صفحة جزء
ضعف

ضعف : الضعف : والضعف : خلاف القوة ، وقيل : الضعف ، بالضم ، في الجسد ، والضعف ، بالفتح ، في الرأي والعقل ، وقيل : هما معا جائزان في كل وجه ، وخص الأزهري بذلك أهل البصرة فقال : هما عند أهل البصرة سيان يستعملان معا في ضعف البدن وضعف الرأي . وفي التنزيل : الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا ; قال قتادة : خلقكم من ضعف قال : من النطفة أي من المني ثم جعل من بعد قوة ضعفا ، قال : الهرم ; وروي عن ابن عمر أنه قال : قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - الله الذي خلقكم من ضعف فأقرأني من ضعف ، بالضم ، وقرأ عاصم وحمزة : وعلم أن فيكم ضعفا ، بالفتح ، وقرأ ابن كثير و أبو عمرو ونافع وابن عامر والكسائي بالضم ، وقوله تعالى : وخلق الإنسان ضعيفا ; أي يستميله هواه . والضعف : لغة في الضعف ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


ومن يلق خيرا يغمز الدهر عظمه على ضعف من حاله وفتور

فهذا في الجسم ; وأنشد في الرأي والعقل :


ولا أشارك في رأي أخا ضعف     ولا ألين لمن لا يبتغي ليني

وقد ضعف يضعف ضعفا وضعفا وضعف ، الفتح عن اللحياني ، فهو ضعيف ، والجمع ضعفاء وضعفى وضعاف وضعفة وضعافى ; الأخيرة عن ابن جني ; وأنشد :


ترى الشيوخ الضعافى حول جفنته     وتحتهم من محاني دردق شرعه

ونسوة ضعيفات وضعائف وضعاف ; قال :


لقد زاد الحياة إلي حبا     بناتي ، إنهن من الضعاف

وأضعفه وضعفه : صيره ضعيفا . واستضعفه وتضعفه : وجده ضعيفا فركبه بسوء ; الأخيرة عن ثعلب ; وأنشد :


عليكم بربعي الطعان ، فإنه     أشق على ذي الرثية المتضعف

ربعي الطعان : أوله وأحده . وفي إسلام أبي ذر : لتضعفت رجلا ; أي استضعفته ; قال القتيبي : قد تدخل استفعلت في بعض حروف تفعلت نحو تعظم واستعظم وتكبر واستكبر وتيقن واستيقن وتثبت واستثبت . وفي الحديث : أهل الجنة كل ضعيف متضعف ; قال ابن الأثير : يقال : تضعفته واستضعفته بمعنى للذي يتضعفه الناس ويتجبرون عليه في الدنيا للفقر ورثاثة الحال . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : غلبني أهل الكوفة ، أستعمل عليهم المؤمن فيضعف ، [ ص: 45 ] وأستعمل عليهم القوي فيفجر . وأما الذي ورد في الحديث حديث الجنة : ما لي لا يدخلني إلا الضعفاء ؟ ; قيل : هم الذين يبرئون أنفسهم من الحول والقوة ; والذي في الحديث : اتقوا الله في الضعيفين يعني المرأة والمملوك . والضعفة : ضعف الفؤاد وقلة الفطنة . ورجل مضعوف : به ضعفة . ابن الأعرابي : رجل مضعوف ومهبوت إذا كان في عقله ضعف . ابن بزرج : رجل مضعوف وضعوف وضعيف ، ورجل مغلوب وغلوب ، وبعير معجوف وعجوف وعجيف وأعجف ، وناقة عجوف وعجيف ، وكذلك امرأة ضعوف ، ويقال للرجل الضرير البصر : ضعيف . والمضعف : أحد قداح الميسر التي لا أنصباء لها كأنه ضعف عن أن يكون له نصيب . وقال ابن سيده أيضا : المضعف الثاني من القداح الغفل التي لا فروض لها ولا غرم عليها ، إنما تثقل بها القداح كراهية التهمة ; هذه عن اللحياني ، واشتقه قوم من الضعف وهو الأولى . وشعر ضعيف عليل ، استعمله الأخفش في كتاب القوافي فقال : وإن كانوا قد يلزمون حرف اللين الشعر الضعيف العليل ليكون أتم له وأحسن . وضعف الشيء : مثلاه ، وقال الزجاج : ضعف الشيء مثله الذي يضعفه ، وأضعافه أمثاله . وقوله تعالى : إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ; أي ضعف العذاب حيا وميتا ، يقول : أضعفنا لك العذاب في الدنيا والآخرة ; وقال الأصمعي في قول أبي ذؤيب :


جزيتك ضعف الود ، لما استبنته     وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي

معناه أضعفت لك الود وكان ينبغي أن يقول ضعفي الود . وقوله عز وجل : فآتهم عذابا ضعفا من النار ; أي عذابا مضاعفا; لأن الضعف في كلام العرب على ضربين : أحدهما المثل ، والآخر أن يكون في معنى تضعيف الشيء . قال تعالى : لكل ضعف ; أي للتابع والمتبوع ; لأنهم قد دخلوا في الكفر جميعا ، أي لكل عذاب مضاعف . وقوله تعالى : فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ; قال الزجاج : جزاء الضعف هاهنا عشر حسنات ، تأويله : فأولئك لهم جزاء الضعف الذي قد أعلمناكم مقداره ، وهو قوله عز وجل : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها قال : ويجوز : فأولئك لهم جزاء الضعف أي أن نجازيهم الضعف ، والجمع أضعاف ، لا يكسر على غير ذلك . وأضعف الشيء وضعفه وضاعفه : زاد على أصل الشيء وجعله مثليه أو أكثر ، وهو التضعيف والإضعاف ، والعرب تقول : ضاعفت الشيء وضعفته بمعنى واحد ; ومثله امرأة مناعمة ومنعمة وصاعر المتكبر خده وصعره وعاقدت وعقدت وعاقبت وعقبت . ويقال : ضعف الله تضعيفا أي جعله ضعفا . وقوله تعالى : وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ; أي يضاعف لهم الثواب ; قال الأزهري : معناه الداخلون في التضعيف أي يثابون الضعف الذي قال الله تعالى : أولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ; يعني من تصدق يريد وجه الله جوزي بها صاحبها عشرة أضعافها ، وحقيقته ذوو الأضعاف . وتضاعيف الشيء : ما ضعف منه وليس له واحد ، ونظيره في أنه لا واحد له تباشير الصبح لمقدمات ضيائه ، وتعاشيب الأرض لما يظهر من أعشابها أولا ، وتعاجيب الدهر لما يأتي من عجائبه . وأضعفت الشيء ، فهو مضعوف ، والمضعوف : ما أضعف من شيء ، جاء على غير قياس ; قال لبيد :

وعالين مضعوفا ودرا سموطه جمان ومرجان يشك المفاصلا قال ابن سيده : وإنما هو عندي على طرح الزائد كأنهم جاءوا به على ضعف . وضعف الشيء : أطبق بعضه على بعض وثناه فصار كأنه ضعف ، وقد فسر بيت لبيد بذلك أيضا . وعذاب ضعف : كأنه ضوعف بعضه على بعض . وفي التنزيل : يانساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ، وقرأ أبو عمرو : يضعف ; قال أبو عبيد : معناه يجعل الواحد ثلاثة أي تعذب ثلاثة أعذبة ، وقال : كان عليها أن تعذب مرة فإذا ضوعف ضعفين صار العذاب ثلاثة أعذبة ; قال الأزهري : هذا الذي قاله أبو عبيد هو ما تستعمله الناس في مجاز كلامهم وما يتعارفونه في خطابهم ، قال : وقد قال الشافعي ما يقارب قوله في رجل أوصى فقال : أعطوا فلانا ضعف ما يصيب ولدي ، قال : يعطى مثله مرتين ، قال : ولو قال : ضعفي ما يصيب ولدي نظرت ، فإن أصابه مائة أعطيته ثلاثمائة ، قال : وقال الفراء شبيها بقولهما في قوله تعالى : يرونهم مثليهم رأي العين ، قال : والوصايا يستعمل فيها العرف الذي يتعارفه المخاطب والمخاطب وما يسبق إلى أفهام من شاهد الموصي فيما ذهب وهمه إليه ، قال : كذلك روي عن ابن عباس وغيره ، فأما كتاب الله - عز وجل - فهو عربي مبين يرد تفسيره إلى موضوع كلام العرب الذي هو صيغة ألسنتها ، ولا يستعمل فيه العرف إذا خالفته اللغة ; والضعف في كلام العرب : أصله المثل إلى ما زاد ، وليس بمقصور على مثلين ، فيكون ما قاله أبو عبيد صوابا ، يقال : هذا ضعف هذا أي مثله ، وهذا ضعفاه أي مثلاه ، وجائز في كلام العرب أن تقول هذا ضعفه أي مثلاه وثلاثة أمثاله ; لأن الضعف في الأصل زيادة غير محصورة ، ألا ترى قوله تعالى : فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ؟ لم يرد به مثلا ولا مثلين وإنما أراد بالضعف الأضعاف ، وأولى الأشياء به أن نجعله عشرة أمثاله لقوله سبحانه : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها فأقل الضعف محصور وهو المثل ، وأكثره غير محصور . وفي الحديث : تضعف صلاة الجماعة على صلاة الفذ خمسا وعشرين درجة ; أي تزيد عليها . يقال : ضعف الشيء يضعف إذا زاد وضعفته وأضعفته وضاعفته بمعنى . وقال أبو بكر في قوله تعالى : أولئك لهم جزاء الضعف : المضاعفة ، فألزم الضعف التوحيد ; لأن المصادر ليس سبيلها التثنية والجمع ; وفي حديث أبي الدحداح وشعره :


إلا رجاء الضعف في المعاد

أي مثلي الأجر ; فأما قوله تعالى : يضاعف لها العذاب ضعفين فإن سياق الآية والآية التي بعدها دل على أن المراد من قوله ضعفين مرتان ، ألا تراه يقول بعد ذكر العذاب : ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين ؟ [ ص: 46 ] فإذا جعل الله تعالى لأمهات المؤمنين من الأجر مثلي ما لغيرهن تفضيلا لهن على سائر نساء الأمة فكذلك إذا أتت إحداهن بفاحشة عذبت مثلي ما يعذب غيرها ، ولا يجوز أن تعطى على الطاعة أجرين وتعذب على المعصية ثلاثة أعذبة ; قال الأزهري : وهذا قول حذاق النحويين وقول أهل التفسير ، والعرب تتكلم بالضعف مثنى فيقولون : إن أعطيتني درهما فلك ضعفاه أي مثلاه ، يريدون فلك درهمان عوضا منه ; قال : وربما أفردوا الضعف وهم يريدون معنى الضعفين فقالوا : إن أعطيتني درهما فلك ضعفه ، يريدون مثله ، وإفراده لا بأس به إلا أن التثنية أحسن . ورجل مضعف : ذو أضعاف في الحسنات . وضعف القوم يضعفهم : كثرهم فصار له ولأصحابه الضعف عليهم . وأضعف الرجل : فشت ضيعته وكثرت ، فهو مضعف . وبقرة ضاعف : في بطنها حمل كأنها صارت بولدها مضاعفة . والأضعاف : العظام فوقها لحم ; قال رؤبة :


والله بين القلب والأضعاف

قال أبو عمرو : أضعاف الجسد عظامه ، الواحد ضعف ، ويقال : أضعاف الجسد أعضاؤه . وقولهم : وقع فلان في أضعاف كتابه ; يراد به توقيعه في أثناء السطور أو الحاشية . وأضعف القوم أي ضوعف لهم . وأضعف الرجل : ضعفت دابته . يقال : هو ضعيف مضعف ، فالضعيف في بدنه ، والمضعف الذي دابته ضعيفة كما يقال قوي مقو ، فالقوي في بدنه ، والمقوي الذي دابته قوية . وفي الحديث في غزوة خيبر : من كان مضعفا فليرجع ; أي من كانت دابته ضعيفة . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : المضعف أمير على أصحابه ; يعني في السفر يريد أنهم يسيرون بسيره ، وفي حديث آخر : الضعيف أمير الركب . وضعفه السير أي أضعفه . والتضعيف : أن تنسبه إلى الضعف : والمضاعفة : الدرع التي ضوعف حلقها ونسجت حلقتين حلقتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية