صفحة جزء
شفي

شفي : الشفاء : دواء معروف وهو ما يبرئ من السقم ، والجمع أشفية وأشاف جمع الجمع ، والفعل شفاه الله من مرضه شفاء ، ممدود . واستشفى فلان : طلب الشفاء . وأشفيت فلانا إذا وهبت له شفاء من الدواء . ويقال : شفاء العي السؤال . أبو عمرو : أشفى زيد عمرا إذا وصف له دواء يكون شفاؤه فيه وأشفى إذا أعطى شيئا ما ; وأنشد :


ولا تشفي أباها لو أتاها فقيرا في مباءتها صماما

وأشفيتك الشيء أي أعطيتكه تستشفي به . وشفاه بلسانه : أبرأه . وشفاه وأشفاه : طلب له الشفاء . وأشفني عسلا : اجعله لي شفاء . ويقال : أشفاه الله عسلا إذا جعله له شفاء ; حكاه أبو عبيدة . واستشفى : طلب الشفاء واستشفى : نال الشفاء . والشفى : حرف الشيء وحده ، قال الله تعالى : على شفا جرف هار والاثنان شفوان . وشفى كل شيء : حرفه ، قال تعالى : وكنتم على شفا حفرة من النار قال الأخفش : لما لم تجز فيه الإمالة عرف أنه من الواو لأن الإمالة من الياء . وفي حديث علي عليه السلام : نازل بشفا جرف هار أي جانبه والجمع أشفاء ، وقال رؤبة يصف قوسا شبه عطفها بعطف الهلال :


كأنها في كفه تحت الروق     وفق هلال بين ليل وأفق
أمسى شفى أو خطه يوم المحق

الشفى : حرف كل شيء أراد أن قوسه كأنها خط هلال يوم المحق . وأشفى على الشيء : أشرف عليه وهو من ذلك . ويقال : أشفى على الهلاك إذا أشرف عليه . وفي الحديث : فأشفوا على المرج أي أشرفوا وأشفوا على الموت . وأشاف على الشيء وأشفى أي أشرف عليه . وشفت الشمس تشفو : قاربت الغروب والكلمة واوية ويائية . وشفى الهلال : طلع وشفى الشخص : ظهر ; هاتان عن الجوهري . ابن السكيت : الشفى مقصور بقية الهلال وبقية البصر وبقية النهار وما أشبهه ; وقال العجاج :


ومربإ عال لمن تشرفا     أشرفته بلا شفى أو بشفى

قوله : بلا شفى أي وقد غابت الشمس أو بشفى أي أو قد بقيت منها بقية ; قال ابن بري : ومثله قول أبي النجم :


كالشعريين لاحتا بعد الشفى

شبه عيني أسد في حمرتهما بالشعريين بعد غروب الشمس لأنهما تحمران في أول الليل ; قال ابن السكيت : يقال للرجل عند موته وللقمر عند امحاقه وللشمس عند غروبها ما بقي منه إلا شفى أي قليل . وفي الحديث عن عطاء ، قال : سمعت ابن عباس يقول ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا أحد إلا شفى أي إلا قليل من الناس ; قال : والله [ ص: 107 ] لكأني أسمع قوله إلا شفى ; عطاء القائل ; قال أبو منصور : وهذا الحديث يدل على أن ابن عباس علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المتعة فرجع إلى تحريمها بعدما كان باح بإحلالها ; وقوله : إلا شفى أي إلا خطيئة من الناس قليلة لا يجدون شيئا يستحلون به الفروج ، من قولهم : غابت الشمس إلا شفى أي قليلا من ضوئها عند غروبها . قال الأزهري : قوله : إلا شفى أي إلا أن يشفي ، يعني يشرف على الزنا ولا يواقعه ، فأقام الاسم وهو الشفى مقام المصدر الحقيقي وهو الإشفاء على الشيء . وفي حديث ابن زمل : فأشفوا على المرج أي أشرفوا عليه ولا يكاد يقول أشفى إلا في الشر . ومنه حديث سعد : مرضت مرضا أشفيت منه على الموت . وفي حديث عمر : لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا إلى صيامه ولكن انظروا إلى ورعه إذا أشفى أي إذا أشرف على الدنيا وأقبلت عليه ، وفي حديثه الآخر : إذا اؤتمن أدى ، وإذا أشفى ورع أي إذا أشرف على شيء تورع عنه ، وقيل : أراد المعصية والخيانة . وفي الحديث : أن رجلا أصاب من مغنم ذهبا فأتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو له فيه ، فقال : ما شفى فلان أفضل مما شفيت تعلم خمس آيات ; أراد : ما ازداد وربح بتعلمه الآيات الخمس أفضل مما استزدت وربحت من هذا الذهب ، قال ابن الأثير : ولعله من باب الإبدال فإن الشف الزيادة والربح فكأن أصله شفف فأبدلت إحدى الفاءات ياء ، كقوله تعالى : دساها ; في دسسها ، وتقضى البازي في تقضض ، وما بقي من الشمس والقمر إلا شفى : أي قليل . وشفت الشمس تشفي وشفيت شفى : غربت ; وفي التهذيب : غابت إلا قليلا وأتيته بشفى من ضوء الشمس ; وأنشد :


وما نيل مصر قبيل الشفى     إذا نفحت ريحه النافحه

أي قبيل غروب الشمس . ولما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حسان بهجاء كفار قريش ففعل ، قال : شفى واشتفى ; أراد أنه شفى المؤمنين واشتفى بنفسه أي اختص بالشفاء ، وهو من الشفاء البرء من المرض ، يقال : شفاه الله يشفيه ، واشتفى افتعل منه ، فنقله من شفاء الأجسام إلى شفاء القلوب والنفوس . واشتفيت بكذا وتشفيت من غيظي . وفي حديث الملدوغ : فشفوا له بكل شيء أي عالجوه بكل ما يشتفى به ، فوضع الشفاء موضع العلاج والمداواة . والإشفى : المثقب ، حكى ثعلب عن العرب : إن لاطمته لاطمت الإشفى ، ولم يفسره . قال ابن سيده : وعندي أنه إنما ذهب إلى حدته لأن الإنسان لو لاطم الإشفى لكان ذلك عليه لا له . والإشفى : الذي للأساكفة ، قال ابن السكيت : الإشفى ما كان للأساقي والمزاود والقرب وأشباهها وهو مقصور والمخصف للنعال ; قال ابن بري : ومنه قول الراجز :


فحاص ما بين الشراك والقدم     وخزة إشفى في عطوف من أدم

وقوله أنشده الفارسي :


مئبرة العرقوب إشفى المرفق

عنى أن مرفقها حديد كالإشفى ، وإن كان الجوهر يقتضي وصفا ما فإن العرب ربما أقامت ذلك الجوهر مقام تلك الصفة . يقول علي - رضي الله عنه - : ويا طغام الأحلام ; لأن الطغامة ضعيفة فكأنه ، قال : يا ضعاف الأحلام ; قال ابن سيده : ألف الإشفى ياء لوجود ( ش ف ي ) وعدم ( ش ف و ) مع أنها لام . التهذيب : الإشفى السراد الذي يخرز به وجمعه الأشافي . ابن الأعرابي : أشفى إذا سار في شفى القمر ، وهو آخر الليل وأشفى إذا أشرف على وصية أو وديعة . وشفية : اسم ركية معروفة . وفي الحديث ذكر شفية ، وهي بضم الشين مصغرة : بئر قديمة بمكة حفرتها بنو أسد . التهذيب في هذه الترجمة : الليث الشفة نقصانها واو تقول شفة وثلاث شفوات ، قال : ومنهم من يقول نقصانها هاء ، وتجمع على شفاه ، والمشافهة مفاعلة منه . الخليل : الباء والميم شفويتان نسبهما إلى الشفة ، قال : وسمعت بعض العرب يقول : أخبرني فلان خبرا اشتفيت به أي انتفعت بصحته وصدقه . ويقول القائل منهم : تشفيت من فلان إذا أنكى في عدوه نكاية تسره .

التالي السابق


الخدمات العلمية