صفحة جزء
[ سقي ]

سقي : السقي : معروف والاسم السقيا ، بالضم ، وسقاه الله الغيث أسقاه . وقد جمعهما لبيد في قوله :


سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال

ويقال : سقيته لشفته ، وأسقيته لماشيته ، وأرضه ، والاسم السقي ، بالكسر ، والجمع الأسقية . قال أبو ذؤيب يصف مشتار عسل :


فجاء بمزج لم ير الناس مثله     هو الضحك إلا أنه عمل النحل
يمانية أجبى لها مظ مائد     وآل قراس صوب أسقية كحل

قال الجوهري : هذا قول الأصمعي ، ويرويه أبو عبيدة :


صوب أرمية كحل

وهما بمعنى ، قال ابن بري : والمزج العسل والضحك الثغر ، شبه العسل به في بياضه ، ويمانية يريد به العسل ، والمظ رمان البر ، والأسقية جمع سقي وهي السحابة ، وكحل : سود أي سحائب سود ، يقول : أجبى نبت هذا الموضع صوب هذه السحائب . ابن سيده : سقاه سقيا وسقاه وأسقاه ، وقيل : سقاه بالشفة وأسقاه : دله على موضع الماء ، سيبويه : سقاه أسقاه جعل له ماء أو سقيا فسقاه ككساه ، وأسقى كألبس . أبو الحسن يذهب إلى التسوية بين فعلت وأفعلت ، وأن أفعلت غير منقولة من فعلت لضرب من المعاني كنقل أدخلت . والسقي : مصدر سقيت سقيا ، وفي الدعاء سقيا له ورعيا ! وسقاه ورعاه : قال له : سقيا ورعيا . وسقيت فلانا وأسقيته إذا قلت له سقاك الله ! قال ذو الرمة :


وقفت على ربع لمية ناقتي     فما زلت أسقي ربعها وأخاطبه
وأسقيه حتى كاد مما أبثه     تكلمني أحجاره وملاعبه

قال ابن بري : والمعروف في شعره :


فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

والسقي : ما أسقاه إياه . والسقي : الحظ من الشرب . يقال : كم سقي أرضك أي كم حظها من الشرب ؟ وأنشد أبو عبيد لعبد الله بن رواحة :


هنالك لا أبالي نخل سقي [ ص: 212 ]     ولا بعل وإن عظم الإتاء

ويقال : سقي وسقي ، فالسقي ، بالفتح الفعل ، والسقي ، بالكسر ، الشرب ، وقد أسقاه على ركيته . وأسقاه نهرا : جعله له سقيا . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أن رجلا من بني تميم قال له : يا أمير المؤمنين أسقني شبكة على ظهر جلال ، الشبكة : بئار مجتمعة ، أي اجعلها لي سقيا وأقطعنيها تكون لي خاصة . التهذيب : وأسقيت فلانا ركيتي إذا جعلتها له ، وأسقيته جدولا من نهري إذا جعلت له منه مسقى وأشعبت له منه . وسقيته الماء شدد للكثرة . وتساقى القوم : سقى كل واحد صاحبه بجمام الإناء الذي يسقيان فيه ; قال طرفة بن العبد :


وتساقى القوم كأسا مرة     وعلى الخيل دماء كالشقر

وقول المتنخل الهذلي :


مجدل يتسقى جلده دمه     كما تقطر جذع الدومة القطل

أي يتشربه ، ويروى : يتكسى من الكسوة ; قال ابن بري : صواب إنشاده مجدلا لأن قبله :


التارك القرن مصفرا أنامله     كأنه من عقار قهوة ثمل

وفي الحديث : أعجلتهم أن يشربوا سقيهم ; هو ، بالكسر ، اسم للشيء المستقى ، والمسقاة والمسقاة والسقاية : موضع السقي . وفي حديث عثمان : أبلغت الراتع مسقاته ; المسقاة ، بالفتح : موضع الشرب ، وقيل : هو ، بالكسر ، آلة الشرب ، والميم زائدة ; قال ابن الأثير : أراد أنه جمع له بين الأكل والشرب ، ضربه مثلا لرفقه برعيته ، ولأن لهم في السياسة كمن خلى المال يرعى حيث شاء ثم يبلغه الورد في رفق ، ومن كسر الميم جعلها كالآلة التي هي مسقاة الديك . والمسقى : وقت السقي . والمسقاة : ما يتخذ للجراد والكيزان تعلق عليه . والساقة من سواقي الزرع : نهير صغير . الأصمعي : السقي والرمي على فعيل سحابتان عظيمتا القطر شديدتا الوقع ، والجمع أسقية . والسقاية : الإناء يسقى به . وقال ثعلب : السقاية هو الصاع والصواع بعينه . والسقاية : الموضع الذي يتخذ فيه الشراب في المواسم وغيرها ، والسقاية في القرآن الصواع الذي كان يشرب فيه الملك وهو قوله تعالى : فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ; وكان إناء من فضة كانوا يكيلون الطعام به . ويقال للبيت الذي يتخذ مجمعا للماء ويسقى منه الناس : السقاية . وسقاية الحاج سقيهم الشراب ، وفي حديث معاوية : أنه باع سقاية من ذهب بأكثر من وزنها ، والسقاية : إناء يشرب فيه . وسقاية الماء معروفة ، وقال الفراء : في قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه ; وقال : في موضع آخر : ونسقيه مما خلقنا أنعاما ; العرب تقول لكل ما كان من بطون الأنعام ومن السماء أو نهر يجري لقوم أسقيت ، فإذا سقاك ماء لشفتك قالوا سقاه ولم يقولوا أسقاه كما قال تعالى : وسقاهم ربهم شرابا طهورا ; وقال : والذي هو يطعمني ويسقين ; وربما قالوا لما في بطون الأنعام ولماء السماء سقى وأسقى كما قال لبيد :


سقى قومي بني مجد وأسقى     نميرا والقبائل من هلال

وقال الليث : الإسقاء من قولك أسقيت فلانا نهرا أو ماء إذا جعلت له سقيا . وفي القرآن : ونسقيه مما خلقنا أنعاما ; من سقى ونسقيه من أسقى ، وهما لغتان بمعنى واحد . أبو زيد : اللهم أسقنا إسقاء إرواء . وفي الحديث : كل مأثرة من مآثر الجاهلية تحت قدمي إلا سقاية الحاج وسدانة البيت ، هي ما كانت قريش تسقيه الحجاج من الزبيب المنبوذ في الماء ، وكان يليها العباس بن عبد المطلب في الجاهلية والإسلام . وفي الحديث : أنه تفل في فم عبد الله بن عامر وقال : أرجو أن تكون سقاء أي لا تعطش . والسقاء : جلد السخلة إذا أجذع ولا يكون إلا للماء ; أنشد ابن الأعرابي :


يجبن بنا عرض الفلاة وما لنا     عليهن إلا وخدهن سقاء

الوخد : سير سهل أي لا نحتاج إلى سقاء للماء لأنهن يردن بنا الماء وقت حاجتنا إليه وقبل ذلك ، والجمع أسقية وأسقيات ، وأساق جمع الجمع . وأسقاه سقاء : وهبه له . وأسقاه إهابا : أعطاه إياه ليدبغه ويتخذ منه سقاء . وقال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، للذي استفتاه في ظبي رماه فقتله وهو محرم فقال : خذ شاة من الغنم فتصدق بلحمها وأسق إهابها من يتخذه سقاء . ابن السكيت : السقاء يكون للبن والماء ، والجمع القليل أسقية وأسقيات ; قال أبو النجم :


ضروعها بالدو أسقياته

والكثير أساق ، والوطب للبن خاصة ، والنحي للسمن ، والقربة للماء ، والسقاء ظرف الماء من الجلد ، ويجمع على أسقية ، وقيل : السقاء القربة للماء واللبن . ورجل ساق من قوم سقاء وسقائين ، والأنثى سقاءة وسقاية ، الهمز على التذكير والياء على التأنيث : كشقاء وشقاوة وفي المثل :


اسق رقاش إنها سقايه

ويروى سقاءه وسقاية على التكثير ، والمعنى واحد ، وهذا المثل يضرب للمحسن أي أحسنوا إليه لإحسانه ; عن أبي عبيد . واستقى الرجل واستسقاه : طلب منه السقي . وفي الحديث : خرج يستسقي فقلب رداءه ; وتكرر ذكر الاستسقاء في الحديث ، وهو استفعال من طلب السقيا أي إنزال الغيث على البلاد والعباد . يقال : استسقى وسقى الله عباده الغيث وأسقاهم ، والاسم السقيا بالضم . واستسقيت فلانا إذا طلبت منه أن يسقيك . واستقى من النهر والبئر والركية والدحل استقاء : أخذ من مائها . وأسقيت في القربة سقيت فيها أيضا ; قال ذو الرمة :


وما شنتا خرقاء واهيتا الكلى     سقى فيهما ساق ولما تبللا
بأضيع من عينيك للدمع كلما [ ص: 213 ]     تعرفت دارا أو توهمت منزلا

وهذا الشعر أنشده الجوهري :


وما شنتا خرقاء واه كلاهما     سقى فيهما مستعجل لم تبللا

والصواب ما أوردناه . وقول القائل : فجعلوا المران أرشية الموت فاستقوا بها أرواحهم ، إنما استعاره وإن لم يكن هناك ماء ولا رشاء ولا استقاء . وتسقى الشيء : قبل السقي ، وقيل : ثري ; أنشد ثعلب للمرار الفقعسي :


هنيئا لخوط من بشام ترفه     إلى برد شهد بهن مشوب
بما قد تسقى من سلاف وضمه     بنان كهداب الدمقس خضيب

وزرع سقي ، ونخل سقي : للذي لا يعيش بالأعذاء إنما يسقى ، والسقي المصدر . وزرع سقي : يسقى بالماء ، والمسقوي : كالسقي ; حكاه أبو عبيد ، كأنه نسبه إلى مسقى كمرمى ، ولا يكون منسوبا إلى مسقي لأنه لو كان كذلك لكان مسقي ، وقد صرح سيبويه بذلك ، وزرع مسقوي : إذا كان يسقى ومظمئي إذا كان عذيا ، قال ذلك أبو عبيد وأنكره أبو سعيد . الجوهري : المسقوي من الزرع ما يسقى بالسيح ، والمظمئي ما تسقيه السماء ، وهو بالفاء تصحيف . وفي حديث معاذ في الخراج : وإن كان نشر أرض يسلم عليها صاحبها فإنه يخرج منها ما أعطي نشرها ربع المسقوي وعشر المظمئي ، المسقوي ، بالفتح وتشديد الياء ، من الزرع : ما يسقى بالسيح ، والمظمئي : ما تسقيه السماء ، وهما في الأصل مصدرا أسقى وأظمأ أو سقى وظمئ منسوبا إليهما . والسقي : المسقي . والسقي : البردي ، واحدته سقية ، وهي لا يفوتها الماء ، وسمي بذلك لنباته في الماء أو قريبا منه ; قال امرؤ القيس :


وكشح لطيف كالجديل مخصر     وساق كأنبوب السقي المذلل

وقال بعضهم : أراد بالأنبوب أنبوب القصب النابت بين ظهراني نخل مسقي ، فكأنه قال كأنبوب النخل السقي أي كقصب النخل ، أضافه إليه لأنه نبت بين ظهرانيه ، وقيل : السقي البردي الناعم ، وأصله العنقر يشبه به ساق الجارية ; ومنه قوله :


على خبندى قصب ممكور     كعنقران الحائر المسكور

والواحدة سقية ; قال عبد الله بن عجلان النهدي :


جديدة سربال الشباب كأنها     سقية بردي نمتها غيولها

والسقي أيضا : النخل . وفي الحديث : أنه كان إمام قومه فمر فتى بناضحه يريد سقيا ، وفي رواية : يريد سقية ; والسقي والسقية : النخل الذي يسقى بالسواني أي الدوالي . والسقي والسقي : ماء يقع في البطن ، وأنكر بعضهم الكسر . وقد سقى بطنه واستسقى وأسقاه الله . والسقي : ماء أصفر يقع في البطن . يقال : سقى بطنه يسقي سقيا . أبو زيد : استسقى بطنه استسقاء أي اجتمع فيه ماء أصفر ، والاسم السقي ، بالكسر ، وقال شمر : السقي المصدر ، والسقي الاسم ، وهو السلى كما قالوا : رعي ورعي . وفي حديث عمران بن حصين : أنه سقي بطنه ثلاثين سنة . يقال : سقي بطنه وسقى بطنه واستسقى بطنه أي حصل فيه الماء الأصفر . وقال أبو عبيدة : السقي الماء الذي يكون في المشيمة يخرج على رأس الولد . والسقي : جلدة فيها ماء أصفر تنشق عن رأس الولد عند خروجه . التهذيب : والسقي ما يكون في نفافيخ بيض في شحم البطن . وسقى العرق : أمد فلم ينقطع . وأسقى الرجل إسقاء : اغتابه ; قال ابن أحمر :


ولا علم لي ما نوطة مستكنة     ولا أي من فارقت أسقي سقائيا

قال شمر : لا أعرف قول أبي عبيد أسقى سقائيا بمعنى اغتبته ; قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : معناه لا أدري من أوعى في الداء . قال ابن الأعرابي : يقال : سقى زيد عمرا وأسقاه إذا اغتابه غيبة خبيثة . الجوهري : أسقيته إذا عبته واغتبته . وسقي قلبه عدواة : أشرب . ويقال للرجل إذا كرر عليه ما يكرهه مرارا : سقي قلبه بالعداوة تسقية . وسقى الثوب وسقاه : أشربه صبغا . ويقال للثوب إذا صبغته : سقيته منا من عصفر ونحو ذلك . واستقى الرجل واستسقى : تقيأ ; قال رؤبة :


وكنت من دائك ذا أقلاس     فاستسقين بثمر القسقاس

والمساقاة في النخيل والكروم على الثلث والربع وما أشبهه . يقال : ساقى فلان فلانا نخله أو كرمه إذا دفعه إليه واستعمله فيه على أن يعمره ويسقيه ويقوم بمصلحته من الإبار وغيره ، فما أخرج الله منه فللعامل سهم من كذا وكذا سهما مما تغله ، والباقي لمالك النخل ، وأهل العراق يسمونها المعاملة . وفي حديث الحج : وهو قائل السقيا . السقيا : منزل بين مكة والمدينة ، قيل : هي على يومين من المدينة ; ومنه الحديث : أنه كان يستعذب الماء من بيوت السقيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية