صفحة جزء
[ سدا ]

سدا : السدو : مد اليد نحو الشيء كما تسدو الإبل في سيرها بأيديها وكما يسدو الصبيان إذا لعبوا بالجوز فرموا به في الحفيرة ، والزدو لغة كما قالوا للأسد أزد ، وللسراد زراد . وسدا يديه سدوا واستدى : مد بهما ; قال :


سدى بيديه ثم أج بسيره كأج الظليم من قنيص وكالب



وأنشد ابن الأعرابي :


ناج يغنيهن بالإبعاط     إذا استدى نوهن بالسياط



يقول : إذا سدا هذا البعير حمل سدوه هؤلاء القوم على أن يضربوا إبلهم فكأنهن نوهن بالسياط لما حملنهم على ذلك ، وقال ثعلب : الرواية يعنيهن ; وقوله :


يا رب سلم سدوهن الليله     وليلة أخرى وكل ليله



إنما أراد سلمهن وقوهن ، لكن أوقع الفعل على السدو لأن السدو إذا سلم فقد سلم السادي . الجوهري : وسدت الناقة تسدو ، وهو تذرعها في المشي واتساع خطوها ، يقال : ما أحسن سدو رجليها وأتو يديها ! قال ابن بري : قال علي بن حمزة السدو السير اللين ; قال القطامي :


وكل ذلك منها كلما رفقت     منها المكري ، ومنها اللين السادي



وقال ابن بري : قول الجوهري وهو تذرعها في المشي واتساع خطوها ليس فيه طعن ؛ لأن السدو اتساع خطو الناقة ، وقد يكون ذلك مع رفق ، ألا ترى إلى قوله منها المكري يريد البطئ ومنها ، السادي الذي فيه اتساع خطو مع لين . وناقة سدو : تمد يديها في سدوها وتطرحهما ; قال وأنشد :


مائرة الرجل سدو باليد



ونوق سواد ، والعرب تسمي أيدي الإبل السوادي لسدوها بها ثم صار ذلك اسما لها ; قال ذو الرمة :


كأنا على حقب خفاف ، إذا خدت     سواديهما بالواخدات الرواحل



أراد إذا خدت أيديها وأرجلها . أبو عمرو : السادي والزادي الحسن السير من الإبل ; قال الشاعر :


يتبعن سدو رسلة تبدح



أي تمد ضبعيها . والسدو : ركوب الرأس في السير يكون في الإبل والخيل . وسدو الصبيان بالجوز استداؤهم : لعبهم به . وسدا الصبي بالجوزة : رماها من علو إلى سفل . وسدا سدو كذا : نحا نحوه . وفلان يسدو سدو كذا : ينحو نحوه . وخطب الأمير فما زال على سدو واحد أي على نحو واحد من السجع ; حكاه ابن الأعرابي : وقول ساعدة بن جؤية الهذلي يصف سحابا :


ساد تجرم في البضيع ثمانيا     يلوي بعيقات البحار ويجنب



قال ابن سيده : قيل معنى ساد هنا مهمل لا يرد عن شرب ، وقيل : هو من الإسآد الذي هو سير الليل كله ، قال : وهذا لا يجوز إلا أن يكون على القلب كأنه سائد أي ذو إسآد ، ثم قلب فقيل ساديء ثم أبدل الهمز إبدالا صحيحا فقال سادي ، ثم أعله كما أعل قاض ورام . وتسدى الشيء : ركبه وعلاه ; قال ابن مقبل :


بسرو حمير أبوال البغال به     أن تسديت وهنا ذلك البينا



والسدى المعروف : خلاف لحمة الثوب ، وقيل : أسفله ، وقيل : ما مد منه ، واحدته سداة . والأسدي : كالسدى سدى الثوب ، وقد سداه لغيره وتسداه لنفسه ، وهما سديان ، والجمع أسدية ; تقول منه : أسديت الثوب وأستيته . وسدى الثوب يسديه وستاه يستيه . ويقال : ما أنت بلحمة ولا سداة ولا ستاة ; يضرب مثلا لمن لا يضر ولا ينفع ; وأنشد شمر :


فما تأتوا يكن حسنا جميلا     وما تسدوا لمكرمة تنيروا



يقول : إذا فعلتم أمرا أبرمتموه . الأصمعي : الأسدي والأستي سدى الثوب . وقال ابن شميل : أسديت الثوب بسداه ; وقال الشاعر :


إذا أنا أسديت السداة ، فألحما [ ص: 158 ]     ونيرا ؛ فإني سوف أكفيكما الدما



وإذا نسج إنسان كلاما أو أمرا بين قوم قيل : سدى بينهم . والحائك يسدي الثوب ويتسدى لنفسه ، وأما التسدية فهي له ولغيره ، وكذلك ما أشبه هذا ; قال رؤبة يصف السراب :


كفلكة الطاوي أدار الشهرقا     أرسل غزلا وتسدى خشتقا



وأسدى بينهم حديثا : نسجه ، وهو على المثل . والسدى : الشهد يسديه النحل ، على المثل أيضا . والسدى : ندى الليل ، وهو حياة الزرع ; قال الكميت وجعله مثلا للجود :


فأنت الندى فيما ينوبك والسدى     إذا الخود عدت عقبة القدر مالها



وسديت الأرض إذا كثر نداها ، من السماء كان أو من الأرض ، فهي سدية على فعلة . وقال ابن بري : وحكى بعض أهل اللغة أن رجلا أتى إلى الأصمعي فقال : له زعم أبو زيد : أن الندى ما كان في الأرض السدى ما سقط من السماء ؛ فغضب الأصمعي وقال : ما يصنع بقول الشاعر :


ولقد أتيت البيت يخشى أهله     بعد الهدو ، وبعدما سقط الندى



أفتراه يسقط من الأرض إلى السماء ؟ وسديت الليلة فهي سدية إذا كثر نداها ; وأنشد :


يمسدها القفر وليل سدي



والسدى : هو الندى القائم ، وقلما يوصف به النهار فيقال يوم سد ، وإنما يوصف به الليل ، وقيل : السدى والندى واحد . ومكان سد : كند ; وأنشد المازني لرؤبة :


ناج يغنيهن بالإبعاط     والماء نضاح من الآباط
إذا استدى نوهن بالسياط



قال : الإبعاط والإفراط واحد ، إذا استدى إذا عرق ، وهو من السدى ، وهو الندى ، نوهن : كأنهن يدعون به ليضربن ، والمعنى أنهن يكلفن من أصحابهن ذلك لأن هذا الفرس يسبقهن فيضرب أصحاب الخيل خيلهم لتلحقه . والسدى : المعروف ، وقد أسدى إليه سدى سداه عليه . أبو عمرو : أزدى إذا اصطنع معروفا ، وأسدى إذا أصلح بين اثنين ، وأصدى إذا مات ، وأصدى إناءه إذا ملأه . وفي الحديث : من أسدى إليكم معروفا فكافئوه ، أسدى وأولى وأعطى بمعنى . يقال : أسديت إليه معروفا أسدي إسداء . شمر : السدى والسداء ، ممدود ، البلح بلغة أهل المدينة ، وقيل : السدى البلح الأخضر ، وقيل : البلح الأخضر بشماريخه ، يمد ويقصر ، يمانية ، واحدته سداة وسداءة . وبلح سد مثال عم : مسترخي الثفاريق ند . وقد سدي البلح ، بالكسر ، وأسدى ، والواحدة سدية والثفروق قمع البسرة . وكل رطب ند فهو سد ; حكاه أبو حنيفة ; ومنه قول الشاعر :


مكمم جبارها والجعل     ينحت منهن السدى والحصل



وأسدى النخل إذا سدي بسره . قال ابن بري : وحكى ابن الأعرابي المد في السداء البلح ، وقال : وكذلك حكاه أبو حنيفة ; وأنشد :


وجارة لي لا يخاف داؤها     عظيمة جمتها فناؤها
يعجل قبل بسرها سداؤها     فجارة السوء لها فداؤها



وقيل : إن الرواية فنواؤها ، والقياس فناؤها . ويقال : طلبت أمرا فأسديته أي أصبته ، وإن لم تصبه قلت أعمسته . والسدى والسدى : المهمل ، الواحد والجمع فيه سواء . ويقال : إبل سدى أي مهملة ، وبعضهم يقول : سدى . وأسديتها : أهملتها ; وأنشد ابن بري للبيد :


فلم أسد ما أرعى ، وتبل رددته     فأنجحت بعد الله من خير مطلب



وقوله عز وجل : أيحسب الإنسان أن يترك سدى ; أي يترك مهملا غير مأمور وغير منهي ، وقد أسداه . وأسديت إبلي إسداء إذا أهملتها ، والاسم السدى . ويقال : تسدى فلان الأمر إذا علاه وقهره ، وتسدى فلان فلانا إذا أخذه من فوقه . وتسدى الرجل جاريته إذا علاها ; قال ابن مقبل :


أنى تسديت وهنا ذلك البينا



يصف جارية طرقه خيالها من بعد فقال لها : كيف علوت بعد وهن من الليل ذلك البلد ؟ قال ابن بري : ومثله قول جرير :


وما ابن حناءة بالرث الوان     يوم تسدى الحكم بن مروان



تسداه أي علاه ; قال الشاعر :


فلما دنوت تسديتها     فثوبا لبست وثوبا أجر



قال ابن بري : المعروف سدى ، بالضم ; قال حميد بن ثور يصف إبله :


فجاء بها الوراد يسعون حولها     سدى بين قرقار الهدير وأعجما



وفي الحديث : أنه كتب ليهود تيماء أن لهم الذمة وعليهم الجزية بلا عداء النهار مدى والليل سدى ; السدى : التخلية ، والمدى : الغاية ; أراد أن لهم ذلك أبدا ما دام الليل والنهار . والسادي : السادس في بعض اللغات ; قال الشاعر :


إذا ما عد أربعة فسال     فزوجك خامس وحموك سادي



أراد السادس فأبدل من السين ياء كما فسر في ست . والسادي : الذي يبيت حيث أمسى ; وأنشد :


بات على الخل وما باتت سدى



وقال :


ويأمن سادينا وينساح سرحنا     إذا أزل السادي وهيت المطالع



[ ص: 159 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية