صفحة جزء
[ سفر ]

سفر : سفر البيت وغيره يسفره سفرا : كنسه . والمسفرة : المكنسة وأصله الكشف والسفارة ، بالضم : الكناسة وقد سفره : كشطه . وسفرت الريح الغيم عن وجه السماء سفرا فانسفر : فرقته فتفرق وكشطته عن وجه السماء ; وأنشد :


سفر الشمال الزبرج المزبرجا

الجوهري : والرياح يسافر بعضها بعضا لأن الصبا تسفر ما أستدته الدبور والجنوب تلحمه . والسفير : ما سقط من ورق الشجر وتحات وسفرت الريح التراب والورق تسفره سفرا كنسته ، وقيل : ذهبت به كل مذهب . والسفير : ما تسفره الريح من الورق

[ ص: 196 ] ويقال : لما سقط من ورق العشب : سفير ، لأن الريح تسفره أي تكنسه ; قال ذو الرمة :


وحائل من سفير الحول جائله     حول الجرائم في ألوانه شهب

يعني الورق تغير لونه فحال وابيض بعدما كان أخضر ، ويقال : انسفر مقدم رأسه من الشعر إذا صار أجلح . والانسفار : الانحسار . يقال : انسفر مقدم رأسه في الشعر . وفي حديث النخعي : أنه سفر شعره أي استأصله وكشفه عن رأسه . وانسفرت الإبل إذا ذهبت في الأرض . والسفر : خلاف الحضر ، وهو مشتق من ذلك لما فيه من الذهاب والمجيء كما تذهب الريح بالسفير من الورق وتجيء ، والجمع أسفار . ورجل سافر : ذو سفر ، وليس على الفعل لأنه لم ير له فعل ; وقوم سافرة وسفر وأسفار وسفار ، وقد يكون السفر للواحد ; قال :


عوجي علي فإنني سفر

والمسافر : كالسافر . وفي حديث حذيفة وذكر قوم لوط فقال : وتتبعت أسفارهم بالحجارة ; يعني المسافر منهم ، يقول : رموا بالحجارة حيث كانوا فألحقوا بأهل المدينة . يقال : رجل سفر وقوم سفر ، ثم أسافر جمع الجمع . وقال الأصمعي : كثرت السافرة بموضع كذا أي المسافرون . قال : والسفر جمع سافر ، كما يقال : شارب وشرب ، ويقال : رجل سافر وسفر أيضا . الجوهري : السفر قطع المسافة ، والجمع الأسفار . والمسفر : الكثير الأسفار القوي عليها ; قال :


لن يعدم المطي مني مسفرا     شيخا بجالا وغلاما حزورا

والأنثى مسفرة . قال الأزهري : وسمي المسافر مسافرا لكشفه قناع الكن عن وجهه ، ومنازل الحضر عن مكانه ، ومنزل الخفض عن نفسه ، وبروزه إلى الأرض الفضاء ، وسمي السفر سفرا لأنه يسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيظهر ما كان خافيا منها . ويقال : سفرت أسفر سفورا خرجت إلى السفر فأنا سافر وقوم سفر ، مثل صاحب وصحب ، وسفار مثل راكب وركاب ، وسافرت إلى بلد كذا مسافرة وسفارا ; قال حسان :


لولا السفار وبعد خرق مهمه     لتركتها تحبو على العرقوب

وفي حديث المسح على الخفين : أمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين ; الشك من الراوي في السفر والمسافرين . والسفر : جمع سافر ، والمسافرون : جمع مسافر ، والسفر والمسافرون بمعنى . وفي الحديث : أنه قال لأهل مكة عام الفتح : يا أهل البلد صلوا أربعا فأنا سفر ; ويجمع السفر على أسفار . وبعير مسفر : قوي على السفر ; وأنشد ابن الأعرابي للنمر بن تولب :


أجزت إليك سهوب الفلاة     ورحلي على جمل مسفر

وناقة مسفرة ومسفار كذلك ، قال الأخطل :


ومهمه طامس تخشى غوائله     قطعته بكلوء العين مسفار

وسمى زهير البقرة مسافرة فقال :


كخنساء سفعاء الملاطين حرة     مسافرة مزءودة أم فرقد

ويقال للثور الوحشي : مسافر وأماني وناشط ; وقال :


كأنها بعدما خفت ثميلتها     مسافر أشعث الروقين مكحول

والسفر : الأثر يبقى على جلد الإنسان وغيره ، وجمعه سفور ; وقال أبو وجزة :


لقد ماحت عليك مؤبدات     يلوح لهن أنداب سفور

وفرس سافر اللحم أي قليله ; قال ابن مقبل :


لا سافر اللحم مدخول ولا هبج     كاسي العظام لطيف الكشح مهضوم



التهذيب : ويقال سافر الرجل إذا مات ; وأنشد :


زعم ابن جدعان بن عم     رو أنه يوما مسافر

والمسفرة : كبة الغزل . والسفرة ، بالضم : طعام يتخذ للمسافر ، وبه سميت سفرة الجلد . وفي حديث زيد بن حارثة قال : ذبحنا شاة فجعلناها سفرتنا أو في سفرتنا ; السفرة : طعام يتخذه المسافر وأكثر ما يحمل في جلد مستدير فنقل اسم الطعام إليه ، وسمي به كما سميت المزادة راوية وغير ذلك من الأسماء المنقولة ، فالسفرة في طعام السفر كاللهنة للطعام الذي يؤكل بكرة . وفي حديث عائشة : صنعنا لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، و لأبي بكر سفرة في جراب أي طعاما لما هاجر هو وأبو بكر ، رضي الله عنه . غيره : السفرة التي يؤكل عليها سميت سفرة لأنها تبسط إذا أكل عليها . والسفار : سفار البعير ، وهي حديدة توضع على أنف البعير فيخطم بها مكان الحكمة من أنف الفرس . وقال اللحياني : السفار والسفارة التي تكون على أنف البعير بمنزلة الحكمة ، والجمع أسفرة وسفر وسفائر ; وقد سفره : بغير ألف ، يسفره سفرا وأسفره عنه إسفارا وسفره ; التشديد عن كراع ، الليث : السفار حبل يشد طرفه على خطام البعير فيدار عليه ويجعل بقيته زماما ، قال : وربما كان السفار من حديد ; قال الأخطل :


وموقع ، أثر السفار بخطمه     من سود عقة أو بني الجوال

قال ابن بري : صوابه وموقع مخفوض على إضمار رب ; وبعده :


بكرت علي به التجار وفوقه     أحمال طيبة الرياح حلال

أي رب جمل موقع أي بظهره الدبر . والدبر : من طول ملازمة القتب ظهره أسني عليه أحمال الطيب وغيرها . و بنو عقة : من النمر بن قاسط . و بنو الجوال : من بني تغلب . وفي الحديث : فوضع يده على [ ص: 197 ] رأس البعير ثم قال : هات السفار ! فأخذه فوضعه في رأسه ; قال : السفار الزمام والحديدة التي يخطم بها البعير ليذل وينقاد ; ومنه الحديث : ابغني ثلاث رواحل مسفرات أي عليهن السفار ، وإن روي بكسر الفاء فمعناه القوية على السفر . يقال منه : أسفر البعير واستسفر . ومنه حديث الباقر : تصدق بحلال يدك وسفرها ; هو جمع السفار . وحديث ابن مسعود : قال له ابن السعدي : خرجت في السحر أسفر فرسا لي فمررت بمسجد بني حنيفة ; أراد خرج يدمنه على السير ويروضه ليقوى على السفر ، وقيل : هو من سفرت البعير إذا رعيته السفير ، وهو أسافل الزرع ، ويروى بالقاف والدال . وأسفرت الإبل في الأرض : ذهبت . وفي حديث معاذ : قال قرأت على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سفرا سفرا ، فقال : هكذا فاقرأ . جاء في الحديث : تفسيره هذا هذا . قال الحربي : إن صح فهو من السرعة والذهاب من أسفرت الإبل إذا ذهبت في الأرض ، قال : وإلا فلا أعلم وجهه . والسفر : بياض النهار ; قال ذو الرمة :


ومربوعة ربعية قد لبأتها     بكفي من دوية سفرا سفرا

يصف كمأة مربوعة أصابها الربيع . ربعية : منسوبة إلى الربيع . لبأتها : أطعمتهم إياها طرية الاجتناء كاللبا من اللبن ، وهو أبكره وأوله . وسفرا : صباحا . وسفرا : يعني مسافرين . وسفر الصبح أسفر : أضاء . وأسفر القوم أصبحوا . وأسفر . أضاء قبل الطلوع . وسفر وجهه حسنا وأسفر : أشرق . وفي التنزيل العزيز : وجوه يومئذ مسفرة قال الفراء : أي مشرقة مضيئة . وقد أسفر الوجه وأسفر الصبح . قال : وإذا ألقت المرأة نقابها قيل : سفرت فهي سافر ، بغير هاء . ومسافر الوجه : ما يظهر منه ; قال امرؤ القيس :


وأوجههم بيض المسافر غران

ولقيته سفرا وفي سفر أي عند اسفرار الشمس للغروب ; قال ابن سيده : كذلك حكي بالسين . ابن الأعرابي : السفر الفجر ; قال الأخطل :


إني أبيت وهم المرء يبعثه     من أول الليل حتى يفرج السفر

يريد الصبح ، يقول : أبيت أسري إلى انفجار الصبح . وسئل أحمد بن حنبل عن الإسفار بالفجر فقال : هو أن يصبح الفجر لا يشك فيه ، ونحو ذلك قال إسحاق وهو قول الشافعي وذويه . وروي عن عمر أنه قال : صلاة المغرب والفجاج مسفرة . قال أبو منصور : معناه أي بينة مبصرة لا تخفى . وفي الحديث : صلاة المغرب يقال لها صلاة البصر لأنها تؤدى قبل ظلمة الليل الحائلة بين الأبصار والشخوص . والسفر سفران : سفر الصبح وسفر المساء ، ويقال لبقية بياض النهار بعد مغيب الشمس : سفر لوضوحه ; ومنه قول الساجع : إذا طلعت الشعرى سفرا ، لم تر فيها مطرا ; أراد طلوعها عشاء . وسفرت المرأة وجهها إذا كشفت النقاب عن وجهها تسفر سفورا ; ومنه سفرت بين القوم أسفر سفارة أي كشفت ما في قلب هذا وقلب هذا لأصلح بينهم . وسفرت المرأة نقابها تسفره سفورا ، فهي سافرة : جلته . والسفير الرسول والمصلح بين القوم ، والجمع سفراء ; وقد سفر بينهم يسفر سفرا وسفارة وسفارة : أصلح . وفي حديث علي أنه قال لعثمان : إن الناس قد استسفروني بينك وبينهم أي جعلوني سفيرا ، وهو الرسول المصلح بين القوم . يقال : سفرت بين القوم إذا سعيت بينهم في الإصلاح . والسفر ، بالكسر : الكتاب ، وقيل : هو الكتاب الكبير ، وقيل : هو جزء من التوراة ، والجمع أسفار . والسفرة : الكتبة ، واحدهم سافر ، وهو بالنبطية سافرا . قال الله تعالى : بأيدي سفرة ; سفرت الكتاب أسفره سفرا . وقوله عز وجل : كمثل الحمار يحمل أسفارا ; قال الزجاج في الأسفار : الكتب الكبار واحدها سفر ، أعلم الله تعالى أن اليهود مثلهم في تركهم استعمال التوراة وما فيها كمثل الحمار يحمل عليه الكتب ، وهو لا يعرف ما فيها ولا يعيها . والسفرة : كتبة الملائكة الذين يحصون الأعمال ; وقال ابن عرفة : سميت الملائكة سفرة لأنهم يسفرون بين الله وبين أنبيائه ; وقال أبو بكر : سموا سفرة لأنهم ينزلون بوحي الله وبإذنه وما يقع به الصلاح بين الناس ، فشبهوا بالسفراء الذين يصلحون بين الرجلين فيصلح شأنهما . وفي الحديث : مثل الماهر بالقرآن مثل السفرة ; هم الملائكة جمع سافر ، والسافر في الأصل الكاتب ، سمي به لأنه يبين الشيء ويوضحه . وقال الزجاج : قيل للكاتب سافر ، وللكتاب سفر لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه . ويقال : أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء إضاءة لا يشك فيه ; ومنه قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ; يقول : صلوا صلاة الفجر بعدما يتبين الفجر ويظهر ظهورا لا ارتياب فيه ، وكل من نظر إليه عرف أنه الفجر الصادق . وفي الحديث : أسفروا بالفجر ; أي صلوا صلاة الفجر مسفرين ; ويقال : طولوها إلى الإسفار ; قال ابن الأثير : قالوا يحتمل أنهم حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأول حرصا ورغبة ، فقال : أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني وتتحققوه ، ويقوي ذلك أنه قال لبلال : نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم ، وقيل : الأمر بالإسفار خاص في الليالي المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فأمروا بالإسفار احتياطا ; ومنه حديث عمر : صلوا المغرب والفجاج مسفرة أي بينة مضيئة لا تخفى . وفي حديث علقمة الثقفي : كان يأتينا بلال يفطرنا ونحن مسفرون جدا ; ومنه قولهم : سفرت المرأة . وفي التنزيل العزيز : بأيدي سفرة كرام بررة ; قال المفسرون : السفرة يعني الملائكة الذين يكتبون أعمال بني آدم ، واحدهم سافر مثل كاتب وكتبة ; قال أبو إسحاق : واعتباره بقوله : كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ; وقول أبي صخر الهذلي :


لليلى بذات البين دار عرفتها     وأخرى بذات الجيش آياتها سفر

قال السكري : درست فصارت رسومها أغفالا . قال ابن جني : ينبغي أن يكون السفر من قولهم سفرت البيت أي كنسته فكأنه من [ ص: 198 ] كنست الكتابة من الطرس . وفي الحديث : أن عمر ، رضي الله عنه : دخل على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو أمرت بهذا البيت فسفر ; قال الأصمعي : أي كنس . والسافرة : أمة من الروم . وفي حديث سعيد بن المسيب : لولا أصوات السافرة لسمعتم وجبة الشمس ; قال : والسافرة أمة من الروم ، كذا جاء متصلا بالحديث ، ووجبة الشمس وقوعها إذا غربت . وسفار : اسم ماء مؤنثة معرفة مبنية على الكسر : الجوهري : وسفار مثل قطام اسم بئر ; قال الفرزدق :


متى ما ترد يوما سفار تجد بها     أديهم يرمي المستحيز المعورا

و سفيرة : هضبة معروفة ; قال زهير :


بكتنا أرضنا لما ظعنا      . . . . سفيرة والغيام



التالي السابق


الخدمات العلمية