صفحة جزء
طلع

طلع : طلعت الشمس والقمر والفجر والنجوم تطلع طلوعا ومطلعا ومطلعا ; فهي طالعة ، وهو أحد ما جاء من مصادر فعل يفعل على مفعل ، ومطلعا ، بالفتح ، لغة ، وهو القياس ، والكسر الأشهر . والمطلع : الموضع الذي تطلع عليه الشمس ; وهو قوله عز وجل : حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم ، وأما قوله عز وجل : هي حتى مطلع الفجر ، فإن الكسائي قرأها بكسر اللام ، وكذلك روى عبيد عن أبي عمرو بكسر اللام ، وعبيد أحد الرواة عن أبي عمرو ، وقال ابن كثير ونافع وابن عامر واليزيدي عن أبي عمرو وعاصم وحمزة : هي حتى مطلع الفجر ، بفتح اللام ، قال الفراء : وأكثر القراء على مطلع ، قال : وهو أقوى في قياس العربية ، لأن المطلع بالفتح ; هو الطلوع ، والمطلع بالكسر هو الموضع الذي تطلع منه ; إلا أن العرب تقول طلعت الشمس مطلعا ، فيكسرون ، وهم يريدون المصدر ، وقال : إذا كان الحرف من باب فعل يفعل ، مثل دخل يدخل ، وخرج يخرج ، وما أشبهها ، آثرت العرب في الاسم منه ، والمصدر فتح العين ، إلا أحرفا من الأسماء ، ألزموها كسر العين في مفعل ، من ذلك : المسجد والمطلع والمغرب والمشرق والمسقط والمرفق والمفرق والمجزر والمسكن والمنسك والمنبت ، فجعلوا الكسر علامة للاسم ، والفتح علامة للمصدر ، قال الأزهري : والعرب تضع الأسماء مواضع المصادر ، ولذلك قرأ من قرأ : هي حتى مطلع الفجر ؛ لأنه ذهب بالمطلع ، وإن كان اسما إلى الطلوع ، مثل المطلع ، وهذا قول الكسائي والفراء ، وقال بعض البصريين : من قرأ مطلع الفجر بكسر اللام ، فهو اسم لوقت الطلوع ، قال ذلك الزجاج ؛ قال الأزهري : وأحسبه قول سيبويه .

والمطلع والمطلع أيضا : موضع طلوعها . ويقال : اطلعت الفجر اطلاعا ، أي نظرت إليه حين طلع ، وقال :


نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر



وآتيك كل يوم طلعته الشمس أي طلعت فيه . وفي الدعاء : طلعت الشمس ولا تطلع بنفس أحد منا ، عن اللحياني ; أي لا مات واحد منا مع طلوعها ، أراد : ولا طلعت ، فوضع الآتي منها موضع الماضي ، وأطلع لغة في ذلك ، قال رؤبة :


كأنه كوكب غيم أطلعا

. وطلاع الأرض : ما طلعت عليه الشمس . وطلاع الشيء : ملؤه ; ومنه حديث عمر - رحمه الله تعالى - أنه قال عند موته : لو أن لي طلاع الأرض ذهبا ، قيل : طلاع الأرض ملؤها ، حتى يطالع أعلاه أعلاها فيساويه . وفي الحديث : جاءه رجل به بذاذة تعلو عنه العين ، فقال : هذا خير من طلاع الأرض ذهبا ، أي ما يملؤها حتى يطلع عنها ويسيل ; ومنه قول أوس بن حجر يصف قوسا وغلظ معجسها وأنه يملأ الكف :


كتوم طلاع الكف لا دون ملئها     ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا



الكتوم : القوس التي لا صدع فيها ولا عيب . وقال الليث : طلاع الأرض في قول عمر ما طلعت عليه الشمس من الأرض ، والقول الأول ، وهو قول أبي عبيد . وطلع فلان علينا من بعيد وطلعته : رؤيته . يقال : حيا الله طلعتك . وطلع الرجل على القوم ، يطلع وتطلع طلوعا وأطلع : هجم ، الأخيرة عن سيبويه . وطلع عليهم : أتاهم . وطلع عليهم : غاب وهو من الأضداد . وطلع عنهم : غاب أيضا عنهم . وطلعة الرجل : شخصه وما طلع منه . وتطلعه : نظر إلى طلعته نظر حب أو بغضة أو غيرهما . وفي الخبر عن بعضهم : أنه كانت تطلعه العين صورة . وطلع الجبل بالكسر ، وطلعه يطلعه طلوعا : رقيه وعلاه . وفي حديث السحور : لا يهيدنكم الطالع يعني الفجر الكاذب . وطلعت سن الصبي : بدت شباتها . وكل باد من علو طالع . وفي الحديث : هذا بسر قد طلع اليمن ; أي قصدها من نجد . وأطلع رأسه ; إذا أشرف على شيء ، وكذلك اطلع وأطلع غيره واطلعه ، والاسم الطلاع . وأطلعت على باطن أمره ، وهو افتعلت ، وأطلعه على الأمر : أعلمه به ، والاسم الطلع . وفي حديث ابن ذي يزن : قال لعبد المطلب : أطلعتك طلعه ، أي أعلمتكه ، الطلع بالكسر : اسم من اطلع على الشيء إذا علمه . وطلع على الأمر يطلع طلوعا ، واطلع عليهم اطلاعا ، واطلعه وتطلعه : علمه وطالعه إياه فنظر ما عنده ، قال قيس بن ذريح :


كأنك بدع لم تر الناس قبلها     ولم يطلعك الدهر فيمن يطالع

، وقوله تعالى : هل أنتم مطلعون فاطلع ، القراء كلهم على هذه القراءة ، إلا ما رواه حسين الجعفي عن أبي عمرو أنه قرأ : هل أنتم مطلعون ساكنة الطاء مكسورة النون ، فأطلع بضم الألف وكسر اللام على فأفعل ، قال الأزهري : وكسر النون في مطلعون شاذ عند النحويين أجمعين ، ووجهه ضعيف ، ووجه الكلام على هذا المعنى ، هل أنتم مطلعي ، وهل أنتم مطلعوه بلا نون ، كقولك هل أنتم آمروه وآمري ; وأما قول الشاعر :


هم القائلون الخير والآمرونه     إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما



فوجه الكلام والآمرون به ، وهذا من شواذ اللغات ، والقراءة الجيدة الفصيحة : هل أنتم مطلعون فاطلع ، ومعناها هل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار ، فاطلع المسلم فرأى قرينه في سواء الجحيم ، أي في وسط الجحيم ، وقرأ قارئ : هل أنتم مطلعون بفتح النون ، فأطلع فهي جائزة في العربية ، وهي بمعنى هل أنتم طالعون ومطلعون ، يقال : طلعت عليهم واطلعت وأطلعت بمعنى واحد . واستطلع رأيه : نظر ما هو . وطالعت الشيء ، أي اطلعت عليه ، وطالعه بكتبه وتطلعت إلى ورود كتابك . والطلعة : الرؤية . وأطلعتك على سري ، وقد أطلعت من فوق الجبل ، واطلعت بمعنى واحد ، وطلعت في الجبل أطلع طلوعا ; إذا أدبرت فيه ، حتى لا يراك [ ص: 134 ] صاحبك . وطلعت عن صاحبي طلوعا ; إذا أدبرت عنه . وطلعت عن صاحبي ، إذا أقبلت عليه ، قال الأزهري : هذا كلام العرب . وقال أبو زيد في باب الأضداد : طلعت على القوم أطلع طلوعا ; إذا غبت عنهم حتى لا يروك ، وطلعت عليهم إذا أقبلت عليهم حتى يروك . قال ابن السكيت : طلعت على القوم إذا غبت عنهم صحيح ، جعل على فيه بمعنى عن ، كما قال الله عز وجل : ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس ، معناه عن الناس ومن الناس ، قال : وكذلك قال أهل اللغة أجمعون . وأطلع الرامي أي جاز سهمه من فوق الغرض . وفي حديث كسرى : أنه كان يسجد للطالع ، هو من السهام الذي يجاوز الهدف ويعلوه ; قال الأزهري : الطالع من السهام الذي يقع وراء الهدف ويعدل بالمقرطس ; قال المرار :


لها أسهم لا قاصرات عن الحشى     ولا شاخصات ، عن فؤادي طوالع



أخبر أن سهامها تصيب فؤاده وليست بالتي تقصر دونه أو تجاوزه فتخطئه ، ومعنى قوله : إنه كان يسجد للطالع أي أنه كان يخفض رأسه إذا شخص سهمه فارتفع عن الرمية وكان يطأطئ رأسه ليقوم السهم فيصيب الهدف . والطليعة : القوم يبعثون لمطالعة خبر العدو ، والواحد والجمع فيه سواء . وطليعة الجيش : الذي يطلع من الجيش ، يبعث ليطلع طلع العدو ، فهو الطلع بالكسر ، الاسم من الاطلاع . تقول منه : اطلع طلع العدو . وفي الحديث : أنه كان إذا غزا بعث بين يديه طلائع ، وهم القوم الذين يبعثون ليطلعوا طلع العدو كالجواسيس ، واحدهم طليعة ، وقد تطلق على الجماعة ، والطلائع : الجماعات ، قال الأزهري : وكذلك الربيئة والشيفة والبغية بمعنى الطليعة ، كل لفظة منها تصلح للواحد والجماعة . وامرأة طلعة : تكثر التطلع . يقال : امرأة طلعة قبعة ، تطلع تنظر ساعة ثم تختبئ . وقول الزبرقان بن بدر : إن أبغض كنائني إلي الطلعة الخبأة ; أي التي تطلع كثيرا ثم تختبئ . ونفس طلعة : شهية متطلعة ، على المثل ، وكذلك الجمع ، وحكى المبرد أن الأصمعي أنشد في الإفراد :


وما تمنيت من مال ولا عمر     إلا بما سر نفس الحاسد الطلعه

وفي كلام الحسن : إن هذه النفوس طلعة فاقدعوها بالمواعظ وإلا نزعت إلى شر غاية ، الطلعة ، بضم الطاء وفتح اللام : الكثيرة التطلع إلى شيء أي أنها كثيرة الميل إلى هواها تشتهيه حتى تهلك صاحبها ، وبعضهم يرويه بفتح الطاء وكسر اللام ، وهو بمعناه ، والمعروف الأول . ورجل طلاع أنجد : غالب للأمور ; قال :


وقد يقصر القل الفتى دون همه     وقد كان ، لولا القل ، طلاع أنجد



وفلان طلاع الثنايا وطلاع أنجد إذا كان يعلو الأمور فيقهرها بمعرفته وتجاربه وجودة رأيه ، والأنجد : جمع النجد وهو الطريق في الجبل ، وكذلك الثنية . ومن أمثال العرب : هذه يمين قد طلعت في المخارم ، وهي اليمين التي تجعل لصاحبها مخرجا ، ومنه قول جرير :


ولا خير في مال عليه إلية     ولا في يمين غير ذات مخارم



والمخارم : الطرق في الجبال واحدها مخرم . وتطلع الرجل : غلبه وأدركه ; وأنشد ثعلب :

وأحفظ جاري أن أخالط عرسه ، ومولاي بالنكراء لا أتطلع

قال ابن بري : ويقال تطالعته إذا طرقته ووافيته ، وقال :


تطالعني خيالات لسلمى     كما يتطالع الدين الغريم



وقال : كذا أنشده أبو علي . وقال غيره : إنما هو يتطلع لأن تفاعل لا يتعدى في الأكثر ، فعلى قول أبي علي يكون مثل تخاطأت النبل أحشاءه ، ومثل تفاوضنا الحديث وتعاطينا الكأس وتباثثنا الأسرار وتناسينا الأمر وتناشدنا الأشعار ، قال : ويقال أطلعت الثريا بمعنى طلعت ، قال الكميت :


كأن الثريا أطلعت في عشائها     بوجه فتاة الحي ذات المجاسد

والطلع من الأرضين : كل مطمئن في كل ربو إذا طلعت رأيت ما فيه ، ومن ثم يقال : أطلعني طلع أمرك . وطلع الأكمة : ما إذا علوته منها رأيت ما حولها . ونخلة مطلعة : مشرفة على ما حولها طالت النخيل وكانت أطول من سائرها . والطلع : نور النخلة ما دام في الكافور ، الواحدة طلعة . وطلع النخل طلوعا وأطلع وطلع : أخرج طلعه . وأطلع النخل الطلع إطلاعا وطلع الطلع يطلع طلوعا ، وطلعه : كفراه قبل أن ينشق عن الغريض ، والغريض يسمى طلعا أيضا . وحكى ابن الأعرابي عن المفضل الضبي أنه قال : ثلاثة تؤكل فلا تسمن : وذلك الجمار والطلع والكمأة ، أراد بالطلع الغريض الذي ينشق عنه الكافور ، وهو أول ما يرى من عذق النخلة . وأطلع الشجر : أورق . وأطلع الزرع : بدا ، وفي التهذيب : طلع الزرع إذا بدأ يطلع وظهر نباته . والطلعاء مثال الغلواء : القيء ، وقال ابن الأعرابي : الطولع الطلعاء وهو القيء . وأطلع الرجل إطلاعا : قاء . وقوس طلاع الكف : يملأ عجسها الكف ، وقد تقدم بيت أوس بن حجر :

كتوم طلاع الكف . .

. وهذا طلاع هذا أي قدره . وما يسرني به طلاع الأرض ذهبا ، ومنه قول الحسن : لأن أعلم أني بريء من النفاق أحب إلي من طلاع الأرض ذهبا . وهو بطلع الوادي وطلع الوادي ، بالفتح والكسر ، أي ناحيته ، أجري مجرى وزن الجبل . قال الأزهري : نظرت طلع الوادي ، وطلع الوادي بغير الباء ، وكذا الاطلاع النجاة ، عن كراع . وأطلعت السماء بمعنى أقلعت . والمطلع : المأتى . ويقال : ما لهذا الأمر مطلع ولا مطلع أي ما له وجه ولا مأتى يؤتى إليه . ويقال : أين مطلع هذا الأمر أي مأتاه ، وهو موضع الاطلاع من إشراف إلى انحدار ، وفي حديث عمر أنه قال عند موته : لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع ، يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب [ ص: 135 ] الموت شبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال . قال الأصمعي : وقد يكون المطلع المصعد من أسفل إلى المكان المشرف ، قال : وهو من الأضداد . وفي الحديث في ذكر القرآن : لكل حرف حد ولكل حد مطلع أي لكل حد مصعد يصعد إليه من معرفة علمه . والمطلع : مكان الاطلاع من موضع عال . يقال : مطلع هذا الجبل من مكان كذا أي مأتاه ومصعده ; وأنشد أبو زيد :


ما سد من مطلع ضاقت ثنيته     إلا وجدت سواء الضيق مطلعا

وقيل : معناه أن لكل حد منتهكا ينتهكه مرتكبه ; أي أن الله لم يحرم حرمة إلا علم أن سيطلعها مستطلع ، قال : ويجوز أن يكون لكل حد مطلع ، بوزن مصعد ومعناه ، وأنشد ابن بري لجرير :


إني إذا مضر علي تحدبت     لاقيت مطلع الجبال وعورا



قال الليث : والطلاع هو الاطلاع نفسه ، في قول حميد بن ثور :


فكان طلاعا من خصاص ورقبة     بأعين أعداء وطرفا مقسما

قال الأزهري : وكان طلاعا أي مطالعة . يقال : طالعته طلاعا ومطالعة ، قال : وهو أحسن من أن تجعله اطلاعا ؛ لأنه القياس في العربية . وقول الله عز وجل : نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، قال الفراء : يبلغ ألمها الأفئدة ، قال : والاطلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد ، والعرب تقول : متى طلعت أرضنا أي متى بلغت أرضنا ، وقوله : تطلع على الأفئدة ، توفي عليها فتحرقها من اطلعت إذا أشرفت ، قال الأزهري : وقول الفراء أحب إلي ، قال : وإليه ذهب الزجاج . ويقال : عافى الله رجلا لم يتطلع في فيك ; أي لم يتعقب كلامك . أبو عمرو : من أسماء الحية الطلع والطل . وأطلعت إليه معروفا : مثل أزللت . ويقال : أطلعني فلان ، وأرهقني ، وأذلقني ، وأقحمني ، أي أعجلني . وطويلع : ماء لبني تميم بالشاجنة ناحية الصمان ، قال الأزهري : طويلع ركية عادية بناحية الشواجن عذبة الماء قريبة الرشاء ، قال ضمرة بن ضمرة :


وأي فتى ودعت يوم طويلع     عشية سلمنا عليه وسلما !
فيا جازي الفتيان بالنعم اجزه     بنعماه نعمى واعف إن كان مجرما



التالي السابق


الخدمات العلمية