صفحة جزء
شري

شري : شرى الشيء يشريه شرى وشراء واشتراه سواء ، وشراه واشتراه : باعه . قال الله تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله وقال تعالى : وشروه بثمن بخس دراهم معدودة أي باعوه . وقوله - عز وجل - : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ; قال أبو إسحاق : ليس هنا شراء ولا بيع ولكن رغبتهم فيه بتمسكهم به كرغبة المشتري بماله ما يرغب فيه ، والعرب تقول لكل من ترك شيئا وتمسك بغيره قد اشتراه . الجوهري في قوله تعالى : اشتروا الضلالة ; أصله اشتريوا فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فاجتمع ساكنان الياء والواو فحذفت الياء ، وحركت الواو بحركتها لما استقبلها ساكن ; قال ابن بري : الصحيح في تعليله أن الياء لما تحركت في اشتريوا وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، قال : ويجمع الشرى على أشرية ، وهو شاذ ; لأن فعلا لا يجمع على أفعلة . قال ابن بري : يجوز أن يكون أشرية جمعا للمدود ، كما قالوا : أقفية في جمع قفا لأن منهم من يمده . وشاراه مشاراة وشراء : بايعه ، وقيل : شاراه من الشراء والبيع جميعا ، وعلى هذا وجه بعضهم مد الشراء . أبو زيد : شريت بعت وشريت أي اشتريت . قال الله - عز وجل - : ولبئس ما شروا به أنفسهم ; قال الفراء : بئسما باعوا به أنفسهم ، وللعرب في شروا واشتروا مذهبان : فالأكثر منهما أن يكون شروا باعوا ، واشتروا ابتاعوا ، وربما جعلوهما بمعنى باعوا . الجوهري : الشراء يمد ويقصر . شريت الشيء أشريه شراء إذا بعته ، وإذا اشتريته أيضا ، وهو من الأضداد ; قال ابن بري : شاهد الشراء بالمد قولهم في المثل : لا تغتر بالحرة عام هدائها ولا بالأمة عام شرائها ; قال : وشاهد شريت بمعنى بعت قول يزيد بن مفرغ :


شريت بردا ولولا ما تكنفني من الحوادث ما فارقته أبدا

وقال أيضا :


وشريت بردا ليتني     من بعد برد كنت هامه

وفي حديث الزبير قال لابنه عبد الله : والله لا أشري عملي بشيء وللدنيا أهون علي من منحة ساحة ; لا أشري أي لا أبيع . وشروى الشيء : مثله ، واوه مبدلة من الياء ; لأن الشيء إنما يشرى بمثله ، ولكنها قلبت ياء كما قلبت في تقوى ونحوها . أبو سعيد : يقال هذا شرواه وشريه أي مثله ; وأنشد :


وترى هالكا يقول ألا تب     صر في مالك لهذا شريا ؟

وكان شريح يضمن القصار شرواه أي مثل الثوب الذي أخذه وأهلكه ; ومنه حديث علي كرم الله وجهه : ادفعوا شرواها من الغنم أي مثلها . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - في الصدقة : فلا يأخذ إلا تلك السن من شروى إبله أو قيمة عدل أي من مثل إبله . وفي حديث شريح : قضى في رجل نزع في قوس رجل فكسرها ، فقال له شرواها . وفي حديث النخعي في الرجل يبيع الرجل ويشترط الخلاص [ ص: 71 ] قال : له الشروى أي المثل . وفي حديث أم زرع قال : فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا وأخذ خطيا وأراح علي نعما ثريا ; قال أبو عبيد : أرادت بقولها : ركب شريا أي فرسا يستشري في سيره أي يلج ويمضي ويجد فيه بلا فتور ولا انكسار ، ومن هذا يقال لرجل إذا لج في الأمر : قد شري فيه واستشرى ; قال أبو عبيد : معناه جاد الجري . يقال : شري الرجل في غضبه واستشرى وأجد أي جد . وقال ابن السكيت : ركب شريا أي فرسا خيارا فائقا . وشرى المال وشراته : خياره . والشرى بمنزلة الشوى : وهما رذال المال ، فهو حرف من الأضداد . وأشراء الحرم : نواحيه ، والواحد شرى ، مقصور . وشرى الفرات : ناحيته ; قال القطامي :


لعن الكواعب بعد يوم وصلتني     بشرى الفرات وبعد يوم الجوسق

، وفي حديث ابن المسيب : قال لرجل انزل أشراء الحرم أي نواحيه وجوانبه ، الواحد شرى . وشري زمام الناقة : اضطرب . ويقال لزمام الناقة إذا تتابعت حركاته لتحريكها رأسها في عدوها : قد شري زمامها يشرى شرى إذا كثر اضطرابه . وشري الشر بينهم شرى : استطار . وشري البرق بالكسر شرى : لمع وتتابع لمعانه ، وقيل : استطار وتفرق في وجه الغيم ; قال :


أصاح ترى البرق لم يغتمض     يموت فواقا ويشرى فواقا

وكذلك استشرى ; ومنه يقال للرجل إذا تمادى في غيه وفساده : شري يشرى شرى . واستشرى فلان في الشر إذا لج فيه . والمشاراة : الملاجة ، يقال : هو يشاري فلانا أي يلاجه . وفي حديث عائشة في صفة أبيها رضي الله عنهما : ثم استشرى في دينه أي لج وتمادى وجد وقوي واهتم به ، وقيل : هو من شري البرق واستشرى إذا تتابع لمعانه . ويقال : شريت عينه بالدمع إذا لجت وتابعت الهملان . وشري فلان غضبا ، وشري الرجل شرى واستشرى : غضب ولج في الأمر ; وأنشد ابن بري لابن أحمر :


باتت عليه ليلة عرشية     شريت وبات على نقا متهدم

شريت : لجت ، وعرشية : منسوبة إلى عرش السماك ومتهدم : متهافت لا يتماسك . والشراة : الخوارج ، سموا بذلك لأنهم غضبوا ولجوا ، وأما هم فقالوا : نحن الشراة لقوله - عز وجل - : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله أي يبيعها ويبذلها في الجهاد وثمنها الجنة ، وقوله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ولذلك قال قطري بن الفجاءة وهو خارجي :


رأت فئة باعوا الإله نفوسهم     بجنات عدن عنده ونعيم

التهذيب : الشراة الخوارج ، سموا أنفسهم شراة لأنهم أرادوا أنهم باعوا أنفسهم لله ، وقيل : سموا بذلك لقولهم : إنا شرينا أنفسنا في طاعة الله أي بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجائرة ، والواحد شار ، ويقال منه : تشرى الرجل . وفي حديث ابن عمر : أنه جمع بنيه حين أشرى أهل المدينة مع ابن الزبير وخلعوا بيعة يزيد أي صاروا كالشراة في فعلهم ، وهم الخوارج وخروجهم عن طاعة الإمام ; قال : وإنما لزمهم هذا اللقب ; لأنهم زعموا أنهم شروا دنياهم بالآخرة أي باعوها . وشرى نفسه شرى إذا باعها ; قال الشاعر :


فلئن فررت من المنية والشرى

والشرى : يكون بيعا واشتراء . والشاري : المشتري . والشاري : البائع . ابن الأعرابي : الشراء ممدود ويقصر فيقال : الشرا ، قال : أهل نجد يقصرونه وأهل تهامة يمدونه ، قال : وشريت بنفسي للقوم إذا تقدمت بين أيديهم إلى عدوهم فقاتلتهم أو إلى السلطان فتكلمت عنهم . وقد شرى بنفسه إذا جعل نفسه جنة لهم . شمر : أشريت الرجل والشيء واشتريته أي اخترته . وروي بيت الأعشى : شراة الهجان . وقال الليث : شراة أرض والنسبة إليها شروي ، قال أبو تراب : سمعت السلمي يقول : أشريت بين القوم وأغريت وأشريته به فشري مثل أغريته به فغري . وشري الفرس في سيره واستشرى أي لج ، فهو فرس شري على فعيل . ابن سيده : وفرس شري يستشري في جريه أي يلج . وشاراه مشاراة : لاجه . وفي حديث السائب : كان النبي صلى الله عليه وسلم شريكي فكان خير شريك ، لا يشاري ولا يماري ولا يداري ; المشاراة : الملاجة ، وقيل : لا يشاري من الشر أي لا يشارر ، فقلب إحدى الراءين ياء ; قال ابن الأثير : والأول الوجه ; ومنه الحديث الآخر : لا تشار أخاك في إحدى الروايتين ، وقال ثعلب في قوله : لا يشاري : لا يستشري من الشر ، ولا يماري : لا يدافع عن الحق ولا يردد الكلام ; قال :

،

وإني لأستبقي ابن عمي وأتقي     مشاراته كي ما يريع ويعقلا

قال ثعلب : سألت ابن الأعرابي عن قوله : لا يشاري ولا يماري ولا يداري ، قال : لا يشاري من الشر ، قال : ولا يماري لا يخاصم في شيء ليست له فيه منفعة ، ولا يداري أي لا يدفع ذا الحق عن حقه ، وقوله أنشده ثعلب :


إذا أوقدت نار لوى جلد أنفه     إلى النار يستشري ذرى كل حاطب

ابن سيده : لم يفسر يستشري إلا أن يكون يلج في تأمله . ويقال : لحاه الله وشراه . وقال اللحياني : شراه الله وأورمه وعظاه وأرغمه . والشرى : شيء يخرج على الجسد أحمر كهيئة الدراهم ، وقيل : هو شبه البثر يخرج في الجسد . وقد شري شرى ، فهو شر على فعل ، وشري جلده شرى ، قال : والشرى خراج صغار لها لذع شديد . وتشرى القوم : تفرقوا . واستشرت بينهم الأمور : عظمت وتفاقمت . وفي الحديث : حتى شري أمرهما أي عظم وتفاقم ولجوا فيه . وفعل به ما شراه أي ساءه . وإبل شراة كسراة أي خيار ; قال ذو الرمة :


يذب القضايا عن شراة كأنها [ ص: 72 ]     جماهير تحت المدجنات الهواضب

والشرى : الناحية ، وخص بعضهم به ناحية النهر ، وقد يمد ، والقصر أعلى ، والجمع أشراء . وأشراه ناحية كذا : أماله ; قال :


ألله يعلم أنا في تلفتنا يوم     الفراق إلى أحبابنا صور
وأنني حوثما يشري الهوى بصري     من حيث ما سلكوا أثني فأنظور

يريد أنظر فأشبع ضمة الظاء فنشأت عنها واو . والشرى : الطريق ، مقصور والجمع كالجمع . والشري بالتسكين : الحنظل ، وقيل : شجر الحنظل ; وقيل : ورقه ، واحدته شرية ; قال رؤبة :


في الزرب لو يمضغ شريا ما بصق

، ويقال : في فلان طعمان أري وشري ، قال : والشري شجر الحنظل ; قال الأعلم الهذلي :


على حت البراية زمخري الس     واعد ظل في شري طوال

، وفي حديث أنس في قوله تعالى : كشجرة خبيثة قال : هو الشريان ; قال الزمخشري : الشريان والشري الحنظل ، قال : ونحوهما الرهوان والرهو للمطمئن من الأرض ، الواحدة شرية . وفي حديث لقيط : أشرفت عليها ، وهي شرية واحدة ; قال ابن الأثير : هكذا رواه بعضهم ، أراد أن الأرض اخضرت بالنبات فكأنها حنظلة واحدة ، قال : والرواية شربة بالباء الموحدة . وقال أبو حنيفة :

يقال لمثل ما كان من شجر القثاء والبطيخ شري ، كما يقال لشجر الحنظل ، وقد أشرت الشجرة واستشرت . وقال أبو حنيفة : الشرية النخلة التي تنبت من النواة . وتزوج في شرية نساء أي في نساء يلدن الإناث . والشريان والشريان بفتح الشين وكسرها : شجر من عضاه الجبال يعمل منه القسي ، واحدته شريانة . وقال أبو حنيفة : نبات الشريان نبات السدر يسنو كما يسنو السدر ويتسع ، وله أيضا نبقة صفراء حلوة ، قال : وقال أبو زياد : تصنع القياس من الشريان ، قال : وقوس الشريان جيدة إلا أنها سوداء مشربة حمرة ، وهو من عتق العيدان وزعموا أن عوده لا يكاد يعوج ; وأنشد ابن بري لذي الرمة :


وفي الشمال من الشريان مطعمة     كبداء في عودها عطف وتقويم

، وقال الآخر :


سياحف في الشريان يأمل نفعها     صحابي وأولي حدها من تعرما

المبرد : النبع والشوحط والشريان شجرة واحدة ، ولكنها تختلف أسماؤها وتكرم بمنابتها ، فما كان منها في قلة جبل فهو النبع ، وما كان في سفحه فهو الشريان ، وما كان في الحضيض فهو الشوحط . والشريانات : عروق دقاق في جسد الإنسان وغيره . والشريان والشريان بالفتح والكسر : واحد الشرايين ، وهي العروق النابضة ، ومنبتها من القلب . ابن الأعرابي : الشريان الشق ، وهو الثت ، وجمعه ثتوت ، وهو الشق في الصخرة . وأشرى حوضه : ملأه . وأشرى جفانه إذا ملأها ، وقيل : ملأها للضيفان ; وأنشد أبو عمرو :


نكب العشار لأذقانها     ونشري الجفان ونقري النزيلا

و الشرى : موضع تنسب إليه الأسد ، يقال للشجعان : ما هم إلا أسود الشرى ; قال بعضهم : شرى موضع بعينه تأوي إليه الأسد ، وقيل : هو شرى الفرات وناحيته ، وبه غياض وآجام ومأسدة ; قال الشاعر :


أسود شرى لاقت أسود خفية

والشرى : طريق في سلمى كثير الأسد . و الشراة : موضع . و شريان : واد ; قالت أخت عمرو ذي الكلب :


بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا     ببطن شريان يعوي عنده الذيب

وشراء وشراء كحذام : موضع ، قال النمر بن تولب :


تأبد من أطلال جمرة مأسل     فقد أقفرت منها شراء فيذبل

، وفي الحديث ذكر الشراة ; هو بفتح الشين جبل شامخ من دون عسفان و صقع بالشام قريب من دمشق كان يسكنه علي بن عبد الله بن العباس وأولاده إلى أن أتتهم الخلافة . ابن سيده : و شراوة موضع قريب من تريم دون مدين ، قال كثير عزة :


ترامى بنا منها بحزن شراوة     مفوزة أيد إليك وأرجل

وشرورى : اسم جبل في البادية وهو فعوعل ، وفي المحكم : شرورى جبل ، قال : كذا حكاه أبو عبيد ، وكان قياسه أن يقول هضبة أو أرض ; لأنه لم ينونه أحد من العرب ، ولو كان اسم جبل لنونه ; لأنه لا شيء يمنعه من الصرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية