صفحة جزء
صدد

صدد : الصد : الإعراض والصدوف . صد عنه يصد ويصد صدا وصدودا : أعرض . ورجل صاد من قوم صداد ، وامرأة صادة من نسوة صواد وصداد أيضا ؛ قال القطامي :

أبصارهن إلى الشبان مائلة وقد أراهن عنهم غير صداد

ويقال : صده عن الأمر يصده صدا منعه وصرفه عنه . قال الله عز وجل : وصدها ما كانت تعبد من دون الله ؛ يقال عن الإيمان العادة التي كانت عليها ؛ لأنها نشأت ولم تعرف إلا قوما يعبدون الشمس فصدتها العادة ، وهي عادتها بقوله : إنها كانت من قوم كافرين ؛ المعنى صدها كونها من قوم كافرين عن الإيمان . وفي الحديث : فلا يصدنكم ذلك . وصده عنه وأصده : صرفه ، وفي التنزيل : فصدهم عن السبيل ؛ وقال امرؤ القيس :


أصد نشاص ذي القرنين حتى     تولى عارض الملك الهمام

وصدده : كأصده ؛ وأنشد الفراء لذي الرمة :


أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم     صدود السواقي عن أنوف الحوائم

وهذا البيت أنشده الجوهري وغيره على هذا النص ؛ قال ابن بري : وصواب إنشاده :


صدود السواقي عن رءوس المخارم

والسواقي : مجاري الماء . والمخرم : منقطع أنف الجبل . يقول : صدوا الناس عنهم بالسيف ، كما صدت هذه الأنهار عن المخارم فلم تستطع أن ترتفع إليها . وحكى اللحياني : لا صد عن ذلك ؛ قال : والتأويل حقا أنت فعلت ذاك . وصد يصد صدا : استغرب ضحكا . وصد يصد صدا : ضج وعج . وفي التنزيل : ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ؛ وقرئ يصدون فيصدون يضجون ويعجون ، كما قدمنا ويصدون يعرضون ، والله أعلم . الأزهري : تقول صد يصد ويصد مثل شد يشد ويشد ، والاختيار يصدون بالكسر ، وهي قراءة ابن عباس ، وفسره يضجون ويعجون . وقال الليث في قوله تعالى : إذا قومك منه يصدون ؛ أي يضحكون ؛ قال الأزهري : وعلى قول ابن عباس في تفسيره العمل . قال أبو منصور : يقال صددت فلانا عن أمره أصده صدا فصد يصد ، يستوي فيه لفظ الواقع واللازم ، فإذا كان المعنى يضج ويعج فالوجه الجيد صد يصد مثل ضج يضج ، ومنه قوله عز وجل : وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ؛ فالمكاء الصفير والتصدية التصفيق ، وقيل للتصفيق تصدية ؛ لأن اليدين تتصافقان فيقابل صفق هذه صفق الأخرى ، وصد هذه صد الأخرى ، وهما وجهاها . والصد : الهجران ، ومنه فيصد هذا ويصد هذا أي يعرض بوجهه عنه . ابن سيده : التصدية التصفيق والصوت على تحويل التضعيف . قال : ونظيره قصيت أظفاري في حروف كثيرة . قال : وقد عمل فيه سيبويه بابا ، وقد ذكر منه يعقوب وأبو عبيد أحرفا . الأزهري : يقال صدى يصدي تصدية إذا صفق ، وأصله صدد يصدد فكثرت الدالات فقلبت إحداهن ياء ، كما قالوا قصيت أظفاري والأصل قصصت أظفاري . قال : قال ذلك أبو عبيد وابن السكيت وغيرهما . وصديد الجرح : ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المدة . وفي الحديث : يسقى من صديد أهل النار ؛ هو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد ؛ ومنه حديث الصديق في الكفن : إنما هو للمهل والصديد ؛ ابن سيده : الصديد القيح الذي كأنه ماء ، وفيه شكلة . وقد أصد الجرح وصدد أي صار فيه المدة . والصديد في القرآن : ما يسيل من جلود أهل النار ، وقيل : هو الحميم إذا أغلي حتى خثر . وصديد الفضة : ذؤابتها على التشبيه وبذلك ، سمي المهلة . وقال أبو إسحاق في قوله تعالى : ويسقى من ماء صديد يتجرعه ، قال : الصديد ما يسيل من أهل النار من الدم والقيح . وقال الليث : الصديد الدم المختلط بالقيح في الجرح . وفي نوادر الأعراب : الصداد ما اضطرب ، وهو الستر . ابن بزرج : الصدود ما دلكته على مرآة ثم كحلت به عينا ، والصد والصد : الجبل ؛ قالت ليلى الأخيلية :


أنابغ لم تنبغ ولم تك أولا     وكنت صنيا بين صدين مجهلا

والجمع أصداد وصدود ، والسين فيه لغة ، والصد : المرتفع من السحاب تراه كالجبل ، والسين فيه أعلى . وصدا الجبل : ناحيتاه في مشعبه . والصدان : ناحيتا الشعب أو الجبل أو الوادي ، الواحد صد ، وهما الصدفان أيضا ؛ وقال حميد :


تقلقل قدح بين صدين أشخصت     له كف رام وجهة لا يريدها

قال : ويقال للجبل صد وسد . قال أبو عمرو : يقال لكل جبل صد وصد وسد وسد . قال أبو عمرو : الصدان الجبلان ؛ وأنشد بيت ليلى الأخيلية . وقال : الصني شعب صغير يسيل فيه الماء ، والصد الجانب . والصدد : الناحية . والصدد : ما استقبلك . وهذا صدد هذا وبصدده وعلى صدده أي قبالته . والصدد : القرب . والصدد : القصد . قال ابن سيده : قال سيبويه هو صددك ومعناه القصد ، قال : وهي من الحروف التي عزلها ليفسر معانيها ؛ لأنها غرائب . ويقال : صد السبيل إذا استقبلك عقبة صعبة فتركتها وأخذت غيرها ؛ قال الشاعر :


إذا رأين علما مقودا [ ص: 209 ]     صددن عن خيشومها وصدا

وقول أبي الهيثم :


فكل ذلك منا والمطي بنا     إليك أعناقها من واسط صدد

قال : صدد قصد . وصدد الطريق : ما استقبلك منه . وأما قول الله عز وجل : أما من استغنى فأنت له تصدى ؛ فمعناه تتعرض له وتميل إليه وتقبل عليه . يقال : تصدى فلان لفلان يتصدى إذا تعرض له ، والأصل فيه أيضا تصدد يتصدد . يقال : تصديت له والأصل فيه أيضا تصدد يتصدد . يقال : تصديت له أي أقبلت عليه ؛ وقال الشاعر :


لما رأيت ولدي فيهم ميل     إلى البيوت وتصدوا للحجل

قال الأزهري : وأصله من الصدد ، وهو ما استقبلك وصار قبالتك . وقال الزجاج : معنى قوله عز وجل : فأنت له تصدى ؛ أي أنت تقبل عليه جعله من الصدد ، وهو القبالة . وقال الليث : يقال هذه الدار على صدد هذه أي قبالتها . وداري صدد داره أي قبالتها نصب على الظرف . قال أبو عبيد : قال ابن السكيت : الصدد والصقب القرب . قال الأزهري : فجائز أن يكون معنى قوله تعالى : فأنت له تصدى ؛ أي تتقرب إليه على هذا التأويل . والصداد بالضم والتشديد : دويبة ، وهي من جنس الجرذان ؛ قال أبو زيد : هو في كلام قيس سام أبرص . ابن سيده : الصداد سام أبرص ، وقيل : الوزغ ؛ أنشد يعقوب :


منجحرا منجحر الصداد

ثم فسره بالوزغ ، والجمع منهما الصدائد ، على غير قياس ؛ وأنشد الأزهري :


إذا ما رأى إشرافهن انطوى لها     خفي كصداد الجديرة أطلس

والصدى مقصور : تين أبيض الظاهر أكحل الجوف إذا أريد تزبيبه فلطح ، فيجيء كأنه الفلك ، وهو صادق الحلاوة ؛ هذا قول أبي حنيفة . وصداء : اسم بئر ، وقيل : اسم ركية عذبة الماء ، وروى بعضهم هذا المثل : ماء ولا كصداء ؛ أنشد أبو عبيد :


وإني وتهيامي بزينب كالذي     يحاول من أحواض صداء مشربا

وقيل لأبي علي النحوي : هو فعلاء من المضاعف ، فقال : نعم ؛ وأنشد لضرار بن عتبة العبشمي :


كأني من وجد بزينب هائم     يخالس من أحواض صداء مشربا
يرى دون برد الماء هولا وذاذة     إذا شد صاحوا قبل أن يتحببا

وبعضهم يقول : صدآء بالهمز مثل صدعاء ؛ قال الجوهري : سألت عنه رجلا في البادية فلم يهمزه . والصداد : الطريق إلى الماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية