صفحة جزء
طهر

طهر : الطهر : نقيض الحيض . والطهر : نقيض النجاسة ، والجمع أطهار . وقد طهر يطهر وطهر طهرا وطهارة ، المصدران عن سيبويه ، وفي الصحاح : طهر وطهر ، بالضم ، طهارة فيهما ، وطهرته أنا تطهيرا وتطهرت بالماء ، ورجل طاهر وطهر ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


أضعت المال للأحساب حتى خرجت مبرأ طهر الثياب



قال ابن جني : جاء طاهر على طهر كما جاء شاعر على شعر ، ثم استغنوا بفاعل عن فعيل ، وهو في أنفسهم وعلى بال من تصورهم ، يدلك على ذلك تكسيرهم شاعرا على شعراء ، لما كان فاعل هنا واقعا موقع فعيل ; كسر تكسيره ، ليكون ذلك أمارة ودليلا على إرادته ، وأنه مغن عنه وبدل منه ; قال ابن سيده : قال أبو الحسن : ليس كما ذكر ؛ لأن طهيرا قد جاء في شعر أبي ذؤيب ; قال :


فإن بني لحيان إما ذكرتهم     نثاهم ، إذا أخنى اللئام طهير

قال : كذا رواه الأصمعي بالطاء ويروى " ظهير " بالظاء المعجمة ، وسيذكر في موضعه ، وجمع الطاهر أطهار وطهارى ، الأخيرة نادرة ، وثياب طهارى على غير قياس ، كأنهم جمعوا طهران ، قال امرؤ القيس :

[ ص: 152 ]

ثياب بني عوف طهارى نقية     وأوجههم ، عند المشاهد ، غران



وجمع الطهر طهرون ولا يكسر . والطهر : نقيض الحيض ، والمرأة طاهر من الحيض وطاهرة من النجاسة ومن العيوب ، ورجل طاهر ورجال طاهرون ونساء طاهرات . ابن سيده : طهرت المرأة وطهرت وطهرت اغتسلت من الحيض وغيره ، والفتح أكثر عند ثعلب ، واسم أيام طهرها الأطهار . . . وطهرت المرأة ، وهي طاهر : انقطع عنها الدم ورأت الطهر ، فإذا اغتسلت قيل : تطهرت واطهرت ، قال الله عز وجل : وإن كنتم جنبا فاطهروا ، . وروى الأزهري عن أبي العباس أنه قال : في قوله عز وجل : ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، وقرئ : حتى يطهرن ، قال أبو العباس : والقراءة يطهرن ; لأن من قرأ يطهرن ، أراد انقطاع الدم ; فإذا تطهرن اغتسلن ; فصير معناهما مختلفا ، والوجه أن تكون الكلمتان بمعنى واحد ، يريد بها جميعا الغسل ، ولا يحل المسيس إلا بالاغتسال ، ويصدق ذلك قراءة ابن مسعود : حتى يتطهرن ; قال ابن الأعرابي : طهرت المرأة هو الكلام ، قال : ويجوز طهرت ; فإذا تطهرن اغتسلن ، وقد تطهرت المرأة واطهرت ; فإذا انقطع عنها الدم قيل : طهرت تطهر ، فهي طاهر ، بلا هاء ، وذلك إذا طهرت من المحيض . وأما قوله تعالى : فيه رجال يحبون أن يتطهروا ، فإن معناه الاستنجاء بالماء ، نزلت في الأنصار ، وكانوا إذا أحدثوا أتبعوا الحجارة بالماء ; فأثنى الله تعالى عليهم بذلك . وقوله عز وجل : هن أطهر لكم ، أي أحل لكم . وقوله تعالى : ولهم فيها أزواج مطهرة ، يعني من الحيض والبول والغائط ; قال أبو إسحاق : معناه أنهن لا يحتجن إلى ما يحتاج إليه نساء أهل الدنيا بعد الأكل والشرب ، ولا يحضن ولا يحتجن إلى ما يتطهر به ، وهن مع ذلك طاهرات طهارة الأخلاق والعفة ، فمطهرة تجمع الطهارة كلها ; لأن مطهرة أبلغ في الكلام من طاهرة . وقوله عز وجل : أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين ، قال أبو إسحاق : معناه طهراه من تعليق الأصنام عليه ، الأزهري في قوله تعالى : أن طهرا بيتي ، يعني من المعاصي والأفعال المحرمة . وقوله تعالى : يتلو صحفا مطهرة ، من الأدناس والباطل . واستعمل اللحياني الطهر في الشاة ، فقال : إن الشاة تقذى عشرا ثم تطهر ; قال ابن سيده : وهذا طريف جدا ، لا أدري عن العرب حكاه أم هو أقدم عليه ، وتطهرت المرأة : اغتسلت . وطهره بالماء : غسله واسم الماء الطهور . وكل ماء نظيف : طهور ، وماء طهور ; أي يتطهر به ، وكل طهور طاهر ، وليس كل طاهر طهورا ، قال الأزهري : وكل ما قيل في قوله عز وجل : وأنزلنا من السماء ماء طهورا ، فإن الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر ; لأنه لا يكون طهورا إلا وهو يتطهر به ، كالوضوء هو الماء الذي يتوضأ به ، والنشوق ما يستنشق به ، والفطور ما يفطر عليه من شراب أو طعام . وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ماء البحر ، فقال : هو الطهور ، ماؤه الحل ميتته ; أي المطهر ، أراد أنه طاهر يطهر . وقال الشافعي - رضي الله عنه - : كل ماء خلقه الله نازلا من السماء ، أو نابعا من عين في الأرض ، أو بحر لا صنعة فيه لآدمي غير الاستقاء ، ولم يغير لونه شيء يخالطه ; ولم يتغير طعمه منه فهو طهور . كما قال الله عز وجل ، وما عدا ذلك من ماء ورد أو ورق شجر أو ماء يسيل من كرم فإنه وإن كان طاهرا فليس بطهور . وفي الحديث : لا يقبل الله صلاة بغير طهور ، قال ابن الأثير : الطهور ، بالضم ، التطهر ، وبالفتح : الماء الذي يتطهر به كالوضوء والوضوء والسحور والسحور ، وقال سيبويه : الطهور ، بالفتح ، يقع على الماء والمصدر معا ، قال : فعلى هذا يجوز أن يكون الحديث بفتح الطاء وضمها ، والمراد بهما التطهر . والماء الطهور ، بالفتح ، هو الذي يرفع الحدث ويزيل النجس ; لأن فعولا من أبنية المبالغة ، فكأنه تناهى في الطهارة . والماء الطاهر ، كالمستعمل في الوضوء والغسل . والمطهرة : الإناء الذي يتوضأ به ، ويتطهر به . والمطهرة : الإداوة على التشبيه بذلك ، والجمع المطاهر ، قال الكميت يصف القطا :


يحملن قدام الجآجي     في أساق كالمطاهر



وكل إناء يتطهر منه مثل سطل أو ركوة ، فهو مطهرة . الجوهري : والمطهرة والمطهرة الإداوة ، والفتح أعلى . والمطهرة : البيت الذي يتطهر فيه . والطهارة ، اسم يقوم مقام التطهر بالماء : الاستنجاء والوضوء . والطهارة : فضل ما تطهرت به . والتطهر : التنزه والكف عن الإثم وما لا يجمل . ورجل طاهر الثياب ; أي منزه ، ومنه قول الله عز وجل في ذكر قوم لوط وقولهم في مؤمني قوم لوط : إنهم أناس يتطهرون ، أي يتنزهون عن إتيان الذكور ، وقيل : يتنزهون عن أدبار الرجال والنساء ، قاله قوم لوط تهكما . والتطهر : التنزه عما لا يحل ; وهم قوم يتطهرون ، أي يتنزهون من الأدناس . وفي الحديث : السواك مطهرة للفم . ورجل طهر الخلق وطاهره ، والأنثى طاهرة ، وإنه لطاهر الثياب ، أي ليس بذي دنس في الأخلاق . ويقال : فلان طاهر الثياب ، إذا لم يكن دنس الأخلاق ، قال امرؤ القيس :


ثياب بني عوف طهارى نقية

، وقوله تعالى : وثيابك فطهر ، معناه وقلبك فطهر ، وعليه قول عنترة :


فشككت بالرمح الأصم ثيابه     ليس الكريم على القنا بمحرم

، أي قلبه ، وقيل : معنى وثيابك فطهر ، أي نفسك ; وقيل : معناه لا تكن غادرا فتدنس ثيابك فإن الغادر دنس الثياب . قال ابن سيده : ويقال للغادر دنس الثياب ، وقيل : معناه وثيابك فقصر ، فإن تقصير الثياب طهر ; لأن الثوب إذا انجر على الأرض لم يؤمن أن تصيبه نجاسة ، وقصره يبعده من النجاسة ، والتوبة التي تكون بإقامة الحد كالرجم وغيره : طهور للمذنب ; وقيل معنى قوله : وثيابك فطهر ، يقول : عملك فأصلح ; وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله عز وجل : وثيابك فطهر ، يقول : لا تلبس ثيابك على معصية ولا على فجور وكفر ، وأنشد قول غيلان :


إني بحمد الله لا ثوب غادر [ ص: 153 ]     لبست ، ولا من خزية أتقنع



الليث : والتوبة التي تكون بإقامة الحدود نحو الرجم وغيره طهور للمذنب تطهره تطهيرا ، وقد طهره الحد . وقوله تعالى : لا يمسه إلا المطهرون ، يعني به الكتاب ; لا يمسه إلا المطهرون ، عنى به الملائكة ، وكله على المثل ، وقيل : لا يمسه في اللوح المحفوظ إلا الملائكة . وقوله عز وجل : أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، أي أن يهديهم . وأما قوله : طهره إذا أبعده ; فالهاء فيه بدل من الحاء في طحره ، كما قالوا : مدهه في معنى مدحه . وطهر فلان ، إذا أقام سنة ختانه ، وإنما سماه المسلمون تطهيرا ; لأن النصارى لما تركوا سنة الختان ; غمسوا أولادهم في ماء صبغ بصفرة يصفر لون المولود ، وقالوا : هذه طهرة أولادنا التي أمرنا بها ; فأنزل الله تعالى : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ، أي اتبعوا دين الله وفطرته وأمره لا صبغة النصارى ، فالختان هو التطهير لا ما أحدثه النصارى من صبغة الأولاد . وفي حديث أم سلمة : إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يطهره ما بعده ; قال ابن الأثير : هو خاص فيما كان يابسا لا يعلق بالثوب منه شيء ، فأما إذا كان رطبا فلا يطهر إلا بالغسل ، وقال مالك : هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة فإن بعضها يطهر بعضا ، فأما النجاسة مثل البول ونحوه تصيب الثوب أو بعض الجسد ، فإن ذلك لا يطهره إلا الماء إجماعا ، قال ابن الأثير : وفي إسناد هذا الحديث مقال .

التالي السابق


الخدمات العلمية