صفحة جزء
صحب

صحب : صحبه يصحبه صحبة بالضم وصحابة بالفتح ، وصاحبه : عاشره . والصحب : جمع الصاحب مثل راكب وركب . والأصحاب : جماعة الصحب مثل فرخ وأفراخ . والصاحب : المعاشر ؛ لا يتعدى تعدي الفعل ، أعني أنك لا تقول : زيد صاحب عمرا لأنهم إنما استعملوه استعمال الأسماء نحو غلام زيد ، ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا : زيد صاحب عمرا أو زيد صاحب عمرو ، على إرادة التنوين ، كما تقول : زيد ضارب عمرا ، وزيد ضارب عمرو ؛ تريد بغير التنوين ما تريد بالتنوين ، والجمع أصحاب ، وأصاحيب ، وصحبان ، مثل شاب وشبان ، وصحاب مثل جائع وجياع ، وصحب وصحابة وصحابة ، حكاها جميعا الأخفش ، وأكثر الناس على الكسر دون الهاء ، وعلى الفتح معها ، والكسر معها عن الفراء خاصة . ولا يمتنع أن تكون الهاء مع الكسر من جهة القياس ، على أن تزاد الهاء لتأنيث الجمع . وفي حديث قيلة : خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بالفتح ؛ جمع صاحب ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا ؛ قال امرؤ القيس :


فكان تدانينا وعقد عذاره وقال صحابي قد شأونك فاطلب

قال ابن بري : أغنى عن خبر كان الواو التي في معنى مع ، كأنه قال :

فكان تدانينا مع عقد عذاره كما قالوا : كل رجل وضيعته ، فكل مبتدأ ، وضيعته معطوف على ( كل ) ، ولم يأت بخبر ، وإنما أغنى عن الخبر كون الواو في معنى مع ، والضيعة هنا : الحرفة ، كأنه قال : كل رجل مع حرفته . وكذلك قولهم : كل رجل وشأنه . وقال الجوهري : الصحابة بالفتح : الأصحاب ، وهو في الأصل مصدر ، وجمع الأصحاب أصاحيب . وأما الصحبة والصحب فاسمان للجمع . وقال الأخفش : الصحب جمع خلافا لمذهب سيبويه ، ويقال : صاحب وأصحاب ، كما يقال : شاهد وأشهاد ، وناصر وأنصار . ومن قال : صاحب وصحبة ، فهو كقولك فاره وفرهة ، وغلام رائق ، والجمع روقة ؛ والصحبة مصدر قولك : صحب يصحب صحبة . وقالوا في النساء : هن صواحب يوسف . وحكى الفارسي عن أبي الحسن : هن صواحبات يوسف ، جمعوا صواحب جمع السلامة ، كقوله :


فهن يعلكن حدائداتها

وقوله :


جذب الصراريين بالكرور

والصحابة : مصدر قولك صاحبك الله وأحسن صحابتك . وتقول للرجل عند التوديع : معانا مصاحبا . ومن قال : معان مصاحب ، فمعناه : أنت معان مصاحب . ويقال : إنه لمصحاب لنا بما يحب ؛ وقال الأعشى :

[ ص: 201 ]

فقد أراك لنا بالود مصحابا

وفلان صاحب صدق . واصطحب الرجلان وتصاحبا واصطحب القوم : صحب بعضهم بعضا ، وأصله اصتحب ؛ لأن تاء الافتعال تتغير عند الصاد مثل اصطحب ، وعند الضاد مثل اضطرب ، وعند الطاء مثل اطلب ، وعند الظاء مثل اظلم ، وعند الدال مثل ادعى ، وعند الذال مثل اذخر ، وعند الزاي مثل ازدجر ؛ لأن التاء لان مخرجها فلم توافق هذه الحروف لشدة مخارجها ، فأبدل منها ما يوافقها ، لتخف على اللسان ، ويعذب اللفظ به . وحمار أصحب أي أصحر يضرب لونه إلى الحمرة . وأصحب : صار ذا صاحب ، وكان ذا أصحاب . وأصحب : بلغ ابنه مبلغ الرجال ، فصار مثله ، فكأنه صاحبه . واستصحب الرجل : دعاه إلى الصحبة ؛ وكل ما لازم شيئا فقد استصحبه ؛ قال :


إن لك الفضل على صحبتي     والمسك قد يستصحب الرامكا

الرامك : نوع من الطيب رديء خسيس . وأصحبته الشيء : جعلته له صاحبا ، واستصحبته الكتاب وغيره . وأصحب الرجل واصطحبه : حفظه . وفي الحديث : اللهم اصحبنا بصحبة واقلبنا بذمة أي احفظنا بحفظك في سفرنا وأرجعنا بأمانتك وعهدك إلى بلدنا . وفي التنزيل : ولا هم منا يصحبون ؛ قال : يعني الآلهة لا تمنع أنفسنا ، ولا هم منا يصحبون : يجارون أي الكفار ، ألا ترى أن العرب تقول : أنا جار لك ؛ ومعناه : أجيرك وأمنعك . فقال : يصحبون بالإجارة . وقال قتادة : لا يصحبون من الله بخير ؛ وقال أبو عثمان المازني : أصحبت الرجل أي منعته ؛ وأنشد قول الهذلي :


يرعى بروض الحزن من     أبه قربانه في عابه يصحب

يصحب : يمنع ويحفظ ، وهو من قوله تعالى : ولا هم منا يصحبون ؛ أي يمنعون . وقال غيره : هو من قوله : صحبك الله أي حفظك ، وكان جارا ، وقال :


جاري ومولاي لا يزني حريمهما     وصاحبي من دواعي السوء مصطحب

وأصحب البعير والدابة : انقادا . ومنهم من عم ، فقال : وأصحب ذل ، وانقاد من بعد صعوبة ؛ قال امرؤ القيس :


ولست بذي رثية إمر     إذا قيد مستكرها أصحبا

الإمر : الذي يأتمر لكل أحد لضعفه ، والرثية : وجع المفاصل . وفي الحديث : فأصحبت الناقة أي انقادت ، واسترسلت ، وتبعت صاحبها . قال أبو عبيد : صحبت الرجل من الصحبة ، وأصحبت أي انقدت له ؛ وأنشد :


توالى ربعي السقاب فأصحبا

والمصحب المستقيم الذاهب لا يتلبث ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي :


يا ابن شهاب لست لي بصاحب     مع المماري ومع المصاحب

فسره فقال : المماري المخالف ، والمصاحب المنقاد من الإصحاب . وأصحب الماء : علاه الطحلب والعرمض ، فهو ماء مصحب . وأديم مصحب عليه صوفه أو شعره أو وبره ، وقد أصحبته : تركت ذلك عليه . وقربة مصحبة : بقي فيها من صوفها شيء ولم تعطنه . والحميت : ما ليس عليه شعر . ورجل مصحب : مجنون . وصحب المذبوح : سلخه في بعض اللغات . وتصحب من مجالستنا : استحيا . وقال ابن برزح : إنه يتصحب من مجالستنا أي يستحيي منها . وإذا قيل : فلان يتسحب علينا بالسين فمعناه : أنه يتمادح ويتدلل . وقولهم في النداء : يا صاح ، معناه يا صاحبي ، ولا يجوز ترخيم المضاف إلا في هذا وحده سمع من العرب مرخما . وبنو صحب : بطنان واحد في باهلة ، وآخر في كلب . وصحبان : اسم رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية