدا ولقد سد يسد سدادا وسدودا ; وأنشد بيت أوس وفسره فقال : لم يجبنوا من الإنصاف في القتال ولكن حشرنا عليهم فلقونا ونحن كالنار التي لا تبقي شيئا ; قال الأزهري : وهذا خلاف ما قال ابن الأعرابي . والسد : سلة من قضبان ، والجمع سداد وسدد . الليث : السدود السلال تتخذ من قضبان لها أطباق ، والواحدة سدة ; وقال غيره : السلة يقال لها السدة والطبل . والسدة أمام باب الدار ، وقيل : هي السقيفة . التهذيب : والسدة باب الدار والبيت ; يقال : رأيته قاعدا بسدة بابه وبسدة داره . قال أبو سعيد : السدة في كلام العرب الفناء ، يقال لبيت الشعر وما أشبهه ، والذين تكلموا بالسدة لم يكونوا أصحاب أبنية ولا مدر ، ومن جعل السدة كالصفة أو كالسقيفة فإنما فسره على مذهب أهل الحضر . وقال أبو عمرو : السدة كالصفة تكون بين يدي البيت ، والظلة تكون بباب الدار ; قال أبو عبيد : ومنه حديث أبي الدرداء أنه أتى باب معاوية فلم يأذن له ، فقال : من يغش سدد السلطان يقم ويقعد . وفي الحديث أيضا : الشعث الرءوس الذين لا تفتح لهم السدد . وسدة المسجد الأعظم : ما حوله من الرواق ، وسمي إسماعيل السدي بذلك لأنه كان تاجرا يبيع الخمر والمقانع على باب مسجد الكوفة ، وفي الصحاح : في سدة مسجد الكوفة . قال أبو عبيد : وبعضهم يجعل السدة الباب نفسه . وقال الليث : السدي رجل منسوب إلى قبيلة من اليمن ; قال الأزهري : إن أراد إسماعيل السدي فقد غلط ، لا نعرف في قبائل اليمن سدا ولا سدة . وفي حديث المغيرة بن شعبة : أنه كان يصلي في سدة المسجد الجامع يوم الجمعة مع الإمام ، وفي رواية : كان لا يصلي ، وسدة الجامع : يعني الظلال التي حوله . وفي الحديث أنه قيل : له هذا علي و فاطمة قائمين بالسدة ; السدة : كالظلة على الباب لتقي الباب من المطر ، وقيل : هي الباب نفسه ، وقيل : هي الساحة بين يديه ; ومنه حديث واردي الحوض : هم الذين لا تفتح لهم السدد ولا ينكحون المنعمات أي لا تفتح لهم الأبواب . وفي حديث أم سلمة : أنها قالت لعائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة : إنك سدة بين رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وبين أمته أي باب فمتى أصيب ذلك الباب بشيء فقد دخل على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في حريمه وحوزته واستبيح ما حماه ، فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثلك . والسدة جريد يشد بعضه إلى بعض ينام عليه . والسدة والسداد ، مثل العطاس والصداع : داء يسد الأنف يأخذ بالكظم ويمنع نسيم الريح . والسد : العيب ، والجمع أسدة ، نادر على غير [ ص: 151 ] قياس وقياسه الغالب عليه أسد أو سدود ، وفي التهذيب : القياس أن يجمع سد أسدا أو سدودا . الفراء : الودس والسد ، بالفتح ، العيب مثل العمى والصمم والبكم وكذلك الأيه والأبه ، أبو سعيد : يقال ما بفلان سدادة يسد فاه عن الكلام أي ما به عيب ، ومنه قولهم : لا تجعلن بجنبك الأسدة أي لا تضيقن صدرك فتسكت عن الجواب كمن به صمم وبكم ; قال الكميت :


وما بجنبي من صفح وعائدة     عند الأسدة إن العي كالعضب



يقول : ليس بي عي ولا بكم عن جواب الكاشح ، ولكني أصفح عنه لأن العي عن الجواب كالعضب ، وهو قطع يد أو ذهاب عضو . والعائدة : العطف . وفي حديث الشعبي : ما سددت على خصم قط أي ما قطعت عليه فأسد كلامه . وصببت في القربة ماء فاستدت به عيون الخرز وانسدت بمعنى واحد . والسدد : القصد في القول والوفق والإصابة ، وقد تسدد له واستد . والسديد والسداد : الصواب من القول . يقال : إنه ليسد في القول وهو أن يصيب السداد يعني القصد . وسد قوله يسد ، بالكسر ، إذا صار سديدا . وإنه ليسد في القول فهو مسد إذا كان يصيب السداد أي القصد . والسدد : مقصور ، من السداد ، يقال : قل قولا سددا وسدادا وسديدا أي صوابا ، قال الأعشى :


ماذا عليها ؟ وماذا كان ينقصها     يوم الترحل ، لو قالت لنا سددا ؟



وقد قال : سدادا من القول . والتسديد : التوفيق للسداد ، وهو الصواب والقصد من القول والعمل . ورجل سديد وأسد : من السداد وقصد الطريق ، وسدده الله : وفقه وأمر سديد وأسد أي قاصد . ابن الأعرابي : يقال للناقة الهرمة سادة وسلمة وسدرة وسدمة . والسداد : الشيء من اللبن ييبس في إحليل الناقة . وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : أنه سأل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، عن الإزار فقال : سدد وقارب ; قال شمر : سدد من السداد وهو الموفق الذي لا يعاب ، أي اعمل به شيئا لا تعاب على فعله ؛ فلا تفرط في إرساله ولا تشميره ، جعله الهروي من حديث أبي بكر ، و الزمخشري من حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأن أبا بكر ، رضي الله عنه : سأله والوفق : المقدار . اللهم سددنا للخير أي وفقنا له ; قال : وقوله : وقارب ، القراب في الإبل أن يقاربها حتى لا تتبدد . قال الأزهري : معنى قوله قارب أي لا ترخ الإزار فتفرط في إسباله ، ولا تقلصه فتفرط في تشميره ولكن بين ذلك . قال شمر : ويقال سدد صاحبك أي علمه واهده ، سدد مالك أي أحسن العمل به . والتسديد للإبل : أن تيسرها لكل مكان مرعى وكل مكان ليان وكل مكان رقاق . ورجل مسدد : موفق يعمل بالسداد والقصد . والمسدد : المقوم . وسدد رمحه : وهو خلاف قولك عرضه . وسهم مسدد : قويم . ويقال : أسد يا رجل وقد أسددت ما شئت أي طلبت السداد والقصد ، أصبته أو لم تصبه ; قال الأسود بن يعفر :


أسدي يا مني لحميري     يطوف حولنا ، وله زئير



يقول : اقصدي له يا منية حتى يموت . والسداد ، بالفتح : الاستقامة والصواب ، وفي الحديث : قاربوا وسددوا أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة ، وهو القصد في الأمر والعدل فيه ; ومنه الحديث : قال لعلي ، كرم الله وجهه : سل الله السداد ، واذكر بالسداد تسديدك السهم أي إصابة القصد به . وفي صفة متعلم القرآن : يغفر لأبويه إذا كانا مسددين أي لازمي الطريقة المستقيمة ; ويروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول . وفي الحديث : ما من مؤمن يؤمن بالله ثم يسدد أي يقتصد فلا يغلو ولا يسرف . قال أبو عدنان : قال لي جابر البذخ الذي إذا نازع قوما سدد عليهم كل شيء قالوه . قلت : وكيف يسدد عليهم ؟ قال : ينقض عليهم كل شيء قالوه . وروى الشعبي : أنه قال : ما سددت على خصم قط ; قال شمر : زعم العتريفي أن معناه ما قطعت على خصم قط . والسد : الظل ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


قعدت له في سد نقض معود     لذلك في صحراء جذم درينها



أي جعلته سترة لي من أن يراني . وقوله : جذم درينها أي قديم لأن الجذم الأصل ولا أقدم من الأصل ، وجعله صفة إذ كان في معنى الصفة . والدرين من النبات : الذي قد أتى عليه عام . والمسد : موضع بمكة عند بستان ابن عامر وذلك البستان مأسدة ; وقيل : هو موضع بقرب مكة ، شرفها الله تعالى ; قال أبو ذؤيب :


ألفيت أغلب من أسد المسد حدي     د الناب ، أخذته عقر فتطريح



قال الأصمعي : سألت ابن أبي طرفة عن المسد فقال : هو بستان ابن معمر الذي يقول له الناس بستان ابن عامر . وسد : قرية باليمن . والسد ، بالضم : ماء سماء عند جبل لغطفان أمر سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بسده .

التالي السابق


الخدمات العلمية