صفحة جزء
[ ص: 103 ] شفف

شفف : شفه الحزن والحب يشفه شفا وشفوفا : لذع قلبه ، وقيل : أنحله ، وقيل : أذهب عقله ; وبه فسر ثعلب قوله :


ولكن رآنا سبعة لا يشفنا ذكاء ولا فينا غلام حزور

وشف كبده أحرقها ; قال أبو ذؤيب :


فهن عكوف كنوح الكري     م قد شف أكبادهن الهوى

وشفه الحزن أظهر ما عنده من الجزع . وشفه الهم أي هزله وأضمره حتى رق ، وهو من قولهم : شف الثوب إذا رق حتى يصف جلد لابسه . والشفوف : نحول الجسم من الهم والوجد . وشف جسمه يشف شفوفا أي نحل . الجوهري : شفه الهم يشفه بالضم شفا هزله وشفشفه أيضا ومنه قول الفرزدق :


موانع لأسرار إلا لأهلها     ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف

قال ابن بري : ويروى المشفشف وهو المشفق . يقال : شفشف عليه إذا أشفق . والشف والشف : الثوب الرقيق ، وقيل : الستر الرقيق يرى ما وراءه ، وجمعهما شفوف . وشف الستر يشف شفوفا وشفيفا واستشف : ظهر ما وراءه . واستشفه هو رأى ما وراءه . الليث : الشف ضرب من الستور يرى ما وراءه ، وهو ستر أحمر رقيق من صوف يستشف ما ورءاه ، وجمعه شفوف ; وأنشد :


زانهن الشفوف ينضخن بالمس     ك وعيش مفانق وحرير

واستشفت ما وراءه إذا أبصرته . وفي حديث كعب : يؤمر برجلين إلى الجنة ففتحت الأبواب ورفعت الشفوف ; قال : هي جمع شف ، بالكسر والفتح وهو ضرب من الستور . وشف الثوب عن المرأة يشف شفوفا ; وذلك إذا أبدى ما وراءه من خلقها . والثوب يشف في رقته وقد شف عليه ثوبه يشف شفوفا وشفيفا أيضا عن الكسائي أي رق حتى يرى ما خلفه . وثوب شف وشف أي رقيق . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : لا تلبسوا نساءكم القباطي ، فإنه إن لا يشف ، فإنه يصف ; ومعناه أن قباطي مصر ثياب رقاق ، وهي مع رقتها صفيقة النسج ; فإذا لبستها المرأة لصقت بأردافها فوصفتها فنهى عن لبسها وأحب أن يكسين الثخان الغلاظ ، ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها - : وعليها ثوب قد كاد يشف . وتقول للبزاز : استشف هذا الثوب أي اجعله طاقا وارفعه في ظل حتى أنظر أكثيف هو أم سخيف . وتقول : كتبت كتابا فاستشفه أي تأمل ما فيه ; وأنشد ابن الأعرابي :


تغترق الطرف ، وهي لاهية     كأنما شف وجهها نزف

وشف الماء يشفه واشتفه واستشفه وتشافه وتشافاه ; قال ابن سيده : وهذه ; الأخيرة من محول التضعيف لأن أصله تشافه كل ذلك تقصى شربه . قال بعض العرب لابنه في وصاته : أقبح طاعم المقتف وأقبح شارب المشتف ، واستعاره عبد الله بن سبرة الجرشي في الموت ، فقال :


ساقيته الموت حتى اشتف آخره     فما استكان لما لاقى ولا ضرعا

أي حتى شرب آخر الموت ، وإذا شرب آخره فقد شربه كله . وفي المثل : ليس الري عن التشاف أي لأن القدر الذي يسئره الشارب ليس مما يروي ، وكذلك الاستقصاء في الأمور والاستشفاف مثله ، وقيل : معناه ليس من لا يشرب جميع ما في الإناء لا يروى . ويقال : تشاففت ما في الإناء واستشففته إذا شربت جميع ما فيه . ولم تسئر فيه شيئا . ابن الأعرابي : تشافيت ما في الإناء تشافيا إذا أتيت على ما فيه ، وتشاففته أتشافه تشافا مثله .

، ويقال للبعير : إذا كان عظيم الجفرة : إن جوزه ليشتف حزامه أي يستغرقه كله حتى لا يفضل منه شيء ; وقال كعب بن زهير :


له عنق تلوي بما وصلت به     ودفان يشتفان كل ظعان

والظعان حبل يشد به الهودج على البعير . وفي حديث أم زرع : وإن شرب اشتف أي شرب جميع ما في الإناء وتشافف مثله إذا شربته كله ولم تسئره . وفي حديث أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب أصحابه يوما وقد كادت الشمس تغرب ولم يبق منها إلا شف ; قال شمر : معناه إلا شيء يسير . وشفافة النهار : بقيته وكذلك الشفى ; وقال ذو الرمة :


شفاف الشفى أو قمشة الشمس أزمعا     رواحا فمدا من نجاء مهادب

والشفافة : بقية الماء واللبن في الإناء ; قال ابن الأثير : وذكر بعض المتأخرين أنه روي بالسين المهملة وفسره بالإكثار من الشرب . وحكي عن أبي زيد أنه قال : سففت الماء إذا أكثرت من شربه ولم ترو ، ومنه حديث رد السلام ، قال : إنه تشافها أي استقصاها وهو تفاعل منه . والشف والشف : الفضل والربح والزيادة ، والمعروف بالكسر ، وقد شف يشف شفا مثل حمل يحمل حملا وهو أيضا النقصان وهو من الأضداد ، يقال : شف الدرهم يشف إذا زاد ، وإذا نقص وأشفه غيره يشفه . والشفيف : كالشف والشف يكون للزيادة والنقصان وقد شف عليه يشف شفوفا وشفف واستشف . وشففت في السلعة : ربحت . الفراء : الشف الفضل . وقد شففت عليه تشف أي زدت عليه ; قال جرير :


كانوا كمشتركين لما بايعوا     خسروا وشف عليهم واستوضعوا

، وفي الحديث : أنه نهى عن شف ما لم يضمن ; الشف : الربح والزيادة ، وهو كقوله : نهى عن ربح ما لم يضمن ومنه الحديث : فمثله كمثل ما لا شف له ; ومنه حديث الربا : ولا تشفوا أحدهما على الآخر أي لا تفضلوا . وفلان أشف من فلان أي أكبر منه قليلا وقول الجعدي يصف فرسين :


واستوت لهزمتا خديهما     وجرى الشف سواء فاعتدل

[ ص: 104 ] يقول : كاد أحدهما يسبق صاحبه فاستويا وذهب الشف وأشف عليه : فضله في الحسن وفاقه . وأشف فلان بعض ولده على بعض : فضله . وفي الحديث : قلت قولا شفا أي فضلا . وفي الحديث في الصرف : فشف الخلخالان نحوا من دانق فقرضه ; قال شمر أي زاد ، قال : والشف أيضا النقص ، يقال : هذا درهم يشف قليلا أي ينقص ; وأنشد :


ولا أعرفن ذا الشف يطلب شفه     يداويه منكم بالأديم المسلم

أراد : لا أعرفن وضيعا يتزوج إليكم ليشرف بكم . قال ابن شميل : تقول للرجل : ألا أنلتني مما كان عندك فيقول : إنه شف عنك أي قصر عنك . وشف عنك أي قصر عنك . وشف عنه الثوب يشف : قصر . وشف لك الشيء : دام وثبت . والشفف : الرقة والخفة وربما سميت رقة الحال شففا . والشفيف : شدة الحر ، وقيل : شدة لذع البرد ; ومنه قول الشاعر :


ونقري الضيف من لحم غريض     إذا ما الكلب ألجأه الشفيف

قال ابن بري : ومثله لصخر الغي :


كمثل السبنتى يراح الشفيفا

، وفي حديث الطفيل : في ليلة ذات ظلمة وشفاف ; الشفاف : جمع شفيف هو لذع البرد ، وقيل : لا يكون إلا برد ريح مع نداوة . ووجد في أسنانه شفيفا أي بردا ، وقيل : الشفيف برد مع ندوة . ويقال : شف فم فلان شفيفا ، وهو وجع يكون من البرد في الأسنان واللثات . وفلان يجد في أسنانه شفيفا أي بردا . أبو سعيد : فلان يجد في مقعدته شفيفا أي وجعا . والشفان : الريح الباردة مع المطر ; قال :


إذا اجتمع الشفان والبلد الجدب

، ويقال : إن في ليلتنا هذه شفانا شديدا أي بردا وهذه غداة ذات شفان ، قال عدي بن زيد العبادي :


في كناس ظاهر يستره     من عل الشفان هداب الفنن

أي من الشفان . والشفشاف : الريح اللينة البرد ; وقول أبي ذؤيب :


ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه     قطر وراحته بليل زعزع

إنما يريد شفت عليه وقبضته لبردها ولا يكون من قولك شفه الهم والحزن ; لأنه في صفة الريح والمطر . والشف : المهنأ ، يقال : شف لك يا فلان ! إذا غبطته بشيء قلت له ذلك . وتشفشف النبات : أخذ في اليبس . وشفشف الحر النبات وغيره : أيبسه . وفي التهذيب : وشفشف الحر والبرد الشيء إذا يبسه . والشفشفة : تشويط الصقيع نبت الأرض فيحرقه أو الدواء تذره على الجرح . ابن بزرج قال : يقولون من شفوف المال قد شف يشف من الممنوع وكذلك الوجع يشف صاحبه مضمومة ; قال : وقالوا أشف الفم يشف ، وهو نتن ريح فيه . والشف : بثر يخرج فيروح ، قال : والمحفوف مثل المشفوف من الحفف والحف . والمشفشف والمشفشف : السخيف السيئ الخلق ، وقيل : الغيور ; قال الفرزدق يصف نساء :


ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف

، ويروى المشفشف الكسر عن ابن الأعرابي ، وأراد الذي شفت الغيرة فؤاده فأضمرته وهزلته ، وقد تقدم في صدر هذه الترجمة ، وكرر الشين والفاء تبليغا كما قالوا مجثجث ، وتجفجف الثوب ، وقيل : الشفشف الذي كأن به رعدة واختلاطا من شدة الغيرة . والشفشفة : الارتعاد والاختلاط . والشفشفة : سوء الظن مع الغيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية