صفحة جزء
طبع

طبع : الطبع والطبيعة : الخليقة والسجية التي جبل عليها الإنسان . والطباع : كالطبيعة ، مؤنثة ; وقال أبو القاسم الزجاجي : الطباع واحد مذكر كالنحاس والنجار ، قال الأزهري : ويجمع طبع الإنسان طباعا وهو ما طبع عليه من طباع الإنسان في مأكله ومشربه وسهولة أخلاقه وحزونتها وعسرها ويسرها وشدته ورخاوته وبخله وسخائه . والطباع : واحد طباع الإنسان ، على فعال مثل مثال ، اسم للقالب وغرار مثله ; قال ابن الأعرابي : الطبع المثال . يقال : اضربه على طبع هذا وعلى غراره وصيغته وهديته أي على قدره . وحكى [ ص: 87 ] اللحياني : له طابع حسن ، بكسر الباء ، أي طبيعة ; وأنشد :


له طابع يجري عليه ، وإنما تفاضل ما بين الرجال الطبائع



وطبعه الله على الأمر يطبعه طبعا : فطره . وطبع الله الخلق على الطبائع التي خلقها فأنشأهم عليها وهي خلائقهم يطبعهم طبعا : خلقهم ، وهي طبيعته التي طبع عليها وطبعها والتي طبع ; عن اللحياني لم يزد على ذلك ، أراد التي طبع صاحبها عليها . وفي الحديث : ( كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب ) ; أي يخلق عليها . والطباع : ما ركب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا يكاد يزاولها من الخير والشر . والطبع : ابتداء صنعة الشيء ، تقول : طبعت اللبن طبعا ، وطبع الدرهم والسيف وغيرهما يطبعه طبعا : صاغه . والطباع : الذي يأخذ الحديدة المستطيلة فيطبع منها سيفا أو سكينا أو سنانا أو نحو ذلك ، وصنعته الطباعة ، وطبعت من الطين جرة : عملت ، والطباع : الذي يعملها . والطبع : الختم وهو التأثير في الطين ونحوه . وفي نوادر الأعرابي : يقال قذذت قفا الغلام إذا ضربته بأطراف الأصابع ، فإذا مكنت اليد من القفا قلت : طبعت قفاه ، وطبع الشيء وعليه يطبع طبعا : ختم . والطابع والطابع ، بالفتح والكسر : الخاتم الذي يختم به ; الأخيرة عن اللحياني وأبي حنيفة . والطابع والطابع : ميسم الفرائض . يقال : طبع الشاة . وطبع الله على قلبه : ختم ، على المثل . ويقال : طبع الله على قلوب الكافرين - نعوذ بالله منه - أي ختم فلا يعي وغطى ولا يوفق لخير . وقال أبو إسحاق النحوي : معنى طبع في اللغة وختم واحد ، وهو التغطية على الشيء والاستيثاق من أن يدخله شيء كما قال الله تعالى : أم على قلوب أقفالها ، وقال عز وجل : كلا بل ران على قلوبهم ; معناه غطى على قلوبهم ، وكذلك طبع الله على قلوبهم ; قال ابن الأثير : كانوا يرون أن الطبع هو الرين ، قال مجاهد : الرين أيسر من الطبع ، والطبع أيسر من الإقفال ، والإقفال أشد من ذلك كله ، هذا تفسير الطبع ، بإسكان الباء ، وأما طبع القلب ، بتحريك الباء ، فهو تلطيخه بالأدناس ، وأصل الطبع الصدأ يكثر على السيف وغيره . وفي الحديث : ( من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه ) ; أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه ; الطبع ، بالسكون : الختم ، وبالتحريك : الدنس ، وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السيف ، ثم استعير فيما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح . وفي حديث الدعاء : ( اختمه بآمين فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة ) ; الطابع ، بالفتح : الخاتم ، يريد أنه يختم عليها وترفع كما يفعل الإنسان بما يعز عليه . وطبع الإناء والسقاء يطبعه طبعا وطبعه تطبيعا فتطبع : ملأه . وطبعه : ملؤه . والطبع : ملؤك السقاء حتى لا مزيد فيه من شدة ملئه . قال : ولا يقال للمصدر : طبع لأن فعله لا يخفف كما يخفف فعل ملأت . وتطبع النهر بالماء : فاض به من جوانبه وتدفق . والطبع ، بالكسر : النهر ، وجمعه أطباع ، وقيل : هو اسم نهر بعينه ; قال لبيد :


فتولوا فاترا مشيهم     كروايا الطبع همت بالوحل



وقيل : الطبع هنا الملء ، وقيل : الطبع هنا الماء الذي طبعت به الراوية أي ملئت . قال الأزهري : ولم يعرف الليث الطبع في بيت لبيد فتحير فيه ، فمرة جعله الملء ، وهو ما أخذ الإناء من الماء ، ومرة جعله الماء ، قال : وهو في المعنيين غير مصيب . والطبع في بيت لبيد النهر ، وهو ما قاله الأصمعي ، وسمي النهر طبعا لأن الناس ابتدءوا حفره ، وهو بمعنى المفعول كالقطف بمعنى المقطوف ، والنكث بمعنى المنكوث من الصوف ، وأما الأنهار التي شقها الله تعالى في الأرض شقا مثل دجلة والفرات والنيل وما أشبهها فإنها لا تسمى طبوعا ، إنما الطبوع الأنهار التي أحدثها بنو آدم واحتفروها لمرافقهم ; قال : وقول لبيد : همت بالوحل ، يدل على ما قاله الأصمعي ; لأن الروايا إذا وقرت المزايد مملوءة ماء ثم خاضت أنهارا فيها وحل عسر عليها المشي فيها والخروج منها ، وربما ارتطمت فيها ارتطاما إذا كثر فيها الوحل ، فشبه لبيد القوم الذين حاجوه عند النعمان بن المنذر فأدحض حجتهم حتى زلقوا فلم يتكلموا ، بروايا مثقلة خاضت أنهارا ذات وحل فتساقطت فيها ، والله أعلم . قال الأزهري : ويجمع الطبع بمعنى النهر على الطبوع ، سمعته من العرب . وفي الحديث : ( ألقى الشبكة فطبعها سمكا ) ; أي ملأها . والطبع أيضا : مغيض الماء وكأنه ضد ، وجمع ذلك كله أطباع وطباع . وناقة مطبعة ومطبعة : مثقلة بحملها على المثل كالماء ; قال عويف القوافي :


عمدا تسديناك وانشجرت بنا     طوال الهوادي مطبعات من الوقر



قال الأزهري : والمطبع الملآن ; عن أبي عبيدة ; قال : وأنشد غيره :


أين الشظاظان وأين المربعه ؟     وأين وسق الناقة المطبعه ؟



ويروى الجلنفعه . وقال : المطبعة المثقلة . قال الأزهري : وتكون المطبعة الناقة التي ملئت لحما وشحما فتوثق خلقها . وقرية مطبعة طعاما : مملوءة ; قال أبو ذؤيب :

فقيل :

تحمل فوق طوقك إنها     مطبعة ، من يأتها لا يضيرها



وطبع السيف وغيره طبعا ، فهو طبع : صدئ ; قال جرير :


وإذا هززت قطعت كل ضريبة     وخرجت لا طبعا ولا مبهورا



قال ابن بري : هذا البيت شاهد الطبع الكسل . وطبع الثوب طبعا : اتسخ . ورجل طبع : طمع متدنس العرض ذو خلق دنيء لا يستحيي من سوأة . وفي حديث عمر بن عبد العزيز : ( لا يتزوج من الموالي في العرب إلا الأشر البطر ، ولا من العرب في الموالي إلا الطمع الطبع ) ; وقد طبع طبعا ; قال ثابت بن قطنة :


لا خير في طمع يدني إلى طبع     وغفة من قوام العيش تكفيني



[ ص: 88 ] قال شمر : طبع إذا دنس ، وطبع وطبع إذا دنس وعيب ; قال : وأنشدتنا أم سالم الكلابية :


ويحمدها الجيران والأهل كلهم     وتبغض أيضا عن تسب فتطبعا



قال : ضمت التاء وفتحت الباء وقالت : الطبع الشين فهي تبغض أن تطبع أي تشان ; وقال ابن الطثرية :


وعن تخلطي في طيب الشرب بيننا     من الكدر المأبي ، شربا مطبعا



أراد أن تخلطي ، وهي لغة تميم . والمطبع : الذي نجس ، والمأبي : الماء الذي تأبى الإبل شربه . وما أدري من أين طبع أي طلع . وطبع : بمعنى كسل . وذكر عمرو بن بحر الطبوع في ذوات السموم من الدواب ، سمعت رجلا من أهل مصر يقول : هو من جنس القردان إلا أن لعضته ألما شديدا ، وربما ورم معضوضه ، ويعلل بالأشياء الحلوة . قال الأزهري : هو النبر عند العرب ; وأنشد الأصمعي وغيره أرجوزة نسبها ابن بري للفقعسي ، قال : ويقال إنها لحكيم ابن معية الربعي :

إنا إذا قلت طخارير القزع     وصدر الشارب منها عن جرع
نفحلها البيض القليلات الطبع     من كل عراض ، إذا هز اهتزع
مثل قدامى النسر ما مس بضع     يئولها ترعية غير ورع
ليس بفان كبرا ولا ضرع     ترى برجليه شقوقا في كلع
من بارئ حيص ودام منسلع



وفي الحديث : ( نعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع ) ; أي يؤدي إلى شين وعيب ; قال أبو عبيد : الطبع الدنس والعيب ، بالتحريك . وكل شين في دين أو دنيا فهو طبع . وأما الذي في حديث الحسن : وسئل عن قوله تعالى : لها طلع نضيد ، فقال : ( هو الطبيع في كفراه ) ; الطبيع ، بوزن القنديل : لب الطلع ، وكفراه وكافوره : وعاؤه .

التالي السابق


الخدمات العلمية