صفحة جزء
شطن

شطن : الشطن : الحبل ، وقيل : الحبل الطويل الشديد الفتل يستقى به وتشد به الخيل ، والجمع أشطان ; قال عنترة :


يدعون عنتر والرماح كأنها أشطان بئر في لبان الأدهم

ووصف أعرابي فرسا لا يحفى ، فقال : كأنه شيطان في أشطان . وشطنته أشطنه إذا شددته بالشطن . وفي حديث البراء : وعنده فرس مربوطة بشطنين ; الشطن : الحبل ، وقيل : هو الطويل منه ، وإنما شده بشطنين لقوته وشدته . وفي حديث علي عليه السلام : وذكر الحياة ، فقال : إن الله جعل الموت خالجا لأشطانها ; هي جمع شطن ، والخالج المسرع في الأخذ ، فاستعار الأشطان للحياة لامتدادها وطولها . والشطن : الحبل الذي يشطن به الدلو . والمشاطن : الذي ينزع الدلو من البئر بحبلين ; قال ذو الرمة :


ونشوان من طول النعاس كأنه     بحبلين في مشطونة يتطوح

، وقال الطرماح :


أخو قنص يهفو كأن سراته     ورجليه سلم بين حبلي مشاطن

، ويقال للفرس العزيز النفس : إنه لينزو بين شطنين يضرب مثلا للإنسان الأشر القوي ; وذلك أن الفرس إذا استعصى على صاحبه شده بحبلين من جانبين ، يقال فرس مشطون . والشطون من الآبار : التي تنزع بحبلين من جانبيها ، وهي متسعة الأعلى ضيقة الأسفل فإن نزعها بحبل واحد جرها على الطي فتخرقت . وبئر شطون : ملتوية عوجاء . وحرب شطون : عسرة شديدة ; قال الراعي :


لنا جبب وأرماح طوال     بهن نمارس الحرب الشطونا

وبئر شطون : بعيدة القعر في جرابها عوج . ورمح شطون : طويل أعوج . وشطن عنه : بعد . وأشطنه : أبعده . وفي الحديث : كل هوى شاطن في النار ، الشاطن : البعيد عن الحق ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : كل ذي هوى ، وقد روي كذلك . وشطنت الدار تشطن شطونا : بعدت . ونية شطون : بعيدة ، وغزوة شطون كذلك . والشطين : البعيد . قال ابن سيده : كذلك وقع في بعض نسخ المصنف ، والمعروف الشطير بالراء ، وهو مذكور في موضعه . ونوى شطون : بعيدة شاقة ; قال النابغة :


نأت بسعاد عنك نوى شطون     فبانت والفؤاد بها رهين

وإلية شطون إذا كانت مائلة في شق . والشطن مصدر شطنه يشطنه شطنا خالفه عن وجهه ونيته . والشيطان : حية له عرف . والشاطن : الخبيث . والشيطان : فيعال من شطن إذا بعد فيمن جعل النون أصلا ، وقولهم الشياطين دليل على ذلك . والشيطان : معروف ، وكل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ; قال جرير :


أيام يدعونني الشيطان من غزل     وهن يهوينني إذا كنت شيطانا

وتشيطن الرجل وشيطن إذا صار كالشيطان وفعل فعله ; قال رؤبة :


شاف لبغي الكلب المشيطن

وقيل : الشيطان فعلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق مثل هيمان وغيمان من هام وغام ; قال الأزهري : الأول أكثر ، قال : والدليل على أنه من شطن قول أمية بن أبي الصلت يذكر سليمان النبي - صلى الله عليه وسلم - :


أيما شاطن عصاه عكاه

أراد : أيما شيطان . وفي التنزيل العزيز : وما تنزلت به الشياطين وقرأ الحسن : وما تنزلت به الشياطون ، قال ثعلب : هو غلط منه ، وقال في ترجمة جنن : والمجانين جمع لمجنون ، وأما مجانون فشاذ كما شذ شياطون في شياطين ، وقرئ : واتبعوا ما تتلو الشياطين . وتشيطن الرجل : فعل فعل الشياطين . وقوله تعالى : طلعها كأنه رءوس الشياطين قال الزجاج : وجهه أن الشيء إذا استقبح شبه بالشياطين ، فيقال كأنه وجه شيطان ، وكأنه رأس شيطان والشيطان لا يرى ، ولكنه يستشعر أنه أقبح ما يكون من الأشياء ، ولو رئي لرئي في أقبح صورة ; ومثله قول امرئ القيس :


أيقتلني والمشرفي مضاجعي     ومسنونة زرق كأنياب أغوال

ولم تر الغول ولا أنيابها ، ولكنهم بالغوا في تمثيل ما يستقبح من المذكر بالشيطان ، وفيما يستقبح من المؤنث بالتشبيه له بالغول ، وقيل : كأنه رءوس الشياطين كأنه رءوس حيات ، فإن العرب تسمي بعض الحيات شيطانا ، وقيل : هو حية له عرف قبيح المنظر ; وأنشد لرجل يذم امرأة له :

[ ص: 82 ]

عنجرد تحلف حين أحلف     كمثل شيطان الحماط أعرف

، وقال الشاعر يصف ناقته :


تلاعب مثنى حضرمي كأنه     تعمج شيطان بذي خروع قفر

وقيل : رءوس الشياطين نبت معروف قبيح يسمى رءوس الشياطين شبه به طلع هذه الشجرة ، والله أعلم . وفي حديث قتل الحيات : خرجوا عليه فإن امتنع وإلا فاقتلوه ، فإنه شيطان ; أراد أحد شياطين الجن ، قال : وقد تسمى الحية الدقيقة الخفيفة شيطانا وجانا على التشبيه . وفي الحديث : إن الشمس تطلع بين قرني شيطان قال الحربي : هذا مثل يقول حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلط ، فيكون كالمعين لها قال : وكذلك قوله : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم إنما هو مثل أي يتسلط عليه فيوسوس له لا أنه يدخل في جوفه ، والشيطان نونه أصلية ; قال أمية يصف سليمان بن داود - عليهما السلام - :


أيما شاطن عصاه عكاه     ثم يلقى في السجن والأغلال

قال ابن بري : ومثله قول الآخر :


أكل يوم لك شاطنان     على إزاء البئر ملهزان ؟

، ويقال أيضا : إنها زائدة ، فإن جعلته فيعالا من قولهم : تشيطن الرجل صرفته ، وإن جعلته من شيط لم تصرفه ; لأنه فعلان ، وفي النهاية إن جعلت نون الشيطان أصلية كان من الشطن البعد أي بعد عن الخير أو من الحبل الطويل كأنه طال في الشر ، وإن جعلتها زائدة كان من شاط يشيط إذا هلك أو من استشاط غضبا إذا احتد في غضبه والتهب قال : والأول أصح . وقال الخطابي : قوله بين قرني الشيطان من ألفاظ الشرع التي أكثرها ينفرد هو بمعانيها ويجب علينا التصديق بها ، والوقوف عند الإقرار بأحكامها ، والعمل بها . وفي الحديث : الراكب شيطان والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب يعني أن الانفراد والذهاب في الأرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطان ، أو شيء يحمله عليه الشيطان ، وكذلك الراكبان وهو حث على اجتماع الرفقة في السفر . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في رجل سافر وحده : أرأيتم إن مات من أسأل عنه ؟ والشيطان : من سمات الإبل ، وسم يكون في أعلى الورك منتصبا على الفخذ إلى العرقوب ملتويا ; عن ابن حبيب من تذكرة أبي علي . أبو زيد : من السمات الفرتاج والصليب والشجار والمشيطنة . ابن بري : وشيطان بن الحكم بن جاهمة الغنوي ; قال طفيل :


وقد منت الخذواء منا عليهم     وشيطان إذ يدعوهم ويثوب

والخذواء : فرسه . قال ابن بري : و جاهم قبيلة و خثعم أخوالها ، وشيطان في البيت مصروف ، قال : وهذا يدل على أن شيطان فعلان ونونه زائدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية