صفحة جزء
[ سنح ]

سنح : السانح : ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك ، والبارح : ما أتاك من ذلك عن يسارك ؛ قال أبو عبيدة : سأل يونس رؤبة ، وأنا شاهد ، عن السانح والبارح ، فقال : السانح ما ولاك ميامنه ، والبارح ما ولاك مياسره ؛ وقيل : السانح الذي يجيء عن يمينك فتلي مياسره مياسرك ؛ قال أبو عمرو الشيباني : ما جاء عن يمينك إلى يسارك وهو إذا ولاك جانبه الأيسر وهو إنسيه ، فهو سانح ، وما جاء عن يسارك إلى يمينك وولاك جانبه الأيمن وهو وحشيه ، فهو بارح ؛ قال : السانح أحسن حالا عندهم في التيمن من البارح ؛ وأنشد لأبي ذؤيب :


أربت لإربته ، فانطلقت أرجي لحب اللقاء سنيحا

يريد : لا أتطير من سانح ولا بارح ؛ ويقال : أراد أتيمن به ؛ قال : وبعضهم يتشاءم بالسانح ؛ قال عمرو بن قميئة :


وأشأم طير الزاجرين سنيحها

وقال الأعشى :


أجارهما بشر من الموت بعدما     جرى لهما طير السنيح بأشأم

بشر هذا هو بشر بن عمرو بن مرثد ، وكان مع المنذر بن ماء السماء يتصيد ، وكان في يوم بؤسه الذي يقتل فيه أول من يلقاه ، وكان قد أتى في ذلك اليوم رجلان من بني عم بشر ، فأراد المنذر قتلهما ، فسأله بشر فيهما فوهبهما له ؛ قال رؤبة :


فكم جرى من سانح يسنح     وبارحات لم تحر تبرح
بطير تخبيب ولا تبرح

قال شمر : رواه ابن الأعرابي تسنح قال : والسنح اليمن والبركة ؛ وأنشد أبو زيد :


أقول والطير لنا سانح     يجري لنا أيمنه بالسعود

قال أبو مالك : السانح يتبرك به ، والبارح يتشاءم به ؛ وقد تشاءم زهير بالسانح ، فقال :


جرت سنحا فقلت لها أجيزي     نوى مشمولة فمتى اللقاء

مشمولة أي شاملة ، وقيل : مشمولة أخذ بها ذات الشمال . والسنح : الظباء الميامين . والسنح : الظباء المشائيم ؛ والعرب تختلف في العيافة ، فمنهم من يتيمن بالسانح ويتشاءم بالبارح ؛ وأنشد الليث :


جرت لك فيها السانحات بأسعد

وفي المثل : من لي بالسانح بعد البارح . وسنح وسانح ، بمعنى ؛ وأورد بيت الأعشى :


جرت لهما طير السناح بأشأم



ومنهم من يخالف ذلك ، والجمع سوانح . والسنيح كالسانح ، قال :


جرى يوم رحنا عامدين لأرضها     سنيح فقال القوم مر سنيح

والجمع سنح ، قال :


أبالسنح الأيامن أم بنحس [ ص: 271 ]     تمر به البوارح حين تجري

قال ابن بري : العرب تختلف في العيافة ؛ يعني في التيمن بالسانح ، والتشاؤم بالبارح ، فأهل نجد يتيمنون بالسانح ، كقول ذي الرمة ، وهو نجدي :


خليلي لا لاقيتما ما حييتما     من الطير إلا السانحات وأسعدا

وقال النابغة ، وهو نجدي فتشاءم بالبارح :


زعم البوارح أن رحلتنا غدا     وبذاك تنعاب الغراب الأسود

وقال كثير وهو حجازي ممن يتشاءم بالسانح :


أقول إذا ما الطير مرت مخيفة     سوانحها تجري ولا أستثيرها

فهذا هو الأصل ، ثم قد يستعمل النجدي لغة الحجازي ؛ فمن ذلك قول عمرو بن قميئة ، وهو نجدي :


فبيني على طير سنيح نحوسه     وأشأم طير الزاجرين سنيحها

وسنح عليه يسنح وسنوحا وسنحا وسنحا ، وسنح لي الظبي يسنح سنوحا إذا مر من مياسرك إلى ميامنك ؛ حكى الأزهري قال : كانت في الجاهلية امرأة تقوم بسوق عكاظ فتنشد الأقوال وتضرب الأمثال وتخجل الرجال ؛ فانتدب لها رجل ، فقالت المرأة ما قالت ، فأجابها الرجل :


أسكتاك جامح ورامح     كالظبيتين سانح وبارح

فخجلت وهربت . وسنح لي رأي وشعر يسنح : عرض لي أو تيسر ؛ وفي حديث عائشة واعتراضها بين يديه في الصلاة ، قالت : أكره أن أسنحه أي أكره أن أستقبله بيدي في صلاته ، من سنح لي الشيء إذا عرض . وفي حديث أبي بكر قال لأسامة : أغر عليهم غارة سنحاء ، من سنح له الرأي إذا اعترضه ؛ قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية ، والمعروف سحاء ، وقد ذكر في موضعه ؛ ابن السكيت : يقال : سنح له سانح فسنحه عما أراد أي رده وصرفه . وسنح بالرجل وعليه : أخرجه أو أصابه بشر . وسنحت بكذا أي عرضت ولحنت ؛ قال سوار بن المضرب :


وحاجة دون أخرى قد سنحت لها     جعلتها للتي أخفيت عنوانا

والسنيح : الخيط الذي ينظم فيه الدر قبل أن ينظم فيه الدر ، فإذا نظم ، فهو عقد ، وجمعه سنح . اللحياني : خل عن سنح الطريق ، وسجع الطريق ، بمعنى واحد ؛ الأزهري : وقال بعضهم : السنيح الدر والحلي ؛ قال أبو داود يذكر نساء :


وتغالين بالسنيح ولا يس     ألن غب الصباح ما الأخبار

وفي النوادر : يقال : استسنحته عن كذا وتسنحته واستنحسته عن كذا وتنحسته ، بمعنى استفحصته . ابن الأثير : وفي حديث علي :


سنحنح الليل كأني جني

أي لا أنام الليل أبدا فأنا متيقظ ، ويروى سمعمع ، وسيأتي ذكره في موضعه ؛ وفي حديث أبي بكر : كان منزله بالسنح ، بضم السين ، قيل : هو موضع بعوالي المدينة ، فيه منازل بني الحارث بن الخزرج ، وقد سمت سنيحا وسنحانا .

التالي السابق


الخدمات العلمية