صفحة جزء
صدق

صدق : الصدق : نقيض الكذب صدق يصدق صدقا وصدقا وتصداقا . وصدقه : قبل قوله . وصدقه الحديث : أنبأه بالصدق ؛ قال الأعشى :


فصدقتها وكذبتها والمرء ينفعه كذابه

ويقال : صدقت القوم أي قلت لهم صدقا ، وكذلك من الوعيد إذا أوقعت بهم قلت صدقتهم . ومن أمثالهم : الصدق ينبئ عنك لا الوعيد . ورجل صدوق : أبلغ من الصادق . وفي المثل : صدقني سن بكره ، وأصله أن رجلا أراد بيع بكر له ، فقال للمشتري : إنه جمل ، فقال المشتري : بل هو بكر فبينما هما كذلك إذ ند البكر فصاح به صاحبه : هدع وهذه كلمة يسكن بها صغار الإبل إذا نفرت ، وقيل : يسكن بها البكارة خاصة ، فقال المشتري : صدقني سن بكره . وفي حديث علي رضي الله عنه : صدقني سن بكره ، وهو مثل يضرب للصادق في خبره . والمصدق : الذي يصدقك في حديثك . وكلب تقلب الصاد مع القاف زايا تقول ازدقني أي اصدقني ، وقد بين سيبويه هذا الضرب من المضارعة في باب الإدغام . وقوله تعالى : ليسأل الصادقين عن صدقهم ؛ تأويله ليسأل المبلغين من الرسل عن صدقهم في تبليغهم ؛ وتأويل سؤالهم التبكيت للذين كفروا بهم لأن الله تعالى يعلم أنهم صادقون . ورجل صدق ، وامرأة صدق : وصفا بالمصدر ، وصدق صادق كقولهم شعر شاعر ، يريدون المبالغة والإشارة . والصديق مثال الفسيق : الدائم التصديق ، ويكون الذي يصدق قوله بالعمل ؛ ذكره الجوهري ولقد أساء التمثيل بالفسيق في هذا المكان . والصديق : المصدق . وفي التنزيل : وأمه صديقة ؛ أي مبالغة في الصدق والتصديق على النسب أي ذات تصديق . وقوله تعالى : والذي جاء بالصدق وصدق به . روي عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أنه قال : الذي جاء بالصدق محمد ، والذي صدق به أبو بكر رضي الله عنه ، وقيل : جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وقيل : الذي جاء بالصدق محمد وصدق به المؤمنون . الليث : كل من صدق بكل أمر الله لا يتخالجه في شيء منه شك وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فهو صديق ، وهو قول الله عز وجل : الصديقون والشهداء عند ربهم . والصديق : المبالغ في الصدق . وفلان لا يصدق أثره وأثره كذبا أي إذا قيل له من أين جئت [ ص: 215 ] قال فلم يصدق . ورجل صدق : نقيض رجل سوء ، وكذلك ثوب صدق وخمار صدق ؛ حكاه سيبويه . ويقال : رجل صدق . مضاف بكسر الصاد ومعناه نعم الرجل هو ، وامرأة صدق كذلك فإن جعلته نعتا قلت هو الرجل الصدق ، وهي صدقة وقوم صدقون ونساء صدقات ؛ وأنشد :


مقذوذة الآذان صدقات الحدق

أي نافذات الحدق ؛ وقال رؤبة يصف فرسا :


والمراي الصدق يبلي الصدقا

وقال الفراء في قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ؛ قرئ بتخفيف الدال ونصب الظن أي صدق عليهم في ظنه ، ومن قرأ : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ؛ فمعناه أنه حقق ظنه حين قال : ولأضلنهم ولأمنينهم ؛ لأنه قال ذلك ظانا فحققه في الضالين . أبو الهيثم : صدقني فلان أي قال لي الصدق ، وكذبني أي قال لي الكذب . ومن كلام العرب : صدقت الله حديثا إن لم أفعل كذا وكذا ؛ المعنى لا صدقت الله حديثا إن لم أفعل كذا وكذا . والصداقة والمصادقة : المخالة . وصدقه النصيحة والإخاء : أمحضه له . وصادقته مصادقة وصداقا : خاللته ، والاسم الصداقة . وتصادقا في الحديث وفي المودة ، والصداقة مصدر الصديق ، واشتقاقه أنه صدقه المودة والنصيحة . والصديق : المصادق لك ، والجمع صدقاء وصدقان وأصدقاء وأصادق ؛ قال عمارة بن طارق :


فاعجل بغرب مثل غرب طارق     يبذل للجيران والأصادق

وقال جرير :


وأنكرت الأصادق والبلادا

وقد يكون الصديق جمعا . وفي التنزيل : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم ؛ ألا تراه عطفه على الجمع ؟ وقال رؤبة :


دعها فما النحوي من صديقها

والأنثى صديق أيضا ؛ قال جميل :


كأن لم نقاتل يا بثين لو انها     تكشف غماها وأنت صديق

وقال كثير فيه :


ليالي من عيش لهونا بوجهه     زمانا وسعدى لي صديق مواصل

وقال آخر :


فلو أنك في يوم الرخاء سألتني     فراقك لم أبخل وأنت صديق

وقال آخر في جمع المذكر :


لعمري لئن كنتم على النأي والنوى     بكم مثل ما بي إنكم لصديق

وقيل : صديقة ؛ وأنشد أبو زيد والأصمعي لقعنب بن أم صاحب :


ما بال قوم صديق ثم ليس لهم     دين وليس لهم عقل إذا اؤتمنوا

ويقال : فلان صديقي أي أخص أصدقائي ، وإنما يصغر على جهة المدح ، كقول حباب بن المنذر : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، وقد يقال للواحد والجمع المؤنث صديق ؛ قال جرير :


نصبن الهوى ثم ارتمين قلوبنا     بأعين أعداء وهن صديق
أوانس أما من أردن عناءه     فعان ومن أطلقنه فطليق

وقال يزيد بن الحكم في مثله :


ويهجرن أقواما وهن صديق

والصدق : الثبت اللقاء ، والجمع صدق ، وقد صدق اللقاء صدقا ؛ قال حسان بن ثابت :


صلى الإله على ابن عمرو إنه     صدق اللقاء وصدق ذلك أوفق

ورجل صدق اللقاء وصدق النظر وقوم صدق بالضم : مثل : فرس ورد وأفراس ورد وجون وجون . وصدقوهم القتال : أقدموا عليهم عادلوا بها ضدها حين قالوا كذب عنه إذا أحجم ، وحملة صادقة كما قالوا ليست لها مكذوبة ؛ فأما قوله :


يزيد زاد الله في حياته     حامي نزار عند مزدوقاته

فإنه أراد مصدوقاته فقلب الصاد زايا لضرب من المضارعة . وصدق الوحشي إذا حملت عليه فعدا ولم يلتفت . وهذا مصداق هذا أي ما يصدقه . ورجل ذو مصدق بالفتح أي صادق الحملة ، يقال ذلك للشجاع الفرس الجواد ، وصادق الجري : كأنه ذو صدق فيما يعدك من ذلك ؛ قال خفاف بن ندبة :


إذا ما استحمت أرضه من سمائه     جرى وهو مودوع وواعد مصدق

يقول : إذا ابتلت حوافره من عرق أعاليه جرى ، وهو متروك لا يضرب ، ولا يزجر ويصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية ؛ وقول أبي ذؤيب :


نماه من الحيين قرد ومازن     ليوث غداة البأس بيض مصادق

يجوز أن يكون جمع صدق على غير قياس كملامح ومشابه ، ويجوز أن يكون على حذف المضاف أي ذوو مصادق فحذف ، وكذلك الفرس ، وقد يقال ذلك في الرأي . والمصدق أيضا : الجد ، وبه فسر بعضهم قول دريد :


وتخرج منه ضرة القوم مصدقا     وطول السرى دري عضب مهند

ويروى ذري . والمصدق : الصلابة عن ثعلب . ومصداق الأمر : حقيقته . والصدق بالفتح : الصلب من الرماح وغيرها . ورمح صدق : مستو ، وكذلك سيف صدق ؛ قال أبو قيس بن الأسلت السلمي :

[ ص: 216 ]

صدق حسام وادق حده     ومحنأ أسمر قراع

قال ابن سيده : وظن أبو عبيد الصدق في هذا البيت الرمح فغلط ؛ وروى الأزهري عن أبي الهيثم أنه أنشده لكعب :


وفي الحلم إدهان وفي العفو درسة     وفي الصدق منجاة من الشر فاصدق

قال : الصدق ههنا الشجاعة والصلابة ؛ يقول : إذا صلبت وصدقت انهزم عنك من تصدقه ، وإن ضعفت قوي عليك واستمكن منك ؛ روى ابن بري عن ابن درستويه ، قال : ليس الصدق من الصلابة في شيء ولكن أهل اللغة أخذوه من قول النابغة :


في حالك اللون صدق غير ذي أود

قال : وإنما الصدق الجامع للأوصاف المحمودة ، والرمح يوصف بالطول واللين والصلابة ونحو ذلك ، قال الخليل : الصدق الكامل من كل شيء . يقال : رجل صدق ، وامرأة صدقة ، قال ابن درستويه : وإنما هذا بمنزلة قولك : رجل صدق ، وامرأة صدق فالصدق من الصدق بعينه ، والمعنى أنه يصدق في وصفه من صلابة وقوة وجودة ، قال : ولو كان الصدق الصلب لقيل حجر صدق وحديد صدق ، قال : وذلك لا يقال . وصدقات الأنعام : أحد أثمان فرائضها التي ذكرها الله تعالى في الكتاب . والصدقة : ما تصدقت به على الفقراء . والصدقة : ما أعطيته في ذات الله للفقراء . والمتصدق : الذي يعطي الصدقة . والصدقة : ما تصدقت به على مسكين ، وقد تصدق عليه ، وفي التنزيل وتصدق علينا وقيل : معنى تصدق ههنا تفضل بما بين الجيد والرديء كأنهم يقولون : اسمح لنا قبول هذه البضاعة على رداءتها أو قلتها ؛ لأن ثعلبا فسر قوله تعالى : وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا فقال : مزجاة : فيها إغماض ولم يتم صلاحها ، وتصدق علينا ، قال : فصل ما بين الجيد والرديء ، وصدق عليه : كتصدق أراه فعل في معنى تفعل . والمصدق : القابل للصدقة ومررت برجل يسأل ، ولا تقل برجل يتصدق والعامة تقوله ، إنما المتصدق الذي يعطي الصدقة . وقوله تعالى : إن المصدقين والمصدقات ؛ بتشديد الصاد ، أصله المتصدقين فقلبت التاء صادا فأدغمت في مثلها ؛ قال ابن بري : وذكر ابن الأنباري أنه جاء تصدق بمعنى سأل ؛ وأنشد :


ولو انهم رزقوا على أقدارهم     للقيت أكثر من ترى يتصدق

وفي الحديث لما قرأ : ولتنظر نفس ما قدمت لغد ؛ قال : تصدق رجل من ديناره ومن درهمه ، ومن ثوبه أي ليتصدق لفظه الخبر ، ومعناه الأمر كقولهم : أنجز حر ما وعد أي لينجز . والمصدق : الذي يأخذ الحقوق من الإبل والغنم . يقال : لا تشتري الصدقة حتى يعقلها المصدق أي يقبضها ، والمعطي متصدق والسائل متصدق هما سواء ؛ قال الأزهري : وحذاق النحويين ينكرون أن يقال للسائل متصدق ولا يجيزونه ؛ قال ذلك الفراء والأصمعي وغيرهما . والمتصدق : المعطي ، قال الله تعالى : وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين ؛ ويقال للذي يقبض الصدقات ويجمعها لأهل السهمان مصدق بتخفيف الصاد ، وكذلك الذي ينسب المحدث إلى الصدق مصدق بالتخفيف ، قال الله تعالى : أئنك لمن المصدقين ؛ الصاد خفيفة والدال شديدة ، وهو من تصديقك صاحبك إذا حدثك ، وأما المصدق بتشديد الصاد والدال ، فهو المتصدق أدغمت التاء في الصاد فشددت . قال الله تعالى : إن المصدقين والمصدقات ؛ أي المتصدقين والمتصدقات ، وهم الذين يعطون الصدقات . وفي حديث الزكاة : لا تؤخذ في الصدقة هرمة ، ولا تيس إلا أن يشاء المصدق . رواه أبو عبيد بفتح الدال والتشديد ، يريد صاحب الماشية الذي أخذت صدقة ماله ، وخالفه عامة الرواة ، فقالوا بكسر الدال ، وهو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها صدقهم يصدقهم ، فهو مصدق ، وقال أبو موسى : الرواية بتشديد الصاد والدال معا وكسر الدال ، وهو صاحب المال ، وأصله المتصدق فأدغمت التاء في الصاد والاستثناء من التيس خاصة فإن الهرمة وذات العوار لا يجوز أخذهما في الصدقة إلا أن يكون المال كله ، كذلك عند بعضهم ، وهذا إنما يتجه إذا كان الغرض من الحديث النهي عن أخذ التيس ؛ لأنه فحل المعز ، وقد نهي عن أخذ الفحل في الصدقة ؛ لأنه مضر برب المال ؛ لأنه يعز عليه إلا أن يسمح به فيؤخذ ؛ قال ابن الأثير : والذي شرحه الخطابي في المعالم أن المصدق بتخفيف الصاد العامل ، وأنه وكيل الفقراء في القبض فله أن يتصرف لهم بما يراه مما يؤدي إليه اجتهاده . والصدقة والصدقة والصدقة والصدقة بالضم وتسكين الدال والصدقة والصداق والصداق : مهر المرأة ، وجمعها في أدنى العدد أصدقة ، والكثير صدق ، وهذان البناءان إنما هما على الغالب . وقد أصدق المرأة حين تزوجها أي جعل لها صداقا ، وقيل : أصدقها سمى لها صداقا . أبو إسحاق في قوله تعالى : وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ؛ الصدقات جمع الصدقة ، ومن قال صدقة ، قال صدقاتهن ، قال : ولا يقرأ من هذه اللغات بشيء ؛ لأن القراءة سنة . وفي حديث عمر رضي الله عنه : لا تغالوا في الصدقات ؛ هي جمع صدقة ، وهو مهر المرأة ، وفي رواية : لا تغالوا في صدق النساء ، جمع صداق . وفي الحديث : وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا أي يؤديان إلى أزواجنا الصداق . والصيدق على مثال صيرف : النجم الصغير اللاصق بالوسطى من بنات نعش الكبرى ؛ عن كراع ، وقال شمر : الصيدق الأمين ؛ وأنشد قول أمية :


فيها النجوم تطيع غير مراحة     ما قال صيدقها الأمين الأرشد

وقال أبو عمرو : الصيدق القطب ، وقيل الملك ، وقال يعقوب : هي الصندوق ، والجمع الصناديق .

التالي السابق


الخدمات العلمية