صفحة جزء
شنأ

شنأ : الشناءة مثل الشناعة : البغض . شنئ الشيء وشنأه أيضا ; الأخيرة عن ثعلب يشنؤه فيهما شنأ وشنأ وشنأ وشنأة ومشنأ ومنشأة ومشنؤة وشنآنا وشنآنا بالتحريك والتسكين : أبغضه . وقرئ بهما قوله تعالى : ولا يجرمنكم شنآن قوم . فمن سكن فقد يكون مصدرا كليان ، ويكون صفة كسكران أي مبغض قوم . قال الجوهري : وهو شاذ في اللفظ ; لأنه لم يجئ شيء من المصادر عليه . ومن حرك فإنما هو شاذ في المعنى ; لأن فعلان إنما هو من بناء ما كان معناه الحركة والاضطراب كالضربان والخفقان . التهذيب : الشنآن مصدر على فعلان كالنزوان والضربان . وقرأ عاصم : شنآن بإسكان النون ، وهذا يكون اسما كأنه قال : ولا يجرمنكم بغيض قوم . قالأبو بكر : وقد أنكر هذا رجل من أهل البصرة يعرف بأبي حاتم السجستاني معه تعد شديد وإقدام على الطعن في السلف . قال : فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى ، فقال : هذا من ضيق عطنه وقلة معرفته ، أما سمع قول ذي الرمة :


فأقسم لا أدري أجولان عبرة تجود بها العينين أحرى أم الصبر

قال : قلت له هذا ، وإن كان مصدرا ففيه الواو . فقال : قد قالت العرب وشكان ذا إهالة وحقنا ، فهذا مصدر ، وقد أسكنه ، والشنان بغير همز مثل الشنآن ; وأنشد للأحوص :


وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي     وإن لام فيه ذو الشنان وفندا

سلمة عن الفراء : من قرأ شنآن قوم فمعناه بغض قوم . شنئته شنآنا وشنآنا . وقيل : قوله شنآن أي بغضاؤهم ، ومن قرأ شنآن قوم ، فهو الاسم : لا يحملنكم بغيض قوم . ورجل شنائية وشنآن والأنثى شنآنة وشنأى . الليث : رجل شناءة وشنائية بوزن فعالة وفعالية : مبغض سيئ الخلق . وشنئ الرجل ، فهو مشنوء ، إذا كان مبغضا ، وإن كان جميلا . ومشنأ على مفعل بالفتح : قبيح الوجه أو قبيح المنظر الواحد والمثنى ، والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء . والمشناء بالكسر ممدود على مثال مفعال : الذي يبغضه الناس . عن أبي عبيد قال : وليس بحسن ; لأن المشناء صيغة فاعل ، وقوله : الذي يبغضه الناس في قوة المفعول ، حتى كأنه قال : المشناء المبغض ، وصيغة المفعول لا يعبر بها عن صيغة الفاعل ، فأما روضة محلال فمعناه أنها تحل الناس أو تحل بهم أي تجعلهم يحلون ، وليست في معنى محلولة . قال ابن بري : ذكر أبو عبيد أن المشنأ مثل المشنع : القبيح المنظر ، وإن كان محببا والمشناء مثل [ ص: 141 ] المشناع : الذي يبغضه الناس . وقال علي بن حمزة : المشناء بالمد : الذي يبغض الناس . وفي حديث أم معبد : لا تشنؤه من طول . قال ابن الأثير : كذا جاء في رواية أي لا يبغض لفرط طوله ، ويروى لا يتشنى من طول أبدل من الهمزة ياء . وفي حديث علي كرم الله وجهه : ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني . وتشانئوا أي تباغضوا ، وفي التنزيل العزيز : إن شانئك هو الأبتر . قال الفراء : قال الله تعالى لنبيه : إن شانئك أي مبغضك وعدوك هو الأبتر . أبو عمرو : الشانئ : المبغض . والشنء والشنء : البغضة . وقال أبو عبيدة في قوله تعالى : ولا يجرمنكم شنآن قوم يقال الشنآن بتحريك النون والشنآن بإسكان النون : البغضة . قال أبو الهيثم : يقال : شنئت الرجل أي أبغضته . قال : ولغة رديئة شنأت بالفتح . وقولهم : لا أبا لشانئك ولا أب أي لمبغضك . قال ابن السكيت : هي كناية عن قولهم لا أبا لك . والشنوءة على فعولة : التقزز من الشيء ، وهو التباعد من الأدناس . ورجل فيه شنوءة وشنوءة أي تقزز ، فهو مرة صفة ومرة اسم . وأزد شنوءة قبيلة من اليمن : من ذلك النسب إليه : شنئي أجروا فعولة مجرى فعيلة لمشابهتها إياها من عدة أوجه منها : أن كل واحد من فعولة وفعيلة ثلاثي ثم إن ثالث كل واحد منهما حرف لين يجري مجرى صاحبه ; ومنها : أن في كل واحد من فعولة وفعيلة تاء التأنيث ; ومنها . اصطحاب فعول وفعيل على الموضع الواحد نحو أثوم وأثيم ورحوم ورحيم ، فلما استمرت حال فعولة وفعيلة هذا الاستمرار جرت واو شنوءة مجرى ياء حنيفة ، فكما قالوا حنفي قياسا قالوا شنئي قياسا . قال أبو الحسن الأخفش : فإن قلت إنما جاء هذا في حرف واحد يعني شنوءة قال

: فإنه جميع ما جاء . قال ابن جني : وما ألطف هذا القول من أبي الحسن ، قال : وتفسيره أن الذي جاء في فعولة هو هذا الحرف ، والقياس قابله ، قال : ولم يأت فيه شيء ينقضه . وقيل : سموا بذلك لشنآن كان بينهم . وربما قالوا : أزد شنوة بالتشديد غير مهموز ، وينسب إليها شنوي ، وقال :


نحن قريش ، وهم شنوه     بنا قريشا ختم النبوه

قال ابن السكيت : أزد شنوءة بالهمز على فعولة ممدودة ، ولا يقال شنوة . أبو عبيد : الرجل الشنوءة : الذي يتقزز من الشيء . قال : وأحسب أن أزد شنوءة سمي بهذا . قال الليث : وأزد شنوءة أصح الأزد أصلا وفرعا ; وأنشد :


فما أنتم بالأزد أزد شنوءة     ولا من بني كعب بن عمرو بن عامر

أبو عبيد : شنئت حقك : أقررت به وأخرجته من عندي . وشنئ له حقه وبه : أعطاه إياه . وقال ثعلب : شنأ إليه حقه : أعطاه إياه وتبرأ منه ، وهو أصح ; وأما قول العجاج :


زل بنو العوام عن آل الحكم     وشنئوا الملك لملك ذي قدم

فإنه يروى لملك ولملك ، فمن رواه لملك فوجهه شنئوا أي أبغضوا هذا الملك لذلك الملك ، ومن رواه لملك ، فالأجود شنئوا أي تبرءوا به إليه . ومعنى الرجز أي خرجوا من عندهم . وقدم : منزلة ورفعة . وقال الفرزدق :


ولو كان في دين سوى ذا شنئتم     لنا حقنا أو غص بالماء شاربه

وشنئ به أي أقر به . وفي حديث عائشة : عليكم بالمشنيئة النافعة التلبينة ، تعني الحساء ، وهي مفعولة من شنئت أي أبغضت . قال الرياشي : سألت الأصمعي عن المشنيئة ، فقال : البغيضة . قال ابن الأثير في قوله : مفعولة من شنئت إذا أبغضت في الحديث . قال : وهذا البناء شاذ . فإن أصله مشنوء بالواو ، ولا يقال في مقروء وموطوء مقري وموطي ووجهه أنه لما خفف الهمزة صارت ياء ، فقال مشني كمرضي ، فلما أعاد الهمزة استصحب الحال المخففة . وقولها : التلبينة : هي تفسير المشنيئة ، وجعلتها بغيضة لكراهتها . وفي حديث كعب رضي الله عنه : يوشك أن يرفع عنكم الطاعون ويفيض فيكم شنآن الشتاء . قيل : ما شنآن الشتاء ؟ قال : برده ; استعار الشنآن للبرد ; لأنه يفيض في الشتاء . وقيل : أراد بالبرد سهولة الأمر والراحة ; لأن العرب تكني بالبرد عن الراحة ، والمعنى : يرفع عنكم الطاعون والشدة ويكثر فيكم التباغض والراحة والدعة . وشوانيء المال : ما لا يضن به . عن ابن الأعرابي من تذكرة أبي علي ، قال : وأرى ذلك ; لأنها شنئت فجيد بها فأخرجه مخرج النسب ، فجاء به على فاعل . والشنآن : من شعرائهم ، وهو الشنآن بن مالك ، وهو رجل من بني معاوية من حزن بن عبادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية