صفحة جزء
صدع

صدع : الصدع : الشق في الشيء الصلب كالزجاجة والحائط وغيرهما ، وجمعه صدوع ؛ قال قيس بن ذريح :


أيا كبدا طارت صدوعا نوافذا ويا حسرتا ماذا تغلغل بالقلب ؟

ذهب فيه إلى أن كل جزء منها صار صدعا ، وتأويل الصدع في الزجاج أن يبين بعضه من بعض . وصدع الشيء يصدعه صدعا وصدعه فانصدع وتصدع : شقه بنصفين ، وقيل : صدعه شقه ولم يفترق . وقوله عز وجل : يومئذ يصدعون ؛ قال الزجاج : معناه يتفرقون فيصيرون فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير ، وأصلها يتصدعون ، فقلب التاء صادا وأدغمت في الصاد ، وكل نصف منه صدعة وصديع ؛ قال ذو الرمة :


عشية قلبي في المقيم صديعه     وراح جناب الظاعنين صديع

وصدعت الغنم صدعتين بكسر الصاد أي فرقتين ، وكل واحدة منهما صدعة ؛ ومنه الحديث : أن المصدق يجعل الغنم صدعين ثم يأخذ منهما الصدقة أي فرقين ؛ وقول قيس بن ذريح :


فلما بدا منها الفراق كما بدا     بظهر الصفا الصلد الشقوق الصوادع

يجوز أن يكون صدع في معنى تصدع لغة ولا أعرفها ، ويجوز أن يكون على النسب أي ذات انصداع وتصدع . وصدع الفلاة والنهر يصدعهما صدعا وصدعهما : شقهما وقطعهما على المثل ؛ قال لبيد :


فتوسطا عرض السري وصدعا     مسجورة متجاورا قلامها

وصدعت الفلاة أي قطعتها في وسط جوزها . والصدع : نبات الأرض ؛ لأنه يصدعها يشقها فتنصدع به . وفي التنزيل : والأرض ذات الصدع ؛ قال ثعلب : هي الأرض تنصدع بالنبات . وتصدعت [ ص: 212 ] الأرض بالنبات : تشققت . وانصدع الصبح : انشق عنه الليل . والصديع : الفجر لانصداعه ؛ قال عمرو بن معد يكرب :


ترى السرحان مفترشا يديه     كأن بياض لبته صديع

ويسمى الصبح صديعا ، كما يسمى فلقا ، وقد انصدع ، وانفجر ، وانفلق ، وانفطر إذا انشق . والصديع : انصداع الصبح والصديع : الرقعة الجديدة في الثوب الخلق كأنها صدعت أي شقت . والصديع : الثوب المشقق . والصدعة : القطعة من الثوب تشق منه ؛ قال لبيد :


دعي اللوم أو بيني كشق صديع

قال بعضهم : هو الرداء الذي شق صدعين يضرب مثلا لكل فرقة لا اجتماع بعدها . وصدعت الشيء : أظهرته وبينت ؛ ومنه قول أبي ذؤيب :


وكأنهن ربابة وكأنه     يسر يفيض على القداح ويصدع

وصدع الشيء فتصدع : فرقه فتفرق . والتصديع : التفريق . وفي حديث الاستسقاء : فتصدع السحاب صدعا أي تقطع وتفرق . يقال : صدعت الرداء صدعا إذا شققته ، والاسم الصدع بالكسر ، والصدع في الزجاجة بالفتح ، ومنه الحديث : فأعطاني قبطية ، وقال : اصدعها صدعين أي شقها بنصفين . وفي حديث عائشة رضي الله عنها : فصدعت منه صدعة فاختمرت بها . وتصدع القوم : تفرقوا . وفي الحديث : فقال بعدما تصدع القوم كذا وكذا أي بعدما تفرقوا ، وقوله :


فلا يبعدنك الله خير أخي امرئ     إذا جعلت نجوى الرجال تصدع

معناه تفرق فتظهر وتكشف . وصدعتهم النوى وصدعتهم : فرقتهم ، والتصداع تفعال من ذلك ؛ قال قيس بن ذريح :


إذا افتلتت منك النوى ذا مودة     حبيبا بتصداع من البين ذي شعب

.

ويقال : رأيت بين القوم صدعات أي تفرقا في الرأي والهوى . ويقال : أصلحوا ما فيكم من الصدعات أي اجتمعوا ولا تتفرقوا . ابن السكيت : الصدع الفصل ؛ وأنشد لجرير :


هو الخليفة فارضوا ما قضى لكم     بالحق يصدع ما في قوله جنف

.

قال : يصدع يفصل وينفذ ؛ وقال ذو الرمة :


فأصبحت أرمي كل شبح وحائل     كأني مسوي قسمة الأرض صادع

يقول : أصبحت أرمي بعيني كل شبح وهو الشخص . وحائل : كل شيء يتحرك يقول : لا يأخذني في عيني كسر ، ولا انثناء كأني مسو يقول : كأني أريك قسمة هذه الأرض بين أقوام . صادع : قاض يصدع يفرق بين الحق والباطل . والصداع : وجع الرأس ، وقد صدع الرجل تصديعا ، وجاء في الشعر صدع بالتخفيف ، فهو مصدوع . والصديع : الصرمة من الإبل والفرقة من الغنم . وعليه صدعة من مال أي قليل . والصدعة والصديع : نحو الستين من الإبل ، وما بين العشرة إلى الأربعين من الضأن ، والقطعة من الغنم إذا بلغت ستين ، وقيل : هو القطيع من الظباء والغنم . أبو زيد : الصرمة والقصلة والحدرة ما بين العشرة إلى الأربعين من الإبل ، فإذا بلغت ستين فهي الصدعة ؛ قال المرار :


إذا أقبلن هاجرة أثارت     من الأظلال إجلا أو صديعا

ورجل صدع بالتسكين ، وقد يحرك : وهو الضرب الخفيف اللحم . والصدع والصدع : الفتي الشاب القوي من الأوعال والظباء والإبل والحمر ، وقيل : هو الوسط منها ؛ قال الأزهري : الصدع الوعل بين الوعلين . ابن السكيت : لا يقال في الوعل إلا صدع بالتحريك وعل بين الوعلين ، وهو الوسط منها ليس بالعظيم ولا الصغير ، وقيل : هو الشيء بين الشيئين من أي نوع كان بين الطويل والقصير والفتي والمسن والسمين والمهزول والعظيم والصغير ؛ قال :


يا رب أباز من العفر صدع     تقبض الذئب إليه واجتمع

ويقال : هو الرجل الشاب المستقيم القناة . وفي حديث عمر رضي الله عنه حين سأل الأسقف عن الخلفاء ، فلما انتهى إلى نعت الرابع ، قال : صدع من حديد ، فقال عمر : وادفراه ، قال شمر : قوله صدع من حديد ، يريد كالصدع من الوعول المدمج الشديد الخلق الشاب الصلب القوي ، وإنما يوصف بذلك لاجتماع القوة فيه والخفة شبهه في نهضته إلى صعاب الأمور وخفته في الحروب حتى يفضى الأمر إليه بالوعل لتوقله في رءوس الجبال ، وجعله من حديد مبالغة في وصفه بالشدة والبأس والصبر على الشدائد ، وكان حماد بن زيد يقول : صدأ من حديد . قال الأصمعي : وهذا أشبه لأن الصدأ له دفر ، وهو النتن . وقال الكسائي : رأيت رجلا صدعا ، وهو الربعة القليل اللحم . وقال أبو ثروان : تقول إنهم على ما ترى من صداعتهم لكرام . وفي حديث حذيفة : فإذا صدع من الرجال ، فقلت : من هذا الصدع ، يعني هذا الربعة في خلقه رجل بين الرجلين ، وهو كالصدع من الوعول وعل بين الوعلين . والصديع : القميص بين القميصين لا بالكبير ولا بالصغير . وصدعت الشيء : أظهرته وبينته ؛ ومنه قول أبي ذؤيب :


يسر يفيض على القداح ويصدع

ورجل صدع : ماض في أمره . وصدع بالأمر يصدع صدعا : أصاب به موضعه وجاهر به . وصدع بالحق : تكلم به جهارا . وفي التنزيل : فاصدع بما تؤمر ؛ قال بعض المفسرين : اجهر بالقرآن ، وقال ابن مجاهد أي بالقرآن ، وقال أبو إسحاق : أظهر ما تؤمر به ، ولا تخف أحدا ، أخذ من الصديع وهو الصبح ، وقال الفراء : أراد عز وجل فاصدع بالأمر الذي أظهر دينك ، أقام ما مقام المصدر ، وقال ابن عرفة : أي فرق بين الحق والباطل من قوله عز وجل : يومئذ يصدعون ؛ أي يتفرقون ، وقال ابن الأعرابي في قوله تعالى : فاصدع بما تؤمر [ ص: 213 ] ؛ أي شق جماعتهم بالتوحيد ، وقال غيره : فرق القول فيهم مجتمعين وفرادى . قال ثعلب : سمعت أعرابيا كان يحضر مجلس ابن الأعرابي يقول معنى اصدع بما تؤمر أي اقصد ما تؤمر ، والعرب تقول اصدع فلانا أي اقصده ؛ لأنه كريم . ودليل مصدع : ماض لوجهه . وخطيب مصدع : بليغ جريء على الكلام . قال أبو زيد : هم إلب عليه وصدع واحد ، وكذلك هم وعل عليه وضلع واحد إذا اجتمعوا عليه بالعداوة ، والناس علينا صدع واحد أي مجتمعون بالعداوة . وصدعت إلى الشيء أصدع صدوعا : ملت إليه . وما صدعك عن هذا الأمر صدعا أي صرفك . والمصدع : طريق سهل في غلظ من الأرض . وجبل صادع : ذاهب في الأرض طولا ، وكذلك سبيل صادع وواد صادع ، وهذا الطريق يصدع في أرض كذا وكذا . والمصدع : المشقص من السهام .

التالي السابق


الخدمات العلمية