صفحة جزء
[ برك ]

برك : البركة : النماء والزيادة . والتبريك : الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة . يقال : بركت عليه تبريكا ، أي قلت له بارك الله عليك . وبارك الله الشيء وبارك فيه وعليه : وضع فيه البركة . وطعام بريك : كأنه مبارك . وقال الفراء في قوله : رحمة الله وبركاته عليكم ، قال : البركات السعادة ، قال أبو منصور : وكذلك قوله في التشهد : السلام عليك أيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ورحمة الله وبركاته ، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد نال السعادة المباركة الدائمة . وفي حديث الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - : وبارك على محمد وعلى آل محمد ، أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من برك البعير إذا أناخ في موضع فلزمه ، وتطلق البركة أيضا على الزيادة ، والأصل الأول . وفي حديث أم سليم : فحنكه وبرك عليه ، أي دعا له بالبركة . ويقال : بارك الله لك وفيك وعليك وتبارك الله أي بارك الله مثل قاتل وتقاتل ، إلا أن ( فاعل ) يتعدى و ( تفاعل ) لا يتعدى ، وتبركت به أي تيمنت به . وقوله تعالى : أن بورك من في النار ومن حولها ; التهذيب : النار نور الرحمن ، والنور هو الله ، تبارك وتعالى ، و ( من حولها ) موسى والملائكة . وروي عن ابن عباس : أن بورك من في النار ; قال : الله تعالى ومن حولها الملائكة . الفراء : إنه في حرف أبي : أن بوركت النار ومن حولها ، قال : والعرب تقول : باركك الله وبارك فيك ، قال الأزهري : معنى بركة الله علوه على كل شيء ، وقال أبو طالب بن عبد المطلب :


بورك الميت الغريب ، كما بورك نضح الرمان والزيتون .



وقال :


بارك فيك الله من ذي أل .



وفي التنزيل العزيز : وباركنا عليه . وقوله : بارك الله لنا في الموت ; معناه بارك الله لنا فيما يؤدينا إليه الموت ; وقول أبي فرعون :


رب عجوز عرمس زبون     سريعة الرد على المسكين .
تحسب أن بوركا يكفيني     إذا غدوت باسطا يميني .



جعل ( بورك ) اسما وأعربه ، ونحو منه قولهم : من شب إلى دب ; جعله اسما كدر وبر وأعربه . وقوله تعالى ، يعني القرآن : إنا أنزلناه في ليلة مباركة ; يعني ليلة القدر نزل فيها جملة إلى السماء الدنيا ثم نزل على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا بعد شيء . وطعام بريك : مبارك فيه . وما أبركه : جاء فعل التعجب على نية المفعول . وتبارك الله : تقدس وتنزه وتعالى وتعاظم ، لا تكون هذه الصفة لغيره ، أي تطهر . والقدس : الطهر . وسئل أبو العباس عن تفسير ( تبارك الله ) فقال : ارتفع . والمتبارك : المرتفع . وقال الزجاج : تبارك تفاعل من البركة ، كذلك يقول أهل اللغة . وروى ابن عباس : ومعنى البركة الكثرة في كل خير ، وقال في موضع آخر : تبارك : تعالى وتعاظم ، وقال ابن الأنباري : تبارك الله أي يتبرك باسمه في كل أمر . وقال الليث في تفسير تبارك الله : تمجيد وتعظيم . وتبارك بالشيء : تفاءل به . الزجاج في قوله تعالى : وهذا كتاب أنزلناه مبارك ; قال : المبارك ما يأتي من قبله الخير الكثير وهو من نعت كتاب ، ومن قال أنزلناه مباركا جاز في غير القراءة . اللحياني : باركت على التجارة وغيرها أي واظبت عليها ، وحكى بعضهم تباركت بالثعلب الذي تباركت به . وبرك البعير يبرك بروكا أي استناخ ، وأبركته أنا فبرك ، وهو قليل ، والأكثر أنخته فاستناخ . وبرك : ألقى بركه بالأرض وهو صدره ، وبركت الإبل تبرك بروكا وبركت : قال الراعي :


وإن بركت منها عجاساء جلة     بمحنية ، أجلى العفاس وبروعا

.

وأبركها هو ، وكذلك النعامة إذا جثمت على صدرها . والبرك : الإبل الكثيرة ; ومنه قول متمم بن نويرة :


إذا شارف منهن قامت ورجعت     حنينا ، فأبكى شجوها البرك أجمعا

.

والجمع البروك ، والبرك جمع بارك مثل تجر وتاجر ، والبرك : جماعة الإبل الباركة ، وقيل : هي إبل الجواء كلها التي تروح عليها ، بالغا ما بلغت وإن كانت ألوفا ; قال أبو ذؤيب :


كأن ثقال المزن بين تضارع     وشابة برك من جذام ، لبيج

.

لبيج : ضارب بنفسه ; وقيل : البرك يقع على جميع ما برك من جميع الجمال والنوق على الماء أو الفلاة من حر الشمس أو الشبع ، الواحد [ ص: 71 ] بارك والأنثى باركة . التهذيب : الليث البرك الإبل البروك اسم لجماعتها ; قال طرفة :


وبرك هجود قد أثارت مخافتي     بواديها ، أمشي بعضب مجرد

.

ويقال : فلان ليس له مبرك جمل . وكل شيء ثبت وأقام ، فقد برك . وفي حديث علقمة : لا تقربهم فإن على أبوابهم فتنا كمبارك الإبل ; وهو الموضع الذي تبرك فيه ، أراد أنها تعدي كما أن الإبل الصحاح إذا أنيخت في مبارك الجربى جربت . والبركة : أن يدر لبن الناقة وهي باركة فيقيمها فيحلبها ; قال الكميت :


وحلبت بركتها اللبون     لبون جودك غير ماضر

.

ورجل مبترك : معتمد على الشيء ملج ; قال :


وعامنا أعجبنا مقدمه     يدعى أبا السمح وقرضاب سمه
مبترك لكل عظم يلحمه

.

ورجل برك : بارك على الشيء ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


برك على جنب الإناء معود     أكل البدان ، فلقمه متدارك

.

الليث : البركة ما ولي الأرض من جلد بطن البعير وما يليه من الصدر ، واشتقاقه من مبرك البعير ، والبرك كلكل البعير وصدره الذي يعدوك به الشيء تحته ; يقال : حكه ودكه وداكه ببركه ، وأنشد في صفة الحرب وشدتها :


فأقعصتهم وحكت بركها بهم     وأعطت النهب هيان بن بيان

.

والبرك والبركة : الصدر ، وقيل : هو ما ولي الأرض من جلد صدر البعير إذا برك ، وقيل : البرك للإنسان والبركة لما سوى ذلك ، وقيل : البرك الواحد والبركة الجمع ، ونظيره حلي وحلية ، وقيل : البرك باطن الصدر والبركة ظاهره ، والبركة من الفرس الصدر ، قال الأعشى :


مستقدم البركة عبل الشوى     كفت إذا عض بفأس اللجام

.

الجوهري : البرك الصدر ، فإذا أدخلت عليه الهاء كسرت وقلت : بركة ، قال الجعدي :


في مرفقيه تقارب ، وله     بركة زور كجبأة الخزم

.

وقال يعقوب : البرك وسط الصدر ، قال ابن الزبعرى :


حين حكت بقباء بركها     واستحر القتل في عبد الأشل

.

وشاهد البركة قول أبي دواد :


جرشعا أعظمه جفرته     ناتئ البركة في غير بدد

.

وقولهم : ما أحسن بركة هذه الناقة ! وهو اسم للبروك مثل الركبة والجلسة . وابترك الرجل أي ألقى بركه . وفي حديث علي بن الحسين : وابترك الناس في عثمان أي شتموه وتنقصوه . وفي حديث علي : ألقت السحاب برك بوانيها ، البرك الصدر ، والبواني أركان البنية . وابتركته إذا صرعته وجعلته تحت بركك . وابترك القوم في القتال : جثوا على الركب واقتتلوا ابتراكا ، وهي البروكاء والبراكاء . والبراكاء : الثبات في الحرب والجد ، وأصله من البروك ، قال بشر بن أبي خازم :


ولا ينجي من الغمرات إلا     براكاء القتال ، أو الفرار

.

والبراكاء : ساحة القتال . ويقال في الحرب : براك براك أي ابركوا . والبراكية : ضرب من السفن . والبرك والباروك : الكابوس وهو النيدلان ، وقال الفراء : بركاني ولا يقال برنكاني . وبرك الشتاء : صدره ، قال الكميت :


واحتل برك الشتاء منزله     وبات شيخ العيال يصطلب

.

قال : أراد وقت طلوع العقرب ، وهو اسم لعدة نجوم ، منها : الزبانى والإكليل والقلب والشولة ، وهو يطلع في شدة البرد ، ويقال لها : البروك والجثوم يعني العقرب ، واستعار البرك للشتاء أي حل صدر الشتاء ومعظمه في منزله ، يصف شدة الزمان وجدبه لأن غالب الجدب إنما يكون في الشتاء . وبارك على الشيء : واظب . وأبرك في عدوه : أسرع مجتهدا ، والاسم البروك ، قال :


وهن يعدون بنا بروكا

.

أي تجتهد في عدوها . ويقال : ابترك الرجل في عرض أخيه يقصبه إذا اجتهد في ذمه ، وكذلك الابتراك في العدو والاجتهاد فيه ، ابترك أي أسرع في العدو وجد ، قال زهير :


مرا كفاتا ، إذا ما الماء أسهلها     حتى إذا ضربت بالسوط تبترك

.

وابتراك الفرس : أن ينتحي على أحد شقيه في عدوه . وابترك الصيقل : مال على المدوس في أحد شقيه . وابتركت السحابة : اشتد انهلالها . وابتركت السماء وأبركت : دام مطرها . وابترك السحاب إذا ألح بالمطر . وابترك في عرض الحبل : تنقصه . ابن الأعرابي : الخبيص يقال له : البروك ليس الربوك . وقال رجل من الأعراب لامرأته : هل لك في البروك ؟ فأجابته : إن البروك عمل الملوك ، والاسم منه البريكة ، وعمله البروك ، وأول من عمل الخبيص عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأهداها إلى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الربيكة فالحيس . وروى إبراهيم عن ابن الأعرابي أنه أنشد لمالك بن الريب :


إنا وجدنا طرد الهوامل     والمشي في البركة والمراجل

.

قال : البركة جنس من برود اليمن ، وكذلك المراجل . والبركة : [ ص: 72 ] الحمالة ورجالها الذين يسعون فيها ، قال :


لقد كان في ليلى عطاء لبركة     أناخت بكم ترجو الرغائب والرفدا

.

ليلى هنا ثلثمائة من الإبل ; كما سموا المائة هندا ، ويقال للجماعة يتحملون حمالة : بركة وجمة ، ويقال : أبركت الناقة فبركت بروكا ، والتبراك : البروك ; قال جرير :


لقد قرحت نغانغ ركبتيها     من التبراك ، ليس من الصلاة

.

وتبراك ، بكسر التاء : موضع بحذاء تعشار ; قال مرار بن منقذ :


أعرفت الدار أم أنكرتها     بين تبراك فشسي عبقر ؟



والبركة : كالحوض ، والجمع البرك ; يقال : سميت بذلك لإقامة الماء فيها . ابن سيده : والبركة مستنقع الماء . والبركة : شبه حوض يحفر في الأرض لا يجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض ، وهو البرك أيضا ; وأنشد :


وأنت التي كلفتني البرك شاتيا     وأوردتنيه ، فانظري ، أي مورد .



ابن الأعرابي : البركة تطفح مثل الزلف ، والزلف وجه المرآة . قال أبو منصور : ورأيت العرب يسمون الصهاريج التي سويت بالآجر وضرجت بالنورة في طريق مكة ومناهلها بركا ، واحدتها بركة ; قال : ورب بركة تكون ألف ذراع وأقل وأكثر ، وأما الحياض التي تسوى لماء السماء ولا تطوى بالآجر فهي الأصناع ، واحدها صنع . والبركة الحلبة من حلب الغداة . قال ابن سيده : وهي البركة ، ولا أحقها ، ويسمون الشاة الحلوبة : بركة . والبروك من النساء : التي تتزوج ولها ولد كبير بالغ . والبراك : ضرب من السمك بحري سود المناقير . والبركة ، بالضم : طائر من طير الماء أبيض ، والجمع برك وأبراك وبركان ، قال : وعندي أن أبراكا وبركانا جمع الجمع . والبرك أيضا : الضفادع ، وقد فسر به بعضهم قول زهير يصف قطاة فرت من صقر إلى ماء ظاهر على وجه الأرض :


حتى استغاثت بماء لا رشاء له     من الأباطح ، في حافاته البرك

.

البركان : ضرب من دق الشجر ، واحدته بركانة ; قال الراعي :


حتى غدا حرضا طلى فرائصه     يرعى شقائق من علقى وبركان

.

وقيل : هو ما كان من الحمض وسائر الشجر لا يطول ساقه . والبركان : من دق النبت وهو الحمض ، قال الأخطل وأنشد بيت الراعي ، وذكر أن صدره :


حتى غدا حرضا هطلى فرائصه .



والهطلى : واحده هطل ، وهو الذي يمشي رويدا . وواحد البركان بركانة ، وقيل : البركان نبت ينبت قليلا بنجد في الرمل ظاهرا على الأرض ، له عروق دقاق حسن النبات ، وهو من خير الحمض ; قال :


بحيث التقى البركان والحاذ والغضا     ببئشة ، وارفضت تلاعا صدورها .



وفي رواية : وارفضت هراعا ، وقيل : البركان ضرب من شجر الرمل ; وأنشد بيت الراعي :


حتى غدا حرضا هطلى فرائصه .



أبو زيد : البورق والبورك الذي يجعل في الطحين . والبريكان : أخوان من العرب ، قال أبو عبيدة : أحدهما بارك والآخر بريك ، فغلب بريك إما للفظه وإما لسنه وإما لخفة اللفظ . وذو بركان : موضع ; قال بشر بن أبي خازم :


تراها إذا ما الآل خب كأنها     فريد ، بذي بركان ، طاو ملمع .



وبرك : من أسماء ذي الحجة ، قال :


أعل على الهندي مهلا وكرة     لدى برك ، حتى تدور الدوائر .



وبرك مثال قرد : اسم موضع بناحية اليمن ، قال ابن بري : وبرك الغماد موضع باليمن . ويقال : الغماد والغماد ، بالكسر والضم ، وقيل : إن الغماد برهوت الذي جاء في الحديث : أن أرواح الكافرين فيه ، وحكى ابن خالويه عن ابن دريد أن برك الغماد بقعة في جهنم . ويروى أن الأنصار - رضي الله عنهم - قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله - إنا ما نقول لك مثل ما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا ; بل بآبائنا نفديك وأمهاتنا يا رسول الله ، ولو دعوتنا إلى برك الغماد ; وأنشد ابن دريد لنفسه :


وإذا تنكرت البلا     د ، فأولها كنف البعاد
واجعل مقامك ، أو مقر     رك جانبي برك الغماد
كل الذخائر ، غير تق     وى ذي الجلال ، إلى نفاد .



وفي حديث الهجرة : لو أمرتها أن تبلغ بها برك الغماد ، بفتح الباء وكسرها ، وتضم الغين وتكسر ، وهو اسم موضع باليمن ، وقيل : هو موضع وراء مكة بخمس ليال .

التالي السابق


الخدمات العلمية