صفحة جزء
صدي

صدي : الصدى : شدة العطش ، وقيل : هو العطش ما كان صدي يصدى صدى ، فهو صد وصاد وصديان والأنثى صديا ؛ [ ص: 218 ] وشاهد صاد قول القطامي :


فهن ينبذن من قول يصبن به مواقع الماء من ذي الغلة الصادي

والجمع صداء . ورجل مصداء : كثير العطش عن اللحياني : وكأس مصداة : كثيرة الماء ، وهي ضد المعرقة التي هي القليلة الماء . والصوادي : النخل التي لا تشرب الماء ، قال المرار :


بنات بناتها وبنات أخرى     صواد ما صدين وقد روينا

صدين أي عطشن . قال ابن بري : وقال أبو عمرو : الصوادي التي بلغت عروقها الماء فلا تحتاج إلى سقي ، وفي الحديث : لتردن يوم القيامة صوادي أي عطاشا ، وقيل : الصوادي النخل الطوال منها ومن غيرها ؛ قال ذو الرمة :


ما هجن إذ بكرن بالأحمال     مثل صوادي النخل والسيال

واحدتها صادية ؛ قال الشاعر :


صواديا لا تمكن اللصوصا

والصدى : جسد الإنسان بعد موته . والصدى : الدماغ نفسه وحشو الرأس ، يقال : صدع الله صداه . والصدى : موضع السمع من الرأس . والصدى : طائر يصيح في هامة المقتول إذا لم يثأر به ، وقيل : هو طائر يخرج من رأسه إذا بلي ، ويدعى الهامة ، وإنما كان يزعم ذلك أهل الجاهلية . والصدى : الصوت . والصدى : ما يجيبك من صوت الجبل ونحوه بمثل صوتك . قال الله تعالى : وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ؛ قال ابن عرفة : التصدية من الصدى ، وهو الصوت الذي يرده عليك الجبل ، قال : والمكاء والتصدية ليسا بصلاة ولكن الله عز وجل أخبر أنهم جعلوا مكان الصلاة التي أمروا بها المكاء والتصدية ؛ قال : وهذا كقولك : رفدني فلان ضربا وحرمانا أي جعل هذين مكان الرفد والعطاء كقول الفرزدق :


قريناهم المأثورة البيض قبلها     يثج القرون الأيزني المثقف

أي جعلنا لهم بدل القرى السيوف والأسنة . والتصدية : ضربك يدا على يد لتسمع ذلك إنسانا ، وهو من قوله " مكاء وتصدية " . صدى : قيل ، أصله صدد ؛ لأنه يقابل في التصفيق صد هذا صد الآخر أي وجهاهما وجه الكف يقابل وجه الكف الأخرى . قال أبو العباس رواية عن المبرد : الصدى على ستة أوجه أحدها ما يبقى من الميت في قبره ، وهو جثته ؛ قال النمر بن تولب :


أعاذل إن يصبح صداي بقفرة     بعيدا نآني ناصري وقريبي

فصداه : بدنه وجثته ، وقوله : نآني أي نأى عني ، قال : والصدى الثاني حشوة الرأس ، يقال لها الهامة والصدى ، وكانت العرب تقول : إن عظام الموتى تصير هامة فتطير ، وكان أبو عبيدة يقول : إنهم كانوا يسمون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت إذا بلي الصدى ، وجمعه أصداء ؛ قال أبو دواد :


سلط الموت والمنون عليهم     فلهم في صدى المقابر هام

وقال لبيد :


فليس الناس بعدك في نقير     وليسوا غير أصداء وهام

والثالث الصدى الذكر من البوم ، وكانت العرب تقول : إذ قتل قتيل فلم يدرك به الثأر خرج من رأسه طائر كالبومة ، وهو الهامة والذكر الصدى فيصيح على قبره : اسقوني اسقوني فإن قتل قاتله كف عن صياحه ؛ ومنه قول الشاعر :


أضربك حتى تقول الهامة اسقوني

والرابع الصدى ما يرجع عليك من صوت الجبل ؛ ومنه قول امرئ القيس :


صم صداها وعفا رسمها     واستعجمت عن منطق السائل

وروى ابن أخي الأصمعي عن عمه قال : العرب تقول : الصدى في الهامة والسمع في الدماغ . يقال : أصم الله صداه من هذا ، وقيل : بل أصم الله صداه من صدى الصوت الذي يجيب صوت المنادي ؛ وقال رؤبة في تصديق من يقول الصدى الدماغ :


لهامهم أرضه وأنقخ     أم الصدى عن الصدى وأصمخ

وقال المبرد : والصدى أيضا العطش . يقال : صدي الرجل يصدى صدى ، فهو صد وصديان ؛ وأنشد :


ستعلم إن متنا صدى أينا الصدي

وقال غيره : الصدى العطش الشديد . ويقال : إنه لا يشتد العطش حتى ييبس الدماغ ، ولذلك تنشق جلدة جبهة من يموت عطشا ، ويقال : امرأة صديا وصادية . والصدى السادس قولهم : فلان صدى مال إذا كان رفيقا بسياستها ، وقال أبو عمرو : يقال فلان صدى مال إذا كان عالما بها وبمصلحتها ، ومثله هو إزاء مال ، وإنه لصدى مال أي عالم بمصلحته ، وخص بعضهم به العالم بمصلحة الإبل ، فقال : إنه لصدى إبل . وقال : ويقال للرجل إذا مات وهلك صم صداه ، وفي الدعاء عليه : أصم الله صداه أي أهلكه ، وأصله الصوت يرده عليك الجبل إذا صحت أو المكان المرتفع العالي ، فإذا مات الرجل فإنه لا يسمع ولا يصوت فيرد عليه الجبل ، فكأن معنى قوله : صم صداه أي مات حتى لا يسمع صوته ولا يجاب ، وهو إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئا فيجيبه ؛ وقد أصدى الجبل . وفي حديث الحجاج : قال لأنس : أصم الله صداك أي أهلك ! الصدى : الصوت الذي يسمعه المصوت عقيب صياحه راجعا إليه من الجبل والبناء المرتفع ثم استعير للهلاك ؛ لأنه إنما يجاب الحي ، فإذا هلك الرجل صم صداه كأنه لا يسمع شيئا فيجيب عنه ؛ ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده [ ص: 219 ] لسدوس بن ضباب :


إني إلى كل أيسار ونادبة     أدعو حبيشا كما تدعى ابنة الجبل

أي أنوه به كما ينوه بابنة الجبل ، وقيل : ابنة الجبل هي الحية ، وقيل : هي الداهية ؛ وأنشد :


إن تدعه موهنا يعجل بجابته     عاري الأشاجع يسعى غير مشتمل

يقول : يعجل حبيش بجابته ، كما يعجل الصدى ، وهو صوت الجبل . أبو عبيد : والصدى الرجل اللطيف الجسد ؛ قال شمر : روى أبو عبيد هذا الحرف غير مهموز ، قال : وأراه مهموزا كأن الصدأ لغة في الصدع ، وهو اللطيف الجسم ، قال : ومنه ما جاء في الحديث صدأ من حديد في ذكر علي عليه السلام . والصدى : ذكر البوم والهام ، والجمع أصداء ؛ قال يزيد بن الحكم :


بكل يفاع بومها تسمع الصدى     دعاء متى ما تسمع الهام تنأج

تنأج : تصيح ، قال : وجمعه صدوات ، قال يزيد بن الصعق :


فلن تنفك قنبلة ورجل     إليك ما دعا الصدوات بوم

قال : والياء فيه أعرف . والتصدية : التصفيق . وصدى الرجل : صفق بيديه ، وهو من محول التضعيف . والمصاداة : المعارضة . وتصدى للرجل : تعرض له وتضرع ، وهو الذي يستشرفه ناظرا إليه . وفي حديث أنس في غزوة حنين : فجعل الرجل يتصدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله التصدي : التعرض للشيء . وتصدى للأمر : رفع رأسه إليه . والصدى : فعل المتصدي . والصداة : فعل المتصدي ، وهو الذي يرفع رأسه وصدره يتصدى للشيء ينظر إليه ؛ وأنشد للطرماح :


لها كلما صاحت صداة وركدة

يصف هامة إذا صاحت تصدت مرة وركدت أخرى . وفي التنزيل العزيز : ص والقرآن ذي الذكر ؛ قال الزجاج : من قرأ صاد بالكسر فله وجهان : أحدهما أنه هجاء موقوف فكسر لالتقاء الساكنين ، والثاني أنه أمر من المصاداة على معنى صاد القرآن بعملك أي قابله . يقال : صاديته أي قابلته وعادلته ، قال : والقراءة صاد بسكون الدال ، وهي أكثر القراءة ؛ لأن الصاد من حروف الهجاء ، وتقدير سكون الوقف عليها ، وقيل : معناه الصادق الله ، وقيل : معناه القسم ، وقيل : ص اسم السورة ، ولا ينصرف أبو عمرو : وصاديت الرجل وداجيته وداريته وساترته بمعنى واحد ؛ قال ابن أحمر يصف قدورا :


ودهم تصاديها الولائد جلة     إذا جهلت أجوافها لم تحلم

قال ابن بري : ومنه قول الشاعر :


صاد ذا الضغن إلى غرته     إذا درت لبون فاحتلب

وفي حديث ابن عباس : ذكر أبا بكر رضي الله عنهما ، وكان والله برا تقيا لا يصادى غربه أي تدارى حدته وتسكن ، والغرب الحدة ، وفي رواية : كان يصادى منه غرب بحذف النفي ، قال : وهو الأشبه ؛ لأن أبا بكر رضي الله عنه كانت فيه حدة يسيرة ، قال أبو العباس في المصاداة : قال أهل الكوفة هي المداراة ؛ وقال الأصمعي : هي العناية بالشيء ، وقال رجل من العرب ، وقد نتج ناقة له ، فقال لما مخضت :

بت أصاديها طول ليلى ، وذلك أنه كره أن يعقلها فيعنتها أو يدعها فتفرق أي تند في الأرض فيأكل الذئب ولدها فذلك مصاداته إياها ، وكذلك الراعي يصادي إبله إذا عطشت قبل تمام ظمئها يمنعها عن القرب ؛ وقال كثير :


أيا عز صادي القلب حتى يودني     فؤادك أو ردي علي فؤاديا

وقيل في قولهم فلان يتصدى لفلان : إنه مأخوذ من اتباعه صداه أي صوته ، ومنه قول آخر : مأخوذ من الصدد فقلبت إحدى الدالات ياء في يتصدى ، وقيل في حديث ابن عباس إنه كان يصادى منه غرب أي أصدقاؤه كانوا يحتملون حدته ؛ قوله يصادى أي يدارى . والمصاداة والموالاة والمداجاة والمداراة والمراماة كل هذا في معنى المداراة ، وقوله تعالى : فأنت له تصدى أي تتعرض ، يقال : تصدى له أي تعرض له ؛ قال الشاعر :


من المتصديات بغير سوء     تسيل إذا مشت سيل الحباب

يعني الحية ، والأصل فيه الصدد ، وهو القرب ، وأصله يتصدد فقلبت إحدى الدالات ياء . وكل ما صار قبالتك ، فهو صددك . أبو عبيد عن العدبس : الصدى هو الجدجد الذي يصر بالليل أيضا ، قال : والجندب أصغر من الصدى يكون في البراري ، قال : والصدى هو هذا الطائر الذي يصر بالليل ويقفز قفزانا ويطير والناس يرونه الجندب ، وإنما هو الصدى . وصادى الأمر وصاد الأمر : دبره . وصاداه : داراه ، ولاينه . والصدو : سم تسقاه النصال مثل دم الأسود . وصداء : حي من اليمن ؛ قال :


فقلتم تعال يا يزيد بن محرق     فقلت لكم إني حليف صداء

والنسب إليه صداوي على غير قياس .

التالي السابق


الخدمات العلمية