صفحة جزء
شيأ

شيأ : المشيئة : الإرادة . شئت الشيء أشاؤه شيئا ومشيئة ومشاءة ومشاية : أردته ، والاسم الشيئة عن اللحياني . التهذيب : المشيئة : مصدر شاء يشاء مشيئة . وقالوا : كل شيء بشيئة الله بكسر الشين مثل شيعة أي بمشيئته . وفي الحديث : أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنكم تنذرون وتشركون تقولون : ما شاء الله وشئت . فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقولوا : ما شاء الله ثم شئت . المشيئة مهموزة : الإرادة . وقد شئت الشيء أشاؤه ، وإنما فرق بين قوله ما شاء الله وشئت وما شاء الله ثم شئت ; لأن الواو تفيد الجمع دون الترتيب ، وثم تجمع وترتب ، فمع الواو يكون قد جمع بين الله وبينه في المشيئة ، ومع ثم يكون قد قدم مشيئة الله على مشيئته . والشيء : معلوم . قال سيبويه حين أراد أن يجعل المذكر أصلا للمؤنث : ألا ترى أن الشيء مذكر ، وهو يقع على كل ما أخبر عنه . فأما ما حكاه سيبويه أيضا من قول العرب : ما أغفله عنك شيئا ، فإنه فسره بقوله أي دع الشك [ ص: 170 ] عنك ، وهذا غير مقنع . قال ابن جني : ولا يجوز أن يكون شيئا ههنا منصوبا على المصدر حتى كأنه قال : ما أغفله عنك غفولا ، ونحو ذلك ; لأن فعل التعجب قد استغنى بما حصل فيه من معنى المبالغة عن أن يؤكد بالمصدر . قال : وأما قولهم هو أحسن منك شيئا ، فإن شيئا هنا منصوب على تقدير بشيء ، فلما حذف حرف الجر أوصل إليه ما قبله ، وذلك أن معنى هو أفعل منه في المبالغة كمعنى ما أفعله ، فكما لم يجز ما أقومه قياما ، كذلك لم يجز هو أقوم منه قياما . والجمع : أشياء ، غير مصروف ، وأشياوات وأشاوات وأشايا وأشاوى ، من باب جبيت الخراج جباوة . وقال اللحياني : وبعضهم يقول في جمعها : أشيايا وأشاوه ، وحكى أن شيخا ; أنشده في مجلس الكسائي عن بعض الأعراب :


وذلك ما أوصيك يا أم معمر وبعض الوصايا في أشاوه تنفع

قال : وزعم الشيخ أن الأعرابي قال : أريد أشايا ، وهذا من أشذ الجمع ; لأنه لا هاء في أشياء فتكون في أشاوه . وأشياء : لفعاء عند الخليل وسيبويه وعند أبي الحسن الأخفش أفعلاء . وفي التنزيل العزيز : ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم . قال أبو منصور : لم يختلف النحويون في أن أشياء جمع شيء ، وأنها غير مجراة . قال : واختلفوا في العلة فكرهت أن أحكي مقالة كل واحد منهم واقتصرت على ما قاله أبو إسحاق الزجاج في كتابه ; لأنه جمع أقاويلهم على اختلافها واحتج لأصوبها عنده وعزاه إلى الخليل ، فقال قوله تعالى : لا تسألوا عن أشياء أشياء في موضع الخفض إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف . قال : وقال الكسائي : أشبه آخرها آخر حمراء ، وكثر استعمالها ، فلم تصرف . قال الزجاج : وقد أجمع البصريون وأكثر الكوفيين على أن قول الكسائي خطأ في هذا ، وألزموه أن لا يصرف أبناء وأسماء . وقال الفراء والأخفش : أصل أشياء أفعلاء ، كما تقول هين وأهوناء إلا أنه كان في الأصل أشيئاء على وزن أشيعاع فاجتمعت همزتان بينهما ألف فحذفت الهمزة الأولى . قال أبو إسحاق : وهذا القول أيضا غلط ; لأن شيئا فعل وفعل لا يجمع أفعلاء ، فأما هين فأصله هين فجمع على أفعلاء ، كما يجمع فعيل على أفعلاء مثل نصيب وأنصباء . قال : وقال الخليل : أشياء اسم للجمع كان أصله فعلاء شيئاء فاستثقل الهمزتان فقلبوا الهمزة الأولى إلى أول الكلمة فجعلت لفعاء ، كما قلبوا أنوقا ، فقالوا أينقا ، وكما قلبوا قووسا قسيا . قال : وتصديق قول الخليل جمعهم أشياء أشاوى وأشايا ، قال : وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازني وجميع البصريين إلا الزيادي منهم ، فإنه كان يميل إلى قول الأخفش . وذكر أن المازني ناظر الأخفش في هذا فقطع المازني الأخفش ، وذلك أنه سأله كيف تصغر أشياء ، فقال له أقول : أشياء ; فاعلم ، ولو كانت أفعلاء لردت في التصغير إلى واحدها ، فقيل : شييئات . وأجمع البصريون أن تصغير أصدقاء إن كانت للمؤنث : صديقات ، وإن كان للمذكر : صديقون . قال أبو منصور : وأما الليث ، فإنه حكى عن الخليل غير ما حكى عنه الثقات ، وخلط فيما حكى وطول تطويلا دل على حيرته ، قال : فلذلك تركته ، فلم أحكه بعينه . وتصغير الشيء : شييء وشييء بكسر الشين وضمها . قال : ولا تقل شويء . قال الجوهري : قال الخليل : إنما ترك صرف أشياء لأن أصله فعلاء جمع على غير واحده ، كما أن الشعراء جمع على غير واحده ; لأن الفاعل لا يجمع على فعلاء ، ثم استثقلوا الهمزتين في آخره فقلبوا الأولى أول الكلمة ، فقالوا : أشياء كما قالوا : عقاب بعنقاة وأينق وقسي فصار تقديره لفعاء يدل على صحة ذلك أنه لا يصرف ، وأنه يصغر على أشياء ، وأنه يجمع على أشاوى ، وأصله أشائي قلبت الهمزة ياء ، فاجتمعت ثلاث ياءات فحذفت الوسطى وقلبت الأخيرة ألفا ، وأبدلت من الأولى واوا ، كما قالوا : أتيته أتوة . وحكى الأصمعي : أنه سمع رجلا من أفصح العرب يقول لخلف الأحمر : إن عندك لأشاوى مثل الصحارى ، ويجمع أيضا على أشايا وأشياوات . وقال الأخفش : هو أفعلاء فلهذا لم يصرف ; لأن أصله أشيئاء ، حذفت الهمزة التي بين الياء والألف للتخفيف . قال له المازني : كيف تصغر العرب أشياء ، فقال : أشياء . فقال له : تركت قولك ; لأن كل جمع كسر على غير واحده ، وهو من أبنية الجمع ، فإنه يرد في التصغير إلى واحده ، كما قالوا : شويعرون في تصغير الشعراء ، وفيما لا يعقل بالألف والتاء ، فكان يجب أن يقولوا : شييئات . قال : وهذا القول لا يلزم الخليل ; لأن فعلاء ليس من أبنية الجمع ، وقال الكسائي : أشياء أفعال مثل فرخ وأفراخ ، وإنما تركوا صرفها لكثرة استعمالهم لها ; لأنها شبهت بفعلاء . وقال الفراء : أصل شيء شييء على مثال شيع فجمع على أفعلاء ، مثل هين وأهيناء ولين وأليناء ، ثم خفف ، فقيل شيء كما قالوا هين ولين ، وقالوا أشياء فحذفوا الهمزة الأولى ، وهذا القول يدخل عليه أن لا يجمع على أشاوى ، هذا نص كلام الجوهري . قال ابن بري عند حكاية الجوهري عن الخليل : إن أشياء فعلاء جمع على غير واحده ، كما أن الشعراء جمع على غير واحده ، قال ابن بري : حكايته عن الخليل أنه قال : إنها جمع على غير واحده ، كشاعر وشعراء ، وهم منه ، بل واحدها شيء . قال : وليست أشياء عنده بجمع مكسر ، وإنما هي اسم واحد بمنزلة الطرفاء والقصباء والحلفاء ، ولكنه يجعلها بدلا من جمع مكسر بدلالة إضافة العدد القليل إليها كقولهم : ثلاثة أشياء ، فأما جمعها على غير واحدها ، فلذلك مذهب الأخفش ; لأنه يرى أن أشياء وزنها أفعلاء ، وأصلها أشيئاء فحذفت الهمزة تخفيفا . قال : وكان أبو علي يجيز قول أبي الحسن على أن يكون ، واحدها شيئا ويكون أفعلاء جمعا لفعل في هذا ، كما جمع فعل على فعلاء في نحو سمح وسمحاء . قال : وهو ، وهم من أبي علي ; لأن شيئا اسم وسمحا صفة بمعنى سميح ; لأن اسم الفاعل من سمح قياسه سميح ، وسميح يجمع على سمحاء كظريف وظرفاء ، ومثله خصم وخصماء ; لأنه في معنى خصيم . والخليل وسيبويه يقولان : أصلها شيئاء ، فقدمت الهمزة التي هي لام الكلمة إلى أولها فصارت أشياء فوزنها لفعاء . قال : ويدل [ ص: 171 ] على صحة قولهما أن العرب قالت في تصغيرها : أشياء . قال : ولو كانت جمعا مكسرا ، كما ذهب إليه الأخفش لقيل في تصغيرها : شييئات ، كما يفعل ذلك في الجموع المكسرة كجمال وكعاب ، وكلاب تقول في تصغيرها : جميلات وكعيبات ، وكليبات فتردها إلى الواحد ثم تجمعها بالألف والتاء . وقال ابن بري عند قول الجوهري : إن أشياء يجمع على أشاوي ، وأصله أشائي فقلبت الهمزة ألفا ، وأبدلت من الأولى واوا ، قال : قوله أصله أشائي سهو ، وإنما أصله أشايي بثلاث ياءات . قال : ولا يصح همز الياء الأولى لكونها أصلا غير زائدة ، كما تقول في جمع أبيات أبابيت فلا تهمز الياء التي بعد الألف ، ثم خففت الياء المشددة ، كما قالوا في صحاري صحار ، فصار أشاي ، ثم أبدل من الكسرة فتحة ، ومن الياء ألف فصار أشايا ، كما قالوا في صحار صحارى ، ثم أبدلوا من الياء واوا ، كما أبدلوا في جبيت الخراج جباية وجباوة . وعند سيبويه : أن أشاوى جمع لإشاوة ، وإن لم ينطق بها . وقال ابن بري عند قول الجوهري إن المازني قال للأخفش : كيف تصغر العرب أشياء ، فقال أشياء ، فقال له : تركت قولك ; لأن كل جمع كسر على غير واحده ، وهو من أبنية الجمع ، فإنه يرد بالتصغير إلى واحده . قال ابن بري : هذه الحكاية مغيرة ; لأن المازني إنما أنكر على الأخفش تصغير أشياء ، وهي جمع مكسر للكثرة من غير أن يرد إلى الواحد ، ولم يقل له إن كل جمع كسر على غير واحده ; لأنه ليس السبب الموجب لرد الجمع إلى واحده عند التصغير هو كونه كسر على غير واحده ، وإنما ذلك لكونه جمع كثرة لا قلة . قال ابن بري عند قول الجوهري عن الفراء : إن أصل شيء شيئ فجمع على أفعلاء ، مثل هين وأهيناء ، قال : هذا سهو ، وصوابه أهوناء ; لأنه من الهون ، وهو اللين . الليث : الشيء : الماء ; وأنشد :


ترى ركبه بالشيء في وسط قفرة

، قال أبو منصور : لا أعرف الشيء بمعنى الماء ولا أدري ما هو ولا أعرف البيت . وقال أبو حاتم : قال الأصمعي : إذا قال لك الرجل : ما أردت ؟ قلت : لا شيئا ، وإذا قال لك : لم فعلت ذلك ؟ قلت : للاشيء ، وإن قال : ما أمرك ؟ قلت : لا شيء تنون فيهن كلهن . والمشيأ : المختلف الخلق المخبله القبيح . قال :


فطيئ ما طيئ ما طيئ     شيأهم إذ خلق المشيئ

وقد شيأ الله خلقه أي قبحه . وقالت امرأة من العرب :


إني لأهوى الأطولين الغلبا     وأبغض المشيئين الزغبا

، وقال أبو سعيد : المشيأ مثل المؤبن . وقال الجعدي :


زفير المتم بالمشيأ طرقت     بكاهله فما يريم الملاقيا

وشيأت الرجل على الأمر : حملته عليه . ويا شيء : كلمة يتعجب بها . قال :


يا شيء ما لي من يعمر يفنه     مر الزمان عليه والتقليب

قال : ومعناها التأسف على الشيء يفوت . وقال اللحياني : معناه يا عجبي ، وما : في موضع رفع . الأحمر : يا فيء ما لي ، ويا شيء ما لي ، ويا هيء ما لي معناه كله الأسف والتلهف والحزن . الكسائي : يا في ما لي ويا هي ما لي ، لا يهمزان ، ويا شيء ما لي يهمز ولا يهمز ; وما ، في كلها في موضع رفع تأويله يا عجبا ما لي ، ومعناه التلهف والأسى . قال الكسائي : من العرب من يتعجب بشي وهي وفي ، ومنهم من يزيد ما ، فيقول : يا شي ما ، ويا هي ما ، ويا في ما أي ما أحسن هذا . وأشاءه لغة في أجاءه أي ألجأه . وتميم تقول : شر ما يشيئك إلى مخة عرقوب أي يجيئك . قال زهير بن ذؤيب العدوي :


فيال تميم صابروا قد أشئتم     إليه وكونوا كالمحربة البسل

التالي السابق


الخدمات العلمية