صفحة جزء
صبح

صبح : الصبح : أول النهار . والصبح : الفجر والصباح : نقيض المساء ، والجمع أصباح ، وهو الصبيحة والصباح والإصباح والمصبح ; قال الله عز وجل : فالق الإصباح قال الفراء : إذا قيل الأمساء والأصباح ، فهو جمع المساء والصبح ، قال : ومثله الإبكار والأبكار ، وقال الشاعر :


أفنى رياحا وذوي رياح تناسخ الإمساء والإصباح

يريد به المساء والصبح . وحكى اللحياني : تقول العرب إذا تطيروا من الإنسان وغيره : صباح الله لا صباحك ، قال : وإن شئت نصبت . وأصبح القوم : دخلوا في الصباح ، كما يقال : أمسوا دخلوا في المساء ، وفي الحديث : أصبحوا بالصبح ، فإنه أعظم للأجر أي صلوها عند طلوع الصبح ; يقال : أصبح الرجل إذا دخل في الصبح ، وفي التنزيل : وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ; وقال سيبويه : أصبحنا وأمسينا أي صرنا في حين ذاك ، وأما صبحنا ومسينا فمعناه أتيناه صباحا ومساء ، وقال أبو عدنان : الفرق بين صبحنا وصبحنا أنه ، يقال صبحنا بلد كذا وكذا وصبحنا فلانا ، فهذه مشددة وصبحنا أهلها خيرا أو شرا ; وقال النابغة :


وصبحه فلجا فلا زال كعبه     على كل من عادى من الناس عاليا

ويقال : صبحه بكذا ومساه بكذا كل ذلك جائز ; ويقال للرجل ينبه من سنة الغفلة : أصبح أي انتبه وأبصر رشدك وما يصلحك ; وقال رؤبة :


أصبح فما من بشر مأروش

أي بشر معيب . وقول الله عز من قائل : فأخذتهم الصيحة مصبحين أي أخذتهم الهلكة وقت دخولهم في الصباح . وأصبح فلان عالما أي صار . وصبحك الله بخير : دعاء له . وصبحته أي قلت له : عم صباحا ; وقال الجوهري : ولا يراد بالتشديد ههنا التكثير . وصبح القوم : أتاهم غدوة وأتيتهم صبح خامسة ، كما تقول لمسي خامسة وصبح خامسة بالكسر أي لصباح خمسة أيام . وحكى سيبويه : أتيته صباح مساء ; من العرب من يبنيه كخمسة عشر ، ومنهم من يضيفه إلا في حد الحال أو الظرف وأتيته صباحا وذا صباح ، قال سيبويه : لا يستعمل إلا ظرفا ، وهو ظرف غير متمكن ، قال : وقد جاء في لغة لخثعم اسما ; قال أنس بن نهيك :


عزمت على إقامة ذي صباح     لأمر ما يسود ما يسود

وأتيته أصبوحة كل يوم وأمسية كل يوم . قال الأزهري : صبحت فلانا أتيته صباحا ; وأما قول بجير بن زهير المزني ، وكان أسلم :


صبحناهم بألف من سليم     وسبع من بني عثمان وافى

فمعناه أتيناهم صباحا بألف رجل من سليم ; وقال الراجز :


نحن صبحنا عامرا في دارها     جردا تعادى طرفي نهارها

يريد أتيناها صباحا بخيل جرد ; وقول الشماخ :


وتشكو بعين ما أكل ركابها     وقيل المنادي أصبح القوم أدلجي

قال الأزهري : يسأل السائل عن هذا البيت فيقول : الإدلاج سير الليل ، فكيف يقول : أصبح القوم ، وهو يأمر بالإدلاج ؟ والجواب فيه : أن العرب إذا قربت من المكان تريده ، تقول : قد بلغناه ، وإذا قربت للساري طلوع الصبح ، وإن كان غير طالع ، تقول : أصبحنا وأراد بقوله أصبح القوم : دنا وقت دخولهم في الصباح ; قال : وإنما فسرته ; لأن بعض الناس فسره على غير ما هو عليه . والصبحة والصبحة : نوم الغداة . والتصبح : النوم بالغداة ، وقد كرهه بعضهم ; وفي الحديث : أنه نهى عن الصبحة ، وهي النوم أول النهار ; لأنه وقت الذكر ثم وقت طلب الكسب . وفلان ينام الصبحة والصبحة أي ينام حين يصبح تقول منه : تصبح الرجل ; وفي حديث أم زرع أنها قالت : وعنده أقول فلا أقبح وأرقد فأتصبح ، أرادت أنها مكفية ، فهي تنام الصبحة . والصبحة : ما تعللت به غدوة . والمصباح من الإبل : الذي يبرك في معرسه فلا ينهض حتى يصبح ، وإن أثير ، وقيل : المصبح والمصباح من الإبل التي تصبح في مبركها لا ترعى حتى يرتفع النهار ; وهو مما يستحب من الإبل ، وذلك لقوتها وسمنها ، قال مزرد :


ضربت له بالسيف كوماء مصبحا [ ص: 191 ]     فشبت عليها النار فهي عقير

والصبوح : كل ما أكل أو شرب غدوة ، وهو خلاف الغبوق . والصبوح : ما أصبح عندهم من شرابهم فشربوه ، وحكى الأزهري عن الليث : الصبوح الخمر ; وأنشد :


ولقد غدوت على الصبوح معي     شرب كرام من بني رهم

والصبوح من اللبن : ما حلب بالغداة . والصبوح والصبوحة : الناقة المحلوبة بالغداة ; عن اللحياني . حكي عن العرب : هذه صبوحي وصبوحتي . والصبح : سقيك أخاك صبوحا من لبن . والصبوح : ما شرب بالغداة فما دون القائلة ، وفعلك الاصطباح ; وقال أبو الهيثم : الصبوح اللبن يصطبح ، والناقة التي تحلب في ذلك الوقت : صبوح أيضا ، يقال : هذا الناقة صبوحي وغبوقي ، قال : وأنشدنا أبو ليلى الأعرابي :


ما لي لا أسقي حبيباتي     صبائحي غبائقي قيلاتي

والقيل : اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة . واصطبح القوم : شربوا الصبوح . وصبحه يصبحه صبحا وصبحه : سقاه صبوحا ، فهو مصطبح ; وقال قرط بن التؤم اليشكري :


كان ابن أسماء يعشوه ويصبحه     من هجمة كفسيل النخل درار

يعشوه : يطعمه عشاء . والهجمة : القطعة من الإبل . ودرار : من صفتها . وفي الحديث : وما لنا صبي يصطبح أي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه الصبي بكرة من الجدب والقحط فضلا عن الكثير ، ويقال : صبحت فلانا أي ناولته صبوحا من لبن أو خمر ; ومنه قول طرفة :


متى تأتني أصبحك كأسا روية

أي أسقيك كأسا ; وقيل : الصبوح ما اصطبح بالغداة حارا . ومن أمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم : أكذب من الآخذ الصبحان ; قال شمر : هكذا قال ابن الأعرابي ، قال : وهو الحوار الذي قد شرب فروي ، فإذا أردت أن تستدر به أمه لم يشرب لرية درتها ، قال : ويقال أيضا : أكذب من الأخيذ الصبحان ; قال أبو عدنان : الأخيذ الأسير . والصبحان : الذي قد اصطبح فروي ; قال ابن الأعرابي : هو رجل كان عند قوم فصبحوه حتى نهض عنهم شاخصا ، فأخذه قوم وقالوا : دلنا على حيث كنت ، فقال : إنما بت بالقفر فبينما هم كذلك إذ قعد يبول فعلموا أنه بات قريبا عند قوم فاستدلوا به عليهم واستباحوهم ، والمصدر الصبح بالتحريك . وفي المثل : أعن صبوح ترقق ؟ يضرب مثلا لمن يجمجم ولا يصرح ، وقد يضرب أيضا لمن يوري عن الخطب العظيم بكناية عنه ، ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه ، وأصله أن رجلا من العرب نزل برجل من العرب عشاء فغبقه لبنا ، فلما روي علق يحدث أم مثواه بحديث يرققه ، وقال في خلال كلامه : إذا كان غدا اصطبحنا وفعلنا كذا ، ففطن له المنزول عليه ، وقال : أعن صبوح ترقق ؟ وروي عن الشعبي أن رجلا سأله عن رجل قبل أم امرأته ، فقال له الشعبي : أعن صبوح ترقق ؟ حرمت عليه امرأته ; ظن الشعبي أنه كنى بتقبيله إياها عن جماعها ; وقد ذكر أيضا في رقق . ورجل صبحان وامرأة صبحى : شربا الصبوح مثل سكران وسكرى . وفي الحديث أنه سئل : متى تحل لنا الميتة ، فقال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفوا بقلا فشأنكم بها ; قال أبو عبيد : معناه إنما لكم منها الصبوح وهو الغداء ، والغبوق وهو العشاء ; يقول : فليس لكم أن تجمعوهما من الميتة ، قال : ومنه قول سمرة لبنيه : يجزي من الضارورة صبوح أو غبوق ; قال الأزهري : وقال غير أبي عبيد : معناه لما سئل : متى تحل لنا الميتة ؟ أجابهم فقال : إذا لم تجدوا من اللبن صبوحا تتبلغون به ، ولا غبوقا تجتزئون به ، ولم تجدوا مع عدمكم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها ويهجأ غرثكم حلت لكم الميتة حينئذ ، وكذلك إذا وجد الرجل غداء أو عشاء من الطعام لم تحل له الميتة ، قال : وهذا التفسير واضح بين ، والله الموفق . وصبوح الناقة وصبحتها : قدر ما يحتلب منها صبحا . ولقيته ذات صبحة وذا صبوح أي حين أصبح وحين شرب الصبوح ; ابن الأعرابي : أتيته ذات الصبوح وذات الغبوق إذا أتاه غدوة وعشية ; وذا صباح وذا مساء وذات الزمين وذات العويم أي مذ ثلاثة أزمان وأعوام . وصبح القوم شرا يصبحهم صبحا : جاءهم به صباحا . وصبحتهم الخيل وصبحتهم : جاءتهم صبحا . وفي الحديث : أنه صبح خيبر أي أتاها صباحا ; وفي حديث أبي بكر :


كل امرئ مصبح في أهله     والموت أدنى من شراك نعله

أي مأتي بالموت صباحا لكونه فيهم وقتئذ . ويوم الصباح : يوم الغارة ; قال الأعشى :


به ترعف الألف إذ أرسلت     غداة الصباح إذا النقع ثارا

يقول : بهذا الفرس يتقدم صاحبه الألف من الخيل يوم الغارة . والعرب تقول إذا نذرت بغارة من الخيل تفجؤهم صباحا : يا صباحاه ! ينذرون الحي أجمع بالنداء العالي . وفي الحديث : لما نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين ; صعد على الصفا ، وقال : يا صباحاه هذه كلمة تقولها العرب إذا صاحوا للغارة لأنهم أكثر ما يغيرون عند الصباح ، ويسمون يوم الغارة يوم الصباح ، فكأن القائل يا صباحاه يقول : قد غشينا العدو ; وقيل : إن المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال ، فإذا عاد النهار عادوا ، فكأنه يريد بقوله يا صباحاه : قد جاء وقت الصباح فتأهبوا للقتال . وفي حديث سلمة بن الأكوع : لما أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى : يا صباحاه وصبح الإبل يصبحها صبحا : سقاها غدوة . وصبح القوم الماء : ورده بهم صباحا . والصابح : الذي يصبح إبله الماء أي يسقيها صباحا ; ومنه قول أبي زبيد :


حين لاحت للصابح الجوزاء

[ ص: 192 ] وتلك السقية تسميها العرب الصبحة ، وليست بناجعة عند العرب ، ووقت الورد المحمود مع الضحاء الأكبر . وفي حديث جرير : ولا يحسر صابحها أي لا يكل ، ولا يعيا ، وهو الذي يسقيها صباحا ; لأنه يوردها ماء ظاهرا على وجه الأرض . قال الأزهري : والتصبيح على وجوه ، يقال : صبحت القوم الماء إذا سريت بهم حتى توردهم الماء صباحا ، ومنه قوله :


وصبحتهم ماء بفيفاء قفرة     وقد حلق النجم اليماني فاستوى

أراد سريت بهم حتى انتهيت بهم إلى ذلك الماء ; وتقول : صبحت القوم تصبيحا إذا أتيتهم مع الصباح ; ومنه قول عنترة يصف خيلا :


وغداة صبحن الجفار عوابسا     يهدي أوائلهن شعث شزب

أي أتينا الجفار صباحا ; يعني خيلا عليها فرسانها ، ويقال صبحت القوم إذا سقيتهم الصبوح . والتصبيح : الغداء ، يقال : قرب إلي تصبيحي ; وفي حديث المبعث : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتيما في حجر أبي طالب ، وكان يقرب إلى الصبيان تصبيحهم فيختلسون ويكف أي يقرب إليهم غداؤهم ; وهو اسم بني على تفعيل مثل الترعيب للسنام المقطع والتنبيت اسم لما نبت من الغراس ، والتنوير اسم لنور الشجر . والصبوح : الغداء والغبوق : العشاء ، وأصلهما في الشرب ثم استعملا في الأكل . وفي الحديث : من تصبح بسبع تمرات عجوة ، هو تفعل من صبحت القوم إذا سقيتهم الصبوح . وصبحت بالتشديد لغة فيه . والصبحة والصبح : سواد إلى الحمرة ، وقيل : لون قريب إلى الشبهة ، وقيل : لون قريب من الصهبة ، الذكر أصبح والأنثى صبحاء ، تقول : رجل أصبح وأسد أصبح بين الصبح . والأصبح من الشعر : الذي يخالطه بياض بحمرة خلقة أيا كان ; وقد اصباح . وقال الليث : الصبح شدة الحمرة في الشعر والأصبح قريب من الأصهب . وروى شمر عن أبي نصر ، قال : في الشعر الصبحة والملحة . ورجل أصبح اللحية : للذي تعلو شعره حمرة ، ومن ذلك قيل : دم صباحي لشدة حمرته ، قال أبو زبيد :


عبيط صباحي من الجوف أشقرا

وقال شمر : الأصبح الذي يكون في سواد شعره حمرة ، وفي حديث الملاعنة : إن جاءت به أصبح أصهب الأصبح الشديد حمرة الشعر ، ومنه صبح النهار مشتق من الأصبح ، قال الأزهري : ولون الصبح الصادق يضرب إلى الحمرة قليلا كأنها لون الشفق الأول في أول الليل . والصبح : بريق الحديد وغيره . والمصباح : السراج ، وهو قرطه الذي تراه في القنديل وغيره ، والقراط لغة ، وهو قول الله عز وجل : المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري . والمصبح : المسرجة . واستصبح به : استسرج . وفي الحديث : فأصبحي سراجك أي أصلحيها . وفي حديث جابر في شحوم الميتة : ويستصبح بها الناس أي يشعلون بها سرجهم . وفي حديث يحيى بن زكريا عليهما السلام : كان يخدم بيت المقدس نهارا ويصبح فيه ليلا أي يسرج السراج . والمصبح بالفتح : موضع الإصباح ووقت الإصباح أيضا ; قال الشاعر :


بمصبح الحمد وحيث يمسي

وهذا مبني على أصل الفعل قبل أن يزاد فيه ، ولو بني على أصبح لقيل مصبح بضم الميم ، قال الأزهري : المصبح الموضع الذي يصبح فيه والممسى المكان الذي يمسى فيه ، ومنه قوله

:

قريبة المصبح من ممساها

والمصبح أيضا : الإصباح ، يقال : أصبحنا إصباحا ومصبحا ; وقول النمر بن تولب :


فأصبحت والليل مستحكم     وأصبحت الأرض بحرا طما

فسره ابن الأعرابي ، فقال : أصبحت من المصباح ; وقال غيره : شبه البرق بالليل بالمصباح ، وشاهد ذلك قول أبي ذؤيب :


أمنك برق أبيت الليل أرقبه     كأنه في عراص الشام مصباح

فيقول النمر بن تولب : شمت هذا البرق والليل مستحكم ، فكأن البرق مصباح إذ المصابيح إنما توقد في الظلم ، وأحسن من هذا أن يكون البرق فرج له الظلمة حتى كأنه صبح ، فيكون أصبحت حينئذ من الصباح ; قال ثعلب : معناه أصبحت فلم أشعر بالصبح من شدة الغيم ، والشمع مما يصطبح به أي يسرج به . والمصبح والمصباح : قدح كبير ; عن أبي حنيفة . والمصابيح : الأقداح التي يصطبح بها ; وأنشد :


نهل ونسعى بالمصابيح وسطها     لها أمر حزم لا يفرق مجمع

ومصابيح النجوم : أعلام الكواكب ، واحدها مصباح . والمصباح : السنان العريض . وأسنة صباحية ، كذلك ; قال ابن سيده : لا أدري إلام نسب . والصباحة : الجمال ; وقد صبح بالضم يصبح صباحة . وأما من الصبح فيقال صبح يصبح صبحا ، فهو أصبح الشعر . ورجل صبيح وصباح بالضم : جميل ، والجمع صباح وافق الذين يقولون فعال الذين يقولون فعيل لاعتقابهما كثيرا ، والأنثى فيهما بالهاء ، والجمع صباح وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية ; وقد صبح صباحة ; وقال الليث : الصبيح الوضيء الوجه . وذو أصبح : ملك من ملوك حمير وإليه تنسب السياط الأصبحية . والأصبحي : السوط . وصباح : حي من العرب ، وقد سمت صبحا وصباحا وصبيحا وصباحا وصبيحا ومصبحا . وبنو صباح : بطون بطن في ضبة وبطن في عبد القيس وبطن في غني . وصباح : حي من عذرة ، ومن عبد القيس . وصنابح : بطن من مراد .

التالي السابق


الخدمات العلمية