صفحة جزء
صدر

صدر : الصدر : أعلى مقدم كل شيء وأوله ، حتى إنهم ليقولون : صدر النهار والليل ، وصدر الشتاء والصيف ، وما أشبه ذلك مذكرا ؛ فأما قول الأعشى :


ويشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم

قال ابن سيده : فإن شئت قلت أنث ؛ لأنه أراد القناة ، وإن شئت قلت إن صدر القناة قناة ؛ وعليه قوله :


مشين كما اهتزت رماح تسفهت     أعاليها مر الرياح النواسم

والصدر : واحد الصدور ، وهو مذكر ، وإنما أنثه الأعشى في قوله : كما شرقت صدر القناة على المعنى ؛ لأن صدر القناة من القناة ، وهو كقولهم : ذهبت بعض أصابعه ؛ لأنهم يؤنثون الاسم المضاف إلى المؤنث ، وصدر القناة : أعلاها . وصدر الأمر : أوله . وصدر كل شيء : أوله . وكل ما واجهك : صدر ، وصدر الإنسان منه مذكر عن اللحياني ، وجمعه صدور ، ولا يكسر على غير ذلك . وقوله عز وجل : ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ؛ والقلب لا يكون إلا في الصدر ، إنما جرى هذا على التوكيد ، كما قال عز وجل : يقولون بأفواههم ؛ والقول لا يكون إلا بالفم لكنه أكد بذلك ، وعلى هذا قراءة من قرأ : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى . والصدرة : الصدر ، وقيل : ما أشرف من أعلاه . والصدر : الطائفة من الشيء . التهذيب : والصدرة من الإنسان ما أشرف من أعلى صدره ؛ ومنه الصدرة التي تلبس ؛ قال الأزهري : ومن هذا قول امرأة طائية كانت تحت امرئ القيس ففركته ، وقالت : إني ما علمتك إلا ثقيل الصدرة سريع الهدافة بطيء الإفاقة . والأصدر : الذي أشرفت صدرته . والمصدور : الذي يشتكي صدره ، وفي حديث ابن عبد العزيز : قال لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة : حتى متى تقول هذا الشعر ؟ فقال :


لا بد للمصدور من أن يسعلا

المصدور : الذي يشتكي صدره صدر ، فهو مصدور ، يريد : أن من أصيب صدره لا بد له أن يسعل ، يعني أنه يحدث للإنسان حال يتمثل فيه بالشعر ويطيب به نفسه ، ولا يكاد يمتنع منه . وفي حديث الزهري : قيل له : ابن عبيد الله يقول الشعر ، قال : ويستطيع المصدور أن لا ينفث ؟ أي لا يبزق ، شبه الشعر بالنفث لأنهما يخرجان من الفم . وفي حديث عطاء : قيل له : رجل مصدور ينهز قيحا أحدث هو ؟ قال : لا ، يعني يبزق قيحا . وبنات الصدر : خلل عظامه . وصدر يصدر صدرا : شكا صدره ؛ وأنشد :


كأنما هو في أحشاء مصدور

وصدر فلان فلانا يصدره صدرا : أصاب صدره . ورجل أصدر : عظيم الصدر ، ومصدر : قوي الصدر شديده ، وكذلك الأسد والذئب . وفي حديث عبد الملك : أتي بأسير مصدر ؛ هو العظيم الصدر . وفرس مصدر : بلغ العرق صدره . والمصدر من الخيل والغنم : الأبيض لبة الصدر ، وقيل : هو من النعاج السوداء الصدر وسائرها أبيض ؛ ونعجة مصدرة . ورجل بعيد الصدر : لا يعطف [ ص: 210 ] وهو على المثل . والتصدر : نصب الصدر في الجلوس . وصدر كتابه : جعل له صدرا ؛ وصدره في المجلس فتصدر . وتصدر الفرس وصدر كلاهما : تقدم الخيل بصدره . وقال ابن الأعرابي : المصدر من الخيل السابق ، ولم يذكر الصدر ؛ ويقال : صدر الفرس إذا جاء قد سبق وبرز بصدره وجاء مصدرا ؛ وقال طفيل الغنوي يصف فرسا :


كأنه بعدما صدرن من عرق     سيد تمطر جنح الليل مبلول

كأنه : الهاء لفرسه . بعدما صدرن : يعني خيلا سبقن بصدورهن . والعرق : الصف من الخيل ؛ وقال دكين :


مصدر لا وسط ولا بالي

وقال أبو سعيد في قوله : بعدما صدرن من عرق أي هرقن صدرا من العرق ولم يستفرغنه كله ؛ وروي عن ابن الأعرابي أنه قال : رواه بعدما صدرن ، على ما لم يسم فاعله أي أصاب العرق صدورهن بعدما عرق ، قال : والأول أجود ؛ وقول الفرزدق يخاطب جريرا :


وحسبت خيل بني كليب مصدرا     فغرقت حين وقعت في القمقام

يقول : اغتررت بخيل قومك وظننت أنهم يخلصونك من بحري فلم يفعلوا . ومن كلام كتاب الدواوين أن يقال : صودر فلان العامل على مال يؤديه أي فورق على مال ضمنه . والصدار : ثوب رأسه كالمقنعة وأسفله يغشي الصدر والمنكبين تلبسه المرأة ؛ قال الأزهري : وكانت المرأة الثكلى إذا فقدت حميمها فأحدت عليه لبست صدارا من صوف ؛ وقال الراعي يصف فلاة :


كأن العرمس الوجناء فيها     عجول خرقت عنها الصدارا

ابن الأعرابي : المجول الصدرة ، وهي الصدار والأصدة . والعرب تقول للقميص الصغير والدرع القصيرة : الصدرة ؛ وقال الأصمعي : يقال لما يلي الصدر من الدرع صدار . الجوهري : الصدار بكسر الصاد قميص صغير يلي الجسد . وفي المثل : كل ذات صدار خالة أي من حق الرجل أن يغار على كل امرأة كما يغار على حرمه . وفي حديث الخنساء : دخلت على عائشة وعليها خمار ممزق وصدار شعر ، الصدار : القميص القصير كما وصفناه أولا . وصدر القدم : مقدمها ما بين أصابعها إلى الحمارة . وصدر النعل : ما قدام الخرت منها . وصدر السهم : ما جاوز وسطه إلى مستدقه ، وهو الذي يلي النصل إذا رمي به ، وسمي بذلك ؛ لأنه المتقدم إذا رمي ، وقيل : صدر السهم ما فوق نصفه إلى المراش . وسهم مصدر : غليظ الصدر ، وصدر الرمح : مثله . ويوم كصدر الرمح : ضيق شديد . قال ثعلب : هذا يوم تخص به الحرب ؛ قال : وأنشدني ابن الأعرابي :


ويوم كصدر الرمح قصرت طوله     بليلي فلهاني وما كنت لاهيا

وصدور الوادي : أعاليه ومقادمه ، وكذلك صدائره عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


أأن غردت في بطن واد حمامة     بكيت ولم يعذرك في الجهل عاذر
تعالين في عبرية تلع الضحى     على فنن قد نعمته الصدائر

واحدها صادرة وصديرة . والصدر في العروض : حذف ألف فاعلن لمعاقبتها نون فاعلاتن ؛ قال ابن سيده : هذا قول الخليل ، وإنما حكمه أن يقول : الصدر الألف المحذوفة لمعاقبتها نون فاعلاتن . والتصدير : حزام الرحل والهودج . قال سيبويه : فأما قولهم التزدير فعلى المضارعة وليست بلغة ، وقد صدر عن البعير . والتصدير : الحزام ، وهو في صدر البعير ، والحقب عند الثيل . الليث : التصدير حبل يصدر به البعير إذا جر حمله إلى خلف ، والحبل اسمه التصدير ، والفعل التصدير . قال الأصمعي : وفي الرحل حزامة ، يقال له التصدير ، قال : والوضين للهودج والبطان للقتب ، وأكثر ما يقال الحزام للسرج . وقال الليث : يقال صدر عن بعيرك ، وذلك إذا خمص بطنه واضطرب تصديره فيشد حبل من التصدير إلى ما وراء الكركرة فيثبت التصدير في موضعه ، وذلك الحبل يقال له السناف . قال الأزهري : الذي قاله الليث أن التصدير حبل يصدر به البعير إذا جر حمله خطأ ، والذي أراده يسمى السناف ، والتصدير : الحزام نفسه . والصدار : سمة على صدر البعير . والمصدر : أول القداح الغفل التي ليست لها فروض ولا أنصباء ، إنما تثقل بها القداح كراهية التهمة ؛ هذا قول اللحياني . والصدر بالتحريك : الاسم ، من قولك صدرت عن الماء وعن البلاد . وفي المثل : تركته على مثل ليلة الصدر ، يعني حين صدر الناس من حجهم . وأصدرته فصدر أي رجعته فرجع والموضع مصدر ، ومنه مصادر الأفعال . وصادره على كذا . والصدر : نقيض الورد . صدر عنه يصدر صدرا ومصدرا ومزدرا ؛ الأخيرة مضارعة ؛ قال :


ودع ذا الهوى قبل القلى ترك ذي الهوى     متين القوى خير من الصرم مزدرا

وقد أصدر غيره وصدره والأول أعلى . وفي التنزيل العزيز : حتى يصدر الرعاء ؛ قال ابن سيده : فإما أن يكون هذا على نية التعدي كأنه قال حتى يصدر الرعاء إبلهم ثم حذف المفعول ، وإما أن يكون يصدر ههنا غير متعد لفظا ولا معنى ؛ لأنهم قالوا صدرت عن الماء فلم يعدوه . وفي الحديث : يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى ؛ الصدر بالتحريك : رجوع المسافر من مقصده والشاربة من الورد . يقال : صدر يصدر صدورا وصدرا ؛ يعني أنه يخسف بهم جميعهم فيهلكون بأسرهم خيارهم وشرارهم ، ثم يصدرون بعد الهلكة مصادر متفرقة على قدر أعمالهم ونياتهم ، ففريق في الجنة وفريق في السعير . وفي الحديث : للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصدر ؛ يعني مكة بعد أن يقضي نسكه . وفي الحديث : كانت له ركوة تسمى الصادر ؛ سميت به ؛ لأنه يصدر عنها بالري ؛ ومنه : فأصدرنا ركابنا أي صرفنا رواء فلم نحتج إلى المقام بها للماء . وما له صادر ولا وارد أي ما له [ ص: 211 ] شيء . وقال اللحياني : ما له شيء ، ولا قوم . وطريق صادر : معناه أنه يصدر بأهله عن الماء . ووارد : يرده بهم ؛ قال لبيد يذكر ناقتين :


ثم أصدرناهما في وارد     صادر ، وهم صواه قد مثل

أراد في طريق يورد فيه ويصدر عن الماء فيه . والوهم : الضخم ، وقيل : الصدر عن كل شيء . الرجوع . الليث : الصدر الانصراف عن الورد وعن كل أمر . يقال : صدروا وأصدرناهم . ويقال للذي يبتدئ أمرا ثم لا يتمه : فلان يورد ولا يصدر ، فإذا أتمه قيل : أورد وأصدر قال أبو عبيد : صدرت عن البلاد وعن الماء صدرا ، هو الاسم ، فإذا أردت المصدر جزمت الدال ؛ وأنشد لابن مقبل :


وليلة قد جعلت الصبح موعدها     صدر المطية حتى تعرف السدفا

قال ابن سيده : وهذا منه عي واختلاط ، وقد وضع منه بهذه المقالة في خطبة كتابه المحكم ، فقال : وهل أوحش من هذه العبارة أو أفحش من هذه الإشارة ؟ الجوهري : الصدر بالتسكين المصدر ، وقوله صدر المطية مصدر من قولك صدر يصدر صدرا . قال ابن بري : الذي رواه أبو عمرو الشيباني السدف ، قال : وهو الصحيح ، وغيره يرويه السدف جمع سدفة ، قال : والمشهور في شعر ابن مقبل ما رواه أبو عمرو ، والله أعلم . والصدر : اليوم الرابع من أيام النحر ؛ لأن الناس يصدرون فيه عن مكة إلى أماكنهم . وتركته على مثل ليلة الصدر أي لا شيء له . والصدر : اسم لجمع صادر ؛ قال أبو ذؤيب :


بأطيب منها إذا ما النجوم     أعنقن مثل هوادي الصدر

والأصدران : عرقان يضربان تحت الصدغين ، لا يفرد لهما واحد . وجاء يضرب أصدريه إذا جاء فارغا ، يعني عطفيه ، ويروى أسدريه بالسين وروى أبو حاتم : جاء فلان يضرب أصدريه وأزدريه أي جاء فارغا ، قال : ولم يدر ما أصله ؛ قال أبو حاتم : قال بعضهم أصدراه وأزدراه وأصدغاه ولم يعرف شيئا منهن . وفي حديث الحسن : يضرب أصدريه أي منكبيه ، ويروى بالزاي والسين . وقوله تعالى : حتى يصدر الرعاء ؛ أي يرجعوا من سقيهم ، ومن قرأ يصدر ، أراد يردون مواشيهم . وقوله عز وجل : يومئذ يصدر الناس أشتاتا ؛ أي يرجعون . يقال : صدر القوم عن المكان أي رجعوا عنه وصدروا إلى المكان صاروا إليه ؛ قال : قال ذلك ابن عرفة . والوارد : الجائي ، والصادر : المنصرف . التهذيب : قال الليث : المصدر أصل الكلمة التي تصدر عنها صوادر الأفعال وتفسيره أن المصادر كانت أول الكلام كقولك : الذهاب والسمع والحفظ ، وإنما صدرت الأفعال عنها ، فيقال : ذهب ذهابا وسمع سمعا وسماعا وحفظ حفظا ؛ قال ابن كيسان : اعلم أن المصدر المنصوب بالفعل الذي اشتق منه مفعول ، وهو توكيد للفعل ، وذلك نحو قمت قياما وضربته ضربا ، إنما كررته ، وفي قمت دليل لتوكيد خبرك على أحد وجهين : أحدهما أنك خفت أن يكون من تخاطبه لم يفهم عنك أول كلامك ، غير أنه علم أنك قلت فعلت فعلا ، فقلت فعلت فعلا لتردد اللفظ الذي بدأت به مكررا عليه ليكون أثبت عنده من سماعه مرة واحدة ، والوجه الآخر أن تكون أردت أن تؤكد خبرك عند من تخاطبه بأنك لم تقل قمت ، وأنت تريد غير ذلك فرددته لتوكيد أنك قلته على حقيقته ، قال : فإذا وصفته بصفة لو عرفته دنا من المفعول به ؛ لأنه فعلته نوعا من أنواع مختلفة خصصته بالتعريف كقولك : قلت قولا حسنا ، وقمت القيام الذي وعدتك . وصادر : موضع ، وكذلك برقة صادر ؛ قال النابغة :


لقد قلت للنعمان حين لقيته     يريد بني حن ببرقة صادر

وصادرة : اسم سدرة معروفة . ومصدر : من أسماء جمادى الأولى ؛ قال ابن سيده : أراها عادية .

التالي السابق


الخدمات العلمية