صفحة جزء
[ صوب ]

صوب : الصوب : نزول المطر . صاب المطر صوبا ، وانصاب : كلاهما انصب . ومطر صوب وصيب وصيوب ، وقوله تعالى : أو كصيب من السماء قال أبو إسحاق : الصيب هنا المطر ، وهذا مثل ضربه الله تعالى للمنافقين ، كأن المعنى : أو كأصحاب صيب ؛ فجعل دين الإسلام لهم مثلا فيما ينالهم فيه من الخوف والشدائد وجعل ما يستضيئون به من البرق مثلا لما يستضيئون به من الإسلام ، وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل . قال : والدليل على ذلك قوله تعالى : يحسبون كل صيحة عليهم . وكل نازل من علو إلى سفل فقد صاب يصوب ؛ وأنشد :


كأنهم صابت عليهم سحابة صواعقها لطيرهن دبيب

.

وقال الليث : الصوب المطر . وصاب الغيث بمكان كذا وكذا ، وصابت السماء الأرض : جادتها . وصاب الماء وصوبه . صبه وأراقه ؛ أنشد ثعلب في صفة ساقيين :


وحبشيين إذا تحلبا     قالا نعم قالا نعم وصوبا

.

والتصوب : حدب في حدور ، والتصوب : الانحدار . والتصويب : خلاف التصعيد . وصوب رأسه : خفضه . التهذيب : صوبت الإناء ورأس الخشبة تصويبا : إذا خفضته ، وكره تصويب الرأس في الصلاة . وفي الحديث : من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار ؛ سئل أبو داود السجستاني عن هذا الحديث فقال : هو مختصر ومعناه : من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه أي نكسه ؛ ومنه الحديث : وصوب يده أي خفضها . والإصابة : خلاف الإصعاد ، وقد أصاب الرجل ، قال كثير عزة :


ويصدر شتى من مصيب ومصعد     إذا ما خلت ممن يحل المنازل

والصيب : السحاب ذو الصوب . وصاب أي نزل ؛ قال الشاعر :


فلست لإنسي ولكن لملأك     تنزل من جو السماء يصوب

.

قال ابن بري : البيت لرجل من عبد القيس يمدح النعمان ، وقيل : هو لأبي وجزة يمدح عبد الله بن الزبير ، وقيل : هو لعلقمة بن عبدة . قال ابن بري : وفي هذا البيت شاهد على أن قولهم ملك حذفت منه همزته وخففت بنقل حركتها على ما قبلها بدليل قولهم : ملائكة ، فأعيدت الهمزة في الجمع . وبقول الشاعر : ( ولكن لملأك ) فأعاد الهمزة ، والأصل في الهمزة أن تكون قبل اللام ؛ لأنه من الألوكة ، وهي الرسالة ، فكأن أصل ملأك أن يكون مألكا ، وإنما أخروها بعد اللام ليكون طريقا إلى حذفها ؛ لأن الهمزة متى ما سكن ما قبلها جاز حذفها وإلقاء حركتها على ما قبلها . والصوب مثل الصيب ، وتقول : صابه المطر أي مطر . وفي حديث الاستسقاء : اللهم اسقنا غيثا صيبا أي منهمرا متدفقا . وصوبت الفرس : إذا أرسلته في الجري ، قال امرؤ القيس :


فصوبته كأنه صوب غبية     على الأمعز الضاحي إذا سيط أحضرا

.

والصواب ، ضد الخطأ . وصوبه : قال له أصبت . وأصاب : جاء بالصواب . وأصاب : أراد الصواب ، وأصاب في قوله وأصاب القرطاس وأصاب في القرطاس . وفي حديث أبي وائل : كان يسأل عن التفسير فيقول : أصاب الله الذي أراد ، يعني أراد الله الذي أراد ، وأصله من الصواب ، وهو ضد الخطأ . يقال : أصاب فلان في قوله وفعله ، وأصاب السهم القرطاس إذا لم يخطئ ؛ وقول صوب وصواب . قال الأصمعي : يقال أصاب فلان الصواب فأخطأ الجواب ؛ معناه أنه قصد قصد الصواب وأراده فأخطأ مراده ولم يعمد الخطأ ولم يصب ، وقولهم : دعني وعلي خطئي وصوبي أي صوابي ؛ قال أوس بن غلفاء :


ألا قالت أمامة يوم غول     تقطع بابن غلفاء الحبال
دعيني إنما خطئي وصوبي     علي وإن ما أهلكت مال

.

وإن ما ، كذا منفصلة . قوله : مال بالرفع أي وإن الذي أهلكت إنما هو مال . واستصوبه واستصابه وأصابه : رآه صوابا . وقال ثعلب : استصبته قياس . والعرب تقول : استصوبت رأيك . وأصابه بكذا : فجعه به . وأصابهم الدهر بنفوسهم وأموالهم : جاحهم فيها ففجعهم . ابن الأعرابي : ما كنت مصابا ولقد أصبت . وإذا قال الرجل لآخر : أنت مصاب ، قال : أنت أصوب مني ؛ حكاه ابن الأعرابي وأصابته مصيبة ، فهو مصاب . والصابة والمصيبة : ما أصابك من الدهر ، وكذلك المصابة والمصوبة بضم الصاد ، والتاء ، للداهية أو للمبالغة ، والجمع مصاوب ومصائب ، الأخير على غير قياس توهموا مفعلة فعيلة التي ليس لها في الياء ، ولا الواو أصل . التهذيب : قال الزجاج : أجمع النحويون على أن حكوا مصائب في جمع مصيبة بالهمز ، وأجمعوا أن الاختيار مصاوب ، وإنما مصائب عندهم - بالهمز - من الشاذ . قال : وهذا عندي إنما هو بدل من الواو المكسورة ، كما قالوا وسادة وإسادة ، قال : وزعم الأخفش أن مصائب إنما وقعت الهمزة فيها بدلا من الواو ؛ لأنها أعلت في مصيبة . قال الزجاج : وهذا رديء ؛ لأنه يلزم أن يقال في مقام مقائم ، [ ص: 301 ] وفي معونة معائن . وقال أحمد بن يحيى : مصيبة كانت في الأصل مصوبة . ومثله : أقيموا الصلاة ، أصله أقوموا فألقوا حركة الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف . وقال الفراء : يجمع الفواق أفيقة ، والأصل أفوقة . وقال ابن بزرج : تركت الناس على مصاباتهم أي على طبقاتهم ومنازلهم . وفي الحديث : من يرد الله به خيرا يصب منه أي ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها ، وهو الأمر المكروه ينزل بالإنسان . يقال : أصاب الإنسان من المال وغيره أي أخذ وتناول ، وفي الحديث : يصيبون ما أصاب الناس أي ينالون ما نالوا . وفي الحديث : أنه كان يصيب من رأس بعض نسائه ، وهو صائم ، أراد التقبيل . والمصاب : الإصابة : قال الحارث بن خالد المخزومي :


أسليم إن مصابكم رجلا     أهدى السلام تحية ظلم
أقصدته وأراد سلمكم     إذ جاءكم فلينفع السلم

.

قال ابن بري : هذا البيت ليس للعرجي ، كما ظنه الحريري ، فقال في درة الغواص : هو للعرجي . وصوابه : أظليم ، وظليم : ترخيم ظليمة ، وظليمة : تصغير ظلوم تصغير الترخيم . ويروى : أظلوم إن مصابكم . وظليم : هي أم عمران زوجة عبد الله بن مطيع ، وكان الحارث ينسب بها ، ولما مات زوجها تزوجها . ورجلا : منصوب بمصاب ، يعني : إن إصابتكم رجلا ، وظلم : خبر إن . وأجمعت العرب على همز المصائب ، وأصله الواو كأنهم شبهوا الأصلي بالزائد . وقولهم للشدة إذا نزلت : صابت بقر أي صارت الشدة في قرارها . وأصاب الشيء : وجده . وأصابه أيضا : أراده . وبه فسر قوله تعالى : تجري بأمره رخاء حيث أصاب قال : أراد حيث أراد ؛ قال الشاعر :


وغيرها ما غير الناس قبلها     فناءت وحاجات النفوس تصيبها

.

أراد : تريدها ، ولا يجوز أن يكون أصاب من الصواب الذي هو ضد الخطأ ؛ لأنه لا يكون مصيبا ومخطئا في حال واحد . وصاب السهم نحو الرمية يصوب صوبا وصيبوبة ، وأصاب : إذا قصد ولم يجز ، وقيل : صاب : جاء من عل ، وأصاب ، من الإصابة ، وصاب السهم القرطاس صيبا ، لغة في أصابه . وإنه لسهم صائب أي قاصد . والعرب تقول للسائر في فلاة يقطع بالحدس إذا زاغ عن القصد : أقم صوبك أي قصدك . وفلان مستقيم الصوب : إذا لم يزغ عن قصده يمينا وشمالا في مسيره . وفي المثل : مع الخواطئ سهم صائب ؛ وقول أبي ذؤيب :


إذا نهضت فيه تصعد نفرها     كعنز الفلاة مستدر صيابها

.

أراد جمع صائب كصاحب وصحاب ، وأعل العين في الجمع كما أعلها في الواحد كصائم وصيام وقائم وقيام هذا إن كان صياب من الواو ، ومن الصواب في الرمي ، وإن كان من صاب السهم الهدف يصيبه فالياء في أصل ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


فكيف ترجي العاذلات تجلدي     وصبري إذا ما النفس صيب حميمها

.

فسره فقال : صيب كقولك قصد ، قال : ويكون على لغة من قال : صاب السهم . قال : ولا أدري كيف هذا لأن ( صاب السهم ) غير متعد . قال : وعندي أن صيب ههنا من قولهم : صابت السماء الأرض أصابتها بصوب ، فكأن المنية كانت صابت الحميم فأصابته بصوبها . وسهم صيوب وصويب : صائب ؛ قال ابن جني : لم نعلم في اللغة صفة على فعيل مما صحت فاؤه ، ولامه وعينه واو إلا قولهم طويل وقويم وصويب ، قال : فأما العويص فصفة غالبة تجري مجرى الاسم . وهو في صوابة قومه أي في لبابهم . وصوابة القوم : جماعتهم ، وهو مذكور في الياء ؛ لأنها يائية وواوية . ورجل مصاب ، وفي عقل فلان صابة أي فترة وضعف وطرف من الجنون ؛ وفي التهذيب : كأنه مجنون . ويقال للمجنون : مصاب . والمصاب : قصب السكر . التهذيب : الأصمعي : الصاب والسلع ضربان من الشجر مران . والصاب عصارة شجر مر ، وقيل : هو شجر إذا اعتصر خرج منه كهيئة اللبن ، وربما نزت منه نزية أي قطرة فتقع في العين كأنها شهاب نار ، وربما أضعف البصر ؛ قال أبو ذؤيب الهذلي :


إني أرقت فبت الليل مشتجرا     كأن عيني فيها الصاب مذبوح

.

ويروى :


نام الخلي وبت الليل مشتجرا

.

والمشتجر : الذي يضع يده تحت حنكه مذكرا لشدة همه . وقيل : الصاب شجر مر ، واحدته صابة . وقيل : هو عصارة الصبر . قال ابن جني : عين الصاب واو قياسا واشتقاقا أما القياس فلأنها عين والأكثر أن تكون واوا ، وأما الاشتقاق فلأن الصاب شجر إذا أصاب العين حلبها ، وهو أيضا شجر إذا شق سال منه الماء ، وكلاهما في معنى صاب يصوب : إذا انحدر . ابن الأعرابي : المصوب المغرفة ؛ وقول الهذلي :


صابوا بستة أبيات وأربعة     حتى كأن عليهم جابيا لبدا

.

صابوا بهم : وقعوا بهم . والجابي : الجراد . واللبد : الكثير . والصوبة : الجماعة من الطعام . والصوبة : الكدسة من الحنطة والتمر وغيرهما . وكل مجتمع صوبة ؛ عن كراع . قال ابن السكيت : أهل الفلج يسمون الجرين الصوبة ، وهو موضع التمر . والصوبة : الكثبة من تراب أو غيره . وحكى اللحياني عن أبي الدينار الأعرابي : دخلت على فلان ، فإذا الدنانير صوبة بين يديه أي كدس مجتمع مهيلة ؛ ومن رواه : فإذا الدينار ، ذهب بالدينار إلى معنى الجنس ؛ لأن الدينار الواحد لا يكون صوبة . والصوب : لقب رجل من العرب ، وهو أبو قبيلة منهم . وبنو الصوب : قوم من بكر بن وائل . وصوبة : فرس العباس بن مرداس . وصوبة أيضا : فرس لبني سدوس .

التالي السابق


الخدمات العلمية