صفحة جزء
[ سرب ]

سرب : السرب : المال الراعي ; اعني بالمال الإبل . وقال ابن الأعرابي : السرب الماشية كلها ، وجمع كل ذلك سروب . تقول : سرب علي الإبل أي أرسلها قطعة قطعة . وسرب يسرب سروبا : خرج . وسرب في الأرض يسرب سروبا : ذهب . وفي التنزيل العزيز : ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ; أي ظاهر بالنهار في سربه . ويقال : خل سربه أي طريقه ؛ فالمعنى : الظاهر في الطرقات ، والمستخفي في الظلمات ، والجاهر بنطقه ، والمضمر في نفسه ، علم الله فيهم سواء . وروي عن الأخفش أنه قال : مستخف بالليل أي ظاهر ، والسارب المتواري . وقال أبو العباس : المستخفي المستتر ; قال : والسارب الظاهر والخفي ، عنده واحد . وقال قطرب : سارب بالنهار مستتر . يقال انسرب الوحشي إذا دخل في كناسه . قال الأزهري : تقول العرب : سربت الإبل تسرب ، وسرب الفحل سروبا أي مضت في الأرض ظاهرة حيث شاءت . والسارب : الذاهب على وجهه في الأرض ; قال قيس بن الخطيم :


أنى سربت ، وكنت غير سروب وتقرب الأحلام غير قريب



قال ابن بري : رواه ابن دريد : سربت ، بباء موحدة ؛ لقوله : وكنت غير سروب . ومن رواه : سريت ، بالياء باثنتين ؛ فمعناه كيف سريت ليلا ، وأنت لا تسربين نهارا . وسرب الفحل يسرب سروبا ؛ فهو سارب إذا توجه للمرعى ; قال الأخنس بن شهاب التغلبي :


وكل أناس قاربوا قيد فحلهم     ونحن خلعنا قيده فهو سارب



قال ابن بري : قال الأصمعي : هذا مثل يريد أن الناس أقاموا في موضع واحد ، لا يجترئون على النقلة إلى غيره ، وقاربوا قيد فحلهم أي حبسوا فحلهم عن أن يتقدم فتتبعه إبلهم ، خوفا أن يغار عليها ; ونحن أعزاء نقتري الأرض ، نذهب فيها حيث شئنا ، فنحن قد خلعنا قيد فحلنا ليذهب حيث شاء ، فحيثما نزع إلى غيث تبعناه . وظبية سارب : ذاهبة في مرعاها ; أنشد ابن الأعرابي في صفة عقاب :


فخاتت غزالا جاثما ، بصرت به     لدى سلمات عند أدماء سارب



ورواه بعضهم : سالب . وقال بعضهم : سرب في حاجته : مضى فيها نهارا ، وعم به أبو عبيد . وإنه لقريب السربة أي قريب المذهب يسرع في حاجته ؛ حكاه ثعلب . ويقال أيضا : بعيد السربة أي بعيد المذهب في الأرض ; قال الشنفرى وهو ابن أخت تأبط شرا " .


خرجنا من الوادي الذي بين مشعل     وبين الجبا هيهات أنسأت سربتي



أي ما أبعد الموضع الذي منه ابتدأت مسيري ! ابن الأعرابي : السربة السفر القريب ، والسبأة : السفر البعيد . والسرب الذاهب الماضي ، عن ابن الأعرابي . والانسراب : الدخول في السرب . وفي الحديث : [ ص: 160 ] من أصبح آمنا في سربه ، بالفتح ، أي مذهبه . قال ابن الأعرابي : السرب النفس ، بكسر السين . وكان الأخفش يقول : أصبح فلان آمنا في سربه ، بالفتح ، أي مذهبه ووجهه . والثقات من أهل اللغة قالوا : أصبح آمنا في سربه أي في نفسه ; وفلان آمن السرب : لا يغزى ماله ونعمه لعزه وفلان آمن في سربه ، بالكسر ، أي في نفسه قال ابن بري : هذا قول جماعة من أهل اللغة ، وأنكر ابن درستويه قول من قال : في نفسه ; قال : وإنما المعنى آمن في أهله وماله وولده ; ولو أمن على نفسه وحدها دون أهله وماله وولده ، لم يقل : هو آمن في سربه ; وإنما السرب ها هنا ما للرجل من أهل ومال ؛ ولذلك سمي قطيع البقر ، والظباء ، والقطا ، والنساء سربا . وكان الأصل في ذلك أن يكون الراعي آمنا في سربه ، والفحل آمنا في سربه ، ثم استعمل في غير الرعاة ، استعمارة فيما شبه به ، ولذلك كسرت السين ، وقيل : هو آمن في سربه أي في قومه . والسرب هنا : القلب . يقال : فلان آمن السرب أي آمن القلب ، والجمع سراب ، عن الهجري ; وأنشد :


إذا أصبحت بين بني سليم     وبين هوازن ، أمنت سرابي



والسرب ، بالكسر : القطيع من النساء ، والطير ، والظباء ، والبقر ، والحمر ، والشاء ، واستعماره شاعر من الجن ، زعموا ، للعظاء ؛ فقال أنشده ثعلب رحمه الله تعالى :


ركبت المطايا كلهن ؛ فلم أجد     ألذ وأشهى من جناد الثعالب
ومن عضرفوط ، حط بي فزجرته     يبادر سربا من عظاء قوارب



الأصمعي : السرب والسربة من القطا ، والظباء ، والشاء ، القطيع . يقال : مر بي سرب من قطا وظباء ووحش ونساء . أي قطيع . وقال أبو حنيفة : ويقال للجماعة من النخل : السرب ، فيما ذكر بعض الرواة . قال أبو الحسن : وأنا أظنه على التشبيه ، والجمع من كل ذلك أسراب ; والسربة مثله . ابن الأعرابي : السربة جماعة ينسلون من العسكر ، فيغيرون ويرجعون . والسربة : الجماعة من الخيل ، ما بين العشرين إلى الثلاثين ; وقيل : ما بين العشرة إلى العشرين ; تقول : مر بي سربة ، بالضم ، أي قطعة من قطا ، وخيل ، وحمر ، وظباء ; قال ذو الرمة يصف ماء :


سوى ما أصاب الذئب منه ، وسربة     أطافت به من أمهات الجوازل



وفي الحديث : كأنهم سرب ظباء ; السرب ، بالكسر ، والسربة : القطيع من الظباء ومن النساء على التشبيه بالظباء . وقيل : السربة الطائفة من السرب . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها ؛ فكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يسربهن إلي . فيلعبن معي أي يرسلهن إلي . ومنه حديث علي : إني لأسربه عليه أي أرسله قطعة قطعة . وفي حديث جابر : فإذا قصر السهم قال : سرب شيئا أي أرسله ; يقال : سربت إليه الشيء إذا أرسلته واحدا واحدا ; وقيل : سربا سربا ، وهو الأشبه . ويقال : سرب عليه الخيل ، وهو أن يبعثها عليه سربة بعد سربة . الأصمعي : سرب علي الإبل أي أرسلها قطعة قطعة . والسرب : الطريق . وخل سربه ، بالفتح . أي طريقه ووجهه وقال : أبو عمرو : خل سرب الرجل ، بالكسر ؛ قال ذو الرمة :


خلى لها سرب أولاها ، وهيجها     من خلفها لاحق الصقلين همهيم



قال شمر : أكثر الرواية : خلى لها سرب أولاها ، بالفتح ; قال الأزهري : وهكذا سمعت العرب تقول : خل سربه أي طريقه . وفي حديث ابن عمر : إذا مات المؤمن يخلى له سربه ، يسرح حيث شاء أي طريقه ومذهبه الذي يمر به . وإنه لواسع السرب أي الصدر ، والرأي ، والهوى ، وقيل : هو الرخي الباب ، وقيل : هو الواسع الصدر ، البطيء الغضب ; ويروى بالفتح ، واسع السرب ، وهو المسلك والطريق . والسرب ، بالفتح : المال الراعي ; وقيل : الإبل وما رعى من المال . يقال : أغير على سرب القوم ; ومنه قولهم : اذهب فلا أنده سربك أي لا أرد إبلك حتى تذهب حيث شاءت ، أي لا حاجة لي فيك . ويقولون للمرأة عند الطلاق : اذهبي فلا أنده سربك ، فتطلق بهذه الكلمة . وفي الصحاح : وكانوا في الجاهلية يقولون في الطلاق ؛ فقيده بالجاهلية . وأصل النده : الزجر . الفراء : في قوله تعالى : فاتخذ سبيله في البحر سربا ; قال : كان الحوت مالحا ، فلما حيي بالماء الذي أصابه من العين فوقع في البحر ، جمد مذهبه في البحر ؛ فكان كالسرب ، وقال أبو إسحاق : كانت سمكة مملوحة ، وكانت آية لموسى في الموضع الذي يلقى الخضر ؛ فاتخذ سبيله في البحر سربا ; أحيا الله السمكة حتى سربت في البحر . قال : سربا منصوب على جهتين : على المفعول ؛ كقولك اتخذت طريقي في السرب ، واتخذت طريقي مكان كذا وكذا ، فيكون مفعولا ثانيا ، كقولك اتخذت زيدا وكيلا ; قال ويجوز أن يكون سربا مصدرا يدل عليه اتخذ سبيله في البحر ؛ فيكون المعنى . نسيا حوتهما ، فجعل الحوت طريقه في البحر ; ثم بين كيف ذلك ؛ فكأنه قال : سرب الحوت سربا ; وقال المعترض الظفري في السرب ، وجعله طريقا :


تركن الضبع ساربة إليهم     تنوب اللحم في سرب المخيم



قيل : تنوبه تأتيه . والسرب : الطريق . والمخيم : اسم واد ; وعلى هذا معنى الآية : فاتخذ سبيله في البحر سربا ; أي سبيل الحوت طريقا لنفسه ، لا يحيد عنه . المعنى : اتخذ الحوت سبيله الذي سلكه طريقا طرقه . قال أبو حاتم : اتخذ طريقه في البحر سربا ، قال : أظنه يريد ذهابا كسرب سربا ؛ كقولك يذهب ذهابا . ابن الأثير : وفي حديث الخضر وموسى ، عليهما السلام : فكان للحوت سربا ; السرب ، بالتحريك : المسلك في خفية . والسربة : الصف من الكرم . وكل طريقة سربة . والسربة ، والمسربة ، والمسربة ، بضم الراء ، الشعر المستدق ، النابت وسط الصدر إلى البطن ; وفي الصحاح : الشعر المستدق ، الذي يأخذ من الصدر إلى السرة . قال [ ص: 161 ] سيبويه : ليست المسربة على المكان ولا المصدر ؛ وإنما هي اسم للشعر ; قال الحارث بن وعلة الذهلي :


ألآن لما ابيض مسربتي     وعضضت من نابي على جذم
وحلبت هذا الدهر أشطره     وأتيت ما آتي على علم
ترجو الأعادي أن ألين لها     هذا تخيل صاحب الحلم !



قوله :


وعضضت من نابي على جذم



أي كبرت حتى أكلت على جذم نابي . قال ابن بري : هذا الشعر ظنه قوم للحارث بن وعلة الجرمي ، وهو غلط ، وإنما هو للذهلي ، كما ذكرنا . والمسربة ، بالفتح : واحدة المسارب ، وهي المراعي . ومسارب الدواب : مراق بطونها . أبو عبيد : مسربة كل دابة أعاليه من لدن عنقه إلى عجبه ، ومراقها في بطونها وأرفاغها ; وأنشد :


جلال أبوه عمه ، وهو خاله     مساربه حو وأقرابه زهر



قال : أقرابه مراق بطونه . وفي حديث صفة النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان دقيق المسربة ; وفي رواية : كان ذا مسربة . وفلان منساح السرب : يريدون شعر صدره . وفي حديث الاستنجاء بالحجارة : يمسح صفحتيه بحجرين ، ويمسح بالثالث المسربة ; يريد أعلى الحلقة ، هو بفتح الراء وضمها ، مجرى الحدث من الدبر ؛ وكأنها من السرب المسلك . وفي بعض الأخبار : دخل مسربته ; هي مثل الصفة بين يدي الغرفة ، وليست التي بالشين المعجمة ؛ فإن تلك الغرفة . والسراب : الآل ; وقيل : السراب الذي يكون نصف النهار لاطئا بالأرض ، لاصقا بها ، كأنه ماء جار . والآل : الذي يكون بالضحى ، يرفع الشخوص ويزهاها ، كالملا ، بين السماء والأرض . وقال ابن السكيت : السراب الذي يجري على وجه الأرض كأنه الماء ، وهو يكون نصف النهار . الأصمعي : الآل السراب واحد ، وخالفه غيره ، فقال : الآل من الضحى إلى زوال الشمس ; والسراب بعد الزوال إلى صلاة العصر ; واحتجوا بأن الآل يرفع كل شيء حتى يصير آلا أي شخصا ، وأن السراب يخفض كل شيء حتى يصير لازقا بالأرض ، لا شخص له . وقال يونس : تقول العرب : الآل من غدوة إلى ارتفاع الضحى الأعلى ، ثم هو سراب سائر اليوم . ابن السكيت : الآل الذي يرفع الشخوص ، وهو يكون بالضحى ; والسراب الذي يجري على وجه الأرض كأنه الماء ، وهو نصف النهار ; قال الأزهري : وهو الذي رأيت العرب بالبادية يقولونه . وقال أبو الهيثم : سمي السراب سرابا ؛ لأنه يسرب سروبا أي يجري جريا ; يقال : سرب الماء يسرب سروبا . أي يجري جريا ; يقال : سرب الماء يسرب سروبا . والسريبة : الشاة التي تصدرها ، إذا رويت الغنم ؛ فتتبعها . والسرب : حفير تحت الأرض ; وقيل : بيت تحت الأرض ; وقد سربته . وتسريب الحافر : أخذه في الحفر يمنة ويسرة . الأصمعي : يقال للرجل إذا حفر : قد سرب أي أخذ يمينا وشمالا . والسرب : جحر الثعلب ، والأسد ، والضبع ، والذئب . والسرب : الموضع الذي قد حل فيه الوحشي ، والجمع أسراب . وانسرب الوحشي في سربه ، والثعلب في جحره ، وتسرب : دخل . ومسارب الحيات : مواضع آثارها إذا انسابت في الأرض على بطونها . والسرب : القناة الجوفاء التي يدخل منها الماء الحائط . والسرب ، بالتحريك : الماء السائل . ومنهم من خص فقال : السائل من المزادة ونحوها . سرب سربا إذا سال ؛ فهو سرب ، وانسرب ، وأسربه هو ، وسربه ; قال ذو الرمة :


ما بال عينك ، منها الماء ، ينسكب ؟     كأنه من كلى مفرية ، سرب



قال أبو عبيدة : ويروى بكسر الراء ; تقول منه سربت المزادة ، بالكسر ، تسرب سربا ؛ فهي سربة إذا سالت . تسريب القربة : أن ينصب فيها الماء لتنسد خرزها . ويقال : خرج الماء سربا ، وذلك إذا خرج من عيون الخرز . وقال اللحياني : سربت العين سربا ، وسربت تسرب سروبا ، وتسربت : سالت . والسرب : الماء يصب في القربة الجديدة ، أو المزادة ، ليبتل السير حتى ينتفخ ، فتستد مواضع الخرز ; وقد سربها فسربت سربا . ويقال : سرب قربتك أي اجعل فيها ماء حتى تنتفخ عيون الخرز ، فتستد ; قال جرير :


نعم ، وانهل دمعك غير نزر     كما عينت بالسرب الطبابا



أبو مالك : تسربت من الماء ومن الشراب أي تملأت . وطريق سرب : تتابع الناس فيه ; قال أبو خراش :


في ذات ريد ، كزلق الرخ مشرفة     طريقها سرب ، بالناس دعبوب



وتسربوا فيه : تتابعوا . والسرب : الخرز ، عن كراع . والسربة : الخرزة . وإنك لتريد سربة أي سفرا قريبا ، عن ابن الأعرابي . شمر : الأسراب من الناس : الأقاطيع ، واحدها سرب ; قال : ولم أسمع سربا في الناس ، إلا للعجاج ; قال :


ورب أسراب حجيج نظم



والأسرب والأسرب : الرصاص ، أعجمي ، وهو في الأصل سرب . والأسرب : دخان الفضة ، يدخل في الفم والخيشوم والدبر فيحصره ، فربما أفرق ، وربما مات . وقد سرب الرجل . فهو مسروب سربا . وقال شمر : الأسرب ، مخفف الباء ، وهو بالفارسية سرب ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية