صفحة جزء
صرف

صرف : الصرف : رد الشيء عن وجهه ، صرفه يصرفه صرفا فانصرف . وصارف نفسه عن الشيء : صرفها عنه . وقوله تعالى : ثم انصرفوا ؛ أي رجعوا عن المكان الذي استمعوا فيه ، وقيل : انصرفوا عن العمل بشيء مما سمعوا . صرف الله قلوبهم ؛ أي أضلهم الله مجازاة على فعلهم ، وصرفت الرجل عني فانصرف ، والمنصرف : قد يكون مكانا ، وقد يكون مصدرا ، وقوله عز وجل : سأصرف عن آياتي ؛ أي أجعل جزاءهم الإضلال عن هداية آياتي . وقوله عز [ ص: 229 ] وجل : فما تستطيعون صرفا ولا نصرا ؛ أي ما يستطيعون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب ، ولا أن ينصروا أنفسهم . قال يونس : الصرف الحيلة ، وصرفت الصبيان : قلبتهم . وصرف الله عنك الأذى ، واستصرفت الله المكاره . والصريف : اللبن الذي ينصرف به عن الضرع حارا . والصرفان : الليل والنهار . والصرفة : منزل من منازل القمر نجم واحد نير تلقاء الزبرة ، خلف خراتي الأسد . يقال : إنه قلب الأسد إذا طلع أمام الفجر فذلك الخريف ، وإذا غاب مع طلوع الفجر فذلك أول الربيع ، والعرب تقول : الصرفة ناب الدهر ؛ لأنها تفتر عن البرد أو عن الحر في الحالتين ، قال ابن كناسة : سميت بذلك لانصراف البرد وإقبال الحر ، وقال ابن بري : صوابه أن يقال سميت بذلك لانصراف الحر وإقبال البرد . والصرفة : خرزة من الخرز التي يذكر في الأخذ ؛ قال ابن سيده : يستعطف بها الرجال يصرفون بها عن مذاهبهم ووجوههم ؛ عن اللحياني ؛ قال ابن جني : وقول البغداديين في قولهم : ما تأتينا فتحدثنا ، تنصب الجواب على الصرف ، كلام فيه إجمال بعضه صحيح وبعضه فاسد ، أما الصحيح فقولهم الصرف أن يصرف الفعل الثاني عن معنى الفعل الأول ، قال : وهذا معنى قولنا إن الفعل الثاني يخالف الأول ، وأما انتصابه بالصرف فخطأ ؛ لأنه لا بد له من ناصب مقتض له ؛ لأن المعاني لا تنصب الأفعال ، وإنما ترفعها ، قال : والمعنى الذي يرفع الفعل هو وقوع الاسم ، وجاز في الأفعال أن يرفعها المعنى ، كما جاز في الأسماء أن يرفعها المعنى لمضارعة الفعل للاسم ، وصرف الكلمة إجراؤها بالتنوين . وصرفنا الآيات ؛ أي بيناها . وتصريف الآيات تبيينها . والصرف : أن تصرف إنسانا عن وجه يريده إلى مصرف غير ذلك . وصرف الشيء : أعمله في غير وجه كأنه يصرفه عن وجه إلى وجه وتصرف هو . وتصاريف الأمور : تخاليفها ومنه تصاريف الرياح والسحاب . الليث : تصريف الرياح صرفها من جهة إلى جهة ، وكذلك تصريف السيول والخيول والأمور والآيات ، وتصريف الرياح : جعلها جنوبا وشمالا وصبا ودبورا فجعلها ضروبا في أجناسها . وصرف الدهر : حدثانه ونوائبه . والصرف : حدثان الدهر اسم له ؛ لأنه يصرف الأشياء عن وجوهها ، وقول صخر الغي :

عاودني حبها وقد شحطت صرف نواها فإنني كمد أنث الصرف لتعليقه بالنوى ، وجمعه صروف . أبو عمرو : الصريف الفضة ؛ وأنشد :


بني غدانة حقا لستم ذهبا ولا صريفا ولكن أنتم خزف

وهذا البيت أورده الجوهري :


بني غدانة ما إن أنتم ذهبا     ولا صريفا ولكن أنتم خزف

قال ابن بري : صواب إنشاده : ما إن أنتم ذهب ؛ لأن زيادة إن تبطل عمل ما . والصرف : فضل الدرهم على الدرهم والدينار على الدينار ؛ لأن كل واحد منهما يصرف عن قيمة صاحبه . والصرف : بيع الذهب بالفضة ، وهو من ذلك لأنه ينصرف به عن جوهر إلى جوهر . والتصريف في جميع البياعات : إنفاق الدراهم . والصراف والصيرف والصيرفي : النقاد من المصارفة ، وهو من التصرف ، والجمع صيارف وصيارفة والهاء للنسبة ، وقد جاء في الشعر الصيارف ، فأما قول الفرزدق :


تنفي يداها الحصى في كل هاجرة     نفي الدراهم تنقاد الصياريف

فعلى الضرورة لما احتاج إلى تمام الوزن أشبع الحركة ضرورة حتى صارت حرفا ؛ وبعكسه :


والبكرات الفسج العطامسا

ويقال : صرفت الدراهم بالدنانير . وبين الدرهمين صرف أي فضل لجودة فضة أحدهما . ورجل صيرف : متصرف في الأمور ؛ قال أمية بن أبي عائذ الهذلي :


قد كنت خراجا ولوجا صيرفا     لم تلتحصني حيص بيص لحاص

أبو الهيثم : الصيرف والصيرفي المحتال المتقلب في أموره المتصرف في الأمور المجرب لها ؛ قال سويد بن أبي كاهل اليشكري :


ولسانا صيرفيا صارما     كحسام السيف ما مس قطع

والصرف : التقلب والحيلة . يقال : فلان يصرف ويتصرف ويصطرف لعياله أي يكتسب لهم . وقولهم : لا يقبل له صرف ولا عدل الصرف : الحيلة ، ومنه التصرف في الأمور . يقال : إنه يتصرف في الأمور . وصرفت الرجل في أمري تصريفا فتصرف فيه واصطرف في طلب الكسب ؛ قال العجاج :


قد يكسب المال الهدان الجافي     بغير ما عصف ولا اصطراف

والعدل : الفداء ؛ ومنه قوله تعالى : وإن تعدل كل عدل ؛ وقيل : الصرف التطوع والعدل الفرض ، وقيل : الصرف التوبة والعدل الفدية ، وقيل : الصرف الوزن والعدل الكيل ، وقيل : الصرف القيمة والعدل المثل ، وأصله في الفدية ، يقال : لم يقبلوا منهم صرفا ولا عدلا أي لم يأخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلا واحدا أي طلبوا منهم أكثر من ذلك ، قال : كانت العرب تقتل الرجلين والثلاثة بالرجل الواحد ، فإذا قتلوا رجلا برجل فذلك العدل فيهم ، وإذا أخذوا دية فقد انصرفوا عن الدم إلى غيره فصرفوا ذلك صرفا ، فالقيمة صرف ؛ لأن الشيء يقوم بغير صفته ، ويعدل بما كان في صفته ، قالوا : ثم جعل بعد في كل شيء حتى صار مثلا فيمن لم يؤخذ منه الشيء الذي يجب عليه ، وألزم أكثر منه . وقوله تعالى : ولم يجدوا عنها مصرفا ؛ أي معدلا ؛ قال :


أزهير هل عن شيبة من مصرف ؟

أي معدل ؛ وقال ابن الأعرابي : الصرف الميل والعدل الاستقامة . وقال ثعلب : الصرف ما يتصرف به والعدل الميل ، وقيل الصرف [ ص: 230 ] الزيادة والفضل وليس هذا بشيء . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المدينة ، فقال : من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا لا يقبل منه صرف ولا عدل ؛ قال مكحول : الصرف التوبة والعدل الفدية . قال أبو عبيد : وقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة . وقال يونس : الصرف الحيلة ، ومنه قيل : فلان يتصرف أي يحتال . قال الله تعالى : فما تستطيعون صرفا ولا نصرا . وصرف الحديث : تزيينه والزيادة فيه . وفي حديث أبي إدريس الخولاني أنه قال : " من طلب صرف الحديث يبتغي به إقبال وجوه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة " أخذ من صرف الدراهم ، والصرف : الفضل ، يقال : لهذا صرف على هذا أي فضل ، قال ابن الأثير : أراد بصرف الحديث ما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة ، وإنما كره ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع ، ولما يخالطه من الكذب والتزيد ، والحديث مرفوع من رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود . ويقال : فلان لا يحسن صرف الكلام أي فضل بعضه على بعض ، وهو من صرف الدراهم ، وقيل لمن يميز : صيرف وصيرفي . وصرف لأهله يصرف واصطرف : كسب وطلب واحتال ؛ عن اللحياني . والصراف : حرمة كل ذات ظلف ومخلب ، صرفت تصرف صروفا وصرافا ، وهي صارف . وكلبة صارف بينة الصراف إذا اشتهت الفحل . ابن الأعرابي : السباع كلها تجعل وتصرف إذا اشتهت الفحل ، وقد صرفت صرافا ، وهي صارف ، وأكثر ما يقال ذلك كله للكلبة . وقال الليث : الصراف حرمة الشاء والكلاب والبقر . والصريف : صوت الأنياب والأبواب . وصرف الإنسان والبعير نابه وبنابه يصرف صريفا : حرقه فسمعت له صوتا ، وناقة صروف بينة الصريف . وصريف الفحل : تهدره . وما في فمه صارف أي ناب . وصريف القعو : صوته . وصريف البكرة : صوتها ند الاستقاء . وصريف القلم والباب ونحوهما : صريرهما . ابن خالويه : صريف ناب الناقة يدل على كلالها وناب البعير على قطمه وغلمته ؛ وقول النابغة :


مقذوفة بدخيس النحض بازلها     له صريف صريف القعو بالمسد

هو وصف لها بالكلال . وفي الحديث : أنه دخل حائطا من حوائط المدينة ، فإذا فيه جملان يصرفان ويوعدان فدنا منهما فوضعنا جرنهما ؛ قال الأصمعي : إذا كان الصريف من الفحولة فهو من النشاط ، وإذا كان من الإناث فهو من الإعياء . وفي حديث علي : لا يروعه منها إلا صريف أنياب الحدثان . وفي الحديث : أسمع صريف الأقلام أي صوت جريانها بما تكتبه من أقضية الله ووحيه ، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ . وفي حديث موسى على نبينا وعليه السلام : أنه كان يسمع صريف القلم حين كتب الله تعالى له التوراة ؛ وقول أبي خراش :


مقابلتين شدهما طفيل     بصرافين عقدهما جميل

عنى بالصرافين شراكين لهما صريف . والصرف : الخالص من كل شيء . وشراب صرف أي بحت لم يمزج ، وقد صرفه صروفا ، قال الهذلي :


إن يمس نشوان بمصرفة     منها بري وعلى مرجل

وصرفه وأصرفه : كصرفه ؛ الأخيرة عن ثعلب ، وصريفون : موضع بالعراق ؛ قال الأعشى :


وتجبى إليه السيلحون ودونها     صريفون في أنهارها والخورنق

قال : والصريفية من الخمر منسوبة إليه . والصريف الخمر الطيبة ، وقال في قول الأعشى :


صريفية طيب طعمها     لها زبد بين كوب ودن

قال بعضهم : جعلها صريفية ؛ لأنها أخذت من الدن ساعتئذ كاللبن الصريف ، وقيل : نسب إلى صريفين ، وهو نهر يتخلج من الفرات . والصريف : الخمر التي لم تمزج بالماء ، وكذلك كل شيء لا خلط فيه ؛ وقال الباهلي في قول المتنخل :


إن يمس نشوان بمصروفة

قال : بمصروفة أي بكأس شربت صرفا ، على مرجل أي على لحم طبخ في مرجل ، وهي القدر . وتصريف الخمر : شربها صرفا . والصريف : اللبن الذي ينصرف عن الضرع حارا إذا حلب ، فإذا سكنت رغوته فهو الصريح ، ومنه حديث الغار : ويبيتان في رسلها وصريفها ؛ الصريف : اللبن ساعة يصرف عن الضرع ، وفي حديث سلمة بن الأكوع :


لكن غذاها اللبن الخريف     المحض والقارص والصريف

وحديث عمرو بن معد يكرب : أشرب التبن من اللبن رثيئة أو صريفا . والصرف بالكسر : شيء يدبغ به الأديم ؛ وفي الصحاح : صبغ أحمر تصبغ به شرك النعال ؛ قال ابن كلحبة اليربوعي ، واسمه هبيرة بن عبد مناف ، ويقال سلمة بن خرشب الأنماري ؛ قال ابن بري : والصحيح أنه هبيرة بن عبد مناف ، وكلحبة اسم أمه ، فهو ابن كلحبة أحد بني عرين بن ثعلبة بن يربوع ، ويقال له الكلحبة ، وهو لقب له ، فعلى هذا يقال ، وقال الكلحبة اليربوعي :


كميت غير محلفة ولكن     كلون الصرف عل به الأديم

يعني أنها خالصة الكمتة كلون الصرف ، وفي المحكم : خالصة اللون لا يحلف عليها أنها ليست كذلك . قال : والكميت المحلف الأحم والأحوى ، وهما يشتبهان حتى يحلف إنسان أنه كميت أحم ، ويحلف الآخر أنه كميت أحوى . وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم في ظل الكعبة فاستيقظ محمارا وجهه كأنه الصرف هو بالكسر شجر أحمر . ويسمى الدم والشراب إذا لم يمزجا صرفا . والصرف : الخالص من كل شيء . وفي حديث جابر رضي الله عنه : تغير وجهه حتى صار كالصرف . [ ص: 231 ] وفي حديث علي كرم الله وجهه : لتعركنكم عرك الأديم الصرف أي الأحمر . والصريف : السعف اليابس ، الواحدة صريفة ، حكى ذلك أبو حنيفة ؛ وقال مرة : هو ما يبس من الشجر مثل الضريع ، وقد تقدم . ابن الأعرابي : أصرف الشاعر شعره يصرفه إصرافا إذا أقوى فيه وخالف بين القافيتين ؛ يقال : أصرف الشاعر القافية ؛ قال ابن بري : ولم يجئ أصرف غيره ؛ وأنشد :


بغير مصرفة القوافي

ابن بزرج : أكفأت الشعر إذا رفعت قافية وخفضت أخرى أو نصبتها ، وقال : أصرفت في الشعر مثل الإكفاء . ويقال : صرفت فلانا ، ولا يقال أصرفته . وقوله في حديث الشفعة : إذا صرفت الطرق فلا شفعة أي بينت مصارفها وشوارعها كأنه من التصرف والتصريف . والصرفان : ضرب من التمر ، واحدته صرفانة ؛ وقال أبو حنيفة : الصرفانة تمرة حمراء مثل البرنية إلا أنها صلبة الممضغة علكة ، قال : وهي أرزن التمر كله ؛ وأنشد ابن بري للنجاشي :


حسبتم قتال الأشعرين ومذحج     وكندة أكل الزبد بالصرفان

وقال عمران الكلبي :


أكنتم حسبتم ضربنا وجلادنا     على الحجر أكل الزبد بالصرفان

وفي حديث وفد عبد القيس : أتسمون هذا الصرفان ؟ هو ضرب من أجود التمر وأوزنه . والصرفان : الرصاص القلعي والصرفان : الموت ؛ ومنهما قول الزباء الملكة :


ما للجمال مشيها وئيدا     أجندلا يحملن أم حديدا
أم صرفانا باردا شديدا     أم الرجال جثما قعودا

قال أبو عبيد : ولم يكن يهدى لها شيء أحب إليها من التمر الصرفان ؛ وأنشد :


ولما أتتها العير قالت أبارد     من التمر أم هذا حديد وجندل

والصرفي ضرب من النجائب منسوبة وقيل بالدال ، وهو الصحيح ، وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية