صفحة جزء
شكا

شكا : شكا الرجل أمره يشكو شكوا ، على فعلا ، وشكوى على فعلى وشكاة وشكاوة وشكاية على حد القلب كعلاية ، إلا أن ذلك علم فهو أقبل للتغيير ; السيرافي : إنما قلبت واوه ياء لأن أكثر مصادر فعالة من المعتل إنما هو من قسم الياء نحو الجراية والولاية والوصاية ، فحملت الشكاية عليه لقلة ذلك في الواو . وتشكى واشتكى : كشكا . وتشاكى القوم : شكا بعضهم إلى بعض . وشكوت فلانا أشكوه شكوى وشكاية وشكية وشكاة إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك ، فهو مشكو ومشكي والاسم الشكوى . قال ابن بري : الشكاية والشكية إظهار ما يصفك به غيرك من المكروه ، والاشتكاء إظهار ما بك من مكروه أو مرض ونحوه . وأشكيت فلانا إذا فعلت به فعلا أحوجه إلى أن يشكوك ، وأشكيته أيضا إذا أعتبته من شكواه ونزعت عن شكاته وأزلته عما يشكوه ، وهو من الأضداد . وفي الحديث : شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء فلم يشكنا أي شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر ، وسألوه تأخيرها قليلا فلم يشكهم أي لم يجبهم إلى ذلك ولم يزل شكواهم . ويقال : أشكيت الرجل إذا أزلت شكواه وإذا حملته على الشكوى ; قال ابن الأثير : وهذا الحديث يذكر في مواقيت الصلاة لأجل قول أبي إسحاق أحد رواته : قيل له في تعجيلها ، فقال نعم ، والفقهاء يذكرونه في السجود ، فإنهم كانوا يضعون أطراف ثيابهم تحت جباههم في السجود من شدة الحر ، فنهوا عن ذلك ، وأنهم لما شكوا إليه ما يجدونه من ذلك لم يفسح لهم أن يسجدوا على طرف ثيابهم . واشتكيته : مثل شكوته . وفي حديث ضبة بن محصن ، قال : شاكيت أبا موسى في بعض ما يشاكي الرجل أميره ; هو فاعلت من الشكوى ، وهو أن تخبر عن مكروه أصابك . والشكو والشكوى والشكاة والشكاء كله : المرض . قال أبو المجيب لابن عمه : ما شكاتك يا بن حكيم ؟ قال له : انتهاء المدة وانقضاء العدة . الليث : الشكو الاشتكاء تقول : شكا يشكو شكاة ، يستعمل في الموجدة والمرض . ويقال : هو شاك مريض . الليث : الشكو المرض نفسه ; وأنشد :


أخي إن تشكى من أذ ى كنت طبه وإن كان ذاك الشكو بي فأخي طبي

واشتكى عضوا من أعضائه وتشكى بمعنى . وفي حديث عمرو بن حريث : دخل على الحسن في شكو له هو المرض ، وقد شكا المرض شكوا وشكاة وشكوى وتشكى واشتكى . قال بعضهم : الشاكي والشكي الذي يمرض أقل المرض وأهونه . والشكي : الذي يشتكي . والشكي : المشكو : وأشكى الرجل : أتى إليه ما يشكو فيه به . وأشكاه : نزع له من شكايته وأعتبه . قال الراجز يصف إبلا قد أتعبها السير ، فهي تلوي أعناقها تارة وتمدها أخرى وتشتكي إلينا فلا نشكيها وشكواها ما غلبها من سوء الحال والهزال فيقوم مقام كلامها ، قال :


تمد بالأعناق أو تثنيها     وتشتكي لو أننا نشكيها
مس حوايا قلما نجفيها

قال أبو منصور : وللإشكاء معنيان آخران : قال أبو زيد شكاني فلان فأشكيته إذا شكاك فزدته أذى وشكوى ، وقال الفراء أشكى إذا صادف حبيبه يشكو ; وروى بعضهم قول ذي الرمة يصف الربع ووقوفه عليه :


وأشكيه حتى كاد مما أبثه     تكلمني أحجاره وملاعبه

قالوا : معنى أشكيه أي أبثه شكواي وما أكابده من الشوق إلى الظاعنين عن الربع حين شوقتني معاهدهم فيه إليهم . وأشكى فلانا من فلان : أخذ له منه ما يرضى . وفي حديث خباب بن الأرت : شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرمضاء فما أشكانا أي ما أذن لنا في التخلف عن صلاة الظهيرة وقت الرمضاء . قال أبو عبيدة : أشكيت الرجل أي أتيت إليه ما يشكوني ، وأشكيته إذا شكا إليك فرجعت له من شكايته إياك إلى ما يحب . ابن سيده : وهو يشكى بكذا أي يتهم ويزن ; حكاه يعقوب في الألفاظ ; وأنشد :


قالت له بيضاء من أهل ملل     رقراقة العينين تشكى بالغزل

وقال مزاحم :


خليلي هل باد به الشيب إن بكى     وقد كان يشكى بالعزاء ملول

والشكي أيضا : الموجع ; وقول الطرماح بن عدي :


أنا الطرماح وعمي حاتم     وسمي شكي ولساني عارم
كالبحر حين تنكد الهزائم

وسمي : من السمة ، وشكي : موجع ، والهزائم : البئار الكثيرة الماء ، وسمي شكي أي يشكى لذعه وإحراقه . التهذيب : سلمة يقال به شكأ شديد تقشر . وقد شكئت أصابعه ، وهو التقشر بين اللحم والأظفار شبيه بالتشقق . ويقال للبعير إذا أتعبه السير فمد عنقه وكثر أنينه : قد شكا ; ومنه قول الراجز :


شكا إلي جملي طول السرى     صبرا جميلي فكلانا مبتلى

أبو منصور : الشكاة توضع موضع العيب والذم ; وعير رجل عبد الله بن الزبير بأمه ، فقال ابن الزبير :


وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

[ ص: 123 ] أراد : أن تعييره إياه بأن أمه كانت ذات النطاقين ليس بعار ، ومعنى قوله ظاهر عنك عارها أي ناب ، أراد أن هذا ليس عارا يلزق به وأنه يفتخر بذلك ; لأنها إنما سميت ذات النطاقين ; لأنه كان لها نطاقان تحمل في أحدهما الزاد إلى أبيها ، وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغار ، وكانت تنتطق بالنطاق الآخر ، وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما . الجوهري : ورجل شاكي السلاح إذا كان ذا شوكة وحد في سلاحه ; قال الأخفش : هو مقلوب من شائك ، قال : والشكي في السلاح معرب ، وهو بالتركية بش . ابن سيده : كل كوة ليست بنافذة مشكاة . ابن جني : ألف مشكاة منقلبة عن واو ، بدليل أن العرب قد تنحو بها منحاة الواو كما يفعلون بالصلاة . التهذيب : وقوله تعالى : كمشكاة فيها مصباح قال الزجاج : هي الكوة ، وقيل : هي بلغة الحبش ، قال : والمشكاة من كلام العرب ، قال : ومثلها ، وإن كان لغير الكوة الشكوة ، وهي معروفة ، وهي الزقيق الصغير أول ما يعمل مثله ، قال أبو منصور : أراد ، والله أعلم بالمشكاة قصبة الزجاجة التي يستصبح فيها ، وهي موضع الفتيلة شبهت بالمشكاة ، وهي الكوة التي ليست بنافذة . والعرب تقول : سل شاكي فلان أي طيب نفسه وعزه عما عراه . ويقال : سليت شاكي أرض كذا وكذا أي تركتها فلم أقربها . وكل شيء كففت عنه فقد سليت شاكيه . وفي حديث النجاشي : إنما يخرج من مشكاة واحدة ، المشكاة : الكوة غير النافذة ، وقيل : هي الحديدة التي يعلق عليها القنديل أراد أن القرآن والإنجيل كلام الله تعالى وأنهما من شيء واحد . والشكوة : جلد الرضيع ، وهو للبن فإذا كان جلد الجذع فما فوقه سمي وطبا . وفي حديث عبد الله بن عمرو : كان له شكوة ينقع فيها زبيبا ، قال : هي وعاء كالدلو أو القربة الصغيرة وجمعها شكى . ابن سيده : الشكوة مسك السخلة ما دام يرضع فإذا فطم فمسكه البدرة فإذا أجذع فمسكه السقاء ، وقيل : هو وعاء من أدم يبرد فيه الماء ويحبس فيه اللبن ، والجمع شكوات وشكاء . وقول الرائد : وشكت النساء أي اتخذت الشكاء وقال ثعلب : إنما هو تشكت النساء أي اتخذن الشكاء لمخض اللبن ; لأنه قليل يعني أن الشكوة صغيرة فلا يمخض فيها إلا القليل من اللبن . وفي حديث الحجاج : تشكى النساء أي اتخذن الشكى للبن . وشكى وتشكى واشتكى إذا اتخذ شكوة . أبو يحيى بن كناسة : تقول العرب في طلوع الثريا بالغدوات في الصيف :


طلع النجم غديه     ابتغى الراعي شكيه

والشكية : تصغير الشكوة ، وذلك أن الثريا إذا طلعت هذا الوقت هبت البوارح ورمضت الأرض وعطشت الرعيان ، فاحتاجوا إلى شكاء يستقون فيها لشفاههم ، ويحقنون اللبينة في بعضها ليشربوها قارصة . يقال : شكى الراعي ، وتشكى إذا اتخذ الشكوة وقال الشاعر :


وحتى رأيت العنز تشرى وشكت ال     أيامى وأضحى الرئم بالدو طاويا

العنز تشرى للخصب سمنا ونشاطا ، وقوله : أضحى الرئم طاويا أي طوى عنقه من الشبع فربض ، وقوله : شكت الأيامى أي كثر الرسل حتى صارت الأيم يفضل لها لبن تحقنه في شكوتها . واشتكى أي اتخذ شكوة . والشكو : الحمل الصغير . و بنو شكو : بطن ؛ التهذيب : وقيل في قول ذي الرمة :


على مستظلات العيون سواهم     شويكية يكسو براها لغامها

قيل : شويكية بغير همز إبل منسوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية