صفحة جزء
[ سدف ]

سدف : السدف ، بالتحريك : ظلمة الليل ; وأنشد ابن بري لحميد الأرقط :


وسدف الخيط البهيم ساتره



وقيل : هو بعد الجنح ; قال :


ولقد رأيتك بالقوادم مرة     وعلي من سدف العشي رياح



والجمع أسداف ; قال أبو كبير :


يرتدن ساهرة كأن جميمها     وعميمها أسداف ليل مظلم



والسدفة والسدفة : كالسدف وقد أسدف ; قال العجاج :


أدفعها بالراح كي تزحلفا     وأقطع الليل إذا ما أسدفا



أبو زيد : السدفة في لغة بني تميم الظلمة . قال : والسدفة في لغة قيس الضوء ، وحكى الجوهري عن الأصمعي : السدفة والسدفة في لغة نجد الظلمة . وفي لغة غيرهم الضوء ، وهو من الأضداد . وقال في قوله :


وأقطع الليل إذا ما أسدفا



أي أظلم ، أي أقطع الليل بالسير فيه ; قال ابن بري : ومثله للخطفي جد جرير :


يرفعن بالليل ، إذا ما أسدفا     أعناق جنان وهاما رجفا



والسدفة والسدفة : طائفة من الليل . والسدفة : الضوء . وقيل : اختلاط الضوء والظلمة جميعا كوقت ما بين صلاة الفجر إلى أول الإسفار . وقال عمارة : السدفة ظلمة فيها ضوء من أول الليل وآخره ، ما بين الظلمة إلى الشفق ، وما بين الفجر إلى الصلاة . قال الأزهري : والصحيح ما قال عمارة . اللحياني : أتيته بسدفة من الليل سدفة وشدفة ، وهو السدف .

وقال أبو عبيدة : أسدف الليل وأزدف وأشدف إذا أرخى ستوره وأظلم ، قال : والإسداف من الأضداد ، يقال : أسدف لنا أي أضيء لنا . وقال أبو عمرو : إذا كان الرجل قائما بالباب قلت له أسدف أي تنح عن الباب حتى يضيء البيت . الجوهري : أسدف الصبح أي أضاء . يقال : أسدف الباب أي افتحه حتى يضيء البيت ، وفي لغة هوازن أسدفوا أي أسرجوا من السراج ؛ الفراء : السدف والشدف الظلمة ، والسدف أيضا الصبح وإقباله ; وأنشد الفراء لسعد القرقرة ، قال المفضل : وسعد القرقرة رجل من أهل هجر وكان النعمان يضحك منه ؛ فدعا النعمان بفرسه اليحموم وقال لسعد القرقرة : اركبه واطلب عليه الوحش ؛ فقال سعد : إذا والله أصرع فأبى النعمان إلا أن يركبه فلما ركبه سعد نظر إلى بعض ولده قال : وابأبي وجوه اليتامى ! ثم قال :


نحن ، بغرس الودي ، أعلمنا     منا بركض الجياد في السدف



والودي : صغار النخل ، وقوله : أعلمنا منا جمع بين إضافة أفعل وبين من ، وهما لا يجتمعان كما لا تجتمع الألف واللام ومن في قولك : زيد الأفضل من عمرو ، وإنما يجيء هذا في الشعر على أن تجعل من بمعنى في ، كقول الأعشى :


ولست بالأكثر منهم حصى



أي ولست بالأكثر فيهم ، وكذا أعلمنا منا أي فينا ; وفي حديث وفد تميم :


ونطعم الناس ، عند القحط ، كلهم     من السديف ، إذا لم يؤنس القزع



السديف : لحم السنام ، والقزع : السحاب أي نطعم الشحم في المحل ; وأنشد الفراء أيضا :


بيض جعاد كأن أعينهم     يكحلها ، في الملاحم ، السدف



يقول : سواد أعينهم في الملاحم باق ؛ لأنهم أنجاد لا تبرق أعينهم من الفزع فيغيب سوادها . وأسدف القوم : دخلوا في السدفة . وليل أسدف مظلم ; أنشد يعقوب :


فلما عوى الذئب مستعقرا     أنسنا به ، والدجى أسدف



وشرح هذا البيت مذكور في موضعه ، والسدف : الليل ; قال الشاعر :


نزور العدو ، على نأيه     بأرعن كالسدف المظلم ;



وأنشد ابن بري للهذلي :


وماء وردت على خيفة     وقد جنه السدف المظلم



وقول مليح :


وذو هيدب يمري الغمام بمسدف     من البرق فيه حنتم متبعج



مسدف هنا : يكون المضيء والمظلم وهو من الأضداد . وفي حديث علقمة الثقفي كان بلال يأتينا بالسحور ونحن مسدفون فيكشف القبة فيسدف لنا طعامنا ; والسدفة تقع على الضياء والظلمة ، والمراد به في هذا الحديث الإضاءة فمعني مسدفون داخلون في السدفة يسدف لنا أي يضيء ، والمراد بالحديث المبالغة في تأخير السحور . وفي حديث أبي هريرة : فصل الفجر إلى السدف أي إلى بياض النهار . وفي حديث علي : وكشفت عنهم سدف الريب أي ظلمها . وأسدفوا : أسرجوا هوزنية أي لغة هوازن . والسدفة : الباب . قالت امرأة من قيس تهجو زوجها :


لا يرتدي مرادي الحرير [ ص: 155 ]     ولا يرى بسدفة الأمير



وأسدفت المرأة القناع أي أرسلته . ويقال : أسدف الستر أي ارفعه حتى يضيء البيت . وفي حديث أم سلمة أنها قالت لعائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة : تركت عهيدى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ووجهت سدافته ; أرادت بالسدافة الحجاب والستر وتوجيهها كشفها . ويقال : سدفت الحجاب أي أرخيته ، وحجاب مسدوف ; قال الأعشى :


بحجاب من بيننا مسدوف



قالت لها : بعين الله مهواك وعلى رسوله تردين قد وجهت سدافته ، أي هتكت الستر أي أخذت وجهها ، ويجوز أنها أرادت بقولها سدافته أي أزلتها من مكانها الذي أمرت أن تلزميه وجعلتها أمامك . والسدوف والشدوف : الشخوص تراها من بعد . أبو عمرو : أسدف وأزدف إذا نام . ويقال : وجه فلان سدافته إذا تركها وخرج منها ، وقيل للستر : سدافة لأنه يسدف أي يرخى عليه . والسديف السنام المقطع ، وقيل : شحمه ، ومنه قول طرفة :


ويسعى علينا بالسديف المسرهد



وفي الصحاح : السديف السنام ; ومنه قول المخبل السعدي :


إذا ما الخصيف العوبثاني ساءنا     تركناه واخترنا السديف المسرهدا



وجمع سديف سدائف وسداف أيضا ; قال سحيم عبد بني الحسحاس :


قد أعقر الناب ذات التلي     ل حتى أحاول منها السديفا



وقال ابن سيده : يحتمل أن يكون جمع سدفة وأن يكون لغة فيه . وسدفه : قطعه . قال الفرزدق :


وكل قرى الأضياف نقري من القنا     ومعتبط فيه السنام المسدف



وسديف وسديف : اسمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية