صفحة جزء
شنق

شنق : الشنق : طول الرأس كأنما يمد صعدا ; وأنشد :


كأنها كبداء تنزو في الشنق

وشنق البعير يشنقه ويشنقه شنقا وأشنقه إذا جذب خطامه وكفه بزمامه ، وهو راكبه من قبل رأسه حتى يلزق ذفراه بقادمة الرحل ، وقيل : شنقه إذا مده بالزمام حتى يرفع رأسه . وأشنق البعير بنفسه : رفع رأسه يتعدى ولا يتعدى . قال ابن جني : شنق البعير وأشنق هو جاءت فيه القضية معكوسة مخالفة للعادة ، وذلك أنك تجد فيها فعل متعديا ، وأفعل غير متعد ، قال : وعلة ذلك عندي أنه جعل تعدي فعلت وجمود أفعلت كالعوض لفعلت من غلبة أفعلت لها على التعدي نحو جلس وأجلست ، كما جعل قلب الياء واوا في البقوى والدعوى عوضا للواو من كثرة دخول الياء عليها ، وأنشد طلحة قصيدة فما زال شانقا راحلته حتى كتبت له ، وهو التيمي ليس الخزاعي . وفي حديث علي رضوان الله عليه : إن أشنق لها خرم أي إن بالغ في إشناقها خرم أنفها . ويقال : شنق لها وأشنق لها . وفي حديث جابر : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول طالع فأشرع ناقته فشربت وشنق لها . وفي حديث عمر رضي الله عنه : سأله رجل محرم ، فقال : عنت لي عكرشة فشنقتها بجبوبة أي رميتها حتى كفت عن العدو . والشناق حبل يجذب به رأس البعير والناقة ، والجمع أشنقة وشنق . وشنق البعير والناقة يشنقه شنقا : شدهما بالشناق . وشنق الخلية يشنقها شنقا وشنقها : وذلك أن يعمد إلى عود فيبريه ثم يأخذ قرصا من قرصة العسل فيثبت ذلك العود في أسفل القرص ثم يقيمه في عرض الخلية فربما شنق في الخلية القرصين والثلاثة ، وإنما يفعل هذا إذا أرضعت النحل أولادها ، واسم ذلك الشيء الشنيق . وشنق رأس الدابة : شده إلى أعلى شجرة أو وتد مرتفع حتى يمتد عنقها وينتصب . والشناق : الطويل ; قال الراجز :


قد قرنوني بامرئ شناق     شمردل يابس عظم الساق

وفي حديث الحجاج ويزيد بن المهلب


: وفي الدرع ضخم المنكبين شناق

أي طويل . النضر : الشنق الجيد من الأوتار ، وهو السمهري الطويل . والشنق : طول الرأس . ابن سيده : والشنق الطول . عنق أشنق وفرس أشنق ومشنوق : طويل الرأس ، وكذلك البعير والأنثى شنقاء وشناق . التهذيب : ويقال للفرس الطويل شناق ومشنوق ; وأنشد :


يممته بأسيل الخد منتصب     خاظي البضيع كمثل الجذع مشنوق

ابن شميل : ناقة شناق أي طويلة سطعاء ، وجمل شناق طويل في دقة ، ورجل شناق وامرأة شناق لا يثنى ولا يجمع . ومثله ناقة نياف وجمل نياف . لا يثنى ولا يجمع . وشنق شنقا وشنق : هوي شيئا فبقي كأنه معلق . وقلب شنق : هيمان . والقلب الشنق المشناق : [ ص: 147 ] الطامح إلى كل شيء ; وأنشد :


يا من لقلب شنق مشناق

ورجل شنق : معلق القلب حذر ; قال الأخطل :


وقد أقول لثور هل ترى ظعنا     يحدو بهن حذاري مشفق شنق

وشناق القربة : علاقتها ، وكل خيط علقت به شيئا شناق . وأشنق القربة إشناقا : جعل لها شناقا وشدها به وعلقها ، وهو خيط يشد به فم القربة . وفي حديث ابن عباس : أنه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة ، قال : فقام من الليل يصلي فحل شناق القربة ; قال أبو عبيدة : شناق القربة هو الخيط والسير الذي تعلق به القربة على الوتد ; قال الأزهري : وقيل في الشناق إنه الخيط الذي توكئ به فم القربة أو المزادة ، قال : والحديث يدل على هذا ; لأن العصام الذي تعلق به القربة لا يحل إنما يحل الوكاء ليصب الماء ; فالشناق هو الوكاء ، وإنما حله النبي صلى الله عليه وسلم لما قام من الليل ليتطهر من ماء تلك القربة . ويقال : شنق القربة وأشنقها إذا أوكأها ، وإذا علقها . أبو عمرو الشيباني : الشناق أن تغل اليد إلى العنق ; وقال عدي :


ساءها ما بنا تبين في الأي     دي وإشناقها إلى الأعناق

وقال ابن الأعرابي : الإشناق أن ترفع يده بالغل إلى عنقه . أبو سعيد : أشنقت الشيء وشنقته إذا علقته ; وقال الهذلي يصف قوسا ونبلا :

شنقت بها معابل مرهفات مسالات الأغرة كالقراط قال : شنقت جعلت الوتر في النبل ، قال : والقراط شعلة السراج . والشناق والأشناق : ما بين الفريضتين من الإبل والغنم فما زاد على العشر لا يؤخذ منه شيء حتى تتم الفريضة الثانية ، واحدها شنق ، وخص بعضهم بالأشناق الإبل . وفي الحديث : لا شناق أي لا يؤخذ من الشنق حتى يتم . والشناق أيضا : ما دون الدية ، وقيل : الشنق أن تزيد الإبل على المائة خمسا أو ستا في الحمالة ، قيل : كان الرجل من العرب إذا حمل حمالة زاد أصحابها ليقطع ألسنتهم ولينسب إلى الوفاء . وأشناق الدية : ديات جراحات دون التمام ، وقيل : هي زيادة فيها واشتقاقها من تعليقها بالدية العظمى ، وقيل : الشنق من الدية ما لا قود فيه كالخدش ونحو ذلك ، والجمع أشناق . والشنق في الصدقة : ما بين الفريضتين . والشنق أيضا : ما دون الدية ، وذلك أن يسوق ذو الحمالة مائة من الإبل ، وهي الدية كاملة ، فإذا كانت معها ديات جراحات لا تبلغ الدية فتلك هي الأشناق كأنها متعلقة بالدية العظمى ; ومنه قول الشاعر :


بأشناق الديات إلى الكمول

قال أبو عبيد : الشناق ما بين الفريضتين . قال : وكذلك أشناق الديات ورد ابن قتيبة عليه ، وقال : لم أر أشناق الديات من أشناق الفرائض في شيء ; لأن الديات ليس فيها شيء يزيد على حد من عددها أو جنس من أجناسها . وأشناق الديات : اختلاف أجناسها نحو بنات المخاض وبنات اللبون والحقاق والجذاع ، كل جنس منها شنق ; قال أبو بكر : والصواب ما قال أبو عبيد ; لأن الأشناق في الديات بمنزلة الأشناق في الصدقات إذا كان الشنق في الصدقة ما زاد على الفريضة من الإبل . وقال ابن الأعرابي والأصمعي والأثرم : كان السيد إذا أعطى الدية زاد عليها خمسا من الإبل ليبين بذلك فضله وكرمه ; فالشنق من الدية بمنزلة الشنق في الفريضة إذا كان فيها لغوا ، كما أنه في الدية لغو ليس بواجب إنما تكرم من المعطي . أبو عمرو الشيباني : الشنق في خمس من الإبل شاة ، وفي عشر شاتان ، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ، وفي عشرين أربع شياه ; فالشاة شنق والشاتان شنق والثلاث شياه شنق والأربع شياه شنق ، وما فوق ذلك فهو فريضة . وروي عن أحمد بن حنبل : أن الشنق ما دون الفريضة مطلقا ، كما دون الأربعين من الغنم . وفي الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لوائل بن حجر : لا خلاط ولا وراط ولا شناق ; قال أبو عبيد : قوله لا شناق فإن الشنق ما بين الفريضتين ، وهو ما زاد من الإبل على الخمس إلى العشر وما زاد على العشر إلى خمس عشرة يقول : لا يؤخذ من الشنق حتى يتم ، وكذلك جميع الأشناق ; وقال الأخطل يمدح رجلا :


قرم تعلق أشناق الديات به     إذا المئون أمرت فوقه حملا

وروى شمر عن ابن الأعرابي في قوله :


قرم تعلق أشناق الديات به

يقول : يحتمل الديات وافية كاملة زائدة . وقال غير ابن الأعرابي في ذلك : إن أشناق الديات أصنافها ، فدية الخطأ المحض مائة من الإبل تحملها العاقلة أخماسا : عشرون ابنة مخاض ، وعشرون ابنة لبون ، وعشرون ابن لبون وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وهي أشناق أيضا ، كما وصفنا ، وهذا تفسير قول الأخطل يمدح رئيسا يتحمل الديات وما دون الديات فيؤديها ليصلح بين العشائر ويحقن الدماء ; والذي وقع في شعر الأخطل : ضخم تعلق بالخفض على النعت لما قبله ، وهو :


وفارس غير وقاف برايته     يوم الكريهة حتى يعمل الأسلا

والأشناق : جمع شنق وله معنيان : أحدهما أن يزيد معطي الحمالة على المائة خمسا أو نحوها ليعلم به وفاؤه ، وهو المراد في بيت الأخطل ، والمعنى الآخر أن يريد بالأشناق الأروش كلها على ما فسره الجوهري ; قال أبو سعيد الضرير : قول أبي عبيد الشنق ما بين الخمس إلى العشر محال ، إنما هو إلى تسع ، فإذا بلغ العشر ففيها شاتان ، وكذلك قوله ما بين العشرة إلى خمس عشرة كان حقه أن يقول إلى أربع عشرة ; لأنها إذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه . قالأبو سعيد : وإنما سمي الشنق شنقا ; لأنه لم يؤخذ منه شيء . وأشنق إلى ما يليه مما أخذ منه أي أضيف ، وجمع ; قال : ومعنى قوله لا شناق أي لا يشنق الرجل غنمه وإبله إلى غنم غيره ليبطل عن نفسه ما يجب عليه من الصدقة ، وذلك أن يكون لكل واحد منهما أربعون شاة فيجب عليهما شاتان ، فإذا [ ص: 148 ] أشنق أحدهما غنمه إلى غنم الآخر فوجدها المصدق في يده أخذ منها شاة ، قال : وقوله لا شناق أي لا يشنق الرجل غنمه أو إبله إلى مال غيره ليبطل الصدقة ، وقيل : لا تشانقوا فتجمعوا بين متفرق ، قال : وهو مثل قوله ولا خلاط ; قال أبو سعيد : وللعرب ألفاظ في هذا الباب لم يعرفها أبو عبيد ، يقولون إذا وجب على الرجل شاة في خمس من الإبل : قد أشنق الرجل أي وجب عليه شنق ، فلا يزال مشنقا إلى أن تبلغ إبله خمسا وعشرين ، فكل شيء يؤديه فيها فهي أشناق : أربع من الغنم في عشرين إلى أربع وعشرين ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض معقل أي مؤدى للعقال ، فإذا بلغت إبله ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين فقد أفرض أي وجبت في إبله فريضة . قال الفراء : حكى الكسائي عن بعض العرب : الشنق إلى خمس وعشرين . قال : والشنق ما لم تجب فيه الفريضة يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين . قال محمد بن المكرم عفا الله عنه : قد أطلق أبو سعيد الضرير لسانه في أبي عبيد وندد به بما انتقده عليه بقوله أولا إن قوله الشنق ما بين الخمس إلى العشر محال إنما هو إلى تسع ، وكذلك قوله ما بين العشر إلى خمس عشرة كان حقه أن يقول إلى أربع عشرة ، ثم بقوله ثانيا إن للعرب ألفاظا لم يعرفها أبو عبيد ، وهذه مشاحة في اللفظ واستخفاف بالعلماء ، وأبو عبيد رحمه الله لم يخف عنه ذلك ، وإنما قصد ما بين الفريضتين فاحتاج إلى تسميتهما ، ولا يصح له قول الفريضتين إلا إذا سماهما فيضطر أن يقول عشرا أو خمس عشرة ، وهو إذا قال تسعا أو أربع عشرة فليس هناك فريضتان ، وليس هذا الانتقاد بشيء ، ألا ترى إلى ما حكاه الفراء عن الكسائي عن بعض العرب : الشنق إلى خمس وعشرين ؟ وتفسيره بأنه يريد ما بين الخمس إلى خمس وعشرين ، وكان على زعمأبي سعيد يقول : الشنق إلى أربع وعشرين ; لأنها إذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض ، ولم ينتقد هذا القول على الفراء ولا على الكسائي ولا على العربي المنقول عنه ، وما ذاك إلا لأنه قصد حد الفريضتين ، وهذا انحمال من أبي سعيد على أبي عبيد ، والله أعلم . والأشناق : الأروش أرش السن وأرش الموضحة والعين القائمة واليد الشلاء لا يزال ، يقال له أرش حتى يكون تكملة دية كاملة ; قال الكميت :


كأن الديات إذا علقت     مئوها به الشنق الأسفل

وهو ما كان دون الدية من المعاقل الصغار . قال الأصمعي : الشنق ما دون الدية والفضلة تفضل ، يقول : فهذه الأشناق عليه مثل العلائق على البعير لا يكترث بها ، وإذا أمرت المئون فوقه حملها ، وأمرت : شدت فوقه بمرار ، والمرار الحبل . وقال غيره في تفسير بيت الكميت : الشنق شنقان : الشنق الأسفل والشنق الأعلى ، فالشنق الأسفل شاة تجب في خمس من الإبل ، والشنق الأعلى ابنة مخاض تجب في خمس وعشرين من الإبل ، وقال آخرون : الشنق الأسفل في الديات عشرون ابنة مخاض ، والشنق الأعلى عشرون جذعة ولكل مقال ; لأنها كلها أشناق ، ومعنى البيت أنه يستخف الحمالات وإعطاء الديات ، فكأنه إذا غرم ديات كثيرة غرم عشرين بعيرا لاستخفافه إياها . وقال رجل من العرب : منا من يشنق أي يعطي الأشناق ، وهي ما بين الفريضتين من الإبل ، فإذا كانت من البقر فهي الأوقاص ، قال : ويكون يشنق يعطي الشنق ، وهي الحبال ، واحدها شناق ، ويكون يشنق يعطي الشنق ، وهو الأرش ، وقال في موضع آخر : أشنق الرجل إذا أخذ الشنق يعني أرش الخرق في الثوب . ولحم مشنق أي مقطع مأخوذ من أشناق الدية . والشناق : أن يكون على الرجل والرجلين أو الثلاثة أشناق إذا تفرقت أموالهم فيقول بعضهم لبعض : شانقني أي اخلط مالي ومالك ، فإنه إن تفرق وجب علينا شنقان فإن اختلط خف علينا ; فالشناق : المشاركة في الشنق والشنقين . والمشنق : العجين الذي يقطع ويعمل بالزيت . ابن الأعرابي : إذا قطع العجين كتلا على الخوان قبل أن يبسط ، فهو الفرزدق والمشنق والعجاجير . ورجل شنيق : سيئ الخلق . وبنو شنوق : بطن . والشنيق : الدعي ; قال الشاعر :


أنا الداخل الباب الذي لا يرومه     دني ولا يدعى إليه شنيق

وفي قصة سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام : احشروا الطير إلا الشنقاء هي التي تزق فراخها .

التالي السابق


الخدمات العلمية