صفحة جزء
[ برر ]

برر : البر : الصدق والطاعة . وفي التنزيل : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله ; أراد ولكن البر بر من آمن بالله ; قال ابن سيده : وهو قول سيبويه ، وقال بعضهم : ولكن ذا البر من آمن بالله ; قال ابن جني : والأول أجود لأن حذف المضاف ضرب من الاتساع والخبر أولى من المبتدإ ; لأن الاتساع بالأعجاز أولى منه بالصدور . قال : وأما ما يروى من أن النمر بن تولب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليس من امبر امصيام في امسفر " ; يريد : ليس من البر الصيام في السفر ، فإنه أبدل لام المعرفة ميما ، وهو شاذ لا يسوغ ; حكاه عنه ابن جني ; قال : ويقال إن النمر بن تولب لم يرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث ; قال : ونظيره في الشذوذ ما قرأته على أبي علي بإسناده إلى الأصمعي ، قال : يقال بنات مخر وبنات بخر وهن سحائب يأتين قبل الصيف بيض منتصبات في السماء . وقال شمر في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر " ; اختلف العلماء في تفسير البر فقال بعضهم : البر الصلاح ، وقال بعضهم : البر الخير . قال : ولا أعلم تفسيرا أجمع منه ; لأنه يحيط بجميع ما قالوا ; قال : وجعل لبيد البر التقى حيث يقول :


وما البر إلا مضمرات من التقى



قال : وأما قول الشاعر :


تحز رءوسهم في غير بر



معناه في غير طاعة وخير . وقوله عز وجل : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ; قال الزجاج : قال بعضهم : كل ما تقرب به إلى الله - عز وجل - من عمل خير ، فهو إنفاق . قال أبو منصور : والبر خير الدنيا والآخرة ، فخير الدنيا ما ييسره الله - تبارك وتعالى - للعبد من الهدى والنعمة والخيرات ، وخير الآخرة الفوز بالنعيم الدائم في الجنة ، جمع الله لنا بينهما بكرمه ورحمته . وبر يبر إذا صلح . وبر في يمينه يبر إذا صدقه ولم يحنث . وبر رحمه يبر إذا وصله . ويقال : فلان يبر ربه أن يطيعه ; ومنه قوله :


يبرك الناس ويفجرونكا



ورجل بر بذي قرابته وبار من قوم بررة وأبرار ، والمصدر البر . وقال الله عز وجل : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله ; أراد ولكن البر بر من آمن بالله ; وقول الشاعر :


وكيف تواصل من أصبحت     خلالته كأبي مرحب ؟



أي كخلالة أبي مرحب . وتباروا تفاعلوا : من البر . وفي حديث الاعتكاف : " ألبر تردن ؟ " ; أي الطاعة والعبادة . ومنه الحديث : " ليس من البر الصيام في السفر " . وفي كتاب قريش والأنصار : وإن البر دون الإثم أي أن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغدر والنكث .

وبرة : اسم علم بمعنى البر معرفة فلذلك لم يصرف ; لأنه اجتمع فيه التعريف والتأنيث ، وسنذكره في فجار ; قال النابغة :


إنا اقتسمنا خطتينا بيننا     فحملت برة واحتملت فجار



وقد بر ربه . وبرت يمينه تبر وتبر برا وبرا وبرورا : صدقت . وأبرها : أمضاها على الصدق . والبر : الصادق . وفي التنزيل العزيز : إنه هو البر الرحيم . والبر من صفات الله تعالى وتقدس : العطوف الرحيم اللطيف الكريم . قال ابن الأثير : في أسماء الله تعالى البر دون البار وهو العطوف على عباده ببره ولطفه . والبر والبار بمعنى ، وإنما جاء في أسماء الله تعالى البر دون البار . وبر عمله وبر برا وبرورا وأبر وأبره الله ; قال الفراء : بر حجه ، فإذا قالوا : أبر الله حجك ، قالوه بالألف ، الجوهري : وأبر الله حجك لغة في بر الله حجك أي قبله ; قال : والبر في اليمين مثله . وقالوا في الدعاء : مبرور مأجور ومبرورا مأجورا ; تميم ترفع على إضمار أنت ، وأهل الحجاز ينصبون على اذهب مبرورا . شمر : الحج المبرور الذي لا يخالطه شيء من المآثم ، والبيع المبرور : الذي لا شبهة فيه ولا كذب ولا خيانة . ويقال : بر فلان ذا قرابته يبر برا ، وقد بررته أبره ، وبر حجك يبر برورا ، وبر الحج يبر برا ، بالكسر ، وبر الله حجه وبر حجه . وفي حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ; قال سفيان : تفسير المبرور طيب الكلام وإطعام الطعام ، وقيل : هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب . يقال : بر الله حجه وأبره برا ، بالكسر وإبرارا . وقال أبو قلابة لرجل قدم من الحج : بر العمل . أراد عمل الحج دعا له أن يكون مبرورا لا مأثم فيه فيستوجب ذلك الخروج من الذنوب التي اقترفها . وروي عن جابر بن عبد الله قال : قالوا : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بر الحج ؟ قال : إطعام الطعام وطيب الكلام . رجل بر من قوم أبرار ، وبار من قوم بررة ; وروي عن ابن عمر أنه قال : إنما سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء . وقال : كما أن لك على ولدك حقا كذلك لولدك عليك حق . وكان سفيان يقول : حق الولد على والده أن يحسن اسمه ، وأن يزوجه إذا بلغ ، وأن يحجه ، وأن يحسن أدبه . ويقال : قد تبررت في أمرنا أي تحرجت ; قال أبو ذؤيب :


فقالت : تبررت في جنبنا     وما كنت فينا حديثا ببر



أي تحرجت في سبينا وقربنا . الأحمر : بررت قسمي وبررت والدي ; وغيره لا يقول هذا . وروى المنذري عن أبي العباس في كتاب الفصيح : يقال صدقت وبررت ، وكذلك بررت والدي أبره . وقال أبو زيد : بررت في قسمي وأبر الله قسمي ; وقال الأعور الكلبي :

[ ص: 59 ]

سقيناهم دماءهم فسالت     فأبررنا إليه مقسمينا



وقال غيره : أبر فلان قسم فلان وأحنثه ، فأما أبره فمعناه أنه أجابه إلى ما أقسم عليه ، وأحنثه إذا لم يجبه . وفي الحديث : بر الله قسمه وأبره برا ، بالكسر ، وإبرارا أي صدقه ; ومنه حديث أبي بكر : لم يخرج من إل ولا بر أي صدق ; ومنه الحديث : أمرنا بسبع منها إبرار القسم . أبو سعيد : برت سلعته إذا نفقت ، قال : والأصل في ذلك أن تكافئه السلعة بما حفظها وقام عليها ، تكافئه بالغلاء في الثمن ; وهو من قول الأعشى يصف خمرا :


تخيرها أخو عانات شهرا     ورجى برها عاما فعاما



والبر : ضد العقوق ، والمبرة مثله . وبررت والدي ، بالكسر ، أبره برا وقد بر والده يبره ويبره برا ، فيبر على بررت ويبر على بررت على حد ما تقدم في اليمين ; وهو بر به وبار ; عن كراع ، وأنكر بعضهم بار . وفي الحديث : " تمسحوا بالأرض فإنها برة بكم " أي تكون بيوتكم عليها وتدفنون فيها . قال ابن الأثير : قوله : فإنها بكم برة ; أي مشفقة عليكم كالوالدة البرة بأولادها يعني أن منها خلقكم وفيها معاشكم وإليها بعد الموت معادكم ; وفي حديث زمزم : أتاه آت فقال : احفر برة ; سماها برة لكثرة منافعها وسعة مائها . وفي الحديث : أنه غير اسم امرأة كانت تسمى برة فسماها زينب ، وقال : تزكي نفسها ، كأنه كره ذلك . وفي حديث حكيم بن حزام : أرأيت أمورا كنت أبررتها ; أي أطلب بها البر والإحسان إلى الناس والتقرب إلى الله تعالى . وجمع البر الأبرار ، وجمع البار البررة . وفلان يبر خالقه ويتبرره أي يطيعه ; وامرأة برة بولدها وبارة . وفي الحديث ، في بر الوالدين : وهو في حقهما وحق الأقربين من الأهل ضد العقوق وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقهم . وجمع البر أبرار ، وهو كثيرا ما يخص بالأولياء ، والزهاد والعباد ، وفي الحديث : " الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة " أي مع الملائكة . وفي الحديث : " الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها وفجارها أمراء فجارها " ; قال ابن الأثير : هذا على جهة الإخبار عنهم لا طريق الحكم فيهم أي إذا صلح الناس وبروا وليهم الأبرار ، وإذا فسدوا وفجروا وليهم الأشرار ، وهو كحديثه الآخر : " كما تكونون يولى عليكم " . والله يبر عباده : يرحمهم ، وهو البر . وبررته برا : وصلته . وفي التنزيل العزيز : أن تبروهم وتقسطوا إليهم . ومن كلام العرب السائر : فلان ما يعرف هرا من بر ; معناه ما يعرف من يهره أي من يكرهه ممن يبره ، وقيل : الهر السنور ، والبر الفأرة في بعض اللغات ، أو دويبة تشبهها ، وهو مذكور في موضعه ; وقيل : معناه ما يعرف الهرهرة من البربرة ، فالهرهرة : صوت الضأن ، والبربرة : صوت المعزى . وقال الفزاري : البر اللطف والهر العقوق . وقال يونس : الهر سوق الغنم ، والبر دعاء الغنم . وقال ابن الأعرابي : البر فعل كل خير من أي ضرب كان ، والبر دعاء الغنم إلى العلف ، والبر الإكرام ، والهر الخصومة ، وروى الجوهري عن ابن الأعرابي : الهر دعاء الغنم والبر سوقها . التهذيب : ومن كلام سليمان : من أصلح جوانيته بر الله برانيته ; المعنى : من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ; أخذ من الجو والبر ، فالجو كل بطن غامض ، والبر المتن الظاهر ، فهاتان الكلمتان على النسبة إليهما بالألف والنون . وورد : من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه . قالوا : البراني العلانية والألف والنون من زيادات النسب ، كما قالوا في صنعاء : صنعاني ، وأصله من قولهم : خرج فلان برا إذا خرج إلى البر والصحراء ، وليس من قديم الكلام وفصيحه . والبر : الفؤاد يقال : هو مطمئن البر ; وأنشد ابن الأعرابي :


أكون مكان البر منه ودونه     وأجعل مالي دونه وأؤامره



وأبر الرجل : كثر ولده . وأبر القوم : كثروا وكذلك أعروا ، فأبروا في الخير وأعروا في الشر ، وسنذكر أعروا في موضعه . والبر ، بالفتح : خلاف البحر . والبرية من الأرضين ، بفتح الباء : خلاف الريفية . والبرية : الصحراء نسبت إلى البر ، كذلك رواه ابن الأعرابي ، بالفتح ، كالذي قبله . والبر : نقيض الكن ; قال الليث : والعرب تستعمله في النكرة ، تقول العرب : جلست برا وخرجت برا ; قال أبو منصور : وهذا من كلام المولدين وما سمعته من فصحاء العرب البادية . ويقال : أفصح العرب أبرهم ، معناه أبعدهم في البر والبدو دارا . وقوله تعالى : ظهر الفساد في البر والبحر ; قال الزجاج : معناه ظهر الجدب في البر والقحط في البحر أي في مدن البحر التي على الأنهار . قال شمر : البرية الأرض المنسوبة إلى البر وهي برية إذا كانت إلى البر أقرب منها إلى الماء ، والجمع البراري . والبريت ، بوزن فعليت : البرية فلما سكنت الياء صارت الهاء تاء ، مثل عفريت وعفرية ، والجمع البراريت . وفي التهذيب : البريت ; عن أبي عبيد وشمر وابن الأعرابي . وقال مجاهد في قوله تعالى : ويعلم ما في البر والبحر ; قال : البر القفار والبحر كل قرية فيها ماء . ابن السكيت : أبر فلان إذا ركب البر . ابن سيده : وإنه لمبر بذلك أي ضابط له . وأبر عليهم : غلبهم . والإبرار : الغلبة ; وقال طرفة :


يكشفون الضر عن ذي ضرهم     ويبرون على الآبي المبر



أي يغلبون ; يقال : أبر عليه ; أي غلبه . والمبر : الغالب . وسئل رجل من بني أسد : أتعرف الفرس الكريم ؟ قال : أعرف الجواد المبر من البطيء المقرف ; قال : والجواد المبر الذي إذا أنف تأنيف السير ، ولهز لهز العير ، الذي إذا عدا اسلهب ، وإذا قيد اجلعب ، وإذا انتصب اتلأب . ويقال : أبره يبره إذا قهره بفعال أو غيره ; ابن سيده : وأبر عليهم شرا ; حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد :


إذا كنت من حمان في قعر دارهم     فلست أبالي من أبر ومن فجر



ثم قال : أبر من قولهم أبر عليهم شرا ، وأبر وفجر واحد فجمع بينهما . وأبر فلان على أصحابه أي علاهم . وفي الحديث أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن ناضح فلان قد أبر عليهم أي استصعب [ ص: 60 ] وغلبهم . وابتر الرجل : انتصب منفردا من أصحابه . ابن الأعرابي : البرابير أن يأتي الراعي إذا جاع إلى السنبل فيفرك منه ما أحب وينزعه من قنبعه ، وهو قشره ، ثم يصب عليه اللبن الحليب ويغليه حتى ينضج ثم يجعله في إناء واسع ثم يسمنه أي يبرده فيكون أطيب من السميذ . قال : وهي الغديرة ، وقد اغتدرنا . والبرير : ثمر الأراك عامة ، والمرد غضه ، والكباث نضيجه ; وقيل : البرير : أول ما يظهر من ثمر الأراك وهو حلو ; وقال أبو حنيفة : البرير أعظم حبا من الكباث وأصغر عنقودا منه وله عجمة مدورة صغيرة صلبة أكبر من الحمص قليلا ، وعنقوده يملأ الكف ، الواحدة من جميع ذلك بريرة . وفي حديث طهفة : ونستصعد البرير أي نجنيه للأكل ; البرير : ثمر الأراك إذا اسود وبلغ ، وقيل : هو اسم له في كل حال ; ومنه الحديث الآخر : ما لنا طعام إلا البرير . والبر : الحنطة ; قال المتنخل الهذلي :


لا در دري إن أطعمت نازلكم     قرف الحتي ، وعندي البر مكنوز



ورواه ابن دريد : رائدهم . قال ابن دريد : البر أفصح من قولهم القمح والحنطة ، واحدته برة . قال سيبويه : ولا يقال لصاحبه : برار على ما يغلب في هذا النحو ; لأن هذا الضرب إنما هو سماعي لا اطرادي ; قال الجوهري : ومنع سيبويه أن يجمع البر على أبرار وجوزه المبرد قياسا . والبربور : الجشيش من البر . والبربرة : كثرة الكلام والجلبة باللسان ، وقيل : الصياح . ورجل بربار إذا كان كذلك ; وقد بربر إذا هذى . الفراء : البربري الكثير الكلام بلا منفعة . وقد بربر في كلامه بربرة إذا أكثر . والبربرة : الصوت وكلام من غضب ; وقد بربر مثل ثرثر فهو ثرثار . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - لما طلب إليه أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان على تحليل الزنا والخمر فامتنع : قاموا ولهم تغذمر وبربرة ; البربرة التخليط في الكلام مع غضب ونفور ; ومنه حديث أحد : فأخذ اللواء غلام أسود فنصبه وبربر . وبربر : جيل من الناس يقال إنهم من ولد بر بن قيس بن عيلان ، قال : ولا أدري كيف هذا ، والبرابرة : الجماعة منهم ، زادوا الهاء فيه إما للعجمة وإما للنسب ، وهو الصحيح ، قال الجوهري : وإن شئت حذفتها . وبربر التيس للهياج : نب . ودلو بربار : لها في الماء بربرة أي صوت ، قال رؤبة :


أروي ببربارين في الغطماط



والبريراء على لفظ التصغير : موضع ، قال :


إن بأجراع البريراء فالحسى     فوكز إلى النقعين من وبعان



ومبرة : أكمة دون الجار إلى المدينة ، قال كثير عزة :


أقوى الغياطل من حراج مبرة     فجنوب سهوة قد عفت ، فرمالها



وبريرة : اسم امرأة . وبرة : بنت مر أخت تميم بن مر وهي أم النضر بن كنانة .

التالي السابق


الخدمات العلمية