صفحة جزء
[ برد ]

برد : البرد : ضد الحر . والبرودة : نقيض الحرارة ; برد الشيء يبرد برودة وماء برد وبارد وبرود وبراد ، وقد برده يبرده بردا وبرده : جعله باردا . قال ابن سيده : فأما من قال برده سخنه لقول الشاعر :


عافت الماء في الشتاء ، فقلنا : برديه تصادفيه سخينا



فغالط ، إنما هو : بل رديه ، فأدغم على أن قطربا قد قاله . الجوهري : برد الشيء ، بالضم ، وبردته أنا فهو مبرود وبردته تبريدا ، ولا يقال أبردته إلا في لغة رديئة ; قال مالك بن الريب ، وكانت المنية قد حضرته [ ص: 54 ] فوصى من يمضي لأهله ويخبرهم بموته ، وأن تعطل قلوصه في الركاب فلا يركبها أحد ليعلم بذلك موت صاحبها وذلك يسر أعداءه ويحزن أولياءه ; فقال :


وعطل قلوصي في الركاب ، فإنها     ستبرد أكبادا ، وتبكي بواكيا



والبرود ، بفتح الباء : البارد . قال الشاعر :


فبات ضجيعي في المنام مع المنى     برود الثنايا ، واضح الثغر ، أشنب



وبرده يبرده : خلطه بالثلج وغيره ، وقد جاء في الشعر . وأبرده : جاء به باردا . وأبرد له : سقاه باردا . وسقاه شربة بردت فؤاده تبرد بردا أي بردته . ويقال : اسقني سويقا أبرد به كبدي . ويقال : سقيته فأبردت له إبرادا إذا سقيته باردا . وسقيته شربة بردت بها فؤاده من البرود ; وأنشد ابن الأعرابي :


إني اهتديت لفتية نزلوا     بردوا غوارب أينق جرب



أي وضعوا عنها رحالها لتبرد ظهورها . وفي الحديث : " إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت زوجته فإن ذلك برد ما في نفسه " ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في كتاب مسلم ، بالباء الموحدة ، من البرد ، فإن صحت الرواية فمعناه أن إتيانه امرأته يبرد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع أي تسكنه وتجعله باردا ، والمشهور في غيره يرد ، بالياء ، من الرد أي يعكسه . وفي حديث عمر : أنه شرب النبيذ بعدما برد أي سكن وفتر . ويقال : جد في الأمر ثم برد أي فتر . وفي الحديث : لما تلقاه بريدة الأسلمي قال له : من أنت ؟ قال : أنا بريدة ، قال لأبي بكر : برد أمرنا وصلح . أي سهل . وفي حديث أم زرع : برود الظل أي طيب العشرة ، وفعول يستوي فيه الذكر والأنثى . والبرادة : إناء يبرد الماء ، بني على أبرد ; قال الليث : البرادة كوارة يبرد عليها الماء ، قال الأزهري : ولا أدري هي من كلام العرب أم كلام المولدين . وإبردة الثرى والمطر : بردهما . والإبردة : برد في الجوف . والبردة : التخمة ; وفي حديث ابن مسعود : كل داء أصله البردة وكله من البرد ; البردة ، بالتحريك : التخمة وثقل الطعام على المعدة ; وقيل : سميت التخمة بردة لأن التخمة تبرد المعدة فلا تستمرئ الطعام ولا تنضجه . وفي الحديث : إن البطيخ يقطع الإبردة ; الإبردة ، بكسر الهمزة والراء : علة معروفة من غلبة البرد والرطوبة تفتر عن الجماع ، وهمزتها زائدة . ورجل به إبردة ، وهو تقطير البول ولا ينبسط إلى النساء . وابتردت أي اغتسلت بالماء البارد ، وكذلك إذا شربته لتبرد به كبدك ; قال الراجز :


لطالما حلأتماها لا ترد     فخلياها والسجال تبترد
من حر أيام ومن ليل ومد



وابترد الماء : صبه على رأسه باردا ; قال :


إذا وجدت أوار الحب في كبدي     أقبلت نحو سقاء القوم أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره     فمن لحر على الأحشاء يتقد ؟



تبرد فيه : استنقع . والبرود : ما ابترد به . والبرود من الشراب : ما يبرد الغلة ، وأنشد :


ولا يبرد الغليل الماء



والإنسان يتبرد بالماء : يغتسل به . وهذا الشيء مبردة للبدن ; قال الأصمعي : قلت لأعرابي : ما يحملكم على نومة الضحى ؟ قال : إنها مبردة في الصيف مسخنة في الشتاء . والبردان والأبردان أيضا : الظل والفيء ، سميا بذلك لبردهما ; قال الشماخ بن ضرار :


إذا الأرطى توسد أبرديه     خدود جوازئ ، بالرمل ، عين



سيأتي في ترجمة جزأ ، وقول أبي صخر الهذلي :


فما روضة بالحزم طاهرة الثرى     ولتها نجاء الدلو بعد الأبارد



يجوز أن يكون جمع الأبردين اللذين هما الظل والفيء أو اللذين هما الغداة والعشي ; وقيل : البردان العصران وكذلك الأبردان ، وقيل : هما الغداة والعشي ; وقيل : ظلاهما وهما الردفان والصرعان والقرنان . وفي الحديث : " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم " ; قال ابن الأثير : الإبراد انكسار الوهج والحر وهو من الإبراد الدخول في البرد ; وقيل : معناه صلوها في أول وقتها من برد النهار ، وهو أوله . وأبرد القوم : دخلوا في آخر النهار . وقولهم : أبردوا عنكم من الظهيرة أي لا تسيروا حتى ينكسر حرها ويبوخ . ويقال : جئناك مبردين إذا جاءوا وقد باخ الحر . وقال محمد بن كعب : الإبراد أن تزيغ الشمس ، قال : والركب في السفر يقولون إذا زاغت الشمس : قد أبردتم فروحوا ; قال ابن أحمر :


في موكب ، زحل الهواجر ، مبرد



قال الأزهري : لا أعرف محمد بن كعب هذا غير أن الذي قاله صحيح من كلام العرب ، وذلك أنهم ينزلون للتغوير في شدة الحر ويقيلون ، فإذا زالت الشمس ثاروا إلى ركابهم فغيروا عليها أقتابها ورحالها ونادى مناديهم : ألا قد أبردتم فاركبوا ! قال الليث : يقال أبرد القوم إذا صاروا في وقت القر آخر القيظ . وفي الحديث : من صلى البردين دخل الجنة ; البردان والأبردان : الغداة والعشي ; ومنه حديث ابن الزبير : كان يسير بنا الأبردين ; وحديثه الآخر مع فضالة بن شريك : وسر بها البردين . وبردنا الليل يبردنا بردا وبرد علينا : أصابنا برده . وليلة باردة العيش وبردته : هنيئته ; قال نصيب :


فيا لك ذا ود ويا لك ليلة     بخلت ! وكانت بردة العيش ناعمه



وأما قوله : لا بارد ولا كريم ; فإن المنذري روى عن ابن السكيت أنه قال : وعيش بارد هنيء طيب ; قال :


قليلة لحم الناظرين ، يزينها [ ص: 55 ]     شباب ، ومخفوض من العيش بارد



أي طاب لها عيشها . قال : ومثله قولهم نسألك الجنة وبردها أي طيبها ونعيمها . قال ابن شميل : إذا قال : وابرده على الفؤاد ! إذا أصاب شيئا هنيئا ، وكذلك وابرداه على الفؤاد . ويجد الرجل بالغداة البرد فيقول : إنما هي إبردة الثرى وإبردة الندى . ويقول الرجل من العرب : إنها لباردة اليوم ! فيقول له الآخر : ليست بباردة إنما هي إبردة الثرى . ابن الأعرابي : الباردة الرباحة في التجارة ساعة يشتريها . والباردة : الغنيمة الحاصلة بغير تعب ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم : " الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة " لتحصيله الأجر بلا ظمإ في الهواجر أي لا تعب فيه ولا مشقة . وكل محبوب عندهم : بارد ; وقيل : معناه الغنيمة الثابتة المستقرة من قولهم : برد لي على فلان حق أي ثبت ; ومنه حديث عمر : وددت أنه برد لنا عملنا . ابن الأعرابي : يقال أبرد طعامه وبرده وبرده . والمبرود : خبز يبرد في الماء تطعمه النساء للسمنة ; يقال : بردت الخبز بالماء إذا صببت عليه الماء فبللته ، واسم ذلك الخبز المبلول : البرود والمبرود . والبرد : سحاب كالجمد ، سمي بذلك لشدة برده . وسحاب برد وأبرد : ذو قر وبرد ; قال :


يا هند ! هند بين خلب وكبد     أسقاك عني هازم الرعد برد



وقال :


كأنهم المعزاء في وقع أبردا



شبههم في اختلاف أصواتهم بوقع البرد على المعزاء ، وهي حجارة صلبة ، وسحابة بردة على النسب : ذات برد ، ولم يقولوا : برداء . الأزهري : أما البرد بغير هاء فإن الليث زعم أنه مطر جامد . والبرد : حب الغمام ، تقول منه : بردت الأرض . وبرد القوم : أصابهم البرد ، وأرض مبرودة كذلك . وقال أبو حنيفة : شجرة مبرودة طرح البرد ورقها . الأزهري : وأما قوله عز وجل : وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به ; ففيه قولان : أحدهما : وينزل من السماء من أمثال جبال فيها من برد ، والثاني : وينزل من السماء من جبال فيها بردا ; ومن صلة ; وقول الساجع :


وصليانا بردا



أي ذو برودة . والبرد : النوم لأنه يبرد العين بأن يقرها ; وفي التنزيل العزيز : لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ; قال العرجي :


فإن شئت حرمت النساء سواكم     وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا



قال ثعلب : البرد هنا الريق ، وقيل : النقاخ الماء العذب ، والبرد النوم . الأزهري في قوله تعالى : لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ; روي عن ابن عباس قال : لا يذوقون فيها برد الشراب ولا الشراب ، قال : وقال بعضهم : لا يذوقون فيها بردا ، يريد نوما ، وإن النوم ليبرد صاحبه ، وإن العطشان لينام فيبرد بالنوم ; وأنشد الأزهري لأبي زبيد في النوم :


بارز ناجذاه ، قد برد المو     ت على مصطلاه أي برود !



قال أبو الهيثم : برد الموت على مصطلاه أي ثبت عليه . وبرد لي عليه من الحق كذا أي ثبت . ومصطلاه : يداه ورجلاه ووجهه وكل ما برز منه فبرد عند موته وصار حر الروح منه باردا ; فاصطلى النار ليسخنه . وناجذاه : السنان اللتان تليان النابين . وقولهم : ضرب حتى برد معناه حتى مات . وأما قولهم : لم يبرد منه شيء فالمعنى لم يستقر ولم يثبت ; وأنشد :


اليوم يوم بارد سمومه



قال : وأصله من النوم والقرار . ويقال : برد أي نام ; وقول الشاعر أنشده ابن الأعرابي :


أحب أم خالد وخالدا     حبا سخاخين ، وحبا باردا



قال : سخاخين حب يؤذيني ، وحبا باردا يسكن إليه قلبي . وسموم بارد أي ثابت لا يزول ; وأنشد أبو عبيدة :


اليوم يوم بارد سمومه     من جزع اليوم فلا تلومه



وبرد الرجل يبرد بردا : مات ، وهو صحيح في الاشتقاق ; لأنه عدم حرارة الروح ; وفي حديث عمر : فهبره بالسيف حتى برد أي مات . وبرد السيف : نبا . وبرد يبرد بردا : ضعف وفتر عن هزال أو مرض . وأبرده الشيء : فتره وأضعفه ; وأنشد ابن الأعرابي :


الأسودان أبردا عظامي     الماء والفث ذوا أسقامي



ابن بزرج : البراد ضعف القوائم من جوع أو إعياء ، يقال : به براد . وقد برد فلان إذا ضعفت قوائمه . والبرد : تبريد العين . والبرود : كحل يبرد العين : والبرود : كل ما بردت به شيئا نحو برود العين وهو الكحل . وبرد عينه ، مخففا ، بالكحل وبالبرود يبردها بردا : كحلها به وسكن ألمها ; وبردت عينه كذلك ، اسم الكحل البرود ، والبرود كحل تبرد به العين من الحر ; وفي حديث الأسود : أنه كان يكتحل بالبرود وهو محرم ; البرود ، بالفتح ، : كحل فيه أشياء باردة . وكل ما برد به شيء : برود . وبرد عليه حق : وجب ولزم . وبرد لي عليه كذا وكذا أي ثبت . ويقال : ما برد لك على فلان ، وكذلك ما ذاب لك عليه أي ما ثبت ووجب . ولي عليه ألف بارد أي ثابت ; قال :


اليوم يوم بارد سمومه     من عجز اليوم فلا تلومه



أي حره ثابت ; وقال أوس بن حجر :


أتاني ابن عبد الله قرط أخصه     وكان ابن عم ، نصحه لي بارد



وبرد في أيديهم سلما لا يفدى ولا يطلق ولا يطلب . وإن أصحابك لا يبالون ما بردوا عليك أي أثبتوا عليك . وفي حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها : " لا تبردي عنه " أي لا تخففي . يقال : لا تبرد عن فلان معناه إن ظلمك فلا تشتمه فتنقص من إثمه ، وفي الحديث : لا تبردوا [ ص: 56 ] عن الظالم أي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة ذنبه . والبريد : فرسخان ، وقيل : ما بين كل منزلين بريد . والبريد : الرسل على دواب البريد ، والجمع برد . وبرد بريدا : أرسله . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أبردتم إلي بريدا فاجعلوه حسن الوجه حسن الاسم ; البريد : الرسول وإبراده إرساله ; قال الراجز :


رأيت للموت بريدا مبردا



وقال بعض العرب : الحمى بريد الموت ; أراد أنها رسول الموت تنذر به . وسكك البريد : كل سكة منها اثنا عشر ميلا . وفي الحديث : لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة برد ، وهي ستة عشر فرسخا ، والفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع ، والسفر الذي يجوز فيه القصر أربعة برد ، وهي ثمانية وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية التي في طريق مكة ; وقيل لدابة البريد : بريد ، لسيره في البريد ; قال الشاعر :


إني أنص العيس حتى كأنني     عليها بأجواز الفلاة ، بريدا



وقال ابن الأعرابي : كل ما بين المنزلتين فهو بريد . وفي الحديث : لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ; أي لا أحبس الرسل الواردين علي ; قال الزمخشري : البرد ، ساكنا ، يعني جمع بريد وهو الرسول فيخفف عن برد كرسل ورسل ، وإنما خففه هاهنا ليزاوج العهد . قال : والبريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل ، وأصلها : " بريده دم " أي محذوف الذنب لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت وخففت ، ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا ، والمسافة التي بين السكتين بريدا ، والسكة موضع كان يسكنه الفيوج المرتبون من بيت أو قبة أو رباط ، وكان يرتب في كل سكة بغال ، وبعد ما بين السكتين فرسخان ، وقيل أربعة . الجوهري : البريد المرتب يقال حمل فلان على البريد ; وقال امرؤ القيس :


على كل مقصوص الذنابى معاود     بريد السرى بالليل ، من خيل بربرا



وقال مزرد أخو الشماخ بن ضرار يمدح عرابة الأوسي :


فدتك عراب اليوم أمي وخالتي     وناقتي الناجي إليك بريدها



أي سيرها في البريد . وصاحب البريد قد أبرد إلى الأمير ، فهو مبرد . والرسول بريد ; ويقال للفرانق البريد ; لأنه ينذر قدام الأسد . والبرد من الثياب ، قال ابن سيده : البرد ثوب فيه خطوط وخص بعضهم به الوشي ، والجمع أبراد وأبرد وبرود . والبردة : كساء يلتحف به ، وقيل : إذا جعل الصوف شقة وله هدب ، فهي بردة ; وفي حديث ابن عمر : أنه كان عليه يوم الفتح بردة فلوت قصيرة ; قال شمر : رأيت أعرابيا بخزيمية وعليه شبه منديل من صوف قد اتزر به فقلت : ما تسميه ؟ قال : بردة ; قال الأزهري : وجمعها برد ، وهي الشملة المخططة . قال الليث : البرد معروف من برود العصب والوشي ، قال : وأما البردة فكساء مربع أسود فيه صغر تلبسه الأعراب ; وأما قول يزيد بن مفرغ الحميري :


وشريت بردا ليتني     من قبل برد ، كنت هامه



فهو اسم عبد . وشريت أي بعت . وقولهم : هما في بردة أخماس فسره ابن الأعرابي فقال : معناه أنهما يفعلان فعلا واحدا فيشتبهان كأنهما في بردة ، والجمع برد على غير ذلك ; قال أبو ذؤيب :


فسمعت نبأة منه فآسدها     كأنهن ، لدى إنسائه ، البرد



يريد أن الكلاب انبسطن خلف الثور مثل البرد ; وقول يزيد بن المفرغ :


معاذ الله ربا أن ترانا     طوال الداهر ، نشتمل البرادا



قال ابن سيده : يحتمل أن يكون جمع بردة كبرمة وبرام ، وأن يكون جمع برد كقرط وقراط . وثوب برود : ليس فيه زئبر . وثوب برود إذا لم يكن دفيئا ولا لينا من الثياب . وثوب أبرد : فيه لمع سواد وبياض ، يمانية . وبردا الجراد والجندب : جناحاه ; قال ذو الرمة :


كأن رجليه رجلا مقطف عجل     إذا تجاوب من برديه ترنيم



وقال الكميت يهجو بارقا :


تنفض بردي أم عوف ، ولم يطر     لنا بارق ، بخ للوعيد وللرهب



وأم عوف : كنية الجراد . وهي لك بردة نفسها أي خالصة . وقال أبو عبيد : هي لك بردة نفسها أي خالصا فلم يؤنث خالصا . وهي إبردة يميني ; وقال أبو عبيد : هو لي بردة يميني إذا كان لك معلوما . وبرد الحديد بالمبرد ونحوه من الجواهر يبرده : سحله . والبرادة : السحالة ; وفي الصحاح : والبرادة ما سقط منه . والمبرد : ما برد به ، وهو السوهان بالفارسية . والبرد : النحت ; يقال : بردت الخشبة بالمبرد أبردها بردا إذا نحتها . والبردي ، بالضم : من جيد التمر يشبه البرني ; عن أبي حنيفة . وقيل : البردي ضرب من تمر الحجاز جيد معروف ; وفي الحديث : أنه أمر أن يؤخذ البردي في الصدقة ، وهو بالضم ، نوع من جيد التمر . والبردي ، بالفتح : نبت معروف واحدته بردية ; قال الأعشى :


كبردية الغيل وسط الغري     ف ، ساق الرصاف إليه غديرا



وفي المحكم :


كبردية الغيل وسط الغري     ف ، قد خالط الماء منها السريرا



وقال في المحكم : السرير ساق البردي ، وقيل : قطنه ; وذكر ابن بري عجز هذا البيت :


إذا خالط الماء منها السرورا



وفسره فقال : الغيل ، بكسر الغين ، الغيضة ، وهو مغيض ماء يجتمع [ ص: 57 ] فينبت فيه الشجر . والغريف : نبت معروف . قال : والسرور جمع سر ، وهو باطن البردية . والأبارد : النمور ، واحدها أبرد ; يقال للنمر الأنثى : أبرد والخيثمة . وبردى : نهر بدمشق ; قال حسان :


يسقون من ورد البريص عليهم     بردى ، تصفق بالرحيق السلسل



أي ماء بردى . والبردان ، بالتحريك : موضع ; قال ابن ميادة :


ظلت بنهي البردان تغتسل     تشرب منه نهلات وتعل



وبرديا : موضع أيضا ، وقيل : نهر ، وقيل : هو نهر دمشق والأعرف أنه بردى كما تقدم . والأبيرد : لقب شاعر من بني يربوع ; الجوهري : وقال الشاعر :


بالمرهفات البوارد



قال : يعني السيوف وهي القواتل ; قال ابن بري صدر البيت :


وأن أمير المؤمنين أغصني     مغصهما بالمرهفات البوارد



رأيت بخط الشيخ قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في كتاب ابن بري ما صورته : قال : هذا البيت من جملة أبيات للعتابي كلثوم بن عمرو يخاطب بها زوجته ; قال وصوابه :


وأن أمير المؤمنين أغصني     مغصهما بالمشرقات البوارد



قال : وإنما وقع الشيخ في هذا التحريف لاتباعه الجوهري ; لأنه كذا ذكره في الصحاح فقلده في ذلك ، ولم يعرف بقية الأبيات ولا لمن هي فلهذا وقع في السهو . قال محمد بن المكرم : القاضي شمس الدين بن خلكان - رحمه الله - من الأدب حيث هو ، وقد انتقد على الشيخ أبي محمد بن بري هذا النقد ، وخطأه في اتباعه الجوهري ، ونسبه إلى الجهل ببقية الأبيات ، والأبيات مشهورة والمعروف منها هو ما ذكره الجوهري وأبو محمد بن بري وغيرهما من العلماء ، وهذه الأبيات سبب عملها أن العتابي لما عمل قصيدته التي أولها :


ماذا شجاك بحوارين من طلل     ودمنة ، كشفت عنها الأعاصير ؟



بلغت الرشيد فقال : لمن هذه ؟ فقيل : لرجل من بني عتاب يقال له : كلثوم ، فقال الرشيد : ما منعه أن يكون ببابنا ؟ فأمر بإشخاصه من رأس عين فوافى الرشيد وعليه قميص غليظ وفروة وخف ، وعلى كتفه ملحفة جافية بغير سراويل ، فأمر الرشيد أن يفرش له حجرة ، ويقام له وظيفة ، فكان الطعام إذا جاءه أخذ منه رقاقة وملحا وخلط الملح بالتراب وأكله ، وإذا كان وقت النوم نام على الأرض والخدم يفتقدونه ويعجبون من فعله ، وأخبر الرشيد بأمره فطرده ، فمضى إلى رأس عين وكان تحته امرأة من باهلة فلامته ، وقالت : هذا منصور النمري قد أخذ الأموال فحلى نساءه وبنى داره واشترى ضياعا وأنت كما ترى ; فقال :


تلوم على ترك الغنى باهلية     زوى الفقر عنها كل طرف وتالد
رأت حولها النسوان يرفلن في الثرا     مقلدة أعناقها بالقلائد
أسرك أني نلت ما نال جعفر     من العيش ، أو ما نال يحيى بن خالد ؟
وأن أمير المؤمنين أغصني     مغصهما بالمرهفات البوارد ؟
دعيني تجئني ميتتي مطمئنة     ولم أتجشم هول تلك الموارد
فإن رفيعات الأمور مشوبة     بمستودعات ، في بطون الأساود



التالي السابق


الخدمات العلمية