صفحة جزء
ضيف

ضيف : ضفت الرجل ضيفا وضيافة وتضيفته : نزلت به ضيفا وملت إليه ، وقيل : نزلت به وصرت له ضيفا . وضفته وتضيفته : طلبت منه الضيافة ; ومنه قول الفرزدق :


وجدت الثرى فينا إذا التمس الثرى ومن هو يرجو فضله المتضيف



قال ابن بري : وشاهد ضفت الرجل قول القطامي :


تحيز عني خشية أن أضيفها     كما انحازت الأفعى مخافة ضارب



وقد فسر في ترجمة حيز . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : ضافها ضيف فأمرت له بملحفة صفراء ; هو من ضفت الرجل إذا نزلت به في ضيافته ; ومنه حديث النهدي : تضيفت أبا هريرة سبعا . وأضفته وضيفته : أنزلته عليك ضيفا وأملته إليك وقربته ، ولذلك قيل : هو مضاف إلى كذا أي ممال إليه . ويقال : أضاف فلان فلانا فهو يضيفه إضافة إذا ألجأه إلى ذلك . وفي التنزيل العزيز : فأبوا أن يضيفوهما ; وأنشد ثعلب لأسماء بن خارجة الفزاري يصف الذئب :


ورأيت حقا أن أضيفه     إذ رام سلمي واتقى حربي



استعار له التضييف ، وإنما يريد أنه أمنه وسالمه . قال شمر : سمعت رجاء بن سلمة الكوفي يقول : ضيفته إذا أطعمته ، قال : والتضييف الإطعام ، قال : وأضافه إذا لم يطعمه ، وقال رجاء : في قراءة ابن مسعود : فأبوا أن يضيفوهما : يطعموهما . قال أبو الهيثم : أضافه وضيفه عندنا بمعنى واحد كقولك : أكرمه الله وكرمه ، وأضفته وضيفته . قال : وقوله - عز وجل - : فأبوا أن يضيفوهما ، سألاهم الإضافة فلم يفعلوا ، ولو قرئت أن يضيفوهما كان صوابا . وتضيفته : سألته أن يضيفني ، وأتيته ضيفا ; قال الأعشى :


تضيفته يوما ، فأكرم مقعدي     وأصفدني على الزمانة قائدا



وقال الفرزدق :


ومنا خطيب لا يعاب وقائل     ومن هو يرجو فضله المتضيف



ويقال : ضيفته أنزلته منزلة الأضياف . والضيف : المضيف يكون للواحد والجمع كعدل وخصم . وفي التنزيل العزيز : هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ، وفيه : هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ; على أن ضيفا قد يجوز أن يكون هاهنا جمع ضائف الذي هو النازل ، فيكون من باب زور وصوم ، فافهم ، وقد يكسر فيقال أضياف وضيوف وضيفان ; قال :


إذا نزل الأضياف ، كان عذورا     على الحي حتى تستقل مراجله



قال ابن سيده : الأضياف هنا بلفظ القلة ومعناها أيضا ، وليس كقوله :


وأسيافنا من نجدة تقطر الدما



في أن المراد بها معنى الكثرة ، وذلك أمدح لأنه إذا قرى الأضياف بمراجل الحي أجمع ، فما ظنك لو نزل به الضيفان الكثيرون ؟ التهذيب : قوله : هؤلاء ضيفي أي أضيافي ، تقول : هؤلاء ضيفي وأضيافي وضيوفي وضيافي ، والأنثى ضيف وضيفة ، بالهاء ، قال البعيث :


لقى حملته أمه ، وهي ضيفة     فجاءت بيتن للضيافة أرشما



وحرفه أبو عبيد فعزاه إلى جرير ; قال أبو الهيثم : أراد بالضيفة في البيت أنها حملته وهي حائض . يقال : ضافت المرأة إذا حاضت لأنها مالت من الطهر إلى الحيض ، وقيل : معنى قوله : وهي ضيفة أي ضافت قوما فحبلت في غير دار أهلها . واستضافه : طلب إليه الضيافة ; قال أبو خراش :


يطير إذا الشعراء ضافت بحلبه     كما طار قدح المستضيف الموشم



وكان الرجل إذا أراد أن يستضيف دار بقدح موشم ليعلم أنه مستضيف . والضيفن : الذي يتبع الضيف ، مشتق منه عند غير سيبويه ، وجعله سيبويه من ضفن وسيأتي ذكره . الجوهري : الضيفن الذي يجيء مع الضيف ، والنون زائدة ، وهو فعلن وليس بفيعل ; قال الشاعر :


إذا جاء ضيف ، جاء للضيف ضيفن     فأودى بما تقرى الضيوف الضيافن



وضاف إليه : مال ودنا ، وكذلك أضاف ; قال ساعدة بن جؤية يصف سحابا :


حتى أضاف إلى واد ضفادعه     غرقى ردافى ، تراها تشتكي النشجا



وضافني الهم كذلك . والمضاف : الملصق بالقوم الممال إليهم وليس منهم . وكل ما أميل إلى شيء وأسند إليه فقد أضيف ; قال امرؤ القيس :


فلما دخلناه ، أضفنا ظهورنا     إلى كل حاري قشيب مشطب



أي أسندنا ظهورنا إليه وأملناها ; ومنه قيل للدعي : مضاف لأنه مسند إلى قوم ليس منهم . وفي الحديث : ( مضيف ظهره إلى القبة ) ; أي [ ص: 78 ] مسنده . يقال : أضفته إليه أضيفه . والمضاف : الملزق بالقوم . وضافه الهم أي نزل به ; قال الراعي :


أخليد ، إن أباك ضاف وساده     همان ، باتا جنبة ودخيلا



أي بات أحد الهمين جنبه ، وبات الآخر داخل جوفه . وإضافة الاسم إلى الاسم كقولك : غلام زيد ، فالغلام مضاف وزيد مضاف إليه ، والغرض بالإضافة التخصيص والتعريف ، ولهذا لا يجوز أن يضاف الشيء إلى نفسه لأنه لا يعرف نفسه ، فلو عرفها لما احتيج إلى الإضافة . وأضفت الشيء إلى الشيء أي أملته ، والنحويون يسمون الباء حرف الإضافة ، وذلك أنك إذا قلت مررت بزيد فقد أضفت مرورك إلى زيد بالباء . وضافت الشمس تضيف وضيفت وتضيفت : دنت للغروب وقربت . وفي الحديث : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة إذا تضيفت الشمس للغروب ; تضيفت : مالت ، ومنه سمي الضيف ضيفا من ضاف عنه يضيف ; قال ومنه الحديث : ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيها : إذا طلعت الشمس حتى ترتفع ، وإذا تضيفت للغروب ، ونصف النهار . وضاف السهم : عدل عن الهدف أو الرمية ، وفيه لغة أخرى ليست في الحديث : صاف السهم بمعنى ضاف ، والذي جاء في الحديث ضاف ، بالضاد . وفي حديث أبي بكر قال له ابنه : ضفت عنك يوم بدر أي ملت عنك وعدلت ; وقول أبي ذؤيب :


جوارسها تأوي الشعوف دوائبا     وتنصب ألهابا مضيفا كرابها



أراد ضائفا كرابها أي عادلة معوجة فوضع اسم المفعول موضع المصدر . والمضاف : الواقع بين الخيل والأبطال وليست به قوة ; وأما قول الهذلي :


أنت تجيب دعوة المضوف



فإنما استعمل المفعول على حذف الزائد ، كما فعل ذلك في اسم الفاعل نحو قوله :


يخرجن من أجواز ليل غاضي



وبني المضوف على لغة من قال في بيع بوع . والمضاف : الملجأ المحرج المثقل بالشر ; قال البريق الهذلي :


ويحمي المضاف إذا ما دعا     إذا ما دعا اللمة الفيلم



هكذا رواه أبو عبيد بالإطلاق مرفوعا ، ورواه غيره بالإطلاق أيضا مجرورا على الصفة للمة ; قال ابن سيده : وعندي أن الرواية الصحيحة إنما هي الإسكان على أنه من الضرب الرابع من المتقارب لأنك إن أطلقتها فهي مقواة ، كانت مرفوعة أو مجرورة ; ألا ترى أن فيها :


بعثت إذا طلع المرزم



وفيها :


والعبد ذا الخلق الأفقما



وفيها :


وأقضي بصاحبها مغرمي



فإذا سكنت ذلك كله فقلت المرزم الأفقم مغرم ، سلمت القطعة من الإقواء فكان الضرب فل ، فلم يخرج من حكم المتقارب . وأضفته إلى كذا أي ألجأته ; ومنه المضاف في الحرب وهو الذي أحيط به ; قال طرفة :


وكري إذا نادى المضاف محنبا     كسيد الغضا ، نبهته ، المتورد



قال ابن بري : والمستضاف أيضا بمعنى المضاف ; قال جواس بن حيان الأزدي :


ولقد أقدم في الرو     ع ، وأحمي المستضافا
ثم قد يحمدني الضي     ف ، إذا ذم الضيافا



واستضاف من فلان إلى فلان : لجأ إليه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


ومارسني الشيب عن لمتي     فأصبحت عن حقه مستضيفا



وأضاف من الأمر : أشفق وحذر ; قال النابغة الجعدي :


أقامت ثلاثا بين يوم وليلة     وكان النكير أن تضيف وتجأرا



وإنما غلب التأنيث لأنه لم يذكر الأيام . يقال : أقمت عنده ثلاثا بين يوم وليلة ، غلبوا التأنيث . والمضوفة : الأمر يشفق منه ويخاف ; قال أبو جندب الهذلي :


وكنت إذا جاري دعا لمضوفة     أشمر حتى ينصف الساق مئزري



يعني الأمر يشفق منه الرجل ; قال أبو سعيد : وهذا البيت يروى على ثلاثة أوجه : على المضوفة ، والمضيفة ، والمضافة ; وقيل : ضاف الرجل وأضاف خاف . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : أن ابن الكواء ، وقيس بن عباد جاآه فقالا له : أتيناك مضافين مثقلين ; مضافين أي خائفين ، وقيل : مضافين ملجأين . يقال : أضاف من الأمر إذا أشفق وحذر من إضافة الشيء إلى الشيء إذا ضمه إليه . يقال : أضاف من الأمر وضاف إذا خافه وأشفق منه . والمضوفة : الأمر الذي يحذر منه ويخاف ، ووجهه أن تجعل المضاف مصدرا بمعنى الإضافة كالمكرم بمعنى الإكرام ، ثم تصف بالمصدر ، وإلا فالخائف مضيف لا مضاف . وفلان في ضيف فلان أي في ناحيته . والضيف : جانبا الجبل والوادي ، وفي التهذيب : الضيف جانب الوادي ; واستعار بعض الأغفال الضيف للذكر فقال :


حتى إذا وركت من أتير     سواد ضيفيه إلى القصير



وتضايف الوادي : تضايق . أبو زيد : الضيف ، بالكسر ، الجنب ; قال :


يتبعن عودا يشتكي الأظلا [ ص: 79 ]     إذا تضايفن عليه انسلا



يعني إذا صرن منه قريبا إلى جنبه ، والقاف فيه تصحيف . وتضايفه القوم إذا صاروا بضيفيه . وفي الحديث : أن العدو يوم حنين كمنوا في أحناء الوادي ومضايفه . والضيف : جانب الوادي . وناقة تضيف إلى صوت الفحل أي إذا سمعته أرادت أن تأتيه ; قال البريق الهذلي :


من المدعين إذا نوكروا     تضيف إلى صوته الغيلم



الغيلم : الجارية الحسناء تستأنس إلى صوته ; ورواية أبي عبيد :


تنيف إلى صوته الغيلم



التالي السابق


الخدمات العلمية