صفحة جزء
صري

صري : صرى الشيء صريا : قطعه ودفعه ؛ قال ذو الرمة :


فودعن مشتاقا أصبن فؤاده هواهن إن لم يصره الله قاتله

وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن آخر من يدخل الجنة لرجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار ، فإذا جاوز الصراط ترفع له شجرة فيقول : يا رب أدنني منها فيقول الله عز وجل : أي عبدي ما يصريك مني ؟ قال أبو عبيد : قوله : ما يصريك ما يقطع مسألتك عني ويمنعك من سؤالي . يقال : صريت الشيء إذا قطعته ، ومنعته . ويقال : صرى الله عنك شر فلان أي دفعه ؛ وأنشد ابن بري للطرماح :


ولو أن الظعائن عجن يوما     علي ببطن ذي نفر صراني

أي دفع عني ووقاني . وصريته : منعته ، قال ابن مقبل :


ليس الفؤاد براء أرضها أبدا     وليس صاريه من ذكرها صار

وصريت ما بينهم صريا أي فصلت . يقال : اختصمنا إلى الحاكم فصرى ما بيننا أي قطع ما بيننا وفصل . وصريت الماء إذا استقيت ثم قطعت . والصاري : الحافظ . وصراه الله : وقاه ، وقيل : حفظه ، وقيل : نجاه وكفاه ، وكل ذلك قريب بعضه من بعض . وصرى أيضا : نجى ؛ قال الشاعر :


صرى الفحل مني أن ضئيل سنامه     ولم يصر ذات الني منها بروعها

وصرى ما بيننا يصري صريا : أصلح . والصرى والصرى : الماء الذي طال استنقاعه ، وقال أبو عمرو : إذا طال مكثه وتغير ، وقد صري الماء بالكسر ؛ قال ابن بري : ومنه قول ذي الرمة :


صرى آجن يزوي له المرء وجهه     إذا ذاقه ظمآن في شهر ناجر

وأنشد لذي الرمة أيضا :


وماء صرى عافي الثنايا كأنه     من الأجن أبوال المخاض الضوارب

ونطفة صراة : متغيرة . وصرى فلان الماء في ظهره زمانا صريا : حبسه بامتساكه عن النكاح ، وقيل جمعه . ونطفة صراة : صراها صاحبها في ظهره زمانا ؛ قال الأغلب العجلي :


رب غلام قد صرى في فقرته     ماء الشباب عنفوان سنبته
أنعظ حتى اشتد سم سمته

ويروى : رأت غلاما ، وقيل : صرى أي اجتمع ، والأصل صري ، فقلبت الياء ألفا ، كما يقال بقى في بقي . المنتجع : الصريان من الرجال والدواب الذي قد اجتمع الماء في ظهره ؛ وأنشد :


فهو مصك صميان صريان

أبو عمرو : ماء صرى وصرى ، وقد صري يصرى . والصرى : اللبن الذي قد بقي فتغير طعمه ، وقيل : هو بقية اللبن ، وقد صري صرى ، فهو صر كالماء . وصريت الناقة صرى وأصرت : تحفل لبنها في ضرعها ؛ وأنشد :


من للجعافر يا قومي فقد صريت     وقد يساق لذات الصرية الحلب

الليث : صري اللبن يصرى في الضرع إذا لم يحلب ففسد طعمه ، وهو لبن صرى . وفي حديث أبي موسى أن رجلا استفتاه ، فقال : امرأتي صري لبنها في ثديها فدعت جارية لها فمصته ، فقال : حرمت عليك . أي اجتمع في ثديها حتى فسد طعمه ، وتحريمها على رأي من يرى أن إرضاع الكبير يحرم . وصريت الناقة وغيرها من ذوات اللبن وصريتها وأصريتها : حفلتها . وناقة صرياء : محفلة ، وجمعها صرايا على غير قياس . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم : من اشترى مصراة فهو بخير النظرين ، إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر ؛ قال أبو عبيد : المصراة هي الناقة أو البقرة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها أي يجمع ويحبس ، يقال منه : صريت الماء وصريته . وقال ابن بزرج : صرت الناقة تصري من الصري ، وهو جمع اللبن في الضرع . وصريت الشاة تصرية إذا لم تحلبها أياما حتى يجتمع اللبن في [ ص: 235 ] ضرعها والشاة مصراة . قال ابن بري : ويقال ناقة صرياء وصرية ؛ وأنشد أبو عمرو لمغلس الأسدي :


ليالي لم تنتج عذام خلية     تسوق صريا في مقلدة صهب

قال : وقال ابن خالويه الصرية اجتماع اللبن ، وقد تكسر الصاد والفتح أجود . وروى ابن بري ، قال : ذكر الشافعي رضي الله عنه المصراة وفسرها أنها التي تصر أخلافها ، ولا تحلب أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها ، فإذا حلبها المشتري استغزرها . قال : وقال الأزهري جائز أن تكون سميت مصراة من صر أخلافها ، كما ذكر إلا أنهم لما اجتمع لهم في الكلمة ثلاث راءات قلبت إحداها ياء ، كما قالوا تظنيت في تظننت ، ومثله تقضى البازي في تقضض والتصدي في تصدد وكثير من أمثال ذلك ، أبدلوا من أحد الأحرف المكررة ياء كراهية لاجتماع الأمثال ، قال : وجائز أن تكون سميت مصراة من الصري ، وهو الجمع كما سبق ، قال : وإليه ذهب الأكثرون ، وقد تكررت هذه اللفظة في أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : لا تصروا الإبل والغنم فإن كان من الصر ، فهو بفتح التاء وضم الصاد ، وإن كان من الصري ، فيكون بضم التاء وفتح الصاد ؛ وإنما نهى عنه لأنه خداع وغش . ابن الأعرابي : قيل لابنة الخس : أي الطعام أثقل ؟ فقالت : بيض نعام وصرى عام بعد عام . أي ناقة تغرزها عاما بعد عام : الصرى اللبن يترك في ضرع الناقة فلا يحتلب فيصير ملحا ذا رياح . ورد أبو الهيثم على ابن الأعرابي قوله : صرى عام بعد عام ، وقال : كيف يكون هذا والناقة إنما تحلب ستة أشهر أو سبعة أشهر في كلام طويل قد وهم في أكثره ؛ قال الأزهري : والذي قال ابن الأعرابي صحيح ، قال : ورأيت العرب يحلبون الناقة من يوم تنتج سنة إذا لم يحملوا الفحل عليها كشافا ثم يغرزونها بعد تمام السنة ليبقى طرقها ، وإذا غرزوها ولم يحتلبوها ، وكانت السنة مخصبة تراد اللبن في ضرعها فخثر وخبث طعمه فامسخ ، قال : ولقد حلبت ليلة من الليالي ناقة مغرزة فلم يتهيأ لي شرب صراها لخبث طعمه ودفقته ، وإنما أرادت ابنة الخس بقولها : صرى عام بعد عام لبن عام استقبلته بعد انقضاء عام نتجت فيه ، ولم يعرف أبو الهيثم مرادها ولم يفهم منه ما فهمه ابن الأعرابي فطفق يرد على من عرفه بتطويل لا معنى فيه . وصرى بوله صريا إذا قطعه . وصري فلان في يد فلان إذا بقي في يده رهنا محبوسا ؛ قال رؤبة :


رهن الحروريين قد صريت

والصرى : ما اجتمع من الدمع ، واحدته صراة . وصري الدمع إذا اجتمع فلم يجر ، وقالت خنساء :


فلم أملك غداة نعي صخر     سوابق عبرة حلبت صراها

ابن الأعرابي : صرى يصري إذا قطع ، وصرى يصري إذا عطف ، وصرى يصري إذا تقدم ، وصرى يصري إذا تأخر ، وصرى يصري إذا علا ، وصرى يصري إذا سفل ، وصرى يصري إذا أنجى إنسانا من هلكة وأغاثه ؛ وأنشد :


أصبحت لحم ضباع الأرض مقتسما     بين الفراعل إن لم يصرني الصاري

وقال آخر في صرى إذا سفل :


والناشيات الماشيات الخيزرى

وفي الحديث : أنه مسح بيده النصل الذي بقي في لبة رافع بن خديج وتفل عليه فلم يصر أي لم يجمع المدة . وفي حديث عرض نفسه على القبائل : وإنما نزلنا الصريين اليمامة والسمامة ؛ هما تثنية صرى ، ويروى الصيرين ، وهو مذكور في موضعه . وكل ماء مجتمع صرى ، ومنه الصراة ؛ وقال :


كعنق الآرام أوفى أو صرى

قال : أوفى علا وصرى سفل ؛ وأنشد في عطف :


وصرين بالأعناق في مجدولة     وصل الصوانع نصفهن جديدا

قال ابن بزرج : صرت الناقة عنقها إذا رفعته من ثقل الوقر ؛ وأنشد :


والعيس بين خاضع وصاري

والصراة : نهر معروف ، وقيل : هو نهر بالعراق ، وهي العظمى والصغرى .

والصراية : نقيع ماء الحنظل . الأصمعي : إذا اصفر الحنظل ، فهو الصراء ممدود ، وروي قول امرئ القيس :


كأن سراته لدى البيت قائما     مداك عروس أو صراية حنظل

والصراية : الحنظلة إذا اصفرت ، وجمعها صراء وصرايا . قال ابن الأعرابي : أنشد أبو محضة أبياتا ، ثم قال : هذه بصراهن وبطراهن ، قال أبو تراب : وسألت الحصيني عن ذلك ، فقال : هذه الأبيات بطراوتهن وصراوتهن أي بجدتهن وغضاضتهن ؛ قال العجاج :


قرقور ساج ساجه مصلي     بالقير والضباب زنبري
رفع من جلاله الداري     ومده إذ عدل الخلي
جل وأشطان وصراري     ودقل أجرد شوذبي

وقال سليك بن السلكة :


كأن مفالق الهامات منهم     صرايات تهادتها الجواري

قال بعضهم : الصراية نقيع الحنظل . وفي نوادر الأعراب : الناقة في فخاذها ، وقد أفخذت ، يعني في إلبائها ، وكذلك هي في إحداثها وصراها . والصرى : أن تحمل الناقة اثني عشر شهرا فتلبئ فذلك الصرى ، وهذا الصرى غير ما قاله ابن الأعرابي فالصرى وجهان . والصارية من الركايا : البعيدة العهد بالماء ، فقد أجنت وعرمضت . والصاري : الملاح ، وجمعه صر على غير قياس ، وفي المحكم : والجمع صراء وصراري وصراريون كلاهما جمع الجمع ، قال :

[ ص: 236 ]

جذب الصراريين بالكرور

وقد تقدم أن الصراري واحد في ترجمة صرر ؛ قال الشاعر :


خشي الصراري صولة     منه فعاذوا بالكلاكل

وصاري السفينة : الخشبة المعترضة في وسطها . وفي حديث ابن الزبير وبناء البيت : فأمر بصوار فنصبت حول الكعبة هي جمع الصاري ، وهو دقل السفينة الذي ينصب في وسطها قائما ، ويكون عليه الشراع . وفي حديث الإسراء في فرض الصلاة : علمت أنها فرض الله صرى أي حتم واجب ، وقيل : هي مشتقة من صرى إذا قطع ، وقيل : من أصررت على الشيء إذا لزمته فإن كان هذا فهو من الصاد والراء المشددة . وقال أبو موسى : هو صري بوزن جني ، وصري العزم : ثابته ومستقره ، قال : ومن الأول حديث أبي سمال الأسدي وقد ضلت ناقته ، فقال : أيمنك لئن لم تردها علي لا عبدتك فأصابها وقد تعلق زمامها بعوسجة فأخذها ، وقال : علم ربي أنها مني صرى أي عزيمة قاطعة ويمين لازمة . التهذيب في قوله تعالى : فصرهن إليك ؛ قال : فسروه كلهم فصرهن أملهن ، قال : وأما فصرهن بالكسر ، فإنه فسر بمعنى قطعهن ، قال : ولم نجد قطعهن معروفة ، قال : وأراها إن كانت كذلك من صريت أصري أي قطعت ، فقدمت ياؤها وقلب ، وقيل : صرت أصير ، كما قالوا عثيت أعثي وعثت أعيث بالعين من قولك : عثت في الأرض أي أفسدت .

التالي السابق


الخدمات العلمية