صفحة جزء
[ سوف ]

سوف : سوف : كلمة معناها التنفيس والتأخير ؛ قال سيبويه : سوف كلمة تنفيس فيما لم يكن بعد ، ألا ترى أنك تقول سوفته إذا قلت له مرة بعد مرة سوف أفعل ؟ ولا يفصل بينها وبين " أفعل " لأنها بمنزلة السين في سيفعل . ابن سيده : وأما قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى ؛ اللام داخلة فيه على الفعل لا على الحرف ، وقال ابن جني : هو حرف واشتقوا منه فعلا فقالوا سوفت الرجل تسويفا ، قال : وهذا كما ترى مأخوذ من الحرف ، أنشد سيبويه لابن مقبل :


لو ساوفتنا بسوف من تجنبها سوف العيوف لراح الركب قد قنعوا

انتصب سوف العيوف على المصدر المحذوف الزيادة . وقد قالوا : سو يكون ، فحذفوا اللام وسا يكون ، فحذفوا اللام وأبدلوا العين طلب الخفة ، وسف يكون ، فحذفوا العين كما حذفوا اللام . التهذيب : والسوف الصبر . وإنه لمسوف أي صبور ؛ وأنشد المفضل :


هذا ورب مسوفين صبحتهم     من خمر بابل لذة للشارب

أبو زيد : سوفت الرجل أمري تسويفا أي ملكته ، وكذلك سومته . والتسويف : التأخير من قولك سوف أفعل . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن المسوفة من النساء وهي التي لا تجيب زوجها إذا دعاها إلى فراشه وتدافعه فيما يريد منها وتقول سوف أفعل . وقولهم : فلان يقتات السوف أي يعيش بالأماني . والتسويف : المطل . وحكى أبو زيد : سوفت الرجل أمري إذا ملكته أمرك وحكمته فيه يصنع ما يشاء . وساف الشيء يسوفه ويسافه سوفا وساوفه واستافه ، كله : شمه ؛ قال الشماخ :


إذا ما استافهن ضربن منه     مكان الرمح من أنف القدوع

والاستياف : الاشتمام . ابن الأعرابي : ساف يسوف سوفا إذا شم ؛ وأنشد :


قالت وقد ساف مجذ المرود

قال : المرود الميل ، ومجذه طرفه ، ومعناه أن الحسناء إذ كحلت عينيها مسحت طرف الميل بشفتيها ليزداد حمة أي سوادا . والمسافة : بعد المفازة والطريق ، وأصله من الشم ، وهو أن الدليل كان إذا ضل في فلاة أخذ التراب فشمه فعلم أنه على هدية ؛ قال رؤبة :


إذا الدليل استاف أخلاق الطرق

ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد مسافة ، وقيل : سمي مسافة لأن الدليل يستدل على الطريق في الفلاة البعيدة الطرفين بسوفه ترابها ليعلم أعلى قصد هو أم على جور ؛ وقال امرؤ القيس :


على لاحب لا يهتدى بمناره     إذا سافه العود الديافي جرجرا

وقوله : لا يهتدى بمناره يقول : ليس به منار فيهتدى به ، وإذا ساف الجمل تربته جرجر جزعا من بعده وقلة مائه . والسوفة والسائفة : أرض بين الرمل والجلد . قال أبو زياد : السائفة : جانب من الرمل ألين ما يكون منه ، والجمع سوائف ؛ قال ذو الرمة :


وتبسم عن ألمى اللثات كأنه     ذرا أقحوان من أقاحي السوائف

وقال جابر بن جبلة : السائفة الحبل من الرمل . غيره : السائفة الرملة الرقيقة ؛ قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة :


كأن أعناقها كراث سائفة     طارت لفائفه أو هيشر سلب

الهيشرة : شجرة لها ساق وفي رأسها كعبرة شهباء ، والسلب : الذي لا ورق عليه ، والسائفة : الشط من السنام ؛ قال ابن سيده : هو من الواو لكون الألف عينا . والسواف والسواف : الموت في الناس والمال ، ساف سوفا وأسافه الله ، وأساف الرجل : وقع في ماله السواف أي الموت ؛ قال طفيل :


فأبل واسترخى به الخطب بعدما     أساف ولولا سعينا لم يؤبل

ابن السكيت : أساف الرجل فهو مسيف إذا هلك ماله . وقد ساف المال نفسه يسوف إذا هلك . ويقال : رماه الله بالسواف ، كذا رواه بفتح السين . قال ابن السكيت : سمعت هشاما المكفوف يقول لأبي عمرو : [ ص: 304 ] إن الأصمعي يقول السواف ، بالضم ، ويقول : الأدواء كلها جاءت بالضم نحو النحاز والدكاع والزكام والقلاب والخمال . وقال أبو عمرو : لا ، هو السواف ، بالفتح ، وكذلك قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ؛ قال ابن بري : لم يروه بالفتح غير أبي عمرو وليس بشيء . وساف يسوف أي هلك ماله . يقال : أساف حتى ما يتشكى السواف إذا تعود الحوادث ، نعوذ بالله من ذلك ؛ ومنه قول حميد بن ثور :


فيا لهما من مرسلين لحاجة     أسافا من المال التلاد وأعدما

وأنشد ابن بري للمرار شاهدا على السواف مرض المال :


دعا بالسواف له ظالما     فذا العرش خيرهما أن يسوفا

أي احفظ خيرهما من أن يسوف أي يهلك ؛ وأنشد ابن بري لأبي الأسود العجلي :


لجذتهم حتى إذا ساف مالهم     أتيتهم في قابل تتجدف

والتجدف : الافتقار . وفي حديث الدؤلي : وقف عليه أعرابي فقال : أكلني الفقر وردني الدهر ضعيفا مسيفا ؛ هو الذي ذهب ماله من السواف وهو داء يأخذ الإبل فيهلكها . قال ابن الأثير : وقد تفتح سينه خارجا عن قياس نظائره ، وقيل : هو بالفتح الفناء . أبو حنيفة : السواف مرض المال ، وفي المحكم : مرض الإبل ، قال : والسواف ، بفتح السين ، الفناء . وأساف الخارز يسيف إسافة أي أثأى فانخرمت الخرزتان . وأساف الخرز : خرمه ؛ قال الراعي :


مزائد خرقاء اليدين مسيفة     أخب بهن المخلفان وأحفدا

قال ابن سيده : كذا وجدناه بخط علي بن حمزة مزائد ، مهموز . وإنها لمساوفة السير أي مطيقته . والساف في البناء : كل صف من اللبن ؛ يقال : ساف من البناء وسافان وثلاثة آسف وهي السفوف . وقال الليث : الساف ما بين سافات البناء ، ألفه واو في الأصل ، وقال غيره : كل سطر من اللبن والطين في الجدار ساف ومدماك . الجوهري : الساف كل عرق من الحائط . والساف : طائر يصيد ؛ قال ابن سيده : قضينا على مجهول هذا الباب بالواو لكونها عينا . والأسواف : موضع بالمدينة بعينه . وفي الحديث : اصطدت نهسا بالأسواف . ابن الأثير : هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . والنهس : طائر يشبه الصرد ، مذكور في موضعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية