صفحة جزء
[ سوأ ]

سوأ : ساءه يسوءه سوءا وسوءا وسواء وسواءة وسواية وسوائية ومساءة ومساية ومساء ومسائية : فعل به ما يكره ؛ نقيض سره ، والاسم السوء ، بالضم ، سؤت الرجل سواية ومساية ، يخففان ، أي ساءه ما رآه مني . قال سيبويه : سألت الخليل عن سوائية ، فقال : هي فعالية بمنزلة علانية . قال : والذين قالوا سواية حذفوا الهمزة ، كما حذفوا همزة هار ولاث ، كما اجتمع أكثرهم على ترك الهمز في ملك ، وأصله ملأك . قال : وسألته عن مسائية ، فقال : هي مقلوبة ، وإنما حدها مساوئة ، فكرهوا الواو مع الهمز لأنهما حرفان [ ص: 292 ] مستثقلان . والذين قالوا : مساية ، حذفوا الهمز تخفيفا . وقولهم : الخيل تجري على مساويها أي أنها وإن كانت بها أوصاب وعيوب ، فإن كرمها يحملها على الجري . وتقول من السوء : استاء فلان في الصنيع مثل استاع ، كما تقول من الغم اغتم ، واستاء هو : اهتم ، وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : أن رجلا قص عليه رؤيا فاستاء لها ، ثم قال : خلافة نبوة ، ثم يؤتي الله الملك من يشاء . قال أبو عبيد : أراد أن الرؤيا ساءته فاستاء لها ، افتعل من المساءة . ويقال : استاء فلان بمكاني أي ساءه ذلك . ويروى : فاستآلها أي طلب تأويلها بالنظر والتأمل . ويقال : ساء ما فعل فلان صنيعا يسوء أي قبح صنيعه صنيعا . والسوء : الفجور والمنكر . ويقال : فلان سيئ الاختيار ، وقد يخفف مثل هين وهين ، ولين ولين . قال : الطهوي :


ولا يجزون من حسن بسيء ولا يجزون من غلظ بلين



ويقال : عندي ما ساءه وناءه وما يسوءه وينوءه . ابن السكيت : وسؤت به ظنا ، وأسأت به الظن ، قال : يثبتون الألف إذا جاءوا بالألف واللام . قال ابن بري : إنما نكر ظنا في قوله سؤت به ظنا لأن ظنا منتصب على التمييز ، وأما أسأت به الظن ، فالظن مفعول به ، ولهذا أتى به معرفة لأن أسأت متعد . ويقال : أسأت به وإليه وعليه وله ، وكذلك أحسنت . قال كثير :


أسيئي بنا أو أحسني لا ملولة     لدينا ولا مقلية إن تقلت



وقال سبحانه : وقد أحسن بي ؛ وقال عز من قائل : إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ؛ وقال : ومن أساء فعليها ، وقال عز وجل : وأحسن كما أحسن الله إليك ؛ وسؤت له وجهه : قبحته . الليث : ساء يسوء : فعل لازم ومجاوز ، تقول : ساء الشيء يسوء سوءا ، فهو سيئ ، إذا قبح ، ورجل أسوأ : قبيح ، والأنثى سوآء : قبيحة ، وقيل : هي فعلاء لا أفعل لها ، وفي الحديث عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : سوآء ولود خير من حسناء عقيم . قال الأموي : السوآء القبيحة ، يقال للرجل من ذلك : أسوأ ؛ مهموز مقصور ، والأنثى سوآء . قال ابن الأثير : أخرجه الأزهري حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخرجه غيره حديثا عن عمر ، رضي الله عنه . ومنه حديث عبد الملك بن عمير : السوآء بنت السيد أحب إلي من الحسناء بنت الظنون . وقيل في قوله تعالى : ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى ؛ قال : هي جهنم أعاذنا الله منها . والسوأة السوآء : المرأة المخالفة . والسوأة السوآء : الخلة القبيحة . وكل كلمة قبيحة أو فعلة قبيحة فهي سوآء . قال أبو زبيد في رجل من طيئ نزل به رجل من بني شيبان ، فأضافه الطائي وأحسن إليه وسقاه ، فلما أسرع الشراب في الطائي افتخر ومد يده ، فوثب عليه الشيباني فقطع يده ، فقال أبو زبيد :


ظل ضيفا أخوكم لأخينا     في شراب ونعمة وشواء
لم يهب حرمة النديم وحقت     يا لقومي للسوأة السوآء



ويقال : سؤت وجه فلان ، وأنا أسوءه مساءة ومسائية ، والمساية لغة في المساءة ، تقول : أردت مساءتك ومسايتك . ويقال : أسأت إليه في الصنيع . وخزيان سوآن : من القبح . والسوأى ، بوزن فعلى : اسم للفعلة السيئة بمنزلة الحسنى للحسنة ، محمولة على جهة النعت في حد أفعل وفعلى كالأسوأ والسوأى . والسوأى : خلاف الحسنى . وقوله عز وجل : ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى ؛ الذين أساءوا هنا الذين أشركوا . والسوأى : النار . وأساء الرجل إساءة : خلاف أحسن . وأساء إليه : نقيض أحسن إليه . وفي حديث مطرف قال لابنه لما اجتهد في العبادة : خير الأمور أوساطها ، والحسنة بين السيئتين أي الغلو سيئة والتقصير سيئة والاقتصاد بينهما حسنة . وقد كثر ذكر السيئة في الحديث ، وهي والحسنة من الصفات الغالبة . يقال : كلمة حسنة وكلمة سيئة ، وفعلة حسنة وفعلة سيئة . وأساء الشيء : أفسده ولم يحسن عمله . وأساء فلان الخياطة والعمل . وفي المثل : أساء كاره ما عمل . وذلك أن رجلا أكرهه آخر على عمل فأساء عمله . ويضرب هذا للرجل يطلب الحاجة فلا يبالغ فيها . والسيئة : الخطيئة ، أصلها سيوئة ، فقلبت الواو ياء وأدغمت . وقول سيئ : يسوء . والسيئ والسيئة : عملان قبيحان ، يصير السيئ نعتا للذكر من الأعمال والسيئة الأنثى . والله يعفو عن السيئات . وفي التنزيل العزيز : ومكر السيئ ؛ فأضاف . وفيه : ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ؛ والمعنى مكر الشرك . وقرأ ابن مسعود : " ومكرا سيئا " على النعت . وقوله :


أنى جزوا عامرا سيئا بفعلهم     أم كيف يجزونني السوأى من الحسن



فإنه أراد سيئا ، فخفف كهين من هين . وأراد من الحسنى فوضع الحسن مكانه لأنه لم يمكنه أكثر من ذلك . وسوأت عليه فعله وما صنع تسوئة وتسويئا إذا عبته عليه ، وقلت له : أسأت . ويقال : إن أخطأت فخطئني ، وإن أسأت فسوئ علي ، أي : قبح علي إساءتي . وفي الحديث : فما سوأ عليه ذلك ، أي ما قال له أسأت . قالأبو بكر في قوله ضرب فلان على فلان ساية : فيه قولان : أحدهما : الساية الفعلة من السوء ، فترك همزها ، والمعنى : فعل به ما يؤدي إلى مكروه والإساءة به . وقيل : ضرب فلان على فلان ساية معناه : جعل لما يريد أن يفعله به طريقا . فالساية فعلة من سويت ، كان في الأصل سوية فلما اجتمعت الواو والياء ، والسابق ساكن ؛ جعلوها ياء مشددة ثم استثقلوا التشديد ، فأتبعوهما ما قبله ، فقالوا : ساية كما قالوا دينار وديوان وقيراط ، والأصل دوان ، فاستثقلوا التشديد ، فأتبعوه الكسرة التي قبله . والسوأة : العورة والفاحشة . والسوأة : الفرج . الليث : السوأة : فرج الرجل والمرأة . قال الله تعالى : بدت لهما سوآتهما ؛ قال : فالسوأة كل عمل وأمر شائن . يقال : سوأة لفلان ، نصب لأنه شتم ودعاء . وفي حديث الحديبية والمغيرة : وهل غسلت سوأتك إلا أمس ؟ قال ابن الأثير : السوأة في الأصل الفرج ثم نقل إلى كل ما يستحيا منه إذا ظهر من قول وفعل ، وهذا القول إشارة إلى غدر كان المغيرة فعله مع قوم صحبوه في الجاهلية [ ص: 293 ] ، فقتلهم وأخذ أموالهم . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله تعالى : وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ؛ قال : يجعلانه على سوآتهما أي على فروجهما . ورجل سوء : يعمل عمل سوء ، وإذا عرفته وصفت به وتقول : هذا رجل سوء ، بالإضافة ، وتدخل عليه الألف واللام فتقول : هذا رجل السوء . قال الفرزدق :


وكنت كذئب السوء لما رأى دما     بصاحبه يوما أحال على الدم



قال الأخفش : ولا يقال الرجل السوء ، ويقال : الحق اليقين وحق اليقين جميعا ؛ لأن السوء ليس بالرجل ، واليقين هو الحق . قال : ولا يقال : هذا رجل السوء ، بالضم . قال ابن بري : وقد أجاز الأخفش أن يقال : رجل السوء ورجل سوء ، بفتح السين فيهما ، ولم يجوز رجل سوء ، بضم السين ، لأن السوء اسم للضر وسوء الحال ، وإنما يضاف إلى المصدر الذي هو فعله كما يقال رجل الضرب والطعن فيقوم مقام قولك رجل ضراب وطعان ، فلهذا جاز أن يقال : رجل السوء ، بالفتح ، ولم يجز أن يقال : هذا رجل السوء ، بالضم . قال ابن هانئ : المصدر السوء ، واسم الفعل السوء ، وقال : السوء مصدر سؤته أسوءه سوءا ، وأما السوء فاسم الفعل . قال الله تعالى : وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا . وتقول في النكرة : رجل سوء ، وإذا عرفت قلت : هذا الرجل السوء ، ولم تضف ، وتقول : هذا عمل سوء ، ولا تقل السوء ، لأن السوء يكون نعتا للرجل ، ولا يكون السوء نعتا للعمل ، لأن الفعل من الرجل وليس الفعل من السوء ، كما تقول : قول صدق ، والقول الصدق ، ورجل صدق ، ولا تقول : رجل الصدق ، لأن الرجل ليس من الصدق . الفراء في قوله عز وجل : عليهم دائرة السوء ؛ مثل قولك : رجل السوء . قال : ودائرة السوء العذاب . السوء - بالفتح - أفشى في القراءة وأكثر ، وقلما تقول العرب : دائرة السوء ، برفع السين . وقال الزجاج في قوله تعالى : الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء ؛ كانوا ظنوا أن لن يعود الرسول والمؤمنون إلى أهليهم ، فجعل الله دائرة السوء عليهم . قال : ومن قرأ : " ظن السوء " فهو جائز . قال : ولا أعلم أحدا قرأ بها إلا أنها قد رويت . وزعم الخليل وسيبويه : أن معنى السوء هاهنا الفساد ، يعني الظانين بالله ظن الفساد ، وهو ما ظنوا أن الرسول ومن معه لا يرجعون . قال الله تعالى : عليهم دائرة السوء ؛ أي الفساد والهلاك يقع بهم . قال الأزهري : قوله لا أعلم أحدا قرأ " ظن السوء " بضم السين ممدودة - صحيح ، وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو : دائرة السوء ، بضم السين ممدودة ، في سورة " براءة " وسورة الفتح ، وقرأ سائر القراء " السوء " ، بفتح السين في السورتين . وقال الفراء في سورة " براءة " في قوله تعالى : ويتربص بكم الدوائر ، عليهم دائرة السوء ؛ قال : قرأ القراء بنصب السين ، وأراد بالسوء المصدر من سؤته سوءا مساءة ومسائية وسوائية ، فهذه مصادر ، ومن رفع السين جعله اسما كقولك : عليهم دائرة البلاء والعذاب . قال : ولا يجوز ضم السين في قوله تعالى : ما كان أبوك امرأ سوء ؛ ولا في قوله : وظننتم ظن السوء ؛ لأنه ضد لقولهم : هذا رجل صدق ، وثوب صدق ، وليس للسوء هاهنا معنى في بلاء ولا عذاب ، فيضم . وقرئ قوله تعالى : " عليهم دائرة السوء " يعني الهزيمة والشر ، ومن فتح فهو من المساءة . وقوله عز وجل : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ؛ قال الزجاج : السوء خيانة صاحبه ، والفحشاء : ركوب الفاحشة . وإن الليل طويل ولا يسوء باله أي يسوءني باله ، عن اللحياني . قال : ومعناه الدعاء . والسوء : اسم جامع للآفات والداء . وقوله عز وجل : وما مسني السوء ؛ قيل : معناه ما بي من جنون ، لأنهم نسبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنون . وقوله عز وجل : أولئك لهم سوء الحساب ؛ قال الزجاج : سوء الحساب أن لا يقبل منهم حسنة ، ولا يتجاوز عن سيئة ، لأن كفرهم أحبط أعمالهم ، كما قال تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ؛ وقيل : سوء الحساب : أن يستقصى عليه حسابه ، ولا يتجاوز له عن شيء من سيئاته ، وكلاهما فيه . ألا تراهم قالوا : من نوقش الحساب عذب . وقولهم : لا أنكرك من سوء ، وما أنكرك من سوء أي لم يكن إنكاري إياك من سوء رأيته بك ، إنما هو لقلة المعرفة . ويقال : إن السوء البرص . ومنه قوله تعالى : تخرج بيضاء من غير سوء ؛ أي من غير برص . وقال الليث : أما السوء فما ذكر بسيئ ، فهو السوء . قال : ويكنى بالسوء عن اسم البرص ، ويقال : لا خير في قول السوء ، فإذا فتحت السين ، فهو على ما وصفنا ، وإذا ضممت السين ، فمعناه لا تقل سوءا . وبنو سوأة : حي من قيس بن علي .

التالي السابق


الخدمات العلمية