صفحة جزء
[ برأ ]

برأ : البارئ : من أسماء الله - عز وجل - والله البارئ الذارئ . وفي التنزيل العزيز : البارئ المصور . وقال - تعالى : فتوبوا إلى بارئكم . قال : البارئ : هو الذي خلق الخلق لا عن مثال . قال : ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات ، وقلما تستعمل في غير الحيوان ، فيقال : برأ الله النسمة وخلق السماوات والأرض . قال ابن سيده : برأ الله الخلق يبرؤهم برءا وبروءا : خلقهم ، يكون ذلك في الجواهر والأعراض . وفي التنزيل : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها وفي التهذيب : والبرية أيضا : الخلق بلا همز . قال الفراء : [ ص: 47 ] هي من برأ الله الخلق أي خلقهم . والبرية : الخلق ، وأصلها الهمز ، وقد تركت العرب همزها . ونظيره : النبي والذرية . وأهل مكة يخالفون غيرهم من العرب ، يهمزون البريئة والنبيء والذريئة ، من ذرأ الله الخلق ، وذلك قليل . قال الفراء : وإذا أخذت البرية من البرى ، وهو التراب ، فأصلها غير الهمز . وقال اللحياني : أجمعت العرب على ترك همز هذه الثلاثة ، ولم يستثن أهل مكة . وبرئت من المرض ، وبرأ المريض يبرأ ويبرؤ برءا وبروءا ، وأهل العالية يقولون : برأت أبرأ برءا وبروءا ، وأهل الحجاز يقولون : برأت من المرض برءا ، بالفتح ، وسائر العرب يقولون : برئت من المرض . وأصبح بارئا من مرضه وبريئا من قوم براء ، كقولك صحيحا ، وصحاحا ، فذلك ذلك . غير أنه إنما ذهب في براء إلى أنه جمع بريء . قال : وقد يجوز أن يكون براء أيضا جمع بارئ ، كجائع وجياع وصاحب وصحاب . وقد أبرأه الله من مرضه إبراء . قال ابن بري : لم يذكر الجوهري برأت أبرؤ ، بالضم في المستقبل . قال : وقد ذكره سيبويه وأبو عثمان المازني وغيرهما من البصريين . قال : وإنما ذكرت هذا لأن بعضهم لحن بشار بن برد في قوله :


نفر الحي من مكاني ، فقالوا : فز بصبر ، لعل عينك تبرو     مسه ، من صدود عبدة ، ضر
فبنات الفؤاد ما تستقر



وفي حديث مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - قال العباس لعلي - رضي الله عنهما : كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أصبح بحمد الله بارئا ، أي معافى . يقال : برأت من المرض أبرأ برءا ، بالفتح ، فأنا بارئ ; وأبرأني الله من المرض . وغير أهل الحجاز يقولون : برئت ، بالكسر ، برءا ، بالضم . ومنه قول عبد الرحمن بن عوف لأبي بكر - رضي الله عنهما : أراك بارئا . وفي حديث الشرب : فإنه أروى وأبرى ، أي يبرئه من ألم العطش . أو أراد أنه لا يكون منه مرض ، لأنه قد جاء في حديث آخر : فإنه يورث الكباد . قال : وهكذا يروى في الحديث : أبرى ، غير مهموزة ، لأجل أروى . والبراء في المديد : الجزء السالم من زحاف المعاقبة . وكل جزء يمكن أن يدخله الزحاف كالمعاقبة ، فيسلم منه ، فهو بريء . الأزهري : وأما قولهم : برئت من الدين ، والرجل أبرأ براءة ، وبرئت إليك من فلان أبرأ براءة ، فليس فيها غير هذه اللغة . قال الأزهري : وقد رووا برأت من المرض أبرؤ برءا . قال : ولم نجد فيما لامه همزة فعلت أفعل . قال : وقد استقصى العلماء باللغة هذا ، فلم يجدوه إلا في هذا الحرف ، ثم ذكر قرأت أقرؤ وهنأت البعير أهنؤه . وقوله عز وجل : براءة من الله ورسوله ، قال : في رفع ( براءة ) قولان : أحدهما على خبر الابتداء ، المعنى : هذه الآيات براءة من الله ورسوله ; والثاني براءة ابتداء والخبر إلى الذين عاهدتم . قال : وكلا القولين حسن . وأبرأته مما لي عليه وبرأته تبرئة ، وبرئ من الأمر يبرأ ويبرؤ ، والأخير نادر ، براءة وبراء ، الأخيرة عن اللحياني ; قال : وكذلك في الدين والعيوب برئ إليك من حقك براءة وبراء وبروءا وتبرؤا ، وأبرأك منه وبرأك . وفي التنزيل العزيز : فبرأه الله مما قالوا . وأنا بريء من ذلك وبراء ، والجمع براء ، مثل كريم وكرام ، وبرآء ، مثل فقيه وفقهاء ، وأبراء ، مثل شريف وأشراف ، وأبرياء ، مثل نصيب وأنصباء ، وبريئون وبراء . وقال الفارسي : البراء جمع بريء ، وهو من باب رخل ورخال . وحكى الفراء في جمعه : براء غير مصروف على حذف إحدى الهمزتين . وقال اللحياني : أهل الحجاز يقولون : أنا منك براء . قال : وفي التنزيل العزيز : إنني براء مما تعبدون . وتبرأت من كذا وأنا براء منه وخلاء ، لا يثنى ولا يجمع ، لأنه مصدر في الأصل مثل سمع سماعا ، فإذا قلت : أنا بريء منه وخلي منه ثنيت وجمعت وأنثت . ولغة تميم وغيرهم من العرب : أنا بريء . وفي غير موضع من القرآن : إني بريء ; والأنثى بريئة ، ولا يقال : براءة ، وهما بريئتان ، والجمع بريئات ، وحكى اللحياني : بريات وبرايا كخطايا ; وأنا البراء منه ، وكذلك الاثنان والجمع المؤنث . وفي التنزيل العزيز : إنني براء مما تعبدون . الأزهري : والعرب تقول : نحن منك البراء والخلاء ، والواحد والاثنان والجمع من المذكر والمؤنث يقال : براء لأنه مصدر . ولو قال : بريء ، لقيل في الاثنين : بريئان ، وفي الجمع : بريئون وبراء . وقال أبو إسحاق : المعنى في البراء أي ذو البراء منكم ، ونحن ذوو البراء منكم . وزاد الأصمعي : نحن برآء على فعلاء ، وبراء على فعال ، وأبرياء ; وفي المؤنث : إنني بريئة وبريئتان ، وفي الجمع بريئات وبرايا . الجوهري : رجل بريء وبراء مثل عجيب وعجاب . وقال ابن بري : المعروف في براء أنه جمع لا واحد ، وعليه قول الشاعر :


رأيت الحرب يجنيها رجال     ويصلى ، حرها ، قوم براء



قال ومثله لزهير :


إليكم إننا قوم براء



ونص ابن جني على كونه جمعا ، فقال : يجمع بريء على أربعة من الجموع : بريء وبراء ، مثل ظريف وظراف ، وبريء وبرآء ، مثل شريف وشرفاء ، وبريء وأبرياء ، مثل صديق وأصدقاء ، وبريء وبراء ، مثل ما جاء من الجموع على فعال نحو تؤام ورباء في جمع توأم وربى .

ابن الأعرابي : برئ إذا تخلص ، وبرئ إذا تنزه وتباعد ، وبريء إذا أعذر وأنذر ; ومنه قوله - تعالى : براءة من الله ورسوله ، أي إعذار وإنذار . وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - لما دعاه عمر إلى العمل فأبى ، فقال عمر : إن يوسف قد سأل العمل . فقال : إن يوسف مني بريء وأنا منه براء ، أي بريء عن مساواته في الحكم وأن أقاس به ; ولم يرد براءة الولاية والمحبة لأنه مأمور بالإيمان به ، والبراء والبريء سواء . وليلة البراء ليلة يتبرأ القمر من الشمس ، وهي أول ليلة من الشهر . التهذيب : البراء أول يوم من الشهر ، وقد أبرأ : إذا دخل في البراء ، وهو أول الشهر . وفي الصحاح البراء ، بالفتح ، أول ليلة من [ ص: 48 ] الشهر ، ولم يقل ليلة البراء ; قال :


يا عين بكي مالكا وعبسا     يوما ، إذا كان البراء نحسا



أي إذا لم يكن فيه مطر ، وهم يستحبون المطر في آخر الشهر ; وجمعه أبرئة ، حكي ذلك عن ثعلب . قال القتيبي : آخر ليلة من الشهر تسمى براء لتبرؤ القمر فيه من الشمس . ابن الأعرابي : يقال لآخر يوم من الشهر البراء ; لأنه برئ من هذا الشهر . وابن البراء : أول يوم من الشهر . ابن الأعرابي : البراء من الأيام يوم سعد يتبرك بكل ما يحدث فيه وأنشد :


كان البراء لهم نحسا ، فغرقهم     ولم يكن ذاك نحسا مذ سرى القمر

وقال آخر :


إن عبيدا لا يكون غسا     كما البراء لا يكون نحسا



أبو عمرو الشيباني : أبرأ الرجل : إذا صادف بريئا ، وهو قصب السكر . قال أبو منصور : أحسب هذا غير صحيح ، قال : والذي أعرفه أبرت : إذا صادفت بريا ، وهو سكر الطبرزذ . وبارأت الرجل : برئت إليه وبرئ إلي . وبارأت شريكي : إذا فارقته . وبارأ المرأة والكري مبارأة وبراء : صالحهما على الفراق . والاستبراء : أن يشتري الرجل جارية ، فلا يطؤها حتى تحيض عنده حيضة ثم تطهر ; وكذلك إذا سباها لم يطأها حتى يستبرئها بحيضة ، ومعناه : طلب براءتها من الحمل . واستبرأت ما عندك : غيره . استبرأ المرأة : إذا لم يطأها حتى تحيض ; وكذلك استبرأ الرحم . وفي الحديث في استبراء الجارية : " لا يمسها حتى تبرأ رحمها ويتبين حالها هل هي حامل أم لا " . وكذلك الاستبراء الذي يذكر مع الاستنجاء في الطهارة ، وهو أن يستفرغ بقية البول ، وينقي موضعه ومجراه ، حتى يبرئهما منه أي يبينه عنهما ، كما يبرأ من الدين والمرض . والاستبراء : استنقاء الذكر عن البول . واستبرأ الذكر : طلب براءته من بقية بول فيه بتحريكه ونتره وما أشبه ذلك ، حتى يعلم أنه لم يبق فيه شيء . ابن الأعرابي : البريء : المتفصي من القبائح ، المتنجي عن الباطل والكذب ، البعيد من التهم ، النقي القلب من الشرك . والبريء الصحيح الجسم والعقل . والبرأة ، بالضم : قترة الصائد التي يكمن فيها ، والجمع برأ . قال الأعشى يصف الحمير :


فأوردها عينا ، من السيف ، رية     بها برأ مثل الفسيل المكمم



التالي السابق


الخدمات العلمية