صفحة جزء
شرر

شرر : الشر : السوء والفعل للرجل الشرير ، والمصدر الشرارة ، والفعل شر يشر . وقوم أشرار : ضد الأخيار . ابن سيده : الشر ضد الخير ، وجمعه شرور ، والشر لغة فيه ; عن كراع . وفي حديث الدعاء : والخير كله بيديك والشر ليس إليك ; أي أن الشر لا يتقرب به إليك ، ولا يبتغى به وجهك ، أو أن الشر لا يصعد إليك ، وإنما يصعد إليك الطيب من القول والعمل ، وهذا الكلام إرشاد إلى استعمال الأدب في الثناء على الله ، تعالى وتقدس ، وأن تضاف إليه عز وعلا محاسن الأشياء دون مساوئها ، وليس المقصود نفي شيء عن قدرته وإثباته لها ، فإن هذا الدعاء مندوب إليه ، يقال : يا رب السماء والأرض ، ولا يقال : يا رب الكلاب والخنازير وإن كان هو ربها ; ومنه قوله تعالى : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها . وقد شر يشر ويشر شرا وشرارة ، وحكى بعضهم : شررت بضم العين . ورجل شرير وشرير من أشرار وشريرين ، وهو شر منك ، ولا يقال أشر ، حذفوه لكثرة استعمالهم إياه ، وقد حكاه بعضهم . ويقال : هو شرهم ، وهي شرهن ، ولا يقال هو أشرهم . وشر إنسانا يشره إذا عابه . اليزيدي : شررني في الناس وشهرني فيهم بمعنى واحد ، وهو شر الناس ; وفلان شر الثلاثة وشر الاثنين . وفي الحديث : ولد الزنا شر الثلاثة ; قيل : هذا جاء في رجل بعينه كان موسوما بالشر ، وقيل : هو عام ، وإنما صار ولد الزنا شرا من والديه ; لأنه شرهم أصلا ونسبا وولادة ; لأنه خلق من ماء الزاني والزانية ، وهو ماء خبيث ، وقيل : لأن الحد يقام عليهما ، فيكون تمحيصا لهما ، وهذا لا يدرى ما يفعل به في ذنوبه . قال الجوهري : ولا يقال : أشر الناس إلا في لغة رديئة ; ومنه قول امرأة من العرب : أعيذك بالله من نفس حرى وعين شرى أي خبيثة من الشر ، أخرجته على فعلى مثل أصغر وصغرى ; وقوم أشرار وأشراء . وقال يونس : واحد الأشرار رجل شر مثل زند وأزناد ، قال الأخفش : واحدها شرير وهو الرجل ذو الشر مثل يتيم وأيتام . ورجل شرير مثال فسيق أي كثير الشر ، وشر يشر إذا زاد شره . يقال : شررت يا رجل وشررت ، لغتان شرا وشررا وشرارة . وأشررت الرجل : نسبته إلى الشر ، وبعضهم ينكره قال طرفة :


فما زال شربي الراح حتى أشرني صديقي وحتى ساءني بعض ذلك

فأما ما أنشده ابن الأعربي من قوله :


إذا أحسن ابن العم بعد إساءة     فلست لشري فعله بحمول



إنما أراد لشر فعله فقلب . وهي شرة وشرى : يذهب بهما إلى المفاضلة ; وقال كراع : الشرى أنثى الشر الذي هو الأشر في التقدير كالفضلى الذي هو تأنيث الأفضل ، وقد شاره . ويقال : شاراه وشاره وفلان يشار فلانا ويماره ويزاره أي يعاديه . والمشارة : المخاصمة . وفي الحديث : لا تشار أخاك ، هو تفاعل من الشر أي لا تفعل به شرا فتحوجه إلى أن يفعل بك مثله ، ويروى بالتخفيف ; ومنه حديث أبي الأسود : ما فعل الذي كانت امرأته تشاره وتماره . أبو زيد : يقال في مثل : كلما تكبر تشر . ابن شميل : من أمثالهم : شراهن مراهن . وقد أشر بنو فلان فلانا أي طردوه وأوحدوه . والشرة : النشاط . وفي الحديث : إن لهذا القرآن شرة ثم إن للناس عنه فترة ; الشرة : النشاط والرغبة ; ومنه الحديث الآخر : لكل عابد شرة . وشرة الشباب : حرصه ونشاطه . والشرة : مصدر لشر . والشر بالضم : العيب . حكى ابن الأعرابي : قد قبلت عطيتك ثم رددتها عليك من غير شرك ولا ضرك ، ثم فسره ، فقال : أي من غير رد عليك ، ولا عيب لك ، ولا نقص ولا إزراء . وحكى يعقوب : ما قلت ذلك لشرك ، وإنما قلته لغير شرك ، أي ما قلته لشيء تكرهه ، وإنما قلته لغير شيء تكرهه ; وفي الصحاح : إنما قلته لغير عيبك . ويقال : ما رددت هذا عليك من شر به ، أي من عيب ولكني آثرتك به ; وأنشد :


عين الدليل البرت من ذي شره



أي من ذي عيبه أي من عيب الدليل ; لأنه ليس يحسن أن يسير فيه حيرة . وعين شرى إذا نظرت إليك بالبغضاء . وحكى عن امرأة من بني عامر في رقية : أرقيك بالله من نفس حرى وعين شرى ; أبو عمرو : الشرى : العيانة من النساء . والشرر : ما تطاير من النار . وفي التنزيل العزيز : إنها ترمي بشرر كالقصر ; واحدته شررة وهو الشرار ، واحدته شرارة ; وقال الشاعر :


أو كشرار العلاة يضربها ال     قين على كل وجهه تثب



وشر اللحم والأقط والثوب ونحوها يشره شرا وأشره وشرره وشراه على تحويل التضعيف : وضعه على خصفة أو غيرها ليجف ; قال ثعلب وأنشد بعض الرواة للراعي :


فأصبح يستاف البلاد كأنه     مشرى بأطراف البيوت قديدها



قال ابن سيده : وليس هذا البيت للراعي إنما هو للحلال ابن عمه . [ ص: 54 ] والإشرارة : ما يبسط عليه الأقط وغيره ، والجمع الأشارير . والشر : بسطك الشيء في الشمس من الثياب وغيره ; قال الراجز :


ثوب على قامة سحل تعاوره     أيدي الغواسل للأرواح مشرور



وشررت الثوب واللحم وأشررت ; وشر شيئا يشره إذا بسطه ليجف . أبو عمرو : الشرار صفائح بيض يجفف عليها الكريص . وشررت الثوب : بسطته في الشمس . وكذلك التشرير وشررت الأقط أشره شرا إذا جعلته على خصفة ليجف ، وكذلك اللحم والملح ونحوه . والأشارير : قطع قديد . والإشرارة : القديد المشرور . والإشرارة : الخصفة التي يشر عليها الأقط ، وقيل : هي شقة من شقق البيت يشرر عليه ; وقول أبي كاهل اليشكري :


لها أشارير من لحم تتمره     من الثعالي ووخز من أرانيها



قال : يجوز أن يعني به الإشرارة من القديد وأن يعني به الخصفة أو الشقة . وأرانيها أي الأرانب . والوخز : الخطيئة بعد الخطيئة والشيء بعد الشيء أي معدودة ; وقال الكميت :


كأن الرذاذ الضحك حول كناسه     أشارير ملح يتبعن الروامسا



ابن الأعرابي : الإشرارة صفيحة يجفف عليها القديد وجمعها الأشارير ، وكذلك قال الليث . قال الأزهري : الإشرار ما يبسط عليه الشيء ليجف فصح به أنه يكون ما يشرر من أقط وغيره ، ويكون ما يشرر عليه . والأشارير : جمع إشرارة ، وهي اللحم المجفف . والإشرارة : القطعة العظيمة من الإبل لانتشارها وانبثاثها . وقد استشر إذا صار ذا إشرارة من إبل ، قال :


الجدب يقطع عنك غرب لسانه     فإذا استشر رأيته بربارا



قال ابن بري : قال ثعلب : اجتمعت مع ابن سعدان الراوية ، فقال لي : أسألك ، فقلت : نعم ، فقال : ما معنى قول الشاعر ؟ وذكر هذا البيت ، فقلت له : المعنى أن الجدب يفقره ويميت إبله فيقل كلامه ويذل ; والغرب : حدة اللسان . وغرب كل شيء : حدته . وقوله : إذا استشر أي صارت له إشرارة من الإبل ، وهي القطعة العظيمة منها ، صار بربارا وكثر كلامه . وأشر الشيء : أظهره ; قال كعب بن جعيل وقيل : إنه للحصين بن الحمام المري يذكر يوم صفين :


فما برحوا حتى رأى الله صبرهم     وحتى أشرت بالأكف المصاحف



أي نشرت وأظهرت ; قال الجوهري و الأصمعي : يروى قول امرئ القيس :


تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا     علي حراصا لو يشرون مقتلي



على هذا قال ، وهو بالسين أجود . وشرير البحر : ساحله مخفف ; عن كراع . وقال أبو حنيفة : الشرير مثل العيقة يعني بالعيقة ساحل البحر وناحيته ; وأنشد للجعدي :


فلا زال يسقيها ويسقي بلادها     من المزن رجاف يسوق القواريا
يسقي شرير البحر حولا ترده     حلائب قرح ثم أصبح غاديا



والشران على تقدير فعلان : دواب مثل البعوض ، واحدتها شرانة ، لغة لأهل السواد ; وفي التهذيب : هو من كلام أهل السواد ، وهو شيء تسميه العرب الأذى شبه البعوض ، يغشى وجه الإنسان ولا يعض . والشراشر : النفس والمحبة جميعا . وقال كراع : هي محبة النفس ، وقيل : هو جميع الجسد ، وألقى عليه شراشره ، وهو أن يحبه حتى يستهلك في حبه ; وقال اللحياني : هو هواه الذي لا يريد أن يدعه من حاجته ; قال ذو الرمة :


وكائن ترى من رشدة في كريهة     ومن غية تلقى عليها الشراشر



قال ابن بري : يريد كم ترى من مصيب في اعتقاده ورأيه ، وكم ترى من مخطئ في أفعاله وهو جاد مجتهد في فعل ما لا ينبغي أن يفعل ، يلقي شراشره على مقابح الأمور وينهمك في الاستكثار منها ; وقال الآخر :


وتلقى عليه كل يوم كريهة     شراشر من حيي نزار وألبب



الألبب : عروق متصلة بالقلب . يقال : ألقى عليه بنات ألببه إذا أحبه ; وأنشد ابن الأعرابي :

وما يدري الحريص علام يلقي شراشره أيخطئ أم يصيب والشراشر : الأثقال ، الواحدة شرشرة . يقال : ألقى عليه شراشره أي نفسه حرصا ومحبة ، وقيل : ألقى عليه شراشره أي أثقاله . وشرشر الشيء : قطعه وكل قطعة منه شرشرة . وفي حديث الرؤيا : فيشرشر بشدقه إلى قفاه ; قال أبو عبيد : يعني يقطعه ويشققه ; قال أبو زبيد يصف الأسد :


يظل مغبا عنده من فرائس     رفات عظام أو غريض مشرشر



وشرشرة الشيء : تشقيقه وتقطيعه . وشراشر الذنب : ذباذبه . وشرشرته الحية : عضته ، وقيل : الشرشرة أن تعض الشيء ثم تنفضه . وشرشرت الماشية النبات : أكلته أنشد ابن دريد لجبيها الأشجعي :


فلو أنها طافت بنبت مشرشر     نفى الدق عنه جدبه فهو كالح



وشرشر السكين واللج : أحدهما على حجر . والشرشور : طائر صغير مثل العصفور ; قال الأصمعي : تسميه أهل الحجاز الشرشور ، وتسميه الأعراب البرقش ، وقيل : هو أغبر على لطافة الحمرة ، وقيل : هو أكبر من العصفور قليلا . والشرشر : نبت . ويقال : [ ص: 55 ] الشرشر بالكسر . والشرشرة : عشبة أصغر من العرفج ولها زهرة صفراء وقضب وورق ضخام غبر ، منبتها السهل تنبت متفسحة كأن أقناءها الحبال طولا ، كقيس الإنسان قائما ، ولها حب كحب الهراس ، وجمعها شرشر ; قال :


تروى من الأحداث حتى تلاحقت     طرائقه واهتز بالشرشر المكر



قال أبو حنيفة عن أبي زياد : الشرشر يذهب حبالا على الأرض طولا كما يذهب القطب إلا أنه ليس له شوك يؤذي أحدا ; الليث في ترجمة قسر :

وشرشر وقسور نصري

قال الأزهري : فسره الليث ، فقال : والشرشر الكلب ، والقسور الصياد ; قال الأزهري : أخطأ الليث في تفسيره في أشياء ، فمنها قوله : الشرشر الكلب ، وإنما الشرشر نبت معروف قال : وقد رأيته بالبادية تسمن الإبل عليه وتغزر ، وقد ذكره ابن الأعرابي وغيره في أسماء نبوت البادية . ابن الأعرابي : من البقول الشرشر . قال : وقيل للأسدية أو لبعض العرب : ما شجرة أبيك ؟ قال : قطب وشرشر ووطب جشر ; قال : الشرشر خير من الإسليح والعرفج . أبو عمرو : الأشرة واحدها شرير : ما قرب من البحر ، وقيل : الشرير شجر ينبت في البحر ، وقيل : الأشرة البحور ; قال الكميت :


إذا هو أمسى في عباب أشرة     منيفا على العبرين بالماء أكبدا



وقال الجعدي :


سقى بشرير البحر حولا يمده     حلائب قرح ثم أصبح غاديا



وشواء شرشر : يتقاطر دسمه ، مثل شلشل . وفي الحديث : لا يأتي عليكم عام إلا والذي بعده شر منه . قال ابن الأثير : سئل الحسن عنه فقيل : ما بال زمان عمر بن عبد العزيز بعد زمان الحجاج ؟ فقال : لا بد للناس من تنفيس ، يعني أن الله تعالى ينفس عن عباده وقتا ما ، ويكشف البلاء عنهم حينا . وفي حديث الحجاج : لها كظة تشتر ; قال ابن الأثير : يقال اشتر البعير كاجتر ، وهي الجرة لما يخرجه البعير من جوفه إلى فمه يمضغه ثم يبتلعه ، والجيم والشين من مخرج واحد . وشراشر وشريشر وشرشرة : أسماء . والشرير : موضع ، هو من الجار على سبعة أميال ; قال كثير عزة :


ديار بأعناء الشرير كأنما     عليهن في أكناف عيقة شيد



التالي السابق


الخدمات العلمية