صفحة جزء
شأي

شأي : الشأو : الطلق والشوط . والشأو : الغاية والأمد ، وفي الحديث : فطلبته أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا ; والشأو : الشوط والمدى ; ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما : قال لخالد بن صفوان صاحب ابن الزبير وقد ذكر سنة العمرين ، فقال تركتما سنتهما شأوا بعيدا ، وفي رواية : شأوا مغربا ومغربا ، والمغرب والمغرب البعيد ، ويريد بقوله تركتما خالدا وابن الزبير . والشأو : السبق ، شأوت القوم شأوا : سبقتهم . وشأيت القوم شأيا : سبقتهم ; قال امرؤ القيس :


فكان تنادينا وعقد عذاره وقال صحابي قد شأونك فاطلب



قال ابن بري : الواو ههنا بمعنى مع أي مع عقد عذاره ، فأغنت عن الخبر على حد قولهم كل رجل وضيعته ; وأنشد أبو القاسم الزجاجي :


شأتك المنازل بالأبرق     دوارس كالوحي في المهرق



[ ص: 9 ] أي أعجلتك من خرابها إذ صارت كالخط في الصحيفة . وشآني الشيء شأوا : أعجبني وقيل حزنني ; قال الحارث بن خالد المخزومي :


مر الحمول فما شأونك نقرة     ولقد أراك تشاء بالأظعان



وقيل : شآني طربني ، وقيل : شاقني ; قال ساعدة :


حتى شآها كليل موهنا عمل     باتت طرابا وبات الليل لم ينم



شآها أي شاقها وطربها بوزن شعاها . الأصمعي : شآني الأمر مثل شعاني ، وشاءني مثل شاعني إذا حزنك ، وقد جاء الحارث بن خالد بيته باللغتين جميعا . وشؤته أشوءه أي أعجبته . ويقال : شؤت به أي أعجبت به . ابن سيده : وشآني الشيء شأيا حزنني وشاقني ; قال عدي بن زيد :


لم أغمض له وشأيي به ما     ذاك أني بصوبه مسرور



ويقال : عدا الفرس شأوا أو شأوين أي طلقا أو طلقين . وشآه يشآه شأوا إذا سبقه . ويقال : تشاءى ما بينهم بوزن تشاعى أي تباعد ; قال ذو الرمة يمدح بلال بن أبي بردة :


أبوك تلافى الدين والناس بعدما     تشاءوا وبيت الدين منقطع الكسر
فشد إصار الدين أيام أذرح     ورد حروبا قد لقحن إلى عقر



ابن سيده : وشاءني الشيء : سبقني . وشاءني : حزنني ، مقلوب من شآني ، قال : والدليل على أنه مقلوب منه أنه لا مصدر له ، لم يقولوا شاءني شوءا كما قالوا شآني شأوا ، وأما ابن الأعرابي ، فقال : هما لغتان ; لأنه لم يكن نحويا فيضبط مثل هذا ; وقال الحارث بن خالد المخزومي فجاء بهما :


مر الحمول فما شأونك نقرة     ولقد أراك تشاء بالأظعان
تحت الخدور وما لهن بشاشة     أصلا ، خوارج من قفا نعمان



يقول : مرت الحمول ، وهي الإبل التي عليها النساء فما هيجن شوقك وكنت قبل ذلك يهيج وجدك بهن إذا عاينت الحمول ، والأظعان : الهوادج ، وفيها النساء ، والأصل جمع أصيل ، ونعمان : موضع معروف ، والبشاشة : السرور والابتهاج ; يريد أنه لم يبتهج بهن إذ مررن عليه ; لأنه قد فارق شبابه وعزفت نفسه عن اللهو فلم يبتهج لمرورهن به ، وقوله : وما شأونك نقرة أي لم يحركن من قلبك أدنى شيء . وشؤت بالرجل شوءا : سررت . وشاءني الشيء يشوءني ويشيئني : شاقني ، مقلوب من شآني ; حكاه يعقوب ; وأنشد :


لقد شاءنا القوم السراع فأوعبوا



أراد : شآنا ، والدليل على أنه مقلوب أنه لا مصدر له . وشاءاه على فاعله أي سابقه . وشاءه : مثل شآه على القلب أي سبقه . ورجل شيئان بوزن شيعان : بعيد النظر ، وينعت به الفرس وهو يحتمل أن يكون مقلوبا من شأى الذي هو سبق لأن نظره يسبق نظر غيره ، ويحتمل أن يكون من مادة على حيالها كشاءني الذي هو سرني ; قالالعجاج :


مختتيا لشيئان مرجم



وشيء متشاء : مختلف ، وقوله أنشده ثعلب :


لعمري لقد أبقت وقيعة راهط     لمروان صدعا بينا متشائيا



قال ابن سيده : لم يفسره . واشتأى : استمع . أبو عبيد : اشتأيت : استمعت ; وأنشد للشماخ :


وحرتين هجان ليس بينهما     إذا هما اشتأتا للسمع تهميل



واشتأى : استمع ، وقال المفضل : سبق . ابن الأعرابي : الشأى الفساد مثل الثأى ، قال : والشأى : التفريق . يقال : تشاءى القوم إذا تفرقوا . التهذيب في هذه الترجمة أيضا : ومن أمثالهم شر ما أشاءك إلى مخة عرقوب ، وشر ما أجاءك أي ألجأك . وقد أشئت إلى فلان وأجئت إليه أي ألجئت إليه . الليث : المشيئة مصدر شاء يشاء مشيئة . وشأو الناقة : بعرها ، والسين أعلى . الليث : شأو الناقة زمامها ، وشأوها بعرها ; قال الشماخ يصف عيرا وأتانه :


إذا طرحا شأوا بأرض هوى له     مقرض أطراف الذراعين أفلج



وقال الأصمعي : أصل الشأو زبيل من تراب يخرج من البئر ، ويقال للزبيل المشآة ، فشبه ما يلقيه الحمار والأتان من روثهما به ; وقال الشماخ في الشأو بمعنى الزمام :


ما إن يزال لها شأو يقومها     محرب مثل طوط العرق مجدول



ويقال للرجل إذا ترك الشيء ونأى عنه : تركه شأوا مغربا ، وهيهات ذلك شأو مغرب ; قال الكميت :


أعهدك من أولى الشبيبة تطلب     على دبر هيهات شأو مغرب



وقال المازني في قوله :


يصبحن بعد الطلق التجريد     شوائيا للسائق الغريد



التجريد : المتجرد الماضي ، والشوائي : الشوائق ، وقول الحارث بن خالد :


فما شأونك نقرة



أي ما شقنك ولقد نراك وأنت تشتاق إليهن فقد كبرت وصرت لا يشقنك إذا مررن . والشأو : ما أخرج من تراب البئر بمثل المشآة . وشأوت البئر شأوا : نقيتها وأخرجت ترابها ، واسم ذلك التراب الشأو أيضا . وحكى اللحياني : شأوت البئر أخرجت منها شأوا أو شأوين من تراب . والمشآة : الشيء الذي تخرجه به ، وقال غيره : [ ص: 10 ] المشآة الزبيل يخرج به تراب البئر ، وهو على وزن المشعاة ، والجمع المشائي ; قال :


لولا الإله ما سكنا خضما     ولا ظللنا بالمشائي قيما



وقيم : جمع قائم مثل صيم ، قال : وقياسه قوم وصوم . وشأوت من البئر إذا نزعت منها التراب . اللحياني : إنه لبعيد الشأو أي الهمة ، والمعروف السين .

التالي السابق


الخدمات العلمية